نصوص أدبية

سعد جاسم: شاعر مغضوب عليه

- الى معروف الرصافي -

الرصافيُّ " معروف "

الذي كانَ ابوهُ الغني

قَدْ وهبَهُ اسمَهُ هذا

عسى أَنْ يكونَ معروفاً

وعارفاً لأسرارِ الكونِ والوجود

ومُحارباً من أَجلِ بلادِهِ

التي يتكالبُ عليها وفيها

الملوكُ والامراءُ المستوردونْ

والغُزاةُ والقتلةُ القُساةُ

واللصوصُ المحترفونْ

ولعلَّهُ يعملُ بالمعروفْ

للناسِ والحياةِ والحقيقةِ الضائعةْ

*

والرصافيُّ ....

شاعرُ القصائدِ الثائرةْ

وسيّدُ المواقفِ الباسلةْ

ورجلُ السُخريةِ السوداءِ

والمَهازلِ والخسائرِ الفاجعةْ

*

الرصافيُّ الآنَ واقفُ

تحتَ سماءِ اللهِ

يَعْتَلي شامخاً تمثالَهُ العَتيد

وينظرُ لظلالِ الشهداءِ

وجسرِهم الشاحبِ

والشحيحِ بالمُشاةِ والعرباتْ

وكذلكَ ينظرُ للنوارسِ الطاعنةِ

بالبياضِ والجوعِ والكآبةِ،

لأنَّ دجلةَ الخير والآسى

الذي كان ملاذاً للعشّاقِ

والمُغنينَ وصيادي السمكِ

والمياهِ والمرايا الشفيفة

التي كانتِ صبايا " الكرخ"

تستحمُ بنداها الاخضر

ونثيثِها اللذيذِ والمُثيرِ

للرغباتِ والشهواتْ

قلتُ: ان دجلةَ وأعْني:

النهرَ الحزينَ

قد أَصبحَ الآنَ

مجرَّدَ ساقيةٍ

لبقايا ماءٍ مُتعفّن

من كثرةِ الجثثِ المرمية

في اعماقهِ المُوحشةِ

وفي سدودِ العثمانيينَ

وأعني: سجونَهم

وحصونَهم الرهيبة

*

والرصافيُّ الشاعرُ

والثائرُ والساخرْ،

والمغضوبِ عليهِ

وذو الحظِّ العاثرْ

لا لشيءٍ إلّا لأنَّهُ:

عراقيٌّ …

وشَهْمٌ وشريفْ

ويحملُ في رأسهِ المُضيء

وفي قلبهِ الشاسعِ

وفوق اكتافِهِ القويّات

وطناً حُرّاً / ثرياً / جميلاً /

طيّباً  / وكريماً ولا يَمنُّ

يوماً على أَحدْ

ولكنَّهُ، وياللأسف المُرِّ

منهوبٌ ومنكوبٌ وموجوعٌ

وإسمُهُ: العراق

العراقُ الذي كانَ ومازالَ

ورُبَّما سوفَ يبقى:

(علمٌ ودستورٌ

ومجلسُ أُمَّةٍ

كُلٌّ عن المعنى

الصحيحِ مُحرّفُ)،

كما كانَ الرصافيُّ

يصرخُ ويلعنُ ويشتمُ

ويبكي دماً على عراقِهِ

وأَعْني: على فردوسَهِ

المُباعِ والمُضاعِ

منذُ سقوطِ بغداد الاوَّلِ

وحتى نزيفِها الأَخيرْ

***

سعد جاسم

2022- 8 - 10

في نصوص اليوم