نصوص أدبية

قصي الشيخ عسكر: ليس هو

قصّة لمحة

أقسم أنّه ليس هو.

أعرفه حقّ المعرفة.

رفيق الطفولة: لعبنا معا، درسنا في مدرسة ابتدائية قريبة من محل سكننا، وكنا في الثانويّة نفسها وعندما بلغت سنّ العشرين غادرت البلاد لأسباب كثيرة لا أحب أن أدخل في تفصيلاتها...

وقد حزنت حين علمت أنّه قُتِل وأصبح بعد مقتله رمزاكبيرا تفتخر به مدينتي التي هجرتها.

الجميع يلهج باسمه ويتحدثون عن بطولاته وتضحياته.

لكنني حين زرت البلد بعد أربعة عقود قضيتها في الغربة، توجهت إلى تمثاله الشهير الذي سمعت أنّه ينتصب وسط المدينة..

كادت المفاجأة تلغيني من أمامه...

صدمة

ذهول

أنا في غيبوبة

هو الوحيد الذي عرف نيتي في الهرب وقتها نصحني أن أبقى وأتحمّل.. أعترف أنّي لست شجاعا مثله، عانقته، وكان وجهه الذي عرفته به يقطر حزنا وكمدا. قال لي:

هل تتركني وحدي؟

قلت له بلهجة منكسرة:

ليتني أقدر على التحمّل مثلك.

كيف أصدّق إنّه ليس هو..

أيّ نحات اقترف تشويه صورته.

وكيف ألفت عيون الناس التمثال الذي يحمل اسمه.

هل اقتنعوا أنّه هو؟

ملامحه التي سجلتها ذاكرتي له منذ لحظة الوداع تغيّرت.. قسمات وجهه.. شعره.. نظرته.. طيبته كلّ مافيه غريب وبعيد عن  شكله..لم يبق منه سوى اسمه المنقوش على الحجر أسفل قديه!

زعقت إنّه ليس هو

وكان المارة يظنونني أحد معتوهي الشارع.

***

قصي الشيخ عسكر

في نصوص اليوم