آراء

قيمة الفكر العربي!!

صادق السامرائيإذا قيل أن الفكر العربي بلا قيمة ودور في حياة الأمة، سيغضب المفكرون والفلاسفة وأصحاب الأقلام الذين يرون أنفسهم من المفكرين، بينما الواقع الساطع عبر مسيرة العديد من الأجيال، يؤكد أن المفكرين العرب، رغم إجتهاداتهم الفكرية المتنوعة، فأقصى ما أنجزوه إصدار الكتب وإلقاء المحاضرات وكتابة المقالات، وعجزوا عن تحويل أفكارهم إلى برامج ذات قيمة مهمة للأمة.

فالأحزاب والمنظمات والجمعيات الفكرية بأنواعها، أمعنت بالتنظير والخطب والتأليف، وتكديس الرؤى والتصورات في كتب مرفوفة في غياهب التجاهل والنسيان، لأن المواطن بسببهم إبتعد عن الكتب الفكرية والكتابات التي تخاطب العقل، وأصبح يراها كلاما فارغا لا يساهم بحل مشاكله، فالواقع يشير إلى أن المفكرين قد أسهموا بتراكمها وتعضيلها، والهروب من مواجهتها، والتحليق في فضاءات بعيدة عن مفرداته الفاعلة في الناس.

والدليل أن المشكلات تنامت حتى صارت كل دولة تريد الحفاظ على تماسكها، ووحدة أراضيها وأمنها وقدرتها على العيش، فما تعانية دول الأمة يتفاقم وتتعاظم مخاطره، والمفكرون يتحدثون، وهم العاجزون عن تأسيس البرامج والآليات الكفيلة بصناعة السلوك القويم، اللازم للبناء والتعافي من الويلات والتداعيات.

وعليه يجب وضع النقاط على الحروف، والقول بجرأة أن المفكرين العرب ما أسهموا في حل مشاكل الأمة بل عقدوها، وإجتهدوا في أوهامهم التي ترسخت في عقولهم، على أن نظريات الآخرين، والتفكير الذاتي الصومعي يوصلان  إلى بر الأمان الحضاري، فأثقلوا الوجود العربي بما لا يطيقه كاهله من المفاهيم، التي لا تصلح حتى في الديار التي جلبوها منها، لأن الزمن تجاوزها.

فنظريات الآخرين تصلح لهم في وقتها ولا تصلح لنا، لكنهم يصرّون على ما يرونه، وخلاصة ما أنجزوه كلام في كلام، وربما ينطبق عليهم قول الشاعر الهزلي:

" كأنا والماء من حولنا

قومٌ جُلوسٌ حولهم ماءُ

الأرض أرضٌ والسماء سماء

والماء ماءٌ والهواء هواءُ"!!

مع التقدير للمفكرين، فالأمة جائعة لفكر عملي لا نظري!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم