آراء

ليبيا بين حكومتي "الدبيبة" و"باشاغا".. هل نحن أمام لحظة تاريخية فارقة؟

ابوبكر خليفة ابوبكرفي ظل كل هذه التجاذبات التي تتقاذف ليبيا على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية الخ.. إلى أين تتجه مآلات الأوضاع في ليبيا؟ .والصراع الدولي يحتد ويشتد في بيئتها الخارجية ويلقي بأثقاله وأوزاره على بيئتها الداخلية؟.. حيث حكومتان تتنازعان سلما إلى حد الآن، واحدة تماطل في التسليم للأخرى والثانية تجاهد من أجل الإستلام من الأخرى،وفي حوزة كل منهما حزمة من المبررات، الأولى من أجل الإستمرار حتى التسليم لحكومة منتخبة، والثانية من أجل تحقيق الإستقرار وتهيئة الأوضاع للبناء عليها، وتبقى العاصمة التاريخية والمركزية لليبيا طرابلس منذ ستة عقود في قلب الصراع، قربانا على مذبح الشرعية، وفي ظل تمنعها وتشبث حكومة الوحدة الوطنية بأعطافها وتمترسها بها،..تتوجه الحكومة الأخرى (حكومة الإستقرار) إلى مدينة "سرت" واسطة عقد المدن الليبية وذات الرمزية التاريخية أيضا، بعد محاولة فاشلة لإقتحام طرابلس وإفتكاكها من سيطرة حكومة الوحدة الوطنية، لتعلن أنها أي مايسمى بحكومة الإستقرار بأنها ستمارس مهامها من هذه المدينة.. فهل نحن أمام لحظة تاريخية فارقة، تتحول فيها ليبيا تدريجيا نحو نظام لامركزي حقيقي، تصبح فيه سرت عاصمة إدارية، وتتخلص طرابلس المثقلة بالتالي عن بعض الأعباء التي تنوء بها في ظل مركزية صارمة أوغلت واستفحلت؟؟؟ ورويدا رويدا تتقاسم المدن الكبري في ظل اللامركزية الحلم بعض المهام الاقتصادية والسياسية والإدارية والثقافية والإستراتيجية إسوة ببعض الدولة البعيدة والقريبة،والتي قطعت أشواطا مهمة بهذا الخصوص؟ أم أن ماجرى من طرف الحكومة البديلة مجرد خطوة تكتيكية أقرب ماتكون إلى التكتيكات العسكرية وليس أبعد من ذلك؟ أو أنها مجرد مناورة لإحراج الحكومة الأخرى أمام العالم والقوى المتدخلة والمتداخلة في الشأن الليبي للضغط على حكومة الوحدة الوطنية لإفساح الطريق أمامها نحو العاصمة؟ أو فقط من أجل إعداد الخطط عل مهل بالتعاون مع القوى المحلية المتحكمة فعلياً في ليبيا وطرابلس خاصة في سبيل الإطاحة سلما أو عنوة وقسرا بالحكومة الأخرى المتشبثة بطرابلس؟. ولا نستغرب أيضاً وأنه وفي ظل هذا التخبط والتجاذبات والاستقطابات محلياً ودولياً،نشهد نشاطاً وأصوات تتعالى من طرف أصحاب التوجه الفيدرالي، والذين ينادون بالإدارة الذاتية للأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان) والذي يرى المتوجسون من هذا التوجه بأنه سيكون منحدرا جارفا إلى التقسيم الحقيقي لليبيا، خاصة وأن ليبيا والليبيين ليسوا في ترف يسمح لهم ولو لمناقشة هذا التوجه، حيث بلغ التأزم في ذروته على كل الأصعدة....

وتبقى اللامركزية الموسعة والفاعلة هي النظام الإدراي والسياسي الأنسب لليبيا، والكفيل بتحقيق الإستقرار والتقدم والعدالة الإجتماعية لليبيين، إذا صلحت النوايا وإجتهدت إرادات النخب القائدة، وتولى الأكفاء والوطنيين زمام المبادرة في ليبيا للعبور بها نحو نموها واستقرارها وازدهارها.

***

بقلم د. أبوبكر خليفة أبوبكر

كاتب وأكاديمي ليبي

في المثقف اليوم