نصوص أدبية

مالكة حبرشيد: مالكة وأراجيح الفضاء

اهتزاز الدواخل يلطم الكريات ببعضها

في بؤرة الجسد.. يتكوم الألم

كل الأعضاء على أهبة التشييع؟

خائن هذا الحلم الرافض الاستحمام..

في طست النهار البارد..

خلاصا من اعوجاج الأحداث

الجسد أيضا خائن.. يرتدي معاطف أكبر من حجمه

فتتأرجح الأزرار بين اليمين واليسار

ناسية مشاق السير وما يتقاطر من سخافات على الجبهة

الجوع خائن.. الفقر كافر.. فمتى يعلن توبته

يكسر أصنام الوهم الـ يرتدي بذلته العسكرية

مزهوا بنجماته المتلألئة

غير عابيء بظلال الليل المتساقطة؟

*

تتقرفص السنون أمامي.. تسأل: وماذا بعد؟

الصفحات رمادية.. تسحب النهارات نحو حارات ضيقة

ونوافذ تفوح منها روائح الدخان.. والموت

كثير من الغموض يلف دروس التاريخ

والجغرافيا ليست مثقفة بقدر يجعل التضاريس

تفك لغز الأهرامات.. وأساطير مجرات

تغلغت في البحر.. قبل وبعد سكوت المدافع

*

الزجاجة رمادية..

تختصر مكونات النظام الدولي.. الإنسان الآلي

والطفل ذي الأربعة رؤوس

عند الأبواب المفغورة.. والمغفورة

البلاد تبيع الأحصنة.. لتبتاع ذلا وكثير مهازل

وأخبار الموت تتنزل عارية كالهواء

تغسل مناجل قطعت رقاب السنابل الناضرة

عمال النظافة يطاردون أقذار المدينة

من أعماق الظلمة.. حتى البياض المتربع في السفح

الأشعة تنفي وجود معادن.. كل ما هنالك=

مثقف يهدر الصحيفة

فيلسوف يتاجر بالمدينة الفاضلة

فنان يزوّر تواقيع اللوحات

ممثل ينثر المسرحية في خواء

بائع الفول.. المسجد.. المكتبة

وثرثرات المقاهي

لماذا لا أنام؟

بوصلة الرأس مكتظة بالرسوبيات

وتعلمون.. للقطيع تقاليده

له طقوس بدونها.. لا تتغير إعلانات الجدران

ولا يمسح وجه الوليد المثقل بالإسفلت

*

الأمس لا معنى له في أجندة مدرس

باع كتبه القديمة ليبتاع دواء السعال

حافل عند جارنا الذي يغير سيارته كل سنة

لتظل الأجنة عالقة بالأرحام

فلا مكان لها في مدينة

تعيش على دماء الفلذات كما العقارب

وللغد ألف معنى = هكذا يقول الفلكيون

الخوف.. القلق.. الجزع.. الهلع.. الانتظار

ثم البداية والنهاية

عند مدخل البداية.. محطات احتراق..

الغربان تتجرأ على نقر الرأس السوداء

ترغب في أكل الديدان.. الناخرة للدماغ

الأورام دثرته بوهم دافيء..

فظل مخزنا مضاء بنار استسلام

*

ألم يسري كالسم تحت الجلد

ودروس المدرسة تصطك

قوانين حمورابي..

وصول الفنيقيين والقرطاجيين

الفتح الإسلامي

تمثال الإله بعل ينتصب.. وأنهار أنا

وماذا بعد؟

*

أدخل مزيج الألوان والأشكال

بحثا عن معبد أقرأ فيه تراتيل القيامة

كل الساحات والميادين في علية الرأس ملأى بالموتى

مكتظة بالقيود.. شعارات القبور المجاورة:

الظلمة.. ورائحة الأكفان

أجدادنا فتحوا العالم.. نحن أغلقنا النوافذ

وقلنا= لبثنا يوما أو بعض يوم

ثم تناوبنا على تدخين سيجارة

قالت المرآة =عند مدخل الجنون بحيرة أثرية للزينة..

والاغتسال من مخلفات التاريخ

قال الجدار= ما بالك تهذين.. الميادين واثقة من الرؤيا..

ومن صحن الفول المغمس بالثرثرات الحزينة

أعمدة النور تصيح = اصمتوا =

المدينة تتآكل.. احفروا.. احفروا

صحن الفول يعادل وجها لا يحمل تراميم..؟

*

الزحام والعلل.. والأرق الملعون يخنق مداخل الشعر

القوافي باردة.. لا تذيب صقيع الروماتيزم

الجوع يلتهم ما تبقى.. وماذا بعد؟

لا أحد ينسى أول درس في الحب

أول قبلة سرقها تحت إبط الجدار

فكيف ننسى أول نقمة.. وآخر لعنة؟

أن تقتات الحقن.. تعتاش على الحبوب المهدئة

لن يمنحك هامش فسحة.. استراحة محارب

كلنا محاربون.. ما دامت قوى العالم

عاجزة عن مراقبة الظنون

*

وما ذا بعد؟

المرآة تنظر في اشمئزاز.. لا.. في عطف وشفقة..

لالالا.. في نفور تحدقني

كفرا بحواراتي الهوجاء

الآن علي أخذ حقنة.. لترقيق الضغط

و أخرى.. لتشذيب السكر

بعد قليل حقنة.. لتهدئة هيجان الغدة

ثم حقنة.. لتثمل الأمعاء الثائرة

حتى يرتدي النبض رداءه المستعار !

*

سأمعن النظر.. عندما أفقد البصر

سأركز مليا.. عندما تبيض الذاكرة

جدي كان بصره آية.. ولم ينتبه إلى القبعات الحمر

حين هدت صخرة الذكريات.. حيث كان يلتقي حبيبته

مازال يحضن المكان.. ويبكي

يشم دخانها ليستمد حيوية الموت

أبي كان ذكيا.. شديد التركيز

لم ينتبه إلى دموعه المتساقطة.. أسفل شعيراته الشعثاء

الريح الشرقية تحارب الغربية.. لكنه لم يحترز..

لزمهريرها وهو يضرب قلب الدار

أشعر بعطش قاتل..

سأوقف زحف الأفكار.. تكسير الأحجار

جرعات متلاحقة.. متنافرة..

سأغادر رأسي الفسيحة.. الأمسيات الباهتة

وأغاني الطرب

الثلج يتوسد مسام المدينة

الصمت يوغل في المجهول

وحرارة الرصيف عاجزة عن تدفئة الحرقة

*

وماذا بعد؟

للريح صوت أرق من نشيجي

يغتبط وهو يداعب الطفولة

يهز شوارب فحولة قابعة في كل مكان

وأنا أمام الزجاجة.. أنتظر انتهاء الدوام.. الديمومة

لا أفكر مطلقا في إجازة

علاوة على مهمة زخ العرق على الأزرار

على عبور لا منته بين أطراف الزجاج

هذه علبة تسعنا جميعا.. فيها نلعب لعبة الضجر

السباق في طبقات التفاهة.. ارتقاء الشرود والذهول

السوقية.. العنجهية.. تحرير الأوطان.. قتل الكفار..

وأحيانا =كوماندو = يزحف مثل الدود بين الحروف

عند انتهاء المهمات الصعبة..

يلتقي العشاق.. لتبدأ حصة الغرام

ننسى الوحدة العربية.. داعش.. داحس.. ويكيليكس

جنود الروم.... الخ

هي أطول حصة عربية..

تقدم في المدن المنسية.. والمسافات المتشابكة

*

وما ذا بعد؟

الموت يبث بهاءه.. بخارا ينهض برفق

يدعو الجيران إلى وليمة

هي النهاية كما تنبأ العرافون

فوق رأسي علاقات جدلية.. كشفت بشاعة اليقظة

مددت رأسي بعيدا.. نحو برنامج حداثي

نخرت ضيوفه.. صور ضاعت طراوتها

مزهرية كبيرة ضاقت بالغبار

وكؤوس اكتسبت أهميتها أمام الكاميرا

سأقرض الزجاج انتقاما

أكسر الأخبار تعرية.. لكل الهياكل المزهوة كذبا

*

أينع الصمت

سألقي حرفي.. وأرحل لليلة قادمة

و دوام عليل في باحة الزار

عيناي على الإيقاع

وجعي على نبرات الكيبورد

ورأسي أرجوحة فضائية !

***

مالكة حبرشيد

في نصوص اليوم