آراء

الاهمية الاقتصادية والعسكرية لأحواز ايران.. ورقة تاريخية

يعود تاريخ عربستان (الأحواز) إلى عهد العيلاميين (4000 ق.م) الذين كانوا أول من استوطنها، وقد خضعت للبابليين ثم الآشوريين، كذلك اقتسمها الكلدانيون والميديون من بعدهم، ثم غزاها الأخمينيون وخضعت للساسانيين، وقبل الفتح الإسلامي كانت جزءا من دولة المناذرة، فيما كانت تحت حكم الكعبيين منذ عام 1724م لغاية تعرضها خلال عام 1925 للاحتلال الإيراني، بعد أن تحالف شاه إيران (رضا بهلوي) مع البريطانيين الذين قاموا باختطاف أميرها الشيخ خزعل الكعبي وسلموه للإيرانيين، الذين أعدموه وفرضوا سيطرتهم على إمارة عربستان، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن تجري محاولات إيرانية دؤوبة وشديدة القسوة لمحو الطابع العربي عن عربستان التي أطلقت عليها تسمية خوزستان.

اسم عربستان يطلقه غير العرب على الأرض العربية المجاورة لهم فأطلق الأتراك اسم عربستان على سورية لاسيما القسم الشمالي منها، ونرى ذلك في التقويم الذي أصدرته الحكومة في الاستانة سنة ۱۸۰۹ أن اسم الفيلق المرابط في سوريا (عربستان أو ردوسي). وتقع عربستان إلى الجنوب الشرقي من العراق وهي بذلك تكون نهاية الطرف الشرقي من الهلال الخصيب، الذي يبدأ عند السهول الفلسطينية مارا ببلاد الشام والعراق، وتحتل القسم الشمالي الشرقي من الوطن العربي، وهي تشكل منطقة حاجزة بين الوطن العربي آسيا العربية والقسم الغير العربي من قارة آسیا ومعناها بلاد القلاع والحصون. إن منطقة عربستان هي النهاية الطبيعية لسهل العراق الرسوبي (السهل الفيضي) ذي التربة الغرينية الخصبة، والذي تتوافر فيه المياه الجزيرة . فسهل عربستان من حيث تكوينه وطبيعة أرضه يُعدّ امتداد للسهل المنخفض الموجود في جنوب العراق، وهو مشابه لأراضي العراق الجنوبية التي هي جزء من نطاق اليابس الحديث التكوين، ويكون بصورة عامة سهلا منبسطة شأنه شأن المناطق التي تكونها ترسبات الأنهار، وقد تكون هذا السهل الرسوبي نتيجة للترسبات التي جلبتها مياه الأنهار. ونهر الكرخة وكارون، يعدان من أعظم الأنهار القادمة من المرتفعات الشرقية تكويناً للدلتات. وقد كونا دلتاهما بسرعة تفوق سرعة امتداد دجلة والفرات، وبينما كان نهرا دجلة والفرات يرسبان الطمى كان نهر کارون يصب مياهه الغرينية في ملتقى نهري دجلة والفرات وبهذه الكيفية كان عاملا أساسيا في تكوين الأراضي المرتفعة نسبيا الممتدة من البصرة في اتجاه الشرق .

وقد كانت إحدى الوحدات السياسية الصغيرة التي تحفه بشبه الجزيرة العربية، إلا أننا لا نستطيع أن نتحدث عنها كإقليم قائم بذاته، فهي امتداد طبيعي لسهول وادي الرافدين ومتصلا اتصالا يكاد يكون تاما من النواحي الجغرافية والاقتصادية والبشرية والتاريخية. وعربستان محصورة بين خطي عرض ۳۰، ۳۳° شمالا، أما بالنسبة لخطوط الطول فتقع بين 48 و 51 شرقا وبهذا يكون امتدادها من الشرق إلى الغرب يساوي امتدادها من الشمال إلى الجنوب تقريبا - ومن ملاحظة امتدادها بالنسبة لخطوط العرض نجد أنها تقع في القسم الجنوبي من المنطقة المعتدلة الشمالية. ويحدها من الشمال سلسلة جبال كردستان (لرستان) و(بشتكوه)، ومن الشرق امتداد جبال البختيارية وهي جزء من جبال زاجروس  التي تفصل هضبة ايران العالية عن الاحواز لتكون امتداداً طبيعياً لسهل العراق الرسوبي، وتبلغ مساحة الاحواز 186,000كم .

أما موقع عربستان العسكري فلا يقل أهمية عن مكانتها الاقتصادية فقد وصفه العسكريون بأنَّه في غاية الأهمية، لأنَّه يقع ضمن الجسر الأرضي، الذي يوصل القارات الثلاث - آسيا وأفريقيا وأوربا – بعضها ببعض، كما أنه يكون خط الدفاع الطبيعي - المتمثل بجبال البختيارية وكردستان - بين العراق وإيران (الدركزلی، 2012: 304) . وتبلغ مساحة عربستان 159,600 ألف كيلو متر مربع (حيث يبلغ طول الإمارة الآن 4۲۰ كم وعرضها ۳۸۰ کم، إلا أن إيران عمدت إلى اقتطاع مساحات كبيرة من أرض هذا الإقليم وضمنها إلى ولايات مجاورة بهدف تقليص مساحتها وتحت ستار إجراء التنظيمات الإدارية الحديثة) أما عدد سكانها فيقدر ب (1,5) مليون عربي ينتمي معظمهم إلى بني كعب وتميم وبنی طرف – مما حدا بفارس - تحت حكم الصفويين - أن تطلق على هذا الإقليم اسم عربستان ومعناها بلاد العرب - وهذا اعتراف ضمني من فارس بعروبة هذه المنطقة غير أن العرب كانوا يطلقون اسم الأحواز على هذا الإقليم، فالأحواز اسم عربي وكان اسمها في أيام الفرس خوزستان .

***

الدكتور حميد ابولول جبجاب

في المثقف اليوم