آراء

نوري المالكي.. تحليل سيكوبولتك لثمان سنوات من حكمه (3)

قاسم حسين صالحكنا ختمنا الحلقة الثانية بهذا التساؤل:

برغم أن التيار الصدري يحظى بجماهيرية شيعية اوسع من دولة القانون، وبرغم ان المرجعية ليست مع السيد المالكي، وبرغم انه، برأي خصومه ومحللين، ارتكب ما يعدّ جرائم يحاسب عليها القانون، وبرغم ان الفساد شاع في زمن حكمه ونجم عنه (13) مليون فقير في سابقة ما حصلت بتاريخ العراق، فأن السيد المالكي يتحرك في كل الاتجهات، ويمارس المساومات والتنازلات ليكون هو رئيس الحكومة القادم.

والتساؤل: من اين يأتيه هذا التحدي؟!

اليكم نماذج من الذين استطلعنا آراءهم:

  • سالم كاظم:

لأن ولاءه لأيران، ولا يحصل شيء دون موافقتها.

  • الياقوت:

المعلومات التي ذكرتها عن المالكي صحيحة، وهذا ينطبق على الجميع ونحن نعيش الآن أسوأ سنتين..وعودة المالكي أهون الشرّين.

  • ابو سلام:

لا تعتب على شعب تغلب عليه المادة والعنصرية.

  • أخلد سعود:

لأن فلوسنه عنده يلعب بيهن براحته!

  • ماجد فاضل:

الوضع الاقتصادي في زمن المالكي جيد جدا، والفساد حاليا اكثر بكثير من زمن المالكي، والكتل الشيعية وقفت بالضد من المالكي لكي لا يكون قائدا شيعيا..والحقد اعمى.

  • محمود ابو هدير:

مجرّد وقاحه واستفزاز صارخ لمشاعر الناس، انهم فاشلون وفاسدون وباعترافهم هم انفسهم!

  • د. طالب الرماحي:

لأن الشعب لا يستحق أكثر منه.

  • طالب الكيلاني:

أنام ملء جفوني عن شواردها، ويسهر الخلق جراها ويختصم. رحم الله ابا الطيب احمد.

صفقات المصالح

يعيش السياسيون والعراقيون الآن حالة سيكولوجيا المجهول، فهناك من يرى عودة التيار الصدري بنوابه الثلاثة والسبعين في أية لحظة، وهناك من يرى أن قائمة البدلاء جاهزة وسيكونون داخل قبة البرلمان منتصف تموز المقبل بعد انتهاء العطلة التشريعية. وهناك من يرى ان الأطار التنسيقي ما يزال قلقا ان يباغتهم الصدر ويسحب منهم طبق الذهب الذي قدم لهم فيه البرلمان والحكومة، ويفسد عليهم نشوة النصر.

وبرغم ان مكونات الأطار تعيش حالة خلاف وصراع لاسيما بين هادي العامري الذي امتدح ووقف (موقف اجلال واكبار) لموقف مقتدى الصدر، والمنافس الأقوى للمالكي في اختيار رئيس الحكومة المقبلة بحكم ان مقاعده في البرلمان ستكون (44) مقابل (40) مقعدا لدولة القانون، وبرغم أن تيار الحكمة يميل الى اختيار (حيدر العبادي) لرئاسة الحكومة، وبرغم أن المرجعية لا تريد عودة (المجرّب)، فان التحركات والمؤشرات تشير الى ان نوري المالكي هو الذي سيكون رئيس الوزراء القادم..وان الضمانة لذلك هي الصفقات، وأن الصفقة الأصعب والأضمن ستكون بين دولة القانون والحزب الديمقراطي الكوردستاني. دليل ذلك انه اعلن عبر وكالة الأنباء العراقي بأنه (لن يتنازل عن تشكيل الحكومة ومحاسبة الفاسدين)..وطمأن العراقيين بوعده(سنعمل لتحقيق تطلعات الشعب العراقي بالأمن والأستقرار والعيش الكريم)!.

ولأن شخصية المالكي تتصف بالمكر او الدهاء السياسي، فانه سيوافق على اهم طلبات الحزب الكرودستاني، ان لم يكن قد تم التوقيع عليها بين (تثليث بريمر: الشيعة ممثلة بدولة القانون، والسنة ممثلة بتقدم، والكورد ممثلين بالحزب الديمقراطي الكردستاني)..لتؤكد من جديد ان احزاب السلطة بكل تنوعاتها وعبر (19) سنة، لم يرد الشعب في اعتبارتها الا اعلاميا، وان ما يهمها هو البقاء في السلطة والأستفراد بالثروة.

ماذا لو عمل المالكي على تحقيق مطالب مقتدى الصدر؟

يتمتع المالكي بمكر سياسي يدفعه الى أن يتخذ كل الاجراءات التي تسقط رهان السيد مقتدى بان حكومته ستفشل برغم انها ستكون منقوصة التمثيل، ولن يسمح له حتى بفرصة خلق فوضى خلاقة، وسيثبت قوله ان مقتدى (جاهل بالسياسة).وسيدفعه ذكاؤه الى التقاط اهم مطلب جماهيري معلن للصدر المتمثل بالقضاء على الفاسدين، الذي كان السبب وراء انسحابه من العملية السياسية.

فماذا لو ان المالكي اعتمد تجربة سنغافورة بأن يبدأ بتشكيل محكمة من قضاة مستقلين تحاسب الفاسدين بمحاكمات علنية تبث عبر الفضائيات، وفضحهم بجعل الناس تنظر لهم بوصفهم عارا على المجتمع. ولنفترض انه بدأها بفاسد من حزبه (عمليا او اعلاميا)، ولنفترض انه استردّ المليارات لخزينة الدولة، وعمد الى تشكيل هيأة عليا للأعمار فيها اعضاء من قوى تقدمية وشيوعيّن وخبراء واكاديميين ومستقلين.. فما الذي سيحصل؟!

جماهيريا..ستشهد مدن العراق تظاهرات شعبية تصدح فيها أهازيج تشيد بالمالكي، وسيتسابق المحللون السياسيون بوصفه (نلسن مانديلا) العراق، وسترفعه الجماهير الى السماء وتغفر له او تنسى انه لولا الثمان سنوات من حكمه لما كان هناك فساد، ولا خراب وطن و لا (13) مليون عراقي دون مستوى خط الفقر.

ونعود نسأل:

لو ان هذا سيحصل..ما الذي سيحصل للسيد مقتدى الصدر؟.

التوقع السيكولوجي، ان الصدمة قد تدفع السيد مقتدى الى ارتكاب فعل خطير سيصفه كثيرون بانه احمق، وقد يصاب بانهيار عصبي سيما وانه يعاني من مشكلة سيكولوجية شخصية قاسية!، فضلا عن ان سيكولوجية شخصيته واعتباره الأجتماعي والسياسي والديني بوصفه (القائد والمخلّص)..لا تسمح له بتحمل الذلّ والمهانة وقسوة مشاعر الهزيمة.

وبالمقابل، وقد يكون الأخطر:

ماذا لو فشل المالكي، وصدق رهان مقتدى بأن حكومته ستفشل قبل ان تكمل شهرها السادس؟. هل سيفتح باب جهنم على العراقيين، ام انهم سيخرجون من نفق الفواجع وتوالي الخيبات، الى فضاء يبنيون فيه دولة مؤسسات حديثم تليق بهم وبوطن يمتلك كل المقومات لأن يعيشوا فيه بكرامة ورفاهية؟!

***

أ. د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

 

في المثقف اليوم