نصوص أدبية

محمد الدرقاوي: وَشمٌ

مذ فتحت عائشة عينيها على الحياة وهي لا تعرف غير وجه أمها، وحدها من تملأ سمعها وبصرها، وتجاويف صدرها، تخرج الأم كل صباح، بعد ان تملأ بطن الصغيرة بما توفر لها من أكل مما جلبته معها وهي عائدة مساء، ثم تتركها في غرفة صغيرة ليس فيها غيرحصير مغلف ببطانية صوفية باهتة، وبعض اللعب اللدائنية الرخيصة؛ لا تقلق الصغيرة الا من اقماطها حين تتبلل، وتمتليء بما تتغوطه طيلة يومها، فتشرع في البكاء الى أن ينكتم لها صوت بنومة على الحصير..

لم تكن أم عائشة غير شغالة في البيوت، يوم هنا ويوم هناك، تقفل باب الغرفة على الصغيرة بالمفتاح حيث تقضي عائشة يومها فوق الحصيرة، عليها تلعب، وعليها تنام، الى أن تعود الأم مساء، فتنظف حالها، ثم تقسم ما جلبت قسمين، بعضه تسد به عشاء عائشة، وبعضه يظل زادا ليوم غد..

صور بين الضبابية والوضوح في مخيلة عائشة عن ابيها، كورقات تتموّج في ذهنها، ما أن تتبدى حتى تغيب ثم تعاود الظهور كشمس الخريف قبل أن تستقر بأثر، ثم تترسخ في ذهنها عبر لحظات كانت تصحو فيها من نومها على صوته يشتم ويلعن، وقدمه تركل أمها الضعيفة وقد تكومت مستسلمة في احدى زوايا الغرفة تتقي بدراعيها رفس قدميه وضربات يديه، وشتائم من قاموس لسان بديء قذر، ذاك ما كان يحدث اذا عاد ليلا والسكر يطويه، او قبل ان يغادر البيت صباحا، لا يستطيع فتح عينيه قبل أن يدخن حشيشه.. فقدغبشت صورة الأب في عقل عائشة وظل عنفه إشارات دماغية قوية تصدر رنينها كلما رأت احدى صور العنف ولو على حيوان ..

كانت عائشة لا تعرف لماذا يسلط أبوها كل هذا القهرعلى أمها، فعمرها لم يكن ليسمح لها ان تعي الكثير، ثم لم يلبث ان غاب الأب عن البيت نهائيا بعد خصام شديد حضره بعض الجيران وأطلقت أمها زغرودة لم تغادر سمع عائشة أبدا...

قبل المدرسة لم تدخل عائشة روضا ولا كتابا، لكن في المدرسة تعرفت على أطفال الحي وكونت مع بعضهم دائرة اجتماعية ضيقة وحذرة، خففت عنها وحدتها، فشرعت كدودة تخرج من شرنقتها، تسمع، وتشارك، وتتبادل الحديث باختصار شديد، فهي لا تستطيع التحليق في أفق ابعد من قدراتها، وهي أصلا لا تفهم للتحليق معنى أو تملك له وسيلة، فالخوف والحذر ما يلازمها، الحرمان والاحساس بالنقص هو قشرة حزنها، خصوصا حين تسمع الأطفال يتحدثون عن آبائهم، وعن حب هؤلاء الآباء لهم، عن الهدايا التي يجلبونها لهم.. كان صدرها يضيق أسى كلما وجدت نفسها بينهم لاترتدي الا ما تأتي به أمها من بقايا ملابس أوسع أو اضيق من مقاسها حسب ما يجود به أهل الاحسان ممن تشتغل عندهم أمها ..

كان الألم يعصرها كلما خرجت من المدرسة ووجدت آباء وأمهات في انتظار أبنائهم، فتسير وحيدة دامعة العينين او متمتمة مع نفسها: أين غاب أبي؟اين أهل أمي؟ لماذا لايزورنا أحد؟

كانت الام تدرك لوعة عائشة وتحاول كلما وجدت فرصة أن تخرج بها الى حديقة عمومية، فتشتري لها مما توفره حلوى رخيصة، وأحيانا تزويقة شعبية، ان تتظاهر أمامها بالشجاعة والايجابية، فهي تدرك ان البنت في حاجة ماسة الى ذلك للتخفيف من وحدتها وغياب الأب من حياتها ..

لم تكن عائشة تلميذة متقدمة في دراستها فهي بالكاد تحصل على معدلات تمكنها من النجاح، حتى الام لم يكن باستطاعتها ان تساعدها، فهي نفسها لم تتجاوز الصف الثالث ابتدائي من تعليمها كررته مرتين بعد أن دخلت المدرسة وهي كبيرة السن، ثم أوقفها ابوها عن الدراسة بعد موت أمها، وحين أراد الزواج فضل ان يتخلص منها صغيرة بزواج حتى لا تضايقه في كوخ صغير ودخل هزيل..

كان زوج أم عائشة في عمر والدها، تزوج قبلها بثلاث نسوة لم ينجبن له، فكان لا يمكث مع زوجة سنتين او ثلاث حتى يطلقها، كان من النوع المزاجي المتقلب، فسَّخ الخمر دواخله، وخرب الحشيش عقله وقوته الذكورية ..

لم تنجب ام عائشة الا بعد ثلاث سنوات من زواجها بعد توليفة نباتية هدية من عمتها العجوز، طفقت أم عائشة تضيفها للطبيخ اليومي بالتقسيط، وما يمكن تمريره الى الزوج من خلال ما يشرب من شاي وقهوة وغيرهما، وقد كانت فرحة الزوج بعائشة كبيرة رغم أنه لم يكن بالزوج العطوف الحنون كما كانت تمني نفسها، وكما أوهمها أبوها حتى يتخلص منها، ولكنها تحملت تسلطه وخشونته غصات تتشربها حتى تعيش في ظله بعيدة عن قصر ذات يد ابيها، لكن سرعان ما تغيرالزوج وصار أكثر شراسة مُذ زارها ابوها ومعه أخو زوجته، فقد داخل الزوج الشك في ام عائشة وفي عائشة نفسها، وهل هي حقا من صلبه، فطلاقه لثلاث نسوة قبلها لم ينجبن، جعله يشك في رجل لم تعرفه ام عائشة من قبل سوى ان اباها صادفه وهو في الطريق لزيارتها فدخل معه البيت ..

رفضت ام عائشة أن تدخل مع الزوج أروقة المحاكم من أجل العدة والنفقة، فالقرف الذي غطى على نفسها جعلها تمقت رجلا لا يتقن غير الضرب والشتم، ثم انها صارت تخاف منه على البنت، فرجل ينكر بنوته ويغيبه السكر والحشيش لا تدري ماقد يوسوس به شيطانه على اقترافه ؛ وهي قادرة ان تعري على ذراعيها وتنفق على بنتها، وطلاقها منه كاف لان يمنحها حريتها وراحة نفسية لم تتذوقها مذ تزوجته، وقد تدخل الجيران وطردوا الزوج العربيد من البيت بعد شكايات متعددة استجابت لها السلطات ..سكنت أم عائشة البيت بدل طليقها حفاظا على بنتها مقابل أن تؤدي كراءه الشهري ..

كانت عائشة تنمو وقد طبعها الصمت، لا تتكلم الا لضرورة، بلغت المرحلة الثانوية من دراستها وهي لا تبالغ في علاقات صداقة مع تلاميذ الثانوية التي تدرس فيها، ورغم ذلك كانت لاتفارق وجهها بسمة اصبغ الحزن عليها مزيدا من الملاحة والقبول، لون قمحي زادته ملامحها الطفولية جاذبية هي ما كان يثير الشباب اليها، وخدان قلما يغيب عنهما لون الرمان الأحمر، عينان واسعتان بلون بني غامق، وشعر اسود يرتاح على كتفيها في رقة وانسياب، أضاف لأنوثتها وحزنها حشمة مما يوحي للرائي انها أنثى غامضة، رغم ملاحتها المبهرة و المثيرة ؛ كانت اقل لمسة عفوية من صديق قد تحسسها ببرودة تسري في ذاتها فيهتز جسدها ويضطرب، او بحرارة ترتسم حمرة ..على وجنتيها فتكسبها جمالا..

حين عادت هذا المساء من الثانوية فاجأها أن تجد أمها مع أستاذ الاجتماعيات بباب المنزل، كانت الأم قد عادت من عملها فوجدت الأستاذ في الانتظار!!..

ركب الخجل عائشة كعادتها وقد احمرت وجنتاها والأستاذ يمد يده للسلام عليها، بسرعة سحبت يدها من يده بعد أن حاول الضغط عليها .. تذكرت انه كان يتابعها بعيونه اثناء حصصه الدراسية، وانه تجاوز عن سؤال لم تجب عليه في مراقبة اول أمس ومنحها نقطة عالية ..

أبعدت عن عقلها فكرة خطرت ببالها:لا يمكن!! .. رجل تجاوز الأربعين يأتي لطلب يد تلميذة يتيمة، فقيرة في السابعة عشرة من عمرها، ولماذا هي بالذات ومعها من التلميذات من هن اغنى وأجمل، ولهن عائلة ونسب يسيل له اللعاب؟وكثيرا ما توددن اليه بإغراء كان يستحليه خصوصا اذا كان بعيدا عن رقابة الذكور من التلاميذ ..

انسحبت عائشة، وولجت الباب تاركة أمها مع الأستاذ ..

حين دخلت الام بادرت اليها عائشة تسألها عن سبب الزيارة

ضحكت الام وعانقت عائشة وهي تردد:

ـ الله يحبك ياحبيبتي!! فقد ساق اليك رجلا بوظيفة، غني، يعشقك، ويريد ان يتزوجك، هو أرمل، وأكبرمن سنك، لكن الرجل لا يعاب..!!

حركت الام رأسها دورتين وقد أغمضت عينيها كمجذوب في لحظة انتشاء وسط دائرة الجذبة ثم تابعت بنغمة خاصة:

"أقرع وبفلوسو ارى ذاك الرأس نبوسو"!!..

تنثرت عائشة من أمها ودعَّتها بقوة عدوانية فاجأت الأم التي كادت ان تسقط على قفاها، وقد ركب عائشة غضب حانق:

ـ ماذا؟يخطبني!! .. لنفسه أم لأحد ابنائه الكبار!! .. أدركت الآن لماذا منحني نقطة عالية لا استحقها، من يفعل هذا لايمكن ان يثاق، وهل ترضين لبنتك أن تقبل بشيخ على وشك الهرم، وان تتحمل وهي صغيرة تربية أطفال ربما في عمرها وأكبر؟هو لايريد زوجة، هو يريد خادمة صغيرة تقوم بأعباء بيته، تكمل تربية الصغار من أبنائه، و يستعيد بها شبابه، ثم يفرض عليها سطوته بالليل، وإذا لم تلاعبه كما يريد تحول الى جلاد ..هي سطوة لن يستطيعها مع من يلتففن حوله باغراء، آباؤهن يحتلون مراكز ادارية اواقتصادية كبيرة، فما معنى انا؟ أم "ظهر الحمار القصير"، ورقة مقطوعة من شجرة؟؟!! ..

انخرست الام، جحظت عيناها، هل من تتكلم هي عائشة التي تخجل من ظلها؟ عائشة الصامتة التي لا تحرك ساكنا في البيت، ويشكو اصدقاؤها عزلتها التي تفرضهاعلى نفسها؟ "ما اغرب ما اسمع وكان عائشة أمرأة خبرت الحياة والرجال"!!

بصعوبة قالت الام وكانها تقتلع الكلمات طعما من سنارة عالقة بلسانها:

مابك عائشة؟أهذه انت؟ام مارد يتكلم على لسانك؟

ترد عائشة بتحد فسرته الام وقاحة من بنتها:

ـ ذي انا يا أمي العزيزة، اذا اتعبك العمل فارتاحي وانا أخرج بدلك، لا اريد تعلما اصير فيه بضاعة للمقايضة، يساومني من هو مؤتمن على تربيتي وتنشئتي وتوجيهي، أبدا لن أتزوج رجلا أراد ان يستغل موقعه ويجدد شبابه على حسابي، كما استغل فقري وظروف امي ..

أدركت الام ان عائشة لم تكن البنت التي توهمت صمتها حشمة وحزنا، بل كانت خزانا صامتا مشحونا بالبارود، وها هو قد وجد ثقبا صغيرا منه قد انفلت كعفريت من قمقم .. سألتها ما بك؟ اقنعيني وسيكون ردي عليه غدا بالرفض..

ضحكت عائشة في حنق وقد كادت أن ترتمي على سرير نومها ثم تراجعت، حولت وجهها الى أمها وقالت:

هنيئا لي بك!!..هل هذه سلبية منك ام تخلصا مني؟، تماه منك أم طمع!!.. معناه انك وافقت واعطيت وعدا برد..

ضربت يدا بأخرى ثم تابعت:

معناه مسحتني من الحياة، صحيح محجورة تتكلمين بلسانها، هل تريدين ان اقنعك؟

اسالي جسدك عن اثر الركل واللكمات، اسالي ذاكرتك وما اختزنت من كلمات العهارة حتى صرت انا نفسي بعد ان وعيت اكاد اثق ان ليس لي أب حقيقي، أسمعيني زغرودتك التي انطلقت منك بعد خروج أبي بلا عودة، هل تريدين ان تعيدي حياتك في بنتك؟ هل تعرفين لماذا لا احصل على الرتب الأولى كما يصلها غيري؟ هو أني اتحول كل ليلة قطعة من ليل طويل، أنا والليل تغسلنا دموع اليتامى ومن قهرهم الزمان، واستأسد عليهم الرجال بلا حظ، حتى نصبح وطريقنا سالكة لغيرنا بلا اسى على جدران المباني ..

بدات ام عائشة تستعيد احداثا توهمت انها صارت في لفائف النسيان،، لكن هاهي تستعيدها ألما على كل عضو من ذاتها، قلبها يصعد حتى حلقها، تضع اصبعي يديها في مسامعها عساها تمنع تلك الكلمات النابية القذرة التي كان يتجنى عليها بها أبو عائشة، ظلما وكذبا، لكن ما فاجأها هو عقل الصغيرة كقناص ماهر بوعي لما كان يتردد ويقال، فكيف استطاعت أن تختزن كل ذلك العنف في ذاكرتها الصغيرة؟..صمت عائشة إذن لم يكن الا أحداثا تلعب على مسرح دواخلها، تستعيدها بعيدة عن كل رقابة خارجية، آلة صامتة تعيد طحن ماضي أسرة غاب فيها رجل بعد ان بصم حياتها بكل قسوة وجبروت واهمال ..

بادرت الى عائشة ضمتها الى صدرها وقد تركت دموعها تعبر عن اسفها والخطأ الذي ارتكبته في حق بنت ما عادت طفلة صغيرة بل هي اوعى وانضج مما كانت تتوهم، شتان بين من عضته الحياة، دخل المدارس، تعلم وقرأ الكتب فسبح وغاص واستوعب، ومن لسعته الحياة بأنيابها بلا علم فنهشت حقيقته وحياته ثم رمته على الهامش يعيش على الفتات

بعد يومين طرقت عائشة باب الإدارة بعد أن عدلت من هندامها وهي تهتز، فهي تخشى هيبة المدير رغم البشاشة التي تتربع على وجهه حين يكون واقفا بالساحة او متحدثا مع بعض الأساتذة، ثم دخلت بعد أن أتاها من الداخل اذن يسمح لها بالدخول .

كان المدير يراجع أوراقا بين يديه، رفع بصره اليها بعد أن خلع نظارتيه ثم قال نعم، ماذا تريد زائرتنا اللطيفة؟

أحست أن قلبها سيخترق صدرها، وان خداها صارا كتلة نارية من خجل، تنفست بعمق وهي تفكر .. كيف ابدأ؟

لا حظ المدير اضطرابها، ووجهها تتناوب عليه الصفرة والحمرة، وقف من مكانه وخرج اليها يدعوها للجلوس على كرسي وراء مكتبه ..قال:

مابك لا تخجلي، أنا كأبيك، تكلمي، هل انت في حاجة الى شيء؟

كلماته قذفت في نفسها نوعا من الهدوء والسكينة، فتحت فمها وقالت:

ـ سيدي!! .. عندي مشكلة، اريد مساعدتكم على حلها، على شرط أن تظل هنا، لايعلمها الا الله ..

تعبير سليم من تلميذة مؤدبة، رجع الى اريكته ثم قال:

خير ان شاء الله، أسمعك قولي:

قالت وهي تضطرب:

الأمر الأول سأحكي لكم عما وقع، والثاني أتمنى ان تستدعوا صاحب الامر ونعالج المشكلة هنا جميعا بهدوء وصفاء نفس، بلاحقد ولا شوشرة، أكره أن يتفزفز الشخص المقصود بين ألسنة الأساتذة والطلبة ..

وجد المدير نفسه امام بنت عاقلة تتكلم برزانة وثبات رغم الخجل الذي يلفها، لكن امام طلبها لم يكن يتصور ان المشكلة تتعلق بأستاذ بل قد يكون طالبا أو حارسا حاول المزاح معها بما لا تريد، فقال:تفضلي..

لملمت عائشة كل شجاعتها، بلعت ريقها ثم قالت:

ـ احد الأساتذة أتى الى بيتنا لخطبتي، وقد استغربت ان يكون الحريص على مستقبلي هو من يطلب يدي رغم كبر سنه

وأولاده الذين قد يكونون في مثل عمري أو أكبر، ربما استغل فقري، ربما توهم اني لن اعارض وانا أسهل من غيري، فأوافق على ان اصير خادمة وزوجة ومربية لأبنائه، انا حقا لست بالطالبة الذكية التي قد تأتي منها المعجزات، ولكني اثابر واعمل حسب قدراتي وما يسمح به فقري وظروفي المنزلية، انا سيدي أكره أن أصير كما صارت امي وقد زوجها جدي لرجل أكبر منها فعانت قبل ان يطلقها وظلت تدعو على جدي حتى مات ..

انخرس المدير لما كان يسمع، شرع يقارن بين وعي ووعي، وعي أراد ان يمارس سطوة خيالية، مشوشة وغير واقعية، ووعي تألق داخليا عقلا ونفسا، استجمع جرأة بواقعية وصراحة ودخل الكلام من وضوحه، وجد المدير نفسه بين أستاذ غافل، حالم، يحاول فرض واقعه على غيره بالتباس او غرور، وبين طالبة بارعة تصرفت بأبدع ما يقتضيه موقف وهي قادرة أن تتسلل الى قلوب الناس والأحداث برشاقة ..

"هؤلاء من يحتلون المناصب والمواقع وكأنهم ما خلقوا الا لذلك " .. ردد المدير بخبرته مع نفسه ثم تنبه وقد غيبته أفكاره عن الجالسة أمامه وقال:

ـ اعتذر ابنتي من هو هذا العاشق العبقري الخاطب؟

ــ السيد حمدون، أستاذ الاجتماعيات!!...........

لم يتفاجأ المدير لما سمع الاسم، فمن طبع الاستهتار على نفسه لن تغيره قوة ولا تجربة لان "النفس حين تفقد جمالها الابدي لاتحافظ الا على انانيتها العرضية " ..

مرة أخرى يقوم من مكانه ويقول للتلميذة التي اعجب بها ايما اعجاب:

ـ هل تسمحين باقتراح ولك حق الرفض أوالقبول؟..

تبسمت في وجهه وقالت: نعم سيدي اسمعك .

ـ مارأيك تتركين لي الامر وساحل المشكلة بلاحضورك ولا يعلم استاذنا بمجيئك أصلا الي ..؟؟

فكرت قليلا وقالت: حسنا لكم ماتريدون، انا فقط لا اريد ان تتشوه له سمعة بين الأساتذة والطلبة ..

قال المدير وهو اشد اعجابا بها:

وانا من رايك، فشكرا بنيتي ومكتبي مفتوح في وجه تلميذة ذكية مثلك ..

خرجت عائشة وكانها ازاحت عنها جبلا ثقيلا، تشعر بخفة جسمها وبشائر السلوى و النور من حولها ..

***

محمد الدرقاوي

 

في نصوص اليوم