آراء

نوري المالكي.. تحليل سيكوبولتك لثمان سنوات من حكمه (2)

قاسم حسين صالحتوطئة: في 15/6/2022 اعلن السيد مقتدى الصدر انسحابه من العملية السياسية بعد موافقة رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي على استقالة نواب الكتلة الصدرية الثلاثة والسبعين بعد ازمة سياسية استمرت اربعة اشهر من الانتخابات التشريعية، عمد فيها الثلث المعطل الذي يقوده الأطار التنسيقي الى الحيلولة دون تشكيل حكومة اغلبية وطنية كن قد دعى لها التيار الصدري.ومع تعدد اسباب انسحاب مقتدى الصدر ما اذا كان قرارا فرديا او تشاوريا مع مستشاريه، او انه يريد ان يمنح الفرصة لمن وصفهم بالفاسدين لتشكيل حكومة يرى انها لن تدوم ستة اشهر، او انه يخطط بطريقة (نخبطها ونشرب صافيها)، او ان امرا او طلبا او تهديدا جاءه من جهة خارجية وانسحب مضطرا.. فأن الجو السياسي خلا للأطار التنسيقي لتشكيل الكتلة الأكبر، وان السيد نوري المالكي يعمل الآن لأن يكون هو رئيس وزراء الحكومة المقبلة.

المالكي.. لا يصلح لحكم العراق ثالثة

 ينفرد العراق عن بلدان المنطقة بأنه متنوع في مكوناته الأجتماعية وقومياته، وفي تعدد اديانه ومذاهبه وخلفياته الثقافية، ما يعني ان من يحكم العراق ينبغي ان يكون فوق هذه التنوعات والتعددات ومحتويا لها، فيما تؤكد الأحداث، والتجربة، وحكم ثمان سنوات.. ان المالكي لا يتمتع بهذه الصفة، واليك ما يثبت ذلك.

في (9 نيسان 2022 ) قال السيد نوري المالكي .. يجب أن تكون الدولة والحكومة مقدسة، وقال بالنص:(ان العراق بحاجة الى حكومة عقائدية). وقد استطلعنا في حينه آراء مفكرين وأكاديميين واعلامين بما قاله، اليكم نماذج من أجاباتهم:

* الحاج قاسم التميمي:

 ألم تقرا ياسيد نوري كيف بنيت الدول ومن بناها! عن اية عقيدة تتكلم؟ .ألم تسمع عن ماليزيا، سنغافوره، الهند، الصين، تركيا.. لا علاقة لها باية عقيدة.انت تقول ما لا تعي وتحمل عقلية ثارية.

* مضر الموسوي:

 عن اي عقيدة يتحدث وقد حكم العراق بعقيدة الطائفية والشيطنه والاستغلال، واعترف نهارا جهارا بفشله، ولم يندم على ما فعل، ولم يصحح مسيرته او يغير نهجه.رجل يتخبط وينتهز الفرص ويراوغ.. بدد المليارات بمشاريع فاشلة واخرى للفوز بالانتخابات.

* عادل مطشر:

 اعتقد انه يحاول ان يقول اشياء مختلفة، ربما لا يفهم ولا يعي ما يقول بدقة، فمن باب يدعو لحكومة الاغلبية ومن ثم يصر على التوافق ليشترك الجميع، ثم حكومة عقائدية.. لا ادري بعقيدة واحدة ام بمجموعة عقائد كي تتسق مع التوافق الذي يصر عليه بعد ان امضى ثمان سنوات اعترف في نهايتها بالفشل الذريع علانية وعلى الفضائيات!

 * د. سلام جياد:

ان فرعون استخف قومه فاطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين.العلة ليست بالمالكي بل بالشعب الخانع الذي تم تدجينه وقبوله بالمهانه.

* حكمت سليم:

 ما الذي يقصده بإقامة حكومة عقائديه؟والجميع يعرف بأن العقائديه عند المؤمن المالكي وفكر حزب الدعوه مرتبطه بظهور المهدي المنتظر، اي يجب أن تكون هذه الحكومه عقائديه تهيئ الظروف لاستقبال جيش المهدي ولا تهمها المشاريع والخدمات.

 * د. أمل المخزومي:

 الحقيقة مصالح وضحك على الشعب، وتخدير اعصاب هذا الشعب الجائع المسكين.كفى ظلما لأطفال العراق والعيد قادم وذنب الطفل ودمعته برقابكم جميعا.

الحكومة العقائدية.. لا تصلح للعراق

 في مراجعتنا للأدبيات الأسلامية وجدنا ان العقيدة تعني اصطلاحا الإيمان الجازم، والحُكم القاطع الذي لا شكَّ فيه، فهي ما يؤمن به المسلم ويتَّخذه مذهباً ويربط قلبه وضميره به ويتّخذه ديناً، وتُسمّى عقيدة سواءً كان هذا الاعتقاد صحيحاً أم باطلاً، فيما تعني في الاصطلاح الشرعي.. الامور الدينية التي يجب على الفرد الايمان بها بقلبه وبيقين لا يتطرق له الشك.

ولا نريد الأستطراد، ففيه تكثر الاجتهادات والاختلافات بقدر ما نريد الوصول الى ان العقيدة هي الأساس الذي يقوم عليه الدِّين، فيما الأيديولوجيا هي الاساس الذي تقوم عليه السياسة.. والفرق كبير بين العقيدة بمفهومها الديني والأيديولوجيا بمفهوم علم الاجتماع السياسي.

مشكلة المالكي

 في مقولته هذه تحديدا (حكومة عقائدية) يتحدث السيد المالكي وكأن الأربعين مليون عراقي كلهم مسلمون فيما هم متعددو الأديان والعقائد، وانهم كلهم عرب فيما هم متعددو القوميات، وأنهم كلهم شيعة فيما هم متعددو الطوائف والمذاهب. ونفترض فيه انه يدرك بأن تطبيق العقيدة (بمفهومه) في السياسة لا يصلح لأدارة شؤون العراقيين، الذين زادوا الآن على الأربعين مليون بينهم اكثر من خمسة وعشرين مليون شابا بثقافة جديدة منفتحة على عالم ترك العقائد لرجال الدين. ونفترض ايضا انه يدرك بأن عقلية قائد سياسي كهذا لا تختلف عن عقلية حاكم دكتاتوري او رئيس حزب حاكم يريد فرض فكر وعقيدة حزبه على الناس.. كما فعل صدام في نهجه بـ(تبعيث العراقيين).. ومع ذلك فانه يريدها.

والرجل متناقض، فهو كان قد دعى في نيسان 2022 الى تشكيل حكومة (نزيهة تخدم مصالح الشعب).. فيما انعدام النزاهة في عهد حكمه (2006 - 2014 )هي اسوأ وأقبح ما شهده العراق بتاريخه السياسي.. نسوق له ولكم ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست بعددها الصادر في (23/ 9/ 2008) بان 13 مليار دولار من اموال الاعمار في العراق اهدرت او نهبت عبر مشاريع وهمية وعناصر فاسدة في الحكومة العراقية، فيما نسبت الاذاعة البريطانية (بي بي سي في 28 /9/ 2008) الى لجنة تخصصية في حكومة المالكي، وجود ثلاثة الاف حالة فساد مالي موثقة بادلة قاطعة. وباعترافه هو في كلمته امام مجلس محافظة بغداد في 20 /9/ 2008، قال المالكي بالنص: (كثيرا من المسؤولين قد اثروا كثيرا)، واعلن عبر الفضائيات ان لديه ملفات للفساد (لو كشفها لانقلب عاليها سافلها)، ولأنه لم يكشفها فأنه يعد خائن امانة وفق العقيدة الاسلامية التي توجب على الراعي ان يكون مؤتمنا على اموال الرعية، وتتعدد تناقضات الرجل وأسوأها أن اقواله لا تطابق افعاله

المرجعية.. لا تريد المالكي

 معروف للجميع ان المرجعية الدينية في النجف ليست مع السيد المالكي، من يوم اعلانها انها (بح صوتها) من نصح السياسيين.. وما استجابوا، واعلنوا صراحة (ان المجرّب لا يجرّب) وكانوا يقصدونه، بل انها اتهمت بالصريح بان حكومة المالكي فاسدة في خطبة (9 آب 2019) على لسان الشيخ أحمد الصافي تضمنت تساؤلات من جزع ونفد صبره.. عن اموال بـ(ارقام مرعبة).. أين ذهبت؟.. ختمها بتساؤل استفهامي كبير: هل من مجيب؟!

 والتساؤل:

 برغم أن التيار الصدري يحظى بجماهيرية شيعية اوسع من دولة القانون، وبرغم ان المرجعية ليست مع السيد المالكي، وبرغم انه ارتكب ما يعد جرائم يحاسب عليها القانون، وبرغم ان الفساد شاع في زمن حكمه ونجم عنه 13 مليون فقير في سابقة ما حصلت بتاريخ العراق.. البلد الأغنى في المنطقة، فأن السيد المالكي يتحرك في كل الاتجهات ويمارس المساومات والتنازلات ليكون هو رئيس الحكومة القادم..

 والتساؤل: من اين يأتيه هذا التحدي؟!

***

 أ. د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

في المثقف اليوم