نصوص أدبية

قصي عسكر: هذيان (غوغل)

هي المرّة الرايعة أو الخامسة

كلما دخلت زوجته الحظيرة اهتاج الحصان الأسود ذو الظهر الطويل الذي يمكنه أن يقفز العوارض بكل يسر وليونه. كان يزفر ويضرب بقوائمه الأرض، ولا أحد يعرف السر. تساءل ماعلاقة زوجته بالحصان الأسود الرشيق كي يثور غضبه كلما دخلت الحظيرة عليه، لو كان في زمن الخرافة لسأل عرّافا ومنجما ولو كان في زمن الدين لذهب إلى أحد أولياء الله الصالحين يستعلم منه الأمر، وليس هو في زمن تناسخ الأرواح، لكنه في زمن العلم والكومبيوتر، وإليه بلا شكّ يعود.

هذا أفضل.

تمتم مع نفسه.. وترك زوجته نائمة دخل مكتبه وتطلع في الحاسوب كتب في غوغل:

لماذا يهيج الحصان الأسود الجميل كلما دخلت زوجتي ندا الحظيرة؟

بعد لحظات جاء الجواب.

هذا سر لو عرفته لأصابك الهلع.

كتب ثانية: ليكن مايكون

جاء الردّ:إذن اسمع ولا تندم فذلك شئ يقال ولا يكتب

قل إني في لهفة

انقلبت صفحة الكومبيوتر على رموز جديدة وجاءه صوت من الروبوت :

سيدي زوجتك ندا جنية تحب مردوخ، وهي شابة بيضاء جميلة ومردوخ الجني أسود وسيم، لكن ندا وهي تسيح في عالم الفضاء دخلت الأرض بالخطأ، وتقمصت صورة فتاة جميلة فلم تستطع بعدئذ أن تتحرر ومن سوء حظها أنها أحبتك ولا يبطل عنها سحر التطبّع إلا في حالة أن يفشي أحد سرها ومن دون كشف السرّ ستظل في صورة آدمية إلى الأبد ولن يراودها حنين ما لأهل السماء أما مردوخ الأسود الوسيم فقد بحث عنها واستاف رائحتها في الأرض فدخلها بشكل حصان وقع بيد تجاريتعاملون بالخيول فباعوه لك.

ضحك في سره من هراء الكومبيتر .عليه أن يستعدّ لسباق الخيول المشهور نهاية الأسبوع فقد بقي يومان ليبدأ، لكن لا بدّ من أن يكون هناك سبب لهياج الحصان حالما تدخل ندا الحظيرة، وحين رجع إلى غرفته لم يجد زوجته في الفراش ازدادت شكوكه، وتهافت قلقه، فاندفع إلى خارج المنزل

لعله يلمحها في الرواق أو الحديقة

ندا ندا

هل يعقل هذيان آلة؟ لا ينكر أنه هو الذي اندفع، وغذى غوغل بمعلومات سابقة عن الحصان الذي اشتراه منذ شهر.معلومات عامة لا بدّ منها استقاها من دائرة البيطرة ومن تجار الخيول.

كيف ردّ غوغل بجواب خرافي وقد غذّاه بمعلومات علمية صحيحة؟

لم يسمع أي جواب من زوجته، ولم ير لها أي أثر..كان يتجه إلى الحظيرة:

هنك بدأت الصدمة

ندا

لم يجد الحصان الأسود الوسيم...

اختفى ولا أثر يدل عليه

انقلب القلق إلى غضب عارم، فهرول إلى غرفة المكتب، بدا كالثعبان الهائج.. رفع الكومبيوتر بكلتا يديه وقذفه على الأرض

مرة وأخرى

وثالثة..

ثمّ جلس خلق المنضدة وهو يلهث من الغضب والتعب كأنه يتحدث مع شخص قريب منه يراه ولا يراه.

***

قصةُ لمحة

قصي الشيخ عسكر

في نصوص اليوم