آراء

هل كشفت زلة لسان بوش الابن حقيقة غزو العراق

محمود محمد عليأثار الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش «الابن»، تفاعلا واسعا بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد زلة لسان وقع فيها حول قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بغزو أوكرانيا. قال بوش في مقطع الفيديو المتداول: «الانتخابات الروسية مزيفة، الخصوم السياسيون في السجون أو تم التخلص من مشاركتهم في العملية الانتخابية، والنتيجة هي غياب المساءلة في روسيا، وقرار رجل واحد لشن غزو غير مبرر ووحشي للعراق.. أعني أوكرانيا..».. وشبه الرئيس الأمريكي السابق أيضاً الزعيم الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالزعيم البريطاني في زمن الحرب، ونستون تشرشل، بينما ندّد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشنه عملية عسكرية بأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.

وتفاعل عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع زلة بوش، وقال أحد المعلقين: «خطأ لغوي حقيقة سياسية. الرئيس بوش السابق خلط بين غزو أوكرانيا وغزو العراق».

وكان جورج بوش الابن يتحدث عن دعم الديمقراطية وإدانة العمليات العسكرية الروسية، فى كلمة ألقاها بالمجمع الرئاسي الذى يحمل اسمه ويضم متحفا ومكتبة في مدينة دالاس بولاية تكساس.

وفي معرض الحديث عما وصفه بالاستبداد في روسيا، قال جورج بوش الابن: "النتيجة هي غياب المحاسبة والتوازنات في روسيا، ثم اتخاذ قرار من طرف رجل واحد لبدء غزو غير مبرر ووحشى للعراق".لكن جورج بوش الابن، سرعان ما انتبه إلى الخطأ الذى ارتكبه، فهز رأسه وأوضح "أقصد أوكرانيا". وتابع بوش مرتبكا وسط ضحكات من الجمهور "والعراق أيضا"، وأضاف فى محاولة لتجاوز الموقف المحرج: "أنا عمرى 75 عاما".

وأثارت "زلة اللسان" تفاعلا واسعا على المنصات الاجتماعية، وقال معلقون ساخرون إن جورج بوش الابن كان صادقا عندما وصف الغزو الذى أطلقه عام 2003 بـ"الغزو الوحشى وغير المبرر"، حتى إن كان قد فعل ذلك بشكل غير مقصود.

وتابع بوش مرتبكا وسط ضحكات من الجمهور "والعراق أيضا"، وأضاف في محاولة لتجاوز الموقف المحرج: "أنا عمري 75 عاما".، وتعليقا على زلة لسان بوش، وتعليقا على زلة لسان بوش الابن، أشارت قناة "سي إن إن" الأمريكية إلى أن برقية نشرتها سابقا وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ألقت بمزيد من الشك بشأن الادعاءات الرئيسية التي استخدمتها إدارة بوش الابن لتبرير غزو العراق عام 2003.

فقد أسقطت المعلومات التي تفيد بإن محمد عطا، أحد العقول المدبرة لهجمات 11 سبتمبر، قابل مسؤولا عراقيا في التشيك، قبل أشهر قليلة من الهجمات.

إدارة بوش الابن التي دأبت على القول بأن عطا قابل عميلا عراقيا يدعي أحمد العنيان في براج في أبريل 2001، استخدمت التقرير للربط بين العراق وهجمات 11 سبتمبر.

مدير الـ CIA حينها، جون برينان، ضمن جزءا من البرقية في رسالة إلى عضو مجلس الشيوخ عن ميتشيجان، السناتور كارل ليفين، الرئيس المتقاعد للجنة القوات المسلحة، والذي قام بدروه بنشر الرسالة الخميس.

البرقية تقول "ليس هناك أي شخص من مكافحة الإرهاب أو من خبراء مكتب التحقيقات الفيدرالي قال بأن لديه دليلا أو يعلم، بأن عطا كان حقيقة في براج، وفي الواقع المحللون هم على نقيض ذلك تماما".

وكانت الولايات المتحدة قد بدأت  على عهد بوش الابن غزو العراق، بذريعة امتلاك البلاد لأسلحة دمار شامل، لكن سقوط بغداد أكد أن مزاعم واشنطن لم تكن صحيحة، وتقول التقارير إن غزو العراق أودى بحياة مئات الآلاف كما شرد الملايين من سكان البلاد وحولهم إلى نازحين ولاجئين.

وقال منتقدو بوش الابن إن غزو العراق كان بمثابة العامل الذى بث الفوضى فى البلاد، ثم جعلها تربة خصبة لنشوء تنظيم "داعش "الإرهابى، الذى تحول إلى أخطبوط نقل الرعب والهجمات الدامية إلى مختلف دول العالم.

واستند بعض المعلقين إلى ما ذكره عالم النفس المعروف سيجموند فرويد، بشأن زلة اللسان، بحيث يعتبرها بمثابة "تعبير غير واع عن مكنون النفس، حتى وإن بدت مجرد خطأ عابر، وهو أمر ينطبق على جورج بوش الابن"، بحسب قولهم.

وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وهو شريك وحليف واشنطن في هذا الغزو، قد قدم اعتذاره عن الانخراط في الحملة على العراق، وقال إنه "ربما كان مخطئا" في قراره غزو العراق منذ حوالي عقدين من الزمن، وأضاف "كثيرًا ما يقول الناس أنني اتخذت القرار الخاطئ بخصوص المشاركة في حرب العراق ، لكن عليك أن تفعل ما تعتقد أنه صائب".

وزعم رئيس الوزراء الأسبق أنه "سواء كنت على حق أم لا فهذه مسألة أخرى. في هذه القرارات الكبيرة جدا، لا تعرف الخطأ من الصواب، وعليك أن تتبع في النهاية ما تمليه عليك غريزتك الخاصة"، ولكن مع ذلك، بعد عقدين من الزمن، أقر بأن قراره شن الغزوات ربما كان خطأ"، لكنه أكد في المقابل "كان علي أن أفعل ما اعتقدت أنه الشيء الصحيح" كجزء من "الحرب على الإرهاب".

***

د. محمود محمد علي

أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

في المثقف اليوم