آراء

سينهض من صميم اليأس جيل

مريد البأس جبار عنيد

يقارب ما يكون بما يرجى

ويعطف ما يراد لما يريد

محمد مهدي الجواهري

عندما احتل العراق عام 2003 من قبل القوات الأمريكيه والبريطانية وما يسمى بقوات التحالف الغربية، وحل الدمار والخراب وماسمي (بالفوضى الخلاقة)، من تدمير لدولة العراق التي مضى على انشاءها قرن من الزمن وقامت الدول بإعداد دستور لدولة العراق وقوانين ملزمة في كل مجالات الحياة وخاصة أن حضارة العراق وما فـي مسلة حمرابي اله يسلم حمرابي قوانين استفادة منها البشرية في سن دساتيرها والقوانين الوضعية، وجاء بعد الاحتلال حاكم أمريكي مدني شكل مجلس حكم من الشيعة والسنة والكرد، وبعده جاءت حكومات شكلت بعد انتخاب رئيس للجمهورية الياور وانتخاب مرشح من قبل مجلس النواب لرئاسة الوزراء واختيار وزراء بما تقتضيه ما يسمى بالمحاصصة الطائفية والقومية، والتي أصبحت عرفا لاحقا، وجاء في رئاسة الوزراء حسب التسلسل: أياد علاوي، وإبراهيم الجعفري، ونوري المالكي للدورتين متتاليتين، حيدر العبادي، عادل عبد المهدي واخيرا مصطفى الكاظمي، وخلال مايقرب من أكثر من تسعة عشر سنة ومعانات الشعب العراقي تزداد يوما بعد آخر الجوع والمرض والجهل والظلام، وهذا يعني أنهوا الزراعة والصحة والتعليم ولاكهرباء ولا ماء صالح للشرب بقي شعبنا بدون مدرسة وبدون مستشفى وبدون زراعة واقتصاد العراق اقتصاد ريعي يعتمد على تصدر النفط واعتماد الخزينة في الموازنة على خزين الثروة من تسديد مرتبات الموظفين والعاملين في الدولة، وثروة الشعب تسرق من قبل الأحزاب الدينية الحاكمة ضمن المحاصصة وكذلك تحول العملة بالدولار إلى أيران من قبل الذيول، علما بأنهم يعرقلون انشاء صناعات والاهتمام بالزراعة من أجل ان يبقى العراق مستورد كل أحتياجاته من أيران وتذهب العملة الصعبة إلى أيران، وهناك دورا في هدر المال العام عن طريق المكاتب الاقتصادية للأحزاب كل في الوزارة التي يهيمن عليها هذا الحزب او ذاك، وعندما وصل السيل الزبى انتفض الشعب في تشرين الثاني عام 2019 وقدمت أكثر من 750 شهيدا وأكثر من ثلاثون الف حريحا ومعاقا حتى تحقق بعض المطاليب لها ومنها انتخابات مبكرة،

كان التناغم لضرب العراق واحتلاله من قبل أنظمة في المنطقة والتعاون والتنسيق مع القوات الأمريكيه والبريطانية وما يسمى بقوات التحالف الغربية، ومن هذه الأنظمة السعودية وأيران وذلك للثأئر من النظام العراقي الذي قاتل أيران ثمان سنوات ودخل الكويت وهدد السعودية، وهذا ما أكده الإيرانيين: ابطحي وخاتمي ورفسنجاني مقولة (لولا طهران لما سقطت كابل وبغداد).

واليوم نجد التدخلات الإيرانية بالشأن العراقي من خلال الضغوط التي مارسها رأس النظام الإيراني المرشد علي خامنئي وذلك بالضغط على مقتدى الصدر لكي يستجيب للقاء مع الإطار التنسيقي والذي يضم مجموعة ذيول ايران من نوري المالكي وهادي العامري، وحيدر العبادي وعمار الحكيم وقيس الخزعلي وفالح الفياض، وهولاء ممن يسيروا في الفلك الإيراني ولديهم مليشيات مسلحة، وكان النظام الإيراني قد أرسل قائاني مسؤول جيش القدس وخليفة قاسم سليماني في الهيمنة على الملف العراقي، لكن مقتدى الصدر لم يستجيب لمطاليبهم وأصر على المطالبة بحل البرلمان والتحضير للانتخابات مبكرة، وكان رد مقتدى بتغريدة (لا شرقية والغربية) وطلب منهم عدم التدخل بالشأن العراقي، ولكن المرشد علي خامنئي أمر كاظم الحائري والذي كان يقلده مقتدى الصدر حسب وصاية والده محمد محمدصادق الصدر، والحائري هو يسكن مدينة قم في ايران وهو إيراني الجنسية وقد طرد من حزب الدعوة بتهامهم له في سرقات مالية، وطلب الخامنئي من الحائري أعتزاله عن العمل الديني والفقهي وطلب من مقليديه أن ينقلوا تقليدهم إلى المرشد علي الخامنئي، وهنا طبعا المقصود من ضمنهم مقتدى الصدر، وبعد رفض مقتدى الصدر، شنت الصحف الإيرانية هجوم على مقتدى وتياره الصدري،

طبعا لا يوجد عرف في الحوزة الدينية أن يعتزل رجل الدين عن مهماته الدينية ومنها التقليد والفتوى كما هو في عرف التشيع، ورغم الضغوط التي مورست على مقتدى الصدر لم يستجيب لهم وإنما صرح بأن يطلب من رجال دين عراقيين أقحاح أن يقلدهم وذكر اسم اية اللة أحمد الحسني البغدادي والمعروف بمواقفه الوطنية واجتهاده في العلوم الدينية والثاني اية الله كمال الحيدري وفاضل المالكي لحين عودتهم إلى العراق هكذا جاء في تعميمه إلى سرايا السلام، وان يكون بحل من وصية والده محمد محمد صادق الصدر حول تقليد كاظم الحائري .

واليوم وبعد أن انتهت عشرة أشهر على الانتخابات والسجال وتراشق الاتهامات وحتى إستخدام السلاح وسقوط عدد من الشهداء والجرحى الذين كانوا معتصمين في المنطقة الخضراء من أجل مطاليبهم، أن عملية البت في القضايا الدستورية هي من مهام القضاء العراقي والمحكمة الدستورية هي الفيصل في البت في تفسير فقرات جاءت في الدستور العراقي حول الصلاحيات المناطة بحل مجلس النواب العراقي والشروع في التحضير للانتخابات المبكرة.

كل هذه الحلول الترقيعية لم تقف أمام مطاليب جماهير الشعب العراقي التي سئمت من حكومات حكمت العراق ما يقرب العشرين عاما دون أي انجاز يذكر سوى تخريب وتهديم ما تم بنائه خلال مئة عام من قيام الدولة العراقية .

أن شعب العراق وأبنائه المخلصين يعولون على استكمال طريق ثورة تشرين المجيدة (نريد وطن) ولكن اليوم ستكون أفضل من السابق مستفدين من تجربة تشرين عام2019 في وضع برنامج لها:

إلغاء العمل (بدستور فلدمان) الذي يتضمن المحاصصة الطائفية والقومية ووضع دستور المواطنة، على أن يكون دستور يصوغه أساتذة القانون الدستوري من الاكاديميين العراقيين والمتخصصين في الشأن القانوني.

إعداد قانون انتخابي يأخذ بنظر الاعتبار النصوص التي ستكون ضمن الدستور الجديد على أن يتضمن عدم مشاركة الأحزاب الدينية وكذلك الأحزاب التي لديها مليشيات مسلحة، وكذلك تشكيل مفوضية مستقلة بعيدة عن المحاصصة الطائفية المقيتة، ومن شخصيات تتمتع بنزاهة . وبعد إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة وطنية تضم أصحاب الكفاءات كل في مجال عمله، وتوضع الخطط من أجل إعادة البناء في كل المجالات الصناعة والزراعة والصحة والتعليم والسكن ومتطلبات المواطن في العيش الكريم، وهنا يتم الكشف عن الفساد المالي والاداري وتقديمهم للقضاء العدل واسترجاع أموال الدولة التي نهبت عن طريقهم من البنوك لدول الجوار والدول الأخرى، وهذا يجب جلبهم يتم عن طريق الإنتربول الدولي وذلك بإقامة الدعوى ضد المعني وطلب تسليمه للقضاء العراقي .

اما مايجري اليوم من خلافات بين التيار الصدري وكذلك الإطار التنسيقي وصلت إلى حد تبادل الاتهامات ومحاصرة بناية مجلس النواب العراقي لمنع النواب من الدخول إلى باحة المجلس وعقد جلسة لتقديم مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني وهو معروف وزير اليوم في حكومة الكاظمي وسابقا وزير في حكومة المالكي وهو محسوب على حزب الدعوة، ولكن التيار الصدري يعرف ذلك وأصر على أقامة حكومة وطنية، على أن لايشارك فيها من الفاسدين ولم يكون قد سبق وإن كان قد شارك في الحكومات السابق، ومطلبهم الرئيس هو حل البرلمان وأجراء انتخابات مبكرة، والحلول تكمن في معالجة جذور التي ادت في هذه الإشكالية ومن هنا نؤكد على المطاليب التي أطلقها ثوار تشرين ومنها كتابة دستور جديد، دستور المواطنة وليس دستور المحاصصة الطائفية والقومية، ووضع قانون انتخابي جديد، وكذلك مفوضية انتخابات مستقلة وليس مفوضية محاصصة طائفية، وهذه المطاليب سوف تطرح من قبل تشرين في انتفاضتها التي سوف تكون أكثر تنظيما وفق برنامج جماهيري واسع يتضمن كل المطاليب، وبهذا تنتهي مشكلة الانسداد السياسي وفق وجود حكومة تضم وجوه وطنية وأكاديمية تأخذ على عاتقها بمهمة تشكيل حكومة مؤقته لمدة سنة حتى تنفيذ المطاليب المطروحة من قبل انتفاضة تشرين المجيدة لعودة العراق ليأخذ دوره الطليعي في بناء العراق الجديد دون سفك الدماء، عراق ذو سيادة ودون تدخل في الشؤون الداخلية من قبل الاحتلالات القائمة.

***

محمد جواد فارس

طبيب وكاتب

في المثقف اليوم