آراء

القَضِيَّةُ الفِلسْطِينيَّةُ في دَوائِرِها الأربَع

رَسَّخَ الاِعلامُ الفلسطينيُّ والعربيُّ تَوصِيفَهُ لقَضِيَّةِ القُدْسِ وفلسطينَ بأَنَّها قَضِيَّةٌ فلَسْطِينِيَّةٌ، وهذِهِ هيَ الدائِرَةُ الأُولى من دَوائِرِ قضِيَّةِ فِلَسطينَ، وهي ليستْ الدائرةُ الأخيرةُ والحَصْرِيَّةُ لقضيَّةِ فلسطين، فهناكَ دَوائِرُ أُخرى. صحيحٌ أَنَّ شَعْبَ فلسطين هوَ رأسُ الحربةِ في هذا الصراع الوجوديِّ المُقَدّسِ. والدائِرَةُ الأُخرى التي رَسَّخَها الأِعلامُ العربيُّ في عقلِ المُواطِنِ العَرَبِيِّ، هي كونُ قَضِيَّةِ فِلَسْطِينَ قَضِيَّةٌ عربِيَّةٌ حصراً، لايحقُ لِأَيٍ كان من غير العربِ التعاطي معها. ولكنَّ كونَ قَضِيَّةِ فلسطينَ قضِيَّةٌ عربيَّةٌ لايعني حَصْرَها في هذا الاطار.

 الامامُ الخميني " رحمهُ اللهُ تعالى" في اعلانِهِ ليومِ القُدسِ في السابع من آب عام 1979، وفي الجُمُعَةِ الأَخيرةِ من شَهرِ رَمضانَ المبارك، أعطى لقضيةِ فلسطينَ والقدس عمقهما الجماهيري والشعبي، وَطَرَحَ للقضيَّةِ دائرتينِ أُخريينِ هما الدائرةُ الاسلاميَّةُ والدائرةُ الانسانيَّةُ،فالقُدسُ في الدائرة الاسلاميّةِ هي مسرى النبي (ص) ومعراجهُ وقبلةُ المسلمينَ الأُولى، وثالثُ الحَرَمينِ الشَّريفينِ. وَضْعُ القُدسِ في الدائرة الاسلاميَّةِ يمنحُها عمقاً اسلاميّاً شعبياً لما يقارب من ملياري مسلم. وكون اعلان يوم القدس في شهرِ رمضانَ المقدس وفي جمعةٍ مقدَّسَةٍ، وهي الجمعة الأخيرةِ من شهر رمضان يجعلُ القدس المقدسة قدسَ الاقداسِ، وكذلك يعطي قداسةً لهذا الصراعِ، وايضاً وضع قضية القدس في شهر رمضان المبارك يوحي لنا بوجوب الصبر والمصابرةِ في هذا الصراع الطويل ؛ لان شهر رمضان يعلمنا الصبر والكفاح، فالمسلمون واجهوا العدو وانتصروا عليه في معركةِ بدر الكبرى والتي كانت معركةً فاصِلَةً.وكذلك الامامُ الخمينيُّ في اعلانهِ ليوم القدس تحدث عن الدائِرَةِ الرابعة وهي الدائرة الانسانيّة فقد جاء في اعلانهِ : " يومُ القدسِ هوَ يومُ المُسْتَضعَفينَ في مُواجَهَةِ المُستَكبرين ". والثورة الاسلامية في ايران لم تتخل عن فلسطين والقدس رغم كل الضغوط التي واجهتها، لان يوم القدسِ لديها هو التزامٌ رساليٌّ ومبدئيٌّ ولس مجرد شعارات ترفع. وتأتي أهَميّةُ يومِ القُدسِ في زمن التطبيع والانكساراتِ العربيّة، ففي الدائرة الفلسطينيّةِ هناك اوسلو وفي الدائرة العربيّة هناكَ تطبيعٌ وتخلي عن كل الالتزامات تجاه فلسطين والقدس. طبعاً الذين فاوضوا هم بعض القادة الفلسطينيين وليس الشعب الفلسطيني الذي يكافح في الضَّفَةِ وغَزَّةَ وجنين والقدس، والذين طَبَّعُوا هم بعض الانطمةِ العربيَّةِ. ايران التي يعتبرونها دولة غير عربيَّةٍ ملتزمةٌ بالقضيَّةِ الفلسطينيّة رغم مواجهتها لكل الضُغوطِ والتحدياتِ، بعضُ العربُ سقطوا في اختبارِ فلسطينَ، وبموجب سُنَّةِ الاستبدالِ القُرآنِيَّةِ لابدَّ ان يستبدلوا بغيرهم، يقولُ الله تعالى :

(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ). محمد: الاية:(38).

 وخلاصةُ الكلامِ وضعُ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ في الدائرتينِ الفلسطينيّة والعربية تحجيمٌ للقضيَّةِ وعزلها عن محيطها الاسلامي والعالمي. اما وضعها في الدائرتين الاسلامية والانسانية يمنحها عمقها الاسلامي والانسانيِّ.

***

زعيم الخيرالله 

في المثقف اليوم