آراء

أين مسرح الهواة بطبعته الخليجية؟

عوْد للبدء: دفاعا عن شرعية الفعْل المسرحي، الذي كانت الأغلبية تدافع عنه باستماته؛ وبدل الجهد، من أجل إشراقته؛ وتقوية صولته في النسيج المجتمعي (لكن) لا خلاف بأن (الآن) أقلام المسرحيين في المغرب، جَفت وانكسَرت أمام الدعْم والريع والصدقات المالية من هنا وهنالك ! لأنه تبين أن أغلبهم (مؤسف) ضعاف النفوس ومهرولون أمام (دريهمات) من حقهم الاستفادة من التعْويضات، ولكن بشرف وعزة نفس؛ وليس تحْت الطلب (المجلات الخليجية) وبالاستعطاف والتملق (المهرجانات) وبالتنازلات والانبطاح (لجن الدعم/ التحكيم) وهاته المسلكيات و الانحرافات الكامنة في النسيج الثقافي/ الفني؛ لم نختلقها أوهي شطحات لتبرير حمولة وهدف [المقالة] بل هي مكشوفة وطفت بشكل مفضوح وعارٍ بعد الدعم المسرحي (الثالث /2000) بحيث العديد من الصرخات تمت وفضحت ما يروج في الكواليس؛ ولكن ليست محايدة بل (ذاتية) بحكم أنها لم تنل حقها من "صندوق العمل الإجتماعي" وأمامنا رسالة لجنة الدعم المسرحي سنة2017 وردت على أعقاب (1) الذي يستند على “تقرير لوزارة الثقافة والاتصال حول واقع الدعم المسرحي” ويوجه العديد من الانتقادات للجنة الدعم على أساس أنها مصدر عدد من هذه الاختلالات. وبالتالي: وإذ تتأسف اللجنة للمستوى الهزيل الذي وصلت إليه معارك تصفية الحسابات الضيقة هنا وهناك، وفي ظل صمت الوزارة رسميا عن تفنيد أو إثبات العديد من المزاعم التي تمس الساحة الثقافية بصفة عامة والمسرحية بالخصوص، ودفاعا عن نزاهة ومصداقية أعضائها فإنه تضطر إلى توضيح المغالطات التي وردت في المقال المشار إليه أعلاه (2) فالذي يهمنا من كل هذا[صمت الوزارة] + [الاختلالات بشأن آلية الدعم المسرحي] التي لم تتعَدل؟ ولاسيما أن الرسالة تشير كما:أشار المقال إلى أن “مهنيين” في المجال المسرحي رصدوا مجموعة من خلال السنوات الأخيرة وذلك حسب “تقرير لوزارة الثقافة والاتصال”. إلا أنه لم يوضح من هم هؤلاء المهنيون. هل هم أشخاص معينون معروفون؟ أم نقابات؟ أم جمعيات مهنية؟ هل هم من المستفيدين من الدعم؟ أم من غير الحاصلين عليه؟ (3) لحد اليوم ! لم تتِم الإجابة على ذلك؟ وبالتالي فالمسرح في المغرب يعيش أوضاعا سوريالية؛ من الصعب فهمها أو القبض على عتبة خيوطها؛ إذ مؤخرا ومن باب التحصيل حاصل: عبر عدد كبير من الفنانين المغاربة خاصة المنتسبين منهم إلى قطاع المسرح.عن غضبهم الشديد ورفضهم المطلق للمبررات التي ضمنتها لجنة دعم المشاريع المسرحية في قرار رفض دعم عمل مسرحي ل "رشيد العدواني"(4) وبالتالي ما يهمنا هاهنا [استنكار ثلة من المسرحيين] لكن قبل ما(يَهمُّنا) فلقد تفاقم الوضع بعْد دخول المسرح الخليجي على الخط، ويمكن الاعتراف بهذا، وبدون حَرج. وإن كان الحرج انعدم و لم يعُد له وجود محقق في المشهد المسرحي؛ باعتبار أن القاعدة " الأخلاقية" تعَطلت أمام الإغراءات المادية والسفريات إلى [شط العَرب]والتي لم يحلم بها (ذاك) الفنان !! وبالتالي فمن الصعْب أن يكتسب (المسرحي) آلياته ويجددها للدفاع عن المسرح الذي نريد؟ ممارسة / فعالية / تنظيما / طبقا للتحولات المجتمعية والتكنولوجية والتواصلية؛ ورقمنة العالم؛ وفي هَذا السياق هل استنكار وغضب ثلة من المسرحيين يخدم الذاتَ والذوات َأم الموضوع المحايث للفعل المسرحي الفعال؟ في تقديري فالإجابة تكمن في تواريخ الاستفسار؛ وفي تشطيب على اسم رئيس لجنة الدعم المسرحي؟ لأن هنالك العَديد من القضايا التي كانت و لازالت تحتاج للاستنكار والغضب والرفض أو إلى نقاشات جادة ومسؤولة، مثل أين مسرح الشباب؟ أو لماذا الإنزال الذي أحدثته الهيئة العَربية للمسرح تجاه [مسرح الهواة]؟...؟

بين الإنزال والنزول:

كما عبرنا ما مرة: بأن أية إضافة نوعية في المشهد المسرحي والفني فهي ضرورية ومحمودة ومبارك بتفعيلها، لأن المهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية، تقليد سائد في كل دول العالم. ويساهم في الحراك المسرحي نفسه ترسيخ هذا الفن الانساني الذي يفوق الطاقة الانسانية اعتبار أن التفاعلات الابداعية والثقافية بين الفاعلين فيما بينهم وبين المنفعلين والمهتمين جزءا لا يتجزأ من الحراك الاقتصادي والاجتماعي محليا وجهويا وعالميا(5) وعموما فهي مكسب لا غنى عنه. ولكن بأهداف ونوايا تخدم الفعل المسرحي؛ بدل تسميم الأجواء؛ وخلق وضع فني ملتبس؛ ينحو نَحو الإغراءات والصفقات وتشكيل اللوبيات،،، ولاسيما:أنه إذا انعدمت الموهبة فإننا ننتج “أعمالا” تنضح بؤسا وإدقاعا فنيا. وإذا ما حصلنا على دعم مالي، فإننا ننتج “أعمالا” أكثر بؤسا؛ فالمال لا يُمكن من شراء الخيال أو التخييل أو الإبداع، وإن كان يمكن من شراء الآليات والمواد الأولية(6) هاته الحقيقة أدت باغتيال مسرح الهواة في ظروف (؟؟) ولقد أشرنا لذلك (7) ولا أحد من المسرحيين كان في الموعد برأيه وموقفه، لأنهم أصبحوا في شق(الاحتراف) وفي (النقابات) وفي (لجن الفرز والدعم) وفي(دهاليز مسرح الخليج) ونحن يعتبرنا البعض (خارج السرب) كناية مقبولة؛ لأننا نحن نكتب للتاريخ؛ وليس للقطيع،ايمانا بما آمن "ديونيزوس" وليس بما آمن " فاوست " أو " بروتس" قاتل قيصر؛ وفي هَذا السياق، أشرنا للإنزال الذي أحدثته الهيئة العربية للمسرح جوانية (مسرح الهواة) في دورته الأولى بمراكش(28/09/ إلى02/10/2018) والثانية بمدينة آسفي(27/09/ إلى 01/10/2019) بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال؛ وإبان الأشغال وبعدها: يلاحظ وبشكل جلي صمت مريب وإحجام أصوات وأقلام المسرحيين على تقييم علني لدوراتيه، ومحاولة كشف خبايا هذه التظاهرة التي لا تمتلك أسباب النزول (!) وهو أمر موكول إلى رغبة الذين يطبلون للمسرح في الموائد والمنابر تلافيا للعْنة وغضب من يدبر خيوط الهيئة. الشيء الذي قد يحرمهم من إمكانية استضافتهم أو استفادتهم [الدولارية] وهل يستطيع أن يصرح من هم منتسبين للمسرح (الاحترافي) وينالون الدعم والترويج؛ سبب تواجدهم في رحاب ما يسمى مسرح الهواة (د/2) بآسفي كفاعلين ومساهمين؟؟ (8) والأخطر من كل هَذا فمسرحيو (آسفي) أصدروا بيانا مُرفقا بوقفات احتجاجية؛ جراء إقصائهم من التظاهرة وفي عقر دارهم؛ ولا أحد ساندهم: لم تتحرك النقابات المسرحية، مادامت مطروحة في البيان، هل الأمر لا يعنيها مادام (هو) مهرجان لما يسمى (الهواة)؟ لكن الحيرة الواردة لماذا بعض أعضائها انوجدوا في فضائه ودواليبه وساهموا بشكل أو آخرفي محاولة إنجاحه، ولم يعط النتائج المتوقعة ورغم ذلك نالوا حقهم من (الدولار) لأن هناك اتفاقيات مع الهيئة العربية للمسرح ! مما تم إغفال طرح المقتضيات القانونية والتنظيمية ولو بسؤال كترويج: هل الجمعيات المشاركة في مهرجان الهواة- الدورة (2) تابعة: لوزارة الثقافة والاتصال؟ أم لوزارة الشبيبة والرياضة؟ أم للهيئة العربية للمسرح؟ أم للنقابة الوطنية للمسرح؟ أم لوزارة السياحة؟ أم للمجالس البلدية؟ أم لأحزاب سياسية؟ وفي نفس الحدث لا أحد تساءل عن دخول الهيئة العَربية للمسرح على خط المسرح المغربي، ولماذا أمست تحَوم على مسرح (الهواة) هنا في المغرب/ موريطانيا / فلسطين/ الجزائر/ الأردن/هل لأن الكل أصبح بقدرة قادرتابعا لها، باخسا تمواقفاته وإرادته وشخصيته؟(9) فمن باب الإضافة النوعية؛ جميل أن تتم الشراكة والتعاون للنهوض بالمسرح العربي" عموما" وذلك بجعله ورشا مساهما في التنمية، في ظل صناعة ثقافية حقيقية؛ لكن شريطة الشفافية ومبدأ الوضوح و تحقيق الفرص بين الفاعلين؛ وأن يكون الإنزال ذو أبعاد استراتيجية وليس نزوة واستحكاما للذات(بمعنى): فالاحتجاج الذي وقع في مدينة آسفي كان بالإمكان أن يعالج بالحوار والشفافية بحيث: كيف رفض الإعتذارعن الإقصاء والتهميش وهو في مقام [مدير إدارة المهرجانات]؟ لكن كما يقال الحقيقة تظهر من زلة اللسان، بحيث تبين حسب قوله أنه صاحب فكرة إنزال مسرح الهواة بصيغة - الهيئة العربية للمسرح – مؤكدا بالقول الصريح: أردنا أن نرجع للهواة شأنهم وقيمتهم؛ فقبلت الهيئة العربية مقترحنا؛ حتى أن وزير الثقافة رحب بالفكرة وأكد على إرجاع مسرح الهواة من جديد (10) ولكن رجوعه تم بممارسة قطيعة مع الاستمرارية؛ وهَذا نوع من العبثية الناتجة عن إصرار تمظهر الذات خارج سياقها؛ وبالتالي بعيد اجتياح فيروس كورنا الذي أوقف كل الأنشطة الثقافية والاقتصادية والسياسية؛ وانقشاع بصيص العودة للحياة الطبيعية؛ طرحنا سؤالا في إطار بحْث مفاده [مهرجان مَسرح الهواة: تأجيل أم إلغاء؟؟](11) فلا رد ولا جواب ولا توضيح من لدن المساهمين ولا من مدير إدارة المهرجانات؟

صمْت الوزارة:

أشرنا لصمت الوزارة تجاه ما ورد في "اختلالات في آليات دعم المسرح" وحسب رسالة لجنة الدعم(2017) ونؤكده هاهنا في باب الدورة الثالثة لمسرح الهواة، من خلال بلاغ الوزارة الذي يؤكد بالحرف[أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة عن فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة الثالثة للمهرجان الوطني لهواة المسرح المزمع تنظيمها بمدينة آسفي خلال الفترة ما بين 7 و10 أكتوبر المقبل]... [يشار إلى أن الدورة الثالثة للمهرجان الوطني لهواة المسرح تنظم بتعاون مع الجماعة الحضرية لآسفي] (12) ولكن أين الهيئة العربية للمسرح من الشراكة والتعاون؟ وهل هنالك ملفات خفية بين الإنزال والنزول (الانسحاب)؟ لأن مجلة الهيئة، لم تشر لبلاغ الوزارة؛ ولا وجود له في صفحاتها وموقعها؟ وبالتالي لم تدخل وزارة الثقافة على الخط، لتبديد أي لبس من شأنه أن يعَمق مساحات التأويل. بين الإنزال والنزول على الأقل بتوضيح ديبلوماسي يشرح من خلاله هل الهيئة العربية التي كانت في الدورتين؛ لازالت شريكا في الدورة الثالثة، أم لا؟ ولكن حتى المسرحيين وخاصة المهرولون وراء الهيئة؛ لم يطرحوا ولو سؤالا عابرا على جداريتهم أو تدويناتهم لأننا: نعْلم أن هناك أصوات لطبالين وهتافّين وأبواق ستنبري لتدافع عن مصدر رزقها وسياحتها وهذا لن يثنينا عن عزمنا لأننا نتكلم بدافع الحرص والانتماء الى كيان عربي نجده مهما وضروريا للحفاظ على وهج الابداع العربي حرا؛ دون تحجيم واثقا دون تقزيم، طليعيا دون قيود، يدفعنا ويلح علينا ما يحدث في أوطاننا العَربية اليوم من عنف وتحزب واقتتال وضعف ونكوص(13) ففي ظل هذا التصريح، نكون أمام إشكالية أعمق؛ مفادها عدم فهم ما يروج في الكواليس؛ وهل الهيئة انسحبت فعلا من المشهد المهرجاني؟ ولماذا؟ ولاسيما أن صمت الوزارة يذكي عدم الفهم؛ بحيث كان المهرجان سيقام ما بين [7 و10 أكتوبر2022] ولم تتم أشغاله؛ فما هي الأسباب و الدواعي؛ لآ أحد يعلم؛ وإن كانت الوزارة أو المجلس البلدي بآسفي، ملزمان بوضع المهتمين المسرحيين وجمهور آسفي – تحديدا- في الصورة بكل شفافية ومسؤولية، وهل هنالك تأجيل للمهرجان أم إلغاء؟

****

نجيب طلال

...................

الإستئناس:

1) انظر لجريدة الصباح ع/ 5394 في 25/08/ 2017 / ص13- مقال بعنوان “اختلالات في آليات دعم المسرح”

2) انظرلجريدة بيان اليوم في 10 /09/ 2017 توقيع عن اللجنة الرئيس: حميد الزوغي /المقرر: عبد الجبار خمران

3) نفسه

4) بعد ضجة" طوطو" وزارة الثقافة تثير الجدل لرفضها دعم عرض مسرحي قالت إنه يخدش الحياء- لعبد الاله بوسحابة - صحيفة أخبارنا بتاريخ 03/10/2022

5) حربائية في مهرجان هواة المسرح بالمغرب!! لنجيب طلال صحيفة – ديوان العرب في 07/10/2019

6) مكاشفة مع الطيب الصديقي: أدار الحوار: عبد العزيز جدير نقلته مجلة الفرجة عن أكاديميا في23 مايو، 2016

7) من أهدر مسرح الهواة المغربي لنجيب طلال مجلة فنون مسرحية بتاريخ 12/05/2018

8) مهرجان الهواة بين الغواية والهاوية – لنجيب طلال صحيفة: الحوار المتمدن-ع: 6377 – في 12/10/2019

المحور: الادب والفن

9) حربائية في مهرجان هواة المسرح بالمغرب!! لنجيب طلال صحيفة – كفى بريس في 07/10/2019

10) مهرجان الهواة بين الغواية والهاوية - الحوار المتمدن-

11) انظر لمجلة الناقد العراقي- بتاريخ - 2020/09/26

12) البلاغ منشور في العديد من المواقع وفي موقع الوزارة وفي – المنارة- # حرر في 9 /شتنبر/ 2022/

13) الهيئة العربية للمسرح وحلم الإبداع العَربي...حقيقة مخفية وتداع متسلط...!! لعواطف نعيم (كاتبة ومخرجة مسرحية عراقية) منشور في مجلة الفرجة: بتاريخ - 14/ أكتوبر / 2022/

في المثقف اليوم