آراء

المشهد العراقي.. انسداد سياسي وحلول غائبة

للمرة الثانية يفشل مجلس النواب العراقي الجديد بانتخاب رئيس للجمهورية، بعد ان عجز التحالف الثلاثي عن تحقيق شرط الثلثين لإكمال النصاب القانوني، بعد هذا الصراع الديمقراطي المحتدم لكسر الارادات بين التحالف الثلاثي والاطار التنسيقي والقوى المتحالفة معه، ووصول العملية السياسية الى طريق مسدود، اصبح من الضروري ان تكون هناك الية جديدة تعمل على تحديد ملامح المرحلة السياسية القادمة، خوفا من نزول هذا الصراع الى القواعد الشعبية للطرفين المتنازعين على السلطة، مما يؤدي الى انزلاق الامور الى ما لا يحمد عقباه.

 ان تشكيل حكومة اغلبية وطنية في العراق هو مطلب جماهيري وممارسة ديمقراطية تحصل في اغلب الدولة المتقدمة، ووجودها يجعل من طرف واحد او اكثر يتحمل مسؤولية المرحلة القادمة بغثها وسمينها، لكن مثل هكذا خطوة تحتاج الى ارضية سياسية وامنية صالحة، واعادة رسم للخارطة السياسية، واليات تشكيل الحكومات السابقة، والغاء كافة الاعراف السياسية التي سارت عليها العملية السياسية في السابق، ولا يمكن ان يتحقق هذا الهدف عبر صراع كسر الارادات، ولكن يمكن ان يؤسس له بانعقاد مؤتمر وطني عراقي يضم طيف واسع من القوى السياسية والنخب الاكاديمية والثقافية، يتم في فيه تحديد مكامن الخلل في العملية السياسية منذ 2003 ولغاية الان، في محاولة جادة لتخليص العراق من مستنقع الدولة الفاشلة التي عملت امريكا وبعض دول الاقليم الى ركوسه فيه، تمارس القوى السياسية في هذا المؤتمر، عملية جلد للذات ومراجعة حقيقية وبناءة تصل حد المكاشفة الصادقة مع الشعب العراقي، لكن يجب ان يكون الهدف الرئيسي لهذا المؤتمر هو وضع اليات وسياقات جديدة للعملية السياسية برمتها وايجاد حلول ناجعة لكل المشاكل التي رافقتها بدءا بالدستور العراقي وضبابية اغلب فقراته، مرورا بالإشكاليات القائمة بين المركز واقليم كردستان، وتحويلها من ازمة سياسية متكررة الى اجراءات ادارية، وتشكيل لجان قانونية واقتصادية لهذا الغرض وبذلك يرفع عن كاهل العملية السياسية عبأ كبير، وتتحرر القوى السياسية من المزايدات التي تسبق تشكيل اي حكومة، وتنزع صفة بيضة القبان عن القوى السياسية الكردية، اضافة الى إقرار اقامة تعداد سكاني للعراق تحدد من خلاله النسب الحقيقية للتمثيل البرلماني وحصص المحافظات والاقليم من الموازنة الاتحادية. اتخاذ موقف موحد من الوجود الامريكي على الاراضي العراقية وتوفير ضمانات لكل القوى المسلحة على الساحة العراقية بخروج هذه القوات وفق جدول زمني حقيقي، وبالتالي تتخلى هي عن سلاحها للدولة العراقية دون استثناء. الاعتراف من قبل جميع القوى والاطياف العراقية بالحشد الشعبي كجزء من القوات المسلحة العراقية. فتح ملفات الفساد دون انتقائية والاستعانة بلجان تحقيق دولية محايدة وساندة لهذا الغرض، تمكن العراق من استرداد جزءاً من امواله المنهوبة. يمكن لمثل هكذا مؤتمر اذا ما توفرت الارادة الحقيقية لانعقاده ان يضع العملية السياسية على الطريق الصحيح.

***

احمد عواد الخزاعي

في المثقف اليوم