آراء

أحداث حيفا في عيون الأديب نبيل عودة والرأي العام العربي

علجية عيشراهن الأديب الفلسطيني نبي عودة على أن خطاب ابن حيفا توفيق طوبي الذي ألقي بباريس في ماي 1949 حول التطهير العرقي في حيفا عام 1948 وفي احتفالية استقلال إسرائيل على أن الخطاب لم ينشر في جريدة الحزب "الاتحاد" باللغة العربية في الوقت الذي كان العرب لا يتقنون العبرية ولا يعرفونها ، وفي الوقت الذي يم يقم مترجمين بترجمة هذا الخطاب إلى اللغة العربية حتى يفهمها القادة في الحكومات العربية، خاصة وأن إسرائيل تعتقد أن ضحية استعمار ومن حقها تقرير مصيرها كدولة، قدلا يختلف غثنان أن الأديب عودة اراد تسليط الضوء على إشكالية تتعلق بالترجمة، ولماذا لم تكن هناك ترجمة لكل افسرائيليات وماهي السباب والدوافع التي جعلت العرب لا يولون اهتماما بتعلم اللغة العبرية، حتى السنوات الأخيرة بدأ الإهتمام بها بعدما تعرّبت إسرائيل واصبحت تتقن اللغة العربية قولا وكتابة وفتحت فضاءات رقمية باللغة العربية كل هذا يفسر مدى إهمال العرب لأهمية تعلم اللغات أو أنه في تلك الفترة لم تكون هناك معاهد لتعلمها

وتوفيق طوبي هو قائد شيوعي فلسطيني عمل كنائب في الكنيست الإسرائيلي لسنوات طويلة، وقد وصفه البعض بعمود من أعمدة قادة الحركة النضالية الفلسطينية قبل أن يكون عمودا صلبا لحزب أممي هو الحزب الشيوعي الإسرائيلي وكانت صحيفة ”كول هاعام“ بالعربية جريدة صوت الشعب وهي صحيفة الحزب الشيوعي الإسرائيلي قد ترجمت خطابه إلى اللغة العربية، كما قام موقع "كنانة أونلاين" خطابه كاملا باللغة العربية، حسب الملاحظات التي قدمها الأديب الفلسطيني نبيل عودة، فقد جاء هذا الخطاب احتفالا بإقامة دولة إسرائيل وهو الإحتفال المزعوم بانتصار مبدأ حقّ تقرير المصير للشعب اليهودي في أرض إسرائيل. ودعم الإتحاد السوفياتي والدول الديمقراطية الشعبية، في حرب استقلال إسرائي، واعتبر خطاب توفيق طوبي غسرائيل كانت ضحية حرب قامت بها حكومات عربية رجعية ، هذاه باختصار بعض التفاصيل التي ساقها نبيل عودة للمقارنة بين الأحداث ودور الحزب الشيوعي فيها بدلا من أن يقوم هذا الحزب بتنقية تاريخه وتصحيح مساره ونقد هذه المواقف التي هي عبارة عن خضوع لسياسة لستالين ونظامه الاستبدادي وفكره الذي دمر الشيوعية ، وبحكم ما اوردته التقارير التاريخية فإن مدينة حيفا كانت مدينة مختلطة بين اليهود الفلسطينيين والعرب الفلسطينيين وكان اليهود الفلسطينيين يشكلون الأغلبية من حيث عدد السكان وفي المراحل الخيرة تصاعدت الحرب الأهلية في فلسطين مع الانتداب البريطاني في القدس ، حيث تم إخلاء أزيد من 2000 مواطن من أجل سلامتهم. مع ترحيل عائلات الأثرياء العرب والعديد من القادة المدنيين العرب. في خضم هذه الأحداث لم تتدخل الجامعة العربية

ليست هذه الورقة مجرد تحصيل حاصل للأحداث، فالأديب نبيل عودة عاد بورقته إلى أحداث حيفا وخطابات المؤرخين اليهود المغلوطة حول مواقف مفبركة نسبها للعرب، حيث اعتمد نبيل عودة على وثائق إسرائيلية رسمية حول جزء صغير من التطهير العرقي الذي نفذ في حيفا، ومنها كتابات المؤرخ اليهودي بيني موريس الذي وصف في كتابه "نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين" الصادر عام 1991، بوضوح كبير تطور الأحداث، وقد أكد في شهادته بأنه هو من أعطى أوامر لقصف ساحة السوق (في حيفا)، وكان هذا السوق يشهد اكتظاظا كبيرا عندما بدأ القصف، خلف رعبا كبيرا ، اندفع الجمهور إلى الميناء دافعين رجال الشرطة البريطانية وسارعوا لركوب السفن هروبا من من عمليات القصف، أما المؤرخ اليهودي تسادوق ايشيل وهوة مجند سابق في الجيش الإسرائيلي يذكر هو الآخر، في كتابه "معارك الجيش في حيفا" الصادر عام 1978 عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، تفاصيل المعركة في مدينة حيفا والعمليات التي استهدفت مواطني حيفا وأطفالهم ، كما يعترف بمشاركته فيها إذ يصف الأحداث بقوله: في ساعات الصباح الباكر أعلن مكسي كوهن لأركان الفرقة أن العرب يستعملون مكبرات صوت ويدعون الجميع أن يتجمعوا في ساحة السوق بسبب احتلال اليهود لشارع ستانتون ومواصلة تقدمهم نحو مركز البلد، وسط الجمهور، انتشر الرعب الكبير، انطلق الناس إلى الميناء، اندفعوا نحو القوارب للهرب من حيفا وقد تواصل القصف المتقطع خلال اليوم كله على المدينة ية) مسببا رعبا كبيرا.

كما يثبت نبيل عودة موقفه بما جاء في تقرير أعده مراسل " يو بي" المتضمن موافقة العرب على شروط الاستسلام اليهودية، ما أدى بالفيلق العربي والمتطوعين العراقيين بمغادرة المدينة ، لكن كما تبين واصلت القيادة العسكرية اليهودية (الهجناه)، المطلعة على سير مفاوضات ووقف إطلاق النار واستسلام حيفا بدون قتال، قصف الأحياء العربية، بدليللا أنه في 23 نيسان ( ابريل) وقعت مدينه حيفا التي كانت تضم 70 ألف مواطن فلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي، بقي منهم 3566 عربيا فقط، ويتساءل نبيل عودة إن كان أبناء بلد توفيق طوبي في الوطن (حيفا) قد احتفلوا فعلا بالذكرى السنوية الأولى لإقامة دولة إسرائيل؟ حيث يدعو المؤرخين ةو الباحثين الأكاديميين إلى المقارنة بين خطاب توفيق طوبي وما نشره المؤرخان اليهوديان بيني موريس وتسادوق ايشيل، ما لم نفهمه هو عن أي شخص يتكلم هنا نبيل عودة ؟ هل عن نفسه أم عن سياسي آخر له علاقة بما حدث، عندما كتاب العبارة التالية: "أكتب وانا اتألم للخداع الذي عشته كعضو حزب شيوعي صهيوني لمدة 50 سنة، لا ألوم الفكر الشيوعي لماركس وانجلز، بل الفكر المعادي للمنطق الماركسي والشيوعي كما طرحته الماركسية والشيوعية المتحررة من التحريف الستاليني والسوفييتي"، ثم يتساءل إن كان العرب في حيفا على استعداد للقتال دفاعا عن مدينتهم ؟.

ما يمكن ملاحظته هو أن تساؤلات نبيل عودة لقيت ردود فعل كبيرة على مستوى الرأي العام والمهتمين بالشان الفلسطيني ، فمنهم من لم يستوعب إن كان الفلسطيني له قناعة بمشاركة الإسرائيليين احتفالهم المزعوم ، وقد قال أحد المعلقين أن بعض اليهود الشيوعيين العراقيين كانوا في لجنة مكافحة الصهيونية في العراق واعدمتهم الحكومة الرجعية العميلة لبريطانيا ابان الحكم الملكي وأسقط الجنسية عن جميع اليهود العراقيين في ذلك الوقت بالاتفاق مع بريطانيا والصهيونية العالمية ومن الذين اعدموا من اليهود العراقيين الذين كانوا في لجنة مكافحة الصهيونية هم القيادي الشيوعي ساسون دلال وشاؤل طويق ويهودا صديق حتى أنهم شكلو خلايا مسلحة لمحاربة الفكر الصهيوني والحاخامات اليهود العراقيين كانوا مع الدولة الوطنية العراقية وضد إسرائيل لكن الحكومة الملكية العميلة أسقطت عنهم الجنسية العراقية ورحلتهم قسرا الى فلسطين وقسم منهم هرب الى إيران كي لا ينتقل الى فلسطين.

وبعد ذلك أضطر البعض منهم السفر إلى فلسطين لكن قسم منهم هاجروا إلى بريطانيا مثل يعقوب قوجمان وأخية حسقيل قوجمان وغيرهم الكثير، وعبر هؤلاء عن اصطدامهم لخطاب توفيق طوبي وأنه توجد حقائق مخفية كثيرة لا يعرفها الفلسطينيون أو حتى الرأي العام العربي ويقول آخر أن الكاتب في إشارة منه إلى نبيل عودة حاول ان يغيب حقيقة تاريخية وهو ان الحزب الشيوعي أيد اقامة دولة إسرائيل ضمن قرار التقسيم على ان تقوم دولة فلسطينية في القسم الثاني من البلاد، ما لم يحدث بسبب التوسع الإسرائيلي وعدم الالتزام بقرار التقسيم، ثم أن الشيوعيون حتى اليوم يدعون لدولتين لشعبين وهذا واضح وثابت وغير متغير حتى منذ قيام الدولة.

***

علجية عيش بتصرف

في المثقف اليوم