آراء

العملية السياسية في العراق.. فشل وتوالي خيبات

قاسم حسين صالحما ستقرأه، ليس مقالا صحفيا بل هو نتائج دراستين علميتين اجريت الأولى في (25 حزيران 2016) واجريت الثانية بعد أربع سنوات في(29/6/2020 )، انطلاقا من ان واجب الأكاديميين تشخيص اسباب الظاهرة بدراسات تستوفي شروط المنهج العلمي من حيث الصدق والموضوعية، تخرج بتوصيات يعتمدها المعنيون بالشأن السياسي بهدف دعم عملية الأصلاح وتأمين نجاحها، بعد ان ثبت ميدانيا وجماهيريا ان فشل العملية السياسية في العراق كان هو السبب في كلّ ما اصاب العراقيين من فواجع وما حلّ بالوطن من خراب، وان على الحكومة المقبلة ان تغير مسار سكة العملية السياسية القائمة على المحاصصة الى سكة بناء دولة مؤسسات مدنية حديثة..وتأخذ بما يتوصل له الاكاديميون في دراساتهم العلمية.

تعريف

تضمنت الدراستان استطلاعا خلاصته:

ما الوصف الذي تراه ينطبق اكثر على العملية السياسية في العراق ومن بيدهم السلطة، هل هو:

1. لعبة اذكياء استغبوا الشعب؟

2. لعبة اقوياء استضعفوا الشعب؟

3.قضية اشخاص اضطهدهم النظام الدكتاتوري ويرون ان من حقهم الاستفراد بالسلطة والثروة؟

4. عدم او ضعف الشعور بالانتماء الى العراق من قبل المسؤولين الذين يحملون جنسيات اجنبية؟

5.اشخاص يأتمرون بتعليمات دول قوية (امريكا وبريطانيا) واخرى اقليمية؟

6. تعصب او عدم نضج سياسي او مرض نفسي مصاب به العقل السياسي العراقي؟

7. وصف آخر لك ان تحدده.

موجز نتائج

شخصت الدراستان اهم اسباب فشل العملية السياسية بعد (2003) بالآتي:

* تعصب اوعدم نضج سياسي او مرض نفسي مصاب به العقل السياسي العراقي،

* عدم او ضعف الشعور بالانتماء الى العراق من قبل المسؤولين الذين يحملون جنسيات اجنبية ،

* اشخاص يأتمرون بتعليمات دول قوية (امريكا وبريطانيا) واخرى اقليمية.

* قضية اشخاص اضطهدهم النظام الدكتاتوري ويرون ان من حقهم الاستفراد بالسلطة والثروة.

* لعبة اقوياء استضعفوا واستغبوا الشعب.

وعزت نتائج الدراستين اسباب الفشل الى فريقين:الشعب لأنه مجتمعِ متفكك يرغب بالفوضى وطرق العيش العشوائية والتسلق على أكتاف الضعفاء، والأنجرار للميول الدينية والمذهبية والعنصرية الكاذبة، ولفكر بدوي عشائري تسلطي طائفي بثقافة اجتماعية هابطة جائت بفاشلين وافرزت طبقة سياسية هابطة، والسياسيين.. لخلل في تكوينهم المهني والاجتماعي والنفسي، فلا هم سياسيون يفقهون المبادىء ولاهم مهنيون يفهمون كيف تدار الدولة.

التوصيات

قدمت الدراستان توصيات كانت بالنص كالآتي:

- اصدار تشريع او قانون يرتّب عقوبات مادية ومعنوية، بما فيها السجن ضد كل سياسي تتضمن خطاباته تحريضا طائفيا او تعصبا عنصريا او عشائريا.

- قيام وسائل الاعلام ورجال الدين والمؤسسات التربوية ومنظمات المجتمع المدني باشاعة ثقافة المواطنة والتسامح والسلام بين مكونات المجتمع العراقي.

- اجراء استفتاء بشأن اصدار قانون ملزم لا يسمح فيه لمن يحمل جنسيتين الترشيح لعضوية مجلس النواب، او تولي مسؤولية حكومية بمنصب مدير عام فما فوق، بدءا من الأنتخابات القادمة.

- اشاعة الوعي الانتخابي بين الناس وافهامهم بأنهم كانوا أحد الأسباب في توالي الخيبات والحياة البائسة التي عاشوها لأنهم جاءوا باشخاص اتفق الجميع على ان غالبيتهم فاسدين، وان الطريق لحياة كريمة يكون باعتمادهم معايير الكفاءة والنزاهة والولاء للعراق في الانتخابات القادمة.

- قيام القوى العلمانية والوطنية وشباب التظاهرات بتوحيد صفوفها على وفق استراتيجية سياسية واضحة منطلقة من حقيقة ان قوة السلطة الحاكمة تكمن في فرقة هذه القوى، وان توحدّها يشكّل ضغطا على سلطة فاشلة سياسيا لأنها مؤلفة من احزاب لا تملك استراتيجية لبناء دولة.

- اقامة دورات ثقافية لأعضاء مجلس النواب تتضمن موضوعات في سيكولوجيا التعامل مع الازمات واخرى في الصحة النفسية.

توثيق للتاريخ

تضمنت هاتان الدراساتان توصيات خاصة بحكومة السيد الكاظمي في بداية تشكيلها كانت بالنص:

- فرض سلطة الدولة بما يؤمن امتلاكها الأرادة الوطنية وقرارها السياسي واعادة الهيبة للعراق.

- اعتماد الحكمة في التعامل مع مرحلة حرجة وخطيرة مفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها مواجهة مع قوى خارجية واحتراب طائفي سياسي.

- دعوة السيد الكاظمي الى احاطة نفسه بمستشارين في الاختصاصات كافة، يقولون له الحقيقة لا ما يحب ان يسمعه..كسابقيه!

- تأمين انتخابات نزيهة وشفافة باشرف الأمم المتحدة والأتحاد الأوربي ومنظمات حقوق الانسان، بوصفها هي طريق الخلاص من الازمات وتوالي الخيبات.

- و..القيام باصلاحات تزيل التشكيك وتولد اليقين لدى العراقيين، بما فيها تشكيل محكمة من قضاة مستقلين لمحاكمة الفاسدين الذين وصفتهم المرجعية بـ(الحيتان)، واسترجاع المليارات التي نهبوها، وتأمين حياة كريمة في وطن يمتلك كل المقومات لأن يعيش أهله برفاهية.

والتساؤل:

هل ستأخذ بها الحكومة المقبلة..المتوقع أن يشكلها السيد نوري المالكي (اذا ما صار شي!)، ام انها ستواصل الفشل وتوالي الخيبات؟.

***

أ. د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

في المثقف اليوم