آراء

التبادل الغير متكافئ

كريم المظفراللغة التي استخدمتها المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، وهي تقرأ خلال ايجازها الصحفي لخبر تلقي الولايات المتحدة تلقت ردا جوابيا من روسيا على طلب أمريكي لتبادل، حاولت من خلالها القاء اللوم على موسكو بشأن تعطيل المفاوضات، حتى قبل ان تعطي رأيها، وقالت ان الرد الروسي " لا تعتبره جديا "، في الوقت نفسه رفضت الكشف عن تفاصيل طلب التبادل الذي عرضته واشنطن على موسكو، وأوضحت جان بيير "تلقينا ردا لا نعتبره جديا، لن أخوض في أي تفاصيل محددة"، وأضافت أن الولايات المتحدة مهتمة بإجراء حوار "بحسن النية" مع روسيا لإطلاق سراح غرينر، التي تحاكم بتهمة تهريب المخدرات، وبول ويلان، الذي يقضي عقوبة بالسجن لعدة سنوات بتهمة التجسس، في أقرب وقت ممكن.

 وكان وزيرا خارجية الاتحاد الروسي سيرغي لافروف، والولايات المتحدة أنتوني بلينكين، قد أجريا محادثة هاتفية — في التاسع والعشرين من يوليو الماضي، ولأول مرة منذ بداية العملية الخاصة الروسية، وناقشا، من بين أمور أخرى، تبادل السجناء، ووسائل الإعلام المحلية، كشفت إن الأمريكيين مستعدون لمبادلة السجين الروسي فيكتور بوت، بالسجناء ببريتني غرينر وبول ويلان، بينما طلب الجانب الروسي ضم مواطن آخر إلى الصفقة.

 وخلال المحادثة، وكما أوضحت سي ان ان، أصر وزير الخارجية بلينكن، على انه من المهم أن تقبل موسكو عرض واشنطن لإطلاق سراح رجل الأعمال بول ويلان المتهم " بالتجسس " ولاعبة كرة السلة بريتني جرينر بتهريب المخدرات، في حين أوضح البيان الصحفي لوزارة الخارجية الروسية بعد المحادثة، أنه "تم اقتراح من الجانب الروسي للعودة إلى وضع المهنية، دون حشو المعلومات المضاربة، والحوار في وضع الدبلوماسية الهادئة"، أمر أوضحه مصدر مطلع رفيع المستوى لصحيفة " إزفستيا "، بأن روسيا لا ترى فرصة لتبادل بول ويلان لبوث، لأن المادة القانونية المتهم بها الأمريكي هي"الثقيلة"، ومع ذلك، لم يتمكن المصدر من توضيح ما إذا كان من الممكن تبادل بريتني غرينر، المدانة بموجب المادة القانونية لحمل زيت الحشيش في الأمتعة، لفيكتور بوث، وحتى الآن، ليس هناك ما هو واضح في هذا الصدد، ولكن السلطات المختصة من الجانبين الروسي والأمريكي تجري حوارا حول هذه المسألة .

 وتواجه بريتني غرينر، عقوبة من خمس إلى عشر سنوات في السجن بموجب المادة لتهريب المخدرات، حيث اعترفت لاعبة كرة السلة في السابع من يوليو الماضي بذنبها بتهريب زيت الحشيش, لكنها أشارت إلى أنها "ليس لديها نية لحمل المخدرات بالأمتعة وليس لديها نية لارتكاب جريمة, لأنها كانت في عجلة من أمرها "، واستشهد الدفاع عن لاعب كرة السلة بشهادة الأطباء كحجة: في الولايات المتحدة، وصفت لها القنب الطبي لتخفيف الألم المزمن.

 وزارة الخارجية الروسية، تشير الى انه في عام 2012، اتهمت محكمة أمريكية رجل الأعمال الروسي فيكتور بوت بمحاولة بيع أسلحة لمتشددين كولومبيين (فارك) وحكمت عليه بالسجن لمدة 25 عاما، وينفي السجين الروسي في الولايات المتحدة جميع التهم الموجهة إليه، مؤكدا أنه كان يعمل في مجال النقل الجوي القانوني، وان رجل الأعمال بول ويلان يحمل جنسية الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأيرلندا، وتم اعتقاله في نهاية ديسمبر 2018، من قبل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي في غرفة في فندق متروبول في موسكو خلال حملة تجسس، لم يتم الكشف عن تفاصيلها، وأدين ويلان بالتجسس، وتم القبض عليه متلبسا أثناء ارتكابه جريمة، وفتحت إدارة التحقيق في جهاز الأمن الفيدرالي في روسيا قضية جنائية ضد ويلان بموجب المادة 276 من القانون الجنائي للاتحاد الروسي ("التجسس")، وفي 15 يونيو 2020، ووجدت محكمة مدينة موسكو، المتهم الأمريكي مذنبا وحكمت عليه بالسجن 16 عاما في سجن مزود بنظام صارم، وهو يقضي عقوبته في موردوفيا في سجن العقوبات رقم 17.

 وفلاديمير زيربينكوف، محامي السجين الأمريكي ويلان، يعلن عن رأيه في عملية التبادل، من غير المجرد من هو أكثر مذنبا، وهو أقل، لذلك ووفقا له، فإن السلطات المختصة في الاتحاد الروسي"لا تنظر" في إمكانية تبادل جاسوس مدني، لأن الاتحاد الروسي لا يعتبر أن تبادل الأمريكي بول ويلان مع الروسي فيكتور بوت متكافئ، لأن مادة الحكم لويلان هي -التجسس- وهذا لا يعني تبادل مدني، وأن ويلان "تم القبض عليه متلبسا, بينما بوت" بريء " , وتم تأطيره من قبل الأمريكيين، وان الهدف الرئيسي للدولتين هو إعادة مواطنيها.

 وفي مجلس الدوما ومجلس الاتحاد، يرون أيضا أنه من السابق لأوانه وضع نقطة أخيرة بشأن مسألة التبادل، ولكن ينبغي أن تتم مع احترام التوازن ومبدأ المعاملة بالمثل، وان الهدف هو نفسه، وان الجانبين عليهما استعادة مواطنيها، وبعد كل شيء، فان لدى موسكو وواشنطن مواقف مختلفة بشأن مسألة من هو أكثر مذنب، ففي روسيا يعتقدون أن الأمريكي ويلان ارتكب حقا جريمة، وفي الولايات المتحدة يؤكدون أن السجين الروسي بوت، قد أدين بشكل معقول، لذلك فإن عملية التفاوض معقدة ومعقدة، ومكتب المدعي العام، والخدمات الخاصة، والدبلوماسيون متورطون هناك، لذلك من الصعب دائما القول بشكل لا لبس فيه، وعلاوة على ذلك, لقد دعي دائما للتبادل وعرضت خيارات مختلفة, والآن الأميركيين هم بدأوا، والسؤال , لماذا الان؟، وأرسل دفاع ويلان التماسات إلى المحكمة العليا في موردوفيا أربع مرات على الأقل لتسليم موكلهم إلى الولايات المتحدة، ومع ذلك، رفضت المحكمة النظر في الالتماسات، وأشار زيريبينكوف، أنه أجريت مفاوضات حول تبادل محتمل بين روسيا والولايات المتحدة مرارا وتكرارا، وعندما سؤل عما إذا كانت هناك أي تطورات في قضية تبادل السجناء، أشار محامي بوت، أليكسي تاراسوف إلى أنه لا يوجد مثل هذا حتى الآن.

 أن موضوع التبادلات دائما ما يكون شخصيا للغاية، لأن الإجراء يمكن أن يتبع أي مخطط، وان هذا دائما اتفاق بين البلدين، ولا توجد قواعد محددة بوضوح، لذلك، تقول عضو لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية ماريا بوتينا، " علينا أن نفهم أنه إذا كنا نتحدث عن تبادل ثنائي مقابل اثنين—وأعتقد أن مثل هذا الخيار فقط ممكن—فبالإضافة إلى فيكتور بوت، قد يكون الروس أيضا مسجونين حاليا في دول الناتو، لأن الولايات المتحدة تضع نفسها كلاعب يسيطر على الكتلة".

 وموسكو وبحسب وسائ اعلام غربية طلبت من واشنطن إدراج مواطن آخر في قائمة التبادل، بالإضافة إلى فيكتور بوت، وهو روسي يدعى فاديم كراسيكوف، الذي يقضي عقوبته في ألمانيا، حيث اتهم بقتل المواطن الجورجي زليمخان خانجوشفيلي، بعد ذلك، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن الولايات المتحدة تصر على اقتراحها لتبادل المدانين مع روسيا وتدعو موسكو إلى أخذها على محمل الجد، في الوقت نفسه، وصف المسؤول الأمريكي إدراج روسي آخر في قائمة التبادل بأنه" تافه "، في حين أعربت ماريا بوتينا عن اعتقادها أن هذه القائمة قد لا تشمل فقط كراسيكوف، المدان في ألمانيا، ولكن أيضا كونستانتين نيكولين، الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة في ليتوانيا، وأوضحت " يتم النظر في مثل هذه الخيارات".

 البرلمانية الروسية تشدد على خطورة الوضع، ولأن (نيكولين) هو جندي سوفيتي، أدين دون سبب كمجرم نازي مدى الحياة، تعرب عن اعتقادها أن هذا الترشيح منطقي، وخاصة في ضوء الترويج للأجندة الروسية لصحة التاريخ، ووفقا لها، فإن مهمة الولايات المتحدة هي "التفاوض مع دول الناتو على بعض الشروط وتلبية روسيا في منتصف الطريق، ولكن في الأساس، ان التبادل ينبغي أن تتم في الامتثال للتوازن "، ومن جانبه يؤكد رئيس اللجنة الدولية لمجلس الاتحاد غريغوري كاراسين أنه لا يوجد قرار نهائي بعد، كل التفاصيل الدقيقة للتبادل هي موضوع المفاوضات، في الوقت نفسه، إنها إشارة جيدة على استئناف الحوار مع واشنطن حول هذه القضية، ومع ذلك، لم يوضح كاراسين ما إذا كان من الممكن استبدال بريتني جرينر، المدانة بحمل زيت الحشيش في الأمتعة، بفيكتور بوت، وقال " حتى الآن، ليس هناك ما هو واضح في هذا الصدد "، ولكن السلطات المختصة من الجانبين الروسي والأمريكي تجري حوارا حول هذه المسألة .

 وقال كاراسين " دعونا نرى ما سيحدث، ذلك يعتمد على النفعية، على ما يريده كلا الجانبين، أعتذر عن مثل هذه الحقيقة البديهية"، لكن من المهم أن يكون الاتصال بين الولايات المتحدة وروسيا قد حدث، وهذه برأيه علامة مشجعة على أن الأمريكيين سيعودون إلى رشدهم ويبدأون في التواصل مع شركائهم بطريقة حضارية، وليس من خلال العقوبات المباشرة، ولكن من خلال المحادثات ومناقشة الموضوعات، معربا في الوقت نفسه عن دهشته من أن الولايات المتحدة "أعلنت على الفور" كل تفاصيل المفاوضات، لأنها عادة ما تعني مثل هذه الأشياء بالسرية، وخاصة المحادثات على مستوى وزراء الخارجية .

وعلى الرغم من ان وحتى هذه اللحظة لم يؤكد أنتوني بلينكين بعد إمكانية تبادل بوت بمواطنين أمريكيين، والقول انه "لا يستطيع ولن يدخل في أي تفاصيل عما نقدمه للروس منذ أسابيع عديدة "، أكد ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إنه "لا يوجد اتفاق بشأن هذه القضية حتى الآن."

***

بقلم الدكتور كريم المظفر

 

في المثقف اليوم