آراء

لماذا يشترط التنسيقي تثبيت "الهوية الشيعية" للكتلة الأكبر!

الإطار التنسيقي يوافق على أن يشكل الصدر حكومة أغلبية بشرط تثبيت "الهوية الشيعية" للكتلة الأكبر: سُرقت السيارة.. مو مشكلة فالمفتاح بجيبي! في تراجع تكتيكي توقعناه قبل يومين، أعلن هادي العامري زعيم أحد مكونات الإطار التنسيقي أن لا مانع لدى تحالفهم من تشكيل حكومة الاغلبية بشرط تحديد هوية الكتلة الأكبر وأنه لا يوجد تقاطع - بالمعنى العراقي حيث التقاطع يعني المقاطعة وليس اللبناني للكلمة حيث يعني الالتقاء بين طرفين في عدة نقاط - بينهم وبين زعيم التيار الصدري.

وفي لقاء مع السفير البريطاني كرر العامري سعي "الإطار التنسيقي" الى تفاهم شيعي - شيعي يؤدي الى تفاهم كردي - كردي وعدم تنازله عن تشكيل الكتلة الأكبر لحفظ حق المكون الشيعي في الحكومة والاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء. جاء ذلك بعد أن ابلغ العامري السفير البريطاني أن مصادر مخابراتية أجنبية أكدت أن السفير تدخل في الشأن العراقي، ولا يفهم من صيغة الخبر إنْ كان العامري يحتج على تدخل السفير أم أنه يبلغه الخبر فقط، وإلا كيف يستقيم الاحتجاج على تدخلات سفير بريطانيا في حين يزوره العراقي المحتج ويبلغه الخبر ثم يكشف أمامه قرارات سياسية مهمة كقرار عدم التنازل حق الطائفة الشيعية وما علاقة هذا السفير بحقوق الطوائف العراقية؟

رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي فائق زيدان حذر بدوره في لقاء تلفزيوني اليوم/ قناة الشرقية، من أن إجراء انتخابات جديدة سيؤدي إلى حالة أسوأ من الحالة التي نعيشها اليوم. فما معنى كل هذه التصريحات؟

إنها تعني أن خيار امتشاق الثلث المعطل لم يعد ممكنا لأنه سيعني انتهاء المدة الدستورية لتشكيل الحكومية والاقتراب من خيار حل البرلمان استعدادا لانتخابات جديدة وهذا ما يهرب منه الإطار التنسيقي هروبه من الطاعون ولا يشعر منه بالاطمئنان حتى التحالف الثلاثي. ولكن متى سيحصل ذلك وتُشكل الحكومة؟ الأرجح قبل أيام قليلة من انتهاء المدة الدستورية المقررة للتشكيل.

وماذا يعني أيضا؟ إنه يعني أن الإطار التنسيقي لم يعد يريد إلا ضمانات قضائية حقيقية وأخرى سياسية رمزية ليوافق رسميا على السماح للثلاثي بتشكيل الحكومة. نرجح أن يدخل في الضمانات االقضائية عدم محاسبة كبار المسؤولين المتهمين بالفساد وربما بقتل المتظاهرين السلميين أو المسؤولين عن سقوط الموصل من قياداته، وهذا مطلب صعب قد لا يوافق عليه الصدر بسرعة وربما يتم الاتفاق على "طمطمة" متبادلة لملفات الفساد كلها ومن الجانبين.

أما الضمانات السياسية الرمزية فتتعلق بمطلب الإطار التنسيقي بالحفاظ على الهوية الطائفية للنظام الحاكم حتى لو كانوا خارجه، ولهذا يصرون على الاعتراف بأن الكتلة الأكبر شيعية الهوية، وأن حق الطائفة الشيعية بتعيين رئيس الحكومة في الحفظ والصون. وهذه الضمانات تفضح الهوية الطائفية الرجعية للمنظومة الحاكمة ككل، ومن السهل أن يرفضها الصدر بدعوى أن تحديد الهوية الطائفية لأي منصب في الدولة لا ينص عليه الدستور حتى في مواده السبع التي ورد فيها ذكر المكونات، ولكنه - الصدر - قد لا يتردد في الموافقة على طلبهم بهدف تسريع تشكيل حكومته وهو لا يختلف عنهم كثيرا في تأكيد الهوية الطائفية والمذهبية للحكم والدولة المكوناتية ولطالما كرر أن من أهدافه حماية المذهب والذود عنه.

أعتقد أن هذا القرار الذي اتخذه الإطار التنسيقي لا يخلو من ذكاء تكتيكي أملته حالة الرعب التي سيطرت عليهم، فهو سيورط الصدر في تجربة حكم الأغلبية الشكلية في ظرف صعب، والذي هو كما كررنا ليس إلا حكم محاصصة طائفية فاقع ولكنه مصغر، ويتركونه يخوض هذه التجربة لعام أو عامين قبل أن يتفكك التحالف تحت ثقل محاولات إحياء جثة النظام الميتة سريريا، أو بسبب تآكل شعبية التيار الصدري بسبب عجزه المحتمل عن حل المشكلات التي تعاني منها الغالبية الشعبية الفقيرة في العراق، وهنا تكون الانتخابات القادمة أقل خطرا على الإطار فيُسْقِطون حكومة التحالف الثلاثي بحجب الثقة إذا لم تسقط وتنهار من تلقاء نفسها! وبهذا فالإطاريون يفضحون أنفسهم ونظامهم ويقولون علنا وأمام الشعب أن خوفهم الحقيقي ليس من الصدريين بل من الديموقراطية والوطنية الحقيقيتين ومن العراقيين الذين يرفعون هويتهم الرئيسية الوطنية والاجتماعية قبل غيرها من هويات طائفية وعرقية وعائلية وأهل النظام في الإطار والثلاثي يريدون أن يحصنوا أنفسهم ضد هذا الاحتمال المستقبلي!

خلاصة القول: إن ما يريد الإطاريون الحصول عليه الآن وتكريسه هو المحافظة على مفتاح الرمزية السياسية للنظام أي الهوية الشيعية للكتلة الأكبر بمعنى الهوية الفرعية الطائفية والعرقية للنظام وهم بذلك يكررون جوهر النكتة الشعبية عن ذلك الأحمق الذي سُرِقَتْ سيارته فقال: فليسرقوها، مو مشكلة فالمفتاح بجيبي!

***

علاء اللامي

.....................

1- بغداد-الشرقية: أكد رئيس تحالف الفتح هادي العامري انه لا يوجد تقاطع بين الاطار التنسيقي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وقال العامري انه لا مانع من تشكيل حكومة اغلبية وطنية لكن بشرط تحديد الكتلة الشيعية الأكبر.

 https://alsharqiya.com/ar/news/hadi-al-amiri-there-is-no-objection-to-forming-a-majority-provided-that-the-largest-bloc-is-determined

2- رابط خبر لقاء العامري بالسفير البريطاني: أبلغ العامري السفير البريطاني سعي الاطار الى تفاهم شيعي – شيعي يؤدي الى تفاهم كردي – كردي وعدم تنازله عن تشكيل الكتلة الأكبر لحفظ حق المكون الشيعي في الحكومة والاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء.

https://alsharqiya.com/ar/news/head-of-al-fateh-alliance-hadi-al-amiri-meets-the-british-ambassador-to-iraq

في المثقف اليوم