نصوص أدبية

مُحَمَّد جَواد سُنْبَه: أَنَا وحِمَارِي ورُسُوْمُ الضَّريّْبَةْ (2)

رَقَدّْتُ في مَضّْجَعي مُضْطَرباً مِنْ هُمُومِ الضَّريْبَة.

فنَهَضّْتُ صَباحَاً مِنْ فَزَعي نَهضَةً عَجيْبَة.

صَحِبْتُ حِمَاري (أَبا الحَيرانِ) صُحْبَةً رَقيْقَة.

وَ تَوَجَهْنَا إِلى دَائِرَةِ العِقَارِ لِنُنْجِزَ المُعَامَلَةَ الرَّهيْبَة.

وَصَلّْنَا إِلى دَائِرَةِ العِقَارِ؛ وكانَتْ حُلَّتَها أَنيْقَة.             

قَالَ لي حِمَاري (أَبو الحَيْرانِ):

يَا (ابْنَ سُنْبَه) أَبْشِر خَيراً، فالدَّائِرَةُ بَهيَّةٌ مُريْحَةٌ فَسِيْحَة.

دَخَلنَا لدائِرَةِ العِقَارِ، ووَجَّهَنَا المُوَظَّفُ بِأَخْلاقِ رَفِيْعَة.  

ذَهَبنَا إِلى الشُبَّاكِ المقّْصُودِ بِصُورَةٍ صَحيْحَة. 

قَدَّمْتُ المُعامَلَةَ مِنَ الشُبَّاكِ؛ وإِذابصَوّْتٍ يُنَادِي بنَبّْرَةٍ عَنيْفَة.

إِنْتَظِرْ دَوّْرَكَ؛ وسَأُنادِي باسْمِكَ بَعّْدَ فَتّْرَةٍ وَجيْزَة.

وَ أَردَفَ القَوْلَ بجُمّْلَةٍ بيِّنَةٍ قَصِيْرَة:

أَيُها النَّاسُ؛احْتِرامُ النِّظَامِ صِفَةٌ حَمِيّْدَة. 

تَراجَعّْتُ بخَوّْفٍ مِن تِلكَ الصَّرخَةِ السَّخِيْفَة.  

وَ قُلّْتُ مُتَمَلِقاً:

إِي واللهِ؛ النِّظَامُ صِفَةُ الشُّعوبِ الرَّاقِيَةِ السَعيْدَة. 

وَ انتَظَرتُ عِدَّةَ سَاعَاتٍ مَرَّتْ عَلَيْنَا بنَوّْبَةٍ  بَطيْئَة. 

بَعّْدَها نَادَى المُنادِي؛ أَنْ احْضَرْ إِلى الشُبَّاكِ بِسُرعَةٍ سَريْعَة.

أَجِبْتُ... نَعَمْ.. نَعَمْ يا سَيّدِي؛ أَنا صَاحِبُ المُعَامَلَةِ العَويْصَة.

قَالَ بِصَوّْتٍ سَاخِرٍ تَمْلَؤُهُ لَهْجَةُ اسْتِخّْفَافٍ حَقِيْرَة.

إِمسّكْ أَورَاقَكَ، فَدَارُكَ مَحْجُوزَةٌ للحُكومَةِ الرَّشيْدَة.

قُلّْتُ لحِمَاري (أَبَا الحَيْرَانِ):

يَا (أَبَا الحَيْرَانِ) أَدّْرِكْني إِنَّها مُصِيْبَة. 

قَالَ لي (أَبو الحَيْرانِ) ضَاحِكاً، إِنَّهُمّ سَيَقِطُّونَكَ قَطَّةً فَظيْعَة.

قُلْتُ:

يَا (أَبَا الحَيْرانِ) ومَا العَمَلُ ؟. قَدّْ مَسَني الضُرُّ وأَنْتَ مُجيْرَه.

قالَ لي (أَبو الحَيْرانِ):

إِهدَأْ يا ابنَ سُنْبَه؛ فَكُلُّ كَسّْرٍ ولَهُ جَبِيْرَة.

اذْهَبّْ للمُوَظَفِ؛ وقُلّْ لَهُ قَوّْلاً فيْهِ رجاءً وحِيْلَة.

فَلَعَلَّ في الأَمّْرِ مَخْرَجاً ووَسِيْلَة.

ذَهَبْتُ الى المُوظَّفِ وأَنا بارتِبَاكٍ وحَالَةٍ كَسِيْفَة.

قُلْتُ:

يَا سَيّْدِي ومَا المَخْرَجُ مِنْ قَضِيَّتي الفَريْدَة.

قَالَ لي مُسْتَهزِئاً:

قَضِيَّتُكَ لا يَحِلُّها؛ إِلاّ أُخّْوَةَ يُوسُفَ وأُمُّهُمُ النَّجيْبَة.

لَمّْ أَفهَمْ مِنْهُ مَقّْصَدَهُ؛ ولَمّْ أَعْرِفّْ مَا يُريْدَه !.

رَجَعّْتُ إِلى حِمَاري رَجْعَةً بَائِسَةً ثَقِيْلَة. 

قُلْتُ يَا عَزيْزي يَا (أَبَا الحَيْرانِ): 

فَسِرّْ لي قَوْلَهُمْ؛ فَأَنا سَأَمُوتُ مِنْ شِدَّةِ الهَمِّ مِيْتَةً غَريْبَة. 

تَبَسَّمَ (أَبو الحَيْرانِ)، وقَالْ:

إِهْدَأْ يا ابْنَ سُنْبَه، فَحُلُولُ الأَمرِ بَسِيْطَة !. 

إِنَّ القَوّْمَ يُريْدُونَ مِنّْكَ اثْنَى عَشَرَ وَرَقَةَ دُوْلارٍ، وتَنْتَهيْ مُعَامَلَتُكَ الكَئِيْبَة.

قُلْتُ:

يَا أَبَا (الحَيْرانِ):

وَ كَيّْفَ السَبيّْلُ لإِفْهامِهِمّْ؛ ومَا هيَ الوَسِيْلَة ؟.

قَالَ أَبو (الحَيْرانِ):

ضَعّْهَا بَيّْنَ طَيَّاتِ أَوراقِكَ وقَدِّمْهَا وقُلّْ:

إِنَّ عِدَّةَ أُخْوَةُ يُوسُفٍ بَيْنَ أَيَادِيْكَ الجَليْلَة.

وَ لمّْا فَعَلْتُ ذَلكَ، تَبَسَّمَ الموَظَّفُ بوَجّْهي بَسّْمَةً عَريْضَة.

ثُمَّ قَالَ لي:

بَخٍ... بَخٍ لكَ مِنْ رَجُلٍ كَريْمَ النَّفْسِ قَويَّ العَزيْمَة.

الآنْ حَصّْحَصَ الحَقُ؛ وأُنْجِزَتَ مُعَامَلَتُكَ مَع الحُكُومَةِ بصُوّْرَةٍ أَكيْدَة.

خَتَمَ أَوْراقَ مُعَامَلتي بأَختَامٍ عَدِيْدَة.

وَ قَالَ لِيْ:

تَعَلَّمْ أَيُها الحَاجُّ شِعَارَ الدَّوائِرِ المَحْمُودَةِ الحَمِيْدَة: 

إِدّْفَعّْ... تَربَحّْ... سَتَنَالُ مَا تُريْدَه !.

خَرَجّْتُ مِنْ دَائِرَةِ العِقَارِ، وحِمَاري يَهْتِفُ بِنَبْرَةٍ وَئيْدَةٍ بَريْئَة:

إِدفَعّْ... تَربَحّْ؛ عَاشَتْ دَوّْلَتُنَا العَجِيّْبَةُ النَّجِيْبَة.

إِدفَعّْ... تَربَحّْ؛ عَاشَتْ دَوّْلَتُنَا العَجِيّْبَةُ النَّجِيْبَة.

***

مُحَمَّد جَواد سُنْبَه

في نصوص اليوم