آراء

التقارب السعوديِ الإيرانيِ والدوافعِ الجيوبوليتيكيةِ في الشرقِ الأوسطِ

الجغرافيا المقدسةُ للإيرانِ والسعودية لحواليْ مليارِ مسلمٍ. هلْ تغيرَ ميزانُ القوةِ في حالةِ التفاهماتِ في ملفِ الصراعاتِ في الشرقِ الأوسطِ، رغمَ الهواجسِ والتخوفاتِ العربيةِ منذُ قيامِ الثورةِ الإيرانيةِ عام / 1979 منْ النظامِ الجديدِ " ولايةَ الفقيهِ " في إيران ساعدَ على تدخلاتِ خارجيةٍ لعدمِ وجودِ جسورٍ لعلاقاتٍ طبيعيةٍ معَ جيرانها العربِ... إنَ جيوسياسيةً الصراعاتِ والحروبِ الأهليةِ التي خلقتْ وضعا

جديدا للمنطقة، ِ في كلٍ منْ - اليمنُ، سوريا، لبنان، العراقُ، أفغانستان " والتدخلاتِ الإيرانيةِ والملفِ النوويِ، خلقُ صراعٍ طائفيٍ وعرقيٍ في منطقةٍ منْ اليابسةِ ممتدةً جغرافيا معَ بعضها... وفي ظلِ ولادةِ عالمٍ جديدٍ متعددٍ الأقطابِ هلْ تشهدُ المنطقةُ في التقاربِ السعوديِ الإيرانيِ سيغيرُ اللعبةَ لشرقَ أوسطَ جديدٍ كقوةٍ لها حساباتٌ أخرى لنظامٍ عالميٍ جديدٍ يولدُ منْ رحمِ ضرباتِ وأوجاعِ فيروسِ كورونا والحربِ الدائرةِ شرقَ أوروبا ونهايةِ حروب في المنطقةِ والأزمةِ الاقتصاديةِ العالميةِ الطاحنةِ "... ؟ !

قيلَ دوما إنَ الجغرافيا أمُ العلومِ، وأنَ السياسةِ هيَ ابنةُ التاريخِ، والتاريخُ هوَ ابنُ الجغرافيا، وقيلَ إنَ الجغرافيا ثابتةٌ لا تتغيرُ،، وسواءٌ كانتْ الجغرافيا الطبيعيةُ أوْ الجغرافيا السياسيةِ “ الجيوسياسيةِ، فإنَ المقولةَ في الحالتينِ خاطئةً، فحتى الجغرافيا الطبيعيةُ، بمحيطاتها وبحارها وجبالها وصحاريها وسهولها، ليستْ ثابتةً، ولمْ تكنْ يوما ثابتةً، بلْ لعلها كانتْ تابعةً دوما للسياسةِ وليسَ العكسُ،، تبدو الصورةُ الحدثيةُ للخريطةِ السياسيةِ للعالمِ العربيِ والإسلاميِ وشرقُ أوروبا مألوفةً على سكانهِ داخلَ هذهِ الخرائطِ مرسومةً الحدودِ، لدرجةَ أنها لا تثيرُ التساؤلَ عنْ أصلها وكيفيةٍ منْ رسمها وصنعها ؛. وتغيرَ الخرائطَ الجغرافيةَ تبعا لتغيرِ خرائطِ القوى السياسيةِ ليسَ أمرا جديدا، بلْ لقدْ كانتْ الجغرافيا في تغيرٍ مستمرٍ دوما حسبَ راسميها، فقدْ دخلتْ ضمنَ بديهياتِ الأمورِ التي لا يتبادرُ للذهنِ التفكيرِ فيها، وإنْ كانَ هذا في بقيةِ العالمِ أمرا أصبحَ مألوفا، بعدُ الحربِ العالميةِ الثانيةِ، الذي أنتجتهُ الأحداثُ الأوروبيةُ على دولِ التجزئةِ. عقبَ اتفاقيةٍ ” سايْكس بيكو ” وغيرها منْ الاتفاقياتِ في رسمِ الحدودِ ؛ - إنَ انهيارَ الحدودِ الجغرافيةِ بينَ الدولِ وسقوطِ المعادلاتِ التي رسمتها اتفاقيةٌ (سايكسْ – بيكو) الشهيرةِ ينذرُ بتحولاتٍ غيرِ مسبوقةٍ على مستوى المنطقةِ برمتها لا سيما أنَ هذهِ المتغيراتِ الدراماتيكيةِ ليستْ وليدةَ عواملَ سياسيةٍ طبيعيةٍ نتجتْ عنْ اتفاقياتٍ أوْ تفاهماتٍ بينَ الدولِ أسوةٍ بالاتحادِ الأوروبيِ، على سبيلِ المثالِ، الذي أعادَ رسمُ هويتهِ السياسيةِ منْ خلالِ ترفعُ الأعضاءَ عنْ مكتسباتٍ ذاتيةٍ وطنيةٍ للمصلحةِ العامةِ والمشتركةِ... وتتزامنَ هذهِ الحقبةِ الجديدةِ منْ نزاعاتِ الشرقِ الأوسطِ معَ تفككِ النظامِ العالميِ، ففي مرحلةٍ “ ما بعدَ الحربِ الباردةِ ” والوضعِ الراهنِ منْ صراعٍ سياسيٍ واقتصاديٍ وسباقِ التسلحِ والبحثِ عنْ أطرافٍ للصراعِ جددَ وكتل متجانسةً جغرافيا لتنضمَ إلى الصراعِ العالميِ، فالشرقُ الأوسطُ لهُ أهميةٌ قصوى لكلِ أطرافِ الصراعِ وليسَ بعيدٌا وخاصتا المملكة السعوديةِ وإيران كأكبر مصدري ْ للنفطِ والاحتياطيِ العالميِ...

ومعَ أزمةِ الطاقةِ منْ تداعياتِ حربِ شرقَ أوروبا التي نعيشها اليومَ، لمْ يعدْ المجتمعُ الدوليُ قادرٌا

على الاستجابةِ بشكلٍ فعالٍ للنزاعاتِ الدوليةِ، ناهيكَ معَ تراجعَ دورُ الأمِم المتحدةَ في فضِ النزاعاتِ الإقليميةِ المنَوطه بها في حفظِ السلامِ وتهديدٍ إلسلمُ الاجتماعيِ العالميِ، لمُ تكن لها دورٌ في وقفِ نزيفِ الدمِ على الخريطةِ السياسيةِ في الشرقِ الأوسطِ منْ حروبٍ أهليةٍ وسطَ هذهِ التطوراتِ الحاليةِ في سوريا، والعراقُ، واليمنُ، وليبيا،، إنَ النزاعاتِ في الشرقِ الأوسطِ. تعنى المشكلةُ الأولى منْ دخولِ أطرافٍ إقليميةٍ في الصراعِ وتهديدِ الأمنِ القوميِ العربيِ...

الجغرافيةَ الدينيةَ لإيران والسعوديةِ لهمْ أهميةٌ قصوى في النزاعاتِ في المنطقةِ فالسعوديةُ تتزعمُ الدولُ السنيةُ، رغمَ تخوفاتها منْ أجزاءٍ منْ أراضيها في المنطقةِ الشرقيةِ الذينَ يدينونَ بالمذهبِ الشيعيِ...

وإيران تتزعمُ المذهبَ الشيعيَ والأقلياتِ الشيعيةَ في المحيطِ الجغرافيِ والعربيِ ومعَ ظهورِ نزاعاتٍ طائفيةٍ وعرقيةٍ ومذهبيةٍ في الدولِ العربيةِ كانتْ إيران حاضرةً وبقوةِ سياسيا وعسكريا في لبنانَ وسوريا واليمنِ والعراقِ... مما ساعدَ على تأزمِ العلاقاتِ العربيةِ الإيرانيةِ... إنَ النزاعاتِ في العالمِ العربيِ والإسلاميِ بترسيمِ الحدودِ أوْ مبدأِ عدمِ قابليةِ تقسيمِ الدولةِ على الطائفيةِ. فنظرا إلى أنَ الحروبَ الحديثةَ بينَ الدولِ تنتهي في غالبِ الأحيانِ منْ دونِ المساسِ بوحدةِ وسلامةِ أراضيها ما حدثَ في حربٍ “ إيران والعراقِ ” على ترسيمِ الحدودِ، لذلكَ أنَ منْ الصعبِ إيجادُ حلولٍ وسطٍ تتأرجحُ بينَ الانتصارِ والهزيمةِ في فتراتِ الحربِ التي استمرتْ ” 8 سنواتٍ ” إنَ الصراعاتِ الداخليةَ والحروبَ الأهليةَ في العراقِ خلقَ شكل جغرافيٍ جديدٍ منْ المطالبةِ بالتقسيمِ بسببِ استحالةِ إحداثِ فصلٍ جغرافيٍ بينَ طرفيْ النزاعِ في شمالِ العراقِ بسببِ تداخلٍ (الديموغرافيةَ والعرقِ والدينِ) كذلكَ لبنان واليمنِ وما هوَ مطروحٌ في ظلِ الوضعِ المأساويِ في سوريا بفصلِ طرفيْ النزاعِ في مناطقِ شمالِ سوريا وحلبَ فيجبُ في هذهِ الحالةِ أنْ يحصلَ أحدُ الطرفينِ على كلِ شيءِ تقريبا، إذْ لا يمكنُ أنْ يكونَ هناكَ حكومتانِ لدولةٍ واحدةٍ ” (كما في الحالةِ العراقيةِ حكومة كردستانْ وحكومة في بغدادَ كذلكَ الحالةِ الليبيةِ واليمنيةِ... إنَ مشكلةَ ترسيمِ الحدودِ تعتبرُ حادةً في حالةِ النزاعاتِ التي ترسمُ معالمها الانقساماتُ (الاثنيةَ والطائفيةِ) لذا، طالما أنَ احتمالَ التقسيمِ الرسميِ لدولِ الشرقِ الأوسطِ لا يزالُ يلقى معارضةً إقليميةً ودوليةً قويةً، سيكونُ منْ الصعبِ تفاديَ الحصيلةِ الصفريةِ ودليلٍ على ذلكَ فشلُ صفقةِ القرنِ للقضيةِ الفلسطينيةِ. وقدْ لأتكون التسوياتِ المتفاوضَ بشأنها والتي تحافظُ على سيادةِ الدولةِ ممكنةً إلا منْ خلالِ تحقيقِ عمليةِ انتقالِ السلطةِ السياسيةِ عبرَ تعزيزِ الحكمِ الذاتيِ المحليِ. وهذا ما طرحَ في مفاوضاتِ جنيف منذُ أعوامُ بشأنِ الوضعِ السوريِ بطرحِ نموذجِ يوغسلافيا في تقسيمِ سوريا.

هذا الانهيارِ على المستوى العربيِ يعيدُ رسمَ الحدودِ الجغرافيةِ بالدمِ وليسَ ” بحبرٍ ”

صحيحٍ أنَ الأهدافَ الاستعماريةَ في مطلعِ القرنِ العشرينَ لمْ تكنْ تبحثُ في تلكَ التقسيماتِ السياسيةِ إلا عنْ مصالحها المباشرةِ والدليلِ على ذلكَ هوَ مساعدتها الحثيثةُ لزرعِ الكيانِ الإسرائيليِ في قلبِ فلسطينَ والمنطقةِ العربيةِ، ولكنْ سرعانَ ما تحولتْ هذهِ الحدودِ إلى أمرِ واقعٍ تولدتْ عنهُ ممارساتٌ وعاداتٌ وتقاليدُ وأعرافٌ سياسيةٌ ومجتمعيةٌ وشعبيةٌ أدتْ إلى تمتعِ كلِ الكياناتِ العربيةِ بخصوصياتٍ لمْ يعدْ التراجعُ عنها بالأمرِ السهلِ لا سيما إذا كانَ هذا التراجعِ يتمُ بالقوةِ والعنفِ ولمصلحةِ مشاريعِ أيدولوجيةٍ وأطماعٍ إقليميةٍ ودوليةٍ للدولِ العربيةِ،، هذا التقسيمِ في الحقيقةِ تقسيما سياسيا بحتا، يضعَ الغربُ نفسهُ فيهِ في مواجهةٍ معَ الشرقِ طمعا بمصالحَ سياسيةٍ واقتصاديةٍ بالدرجةِ الأولى. وستأخذُ هذهِ المواجهةِ غيرِ السلميةِ في غالبِ الأحيانِ شكلاً أكثرَ نبلاً في عيونِ التاريخِ والشعوبِ الأوروبيةِ لوْ بررتها (الجغرافيا المزيفةُ) كصراعٍ حتميٍ لا مفرَ منهُ، ولوْ جعلتها الفروقُ الثقافيةُ والدينيةُ بمثابةِ حربٍ مقدسةٍ للدفاعِ عنْ الهويةِ العربيةِ والفارسيةِ والتركيةِ،، وهوَ يقننانِ منْ مرونةِ الجغرافيا في خدمةِ السياسةِ، سيجعلنا حذرينَ جدا منْ التسليمِ بالمصطلحاتِ الجغرافيةِ. كما أنَ الترويجَ لحالةٍ منْ الصراعِ بينَ الشرقِ الذي كثيرا ما يستخدمُ مرادفا (جغرافيا عنْ العربِ والإسلامِ ) والغربِ الذي يعني دولَ العالمِ الأولِ بهويتها ومرجعيتها المسيحيةِ، على أنهُ صراعٌ تحتمهُ الجغرافيا أمر يحتاجُ إلى إعادةِ نظرٍ، حيثُ تنقضهُ عشراتُ الوقائعِ والأزماتِ التي يصطلي المسلمونَ في جحيمها. فالصينُ مثلاً التي تضطهدُ ملايينَ المسلمينَ في إقليمِ شنغيانغْ تقعَ إلى الشرقِ منا، وكذلكَ ميانمار، وثمةَ أيضا روسيا الدولةَ العابرةَ للقاراتِ والتي غرستْ خنجرها في العالمِ العربيِ، وثمَ إبادة تعرضَ لها المسلمونَ في إفريقيا الوسطى، وهناكَ إسرائيلُ التي تقعُ في قلبنا الذي أسموهُ “ الشرقَ الأوسطَ ”، وكلهمْ لا ينتمونَ للغربِ بالمفهومِ المرادِ لنا برمجةُ عقولنا على جغرافيتهِ. وعندما يتمُ التلاعبُ بالجغرافيا في فتراتِ السيطرةِ والقوةِ، ففي عامِ 1884 م عقدٍ ” مؤتمرَ ميريديانْ ” الدوليُ بتحديدِ خطِ الطولِ “ جرينيتش ” كخطٍ فاصلٍ بينَ شرقِ الأرضِ وغربها. لمْ يكنْ المقصودُ منْ ذلكَ تسهيلُ إجراءاتِ التجارةِ والملاحةِ وقياسِ الوقتِ فقطْ، بلْ يحملُ الأمرُ بعدا سياسيا واضحا، يتمثلَ باعتبارِ بريطانيا العظمى، نفسها نقطةَ صفرٍ للجغرافيا ومركزٍ للعالمِ تقاسُ الدولُ تبعا لهُ شرقا وغربا. وهوَ تقسيمٌ سياسيٌ بحتٌ، وهذا ما يؤكدُ لنا صحةُ تغيرِ الجغرافيا تبعا للسياسةِ. ففي عصرِ الخليفةِ المأمونْ، دعيَ علماء وجغرافيينَ لوضعِ خريطةٍ جديدةٍ للعالمِ، أسفرتْ عنْ خريطةٍ تقعُ بغدادُ عاصمةَ الدولةِ العباسيةِ في مركزها تماما، وتبدو أوروبا فيها صغيرةٌ نسبيا، في حينِ تمتدُ أفريقيا وآسيا امتدادا واسعا، واختفاءُ وجودِ قارتيْ أمريكا وأستراليا فيها، فاختفاؤهما منْ الخرائطِ لمْ يكنْ يعني فقطْ عدمَ اكتشافهما، بلْ كانَ يعني أيضا غيابهما عنْ الخريطةِ، إنَ قدرَ الشرقِ الأوسطِ بما فيهمْ تركيا وإيران تجاوزا، أنْ يكونوا سكانا لأكثر مناطقِ العالمِ سخونةً على مدارِ التاريخِ ؛ فمنذُ سقوطِ الدولةِ العثمانيةِ والشرقِ الأوسطِ، على خلافِ مناطقِ كوكبنا الأرضيِ الأخرى، على صفيحٍ ساخنٍ مستمرٍ السخونةِ والاشتعالِ، كلما خبتْ نارُ صراعٍ اندلعتْ نيرانُ صراعٍ آخرَ، منْ صراعاتِ الحروبِ معَ المستعمرينَ الذينَ تقاسموا تركةٌ « الرجلِ التركيِ المريضِ »، إلى الصراعاتِ والحروبِ غيرِ المتكافئةِ بينَ العربِ وإسرائيلَ حولَ فلسطينَ، إلى صراعاتِ القوى الطائفيةِ في لبنانَ إلى صراعِ الانقلاباتِ العسكريةِ إلى حربِ صدامْ معَ إيران ثمَ صراعِ صدامْ معَ جيرانهِ الخليجيينَ ثمَ الاحتلالِ الأميركيِ للعراقِ إلى صراعٍ إقليميٍ إيرانيٍ وتركِي على منْ يقودُ هذهِ المنطقةِ،، إلى ثوراتِ الربيعِ العربيِ وما أحدثتهُ منْ دمارٍ وفوضى هائلينِ في سوريا وليبيا، واليمن،ثمَ صعودٍ « داعشْ »، وأخيرا التهديدَ بحربِ أميركيةٍ إسرائيلية خطيرةٍ ضدَ النظامِ الإيرانيِ. قدرُ الشرقِ الأوسطِ أنْ يكونَ مهدُ الدياناتِ التوحيديةِ الثلاثِ : الإسلامُ واليهوديةُ والمسيحيةُ، هوَ أيضا سبب لأنْ يكونَ قدرا منْ معاناةِ الصراعاتِ الدينيةِ والمذهبيةِ، وقدرَ الشرقُ الأوسطُ أنْ يكونَ حاضنا لحضاراتٍ عريقةٍ : الحضارةُ العربيةُ الإسلاميةُ والفارسيةُ والعثمانيةُ، ومركزا لطوائفَ مسيحيةٍ متنوعةٍ في كلٍ منْ لبنانَ وسوريا ومصرَ، وخاضنا لمللٍ وأعراقِ ومذاهبَ مختلفةٍ كالسنةِ والشيعة، والدروزُ والآشوريونَ والصابئةُ، والأكراد والدروز، والترْكمانْ، والعلويينَ والبربرِ، والنوبيينَ، والأرمنُ والزنجُ، والتتارُ والصقلابْ والشناقْ والشرُكس، والسرياليينَ، والٍكلدانيينْ، والزيديينَ، هذا ناهيكَ عنْ الهوياتِ العرقيةِ، هوَ تنوعٌ مثيرٌ في مفرداتِ لغةِ الحضارةِ، ولكنهُ تحولَ على نارٍ تحتَ رمادِ الخريطةِ السياسيةِ في الشرقِ الأوسطِ الملتهبِ إلى كوارثَ وصراعاتِ ولعنةِ الجغرافيا،، النفطُ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ، والمقدرَ بثلثيْ الاحتياطيِ العالميِ، هوَ الآخرُ “ منحةٌ ” قدْ يتحولُ في بعضِ الأحيانِ إلى “ محنةٍ، ” جعلتهُ محلَ تنافسٍ شديدٍ بينَ الدولِ المستهلكةِ وجعلِ المنطقةِ كلها في بؤرةِ هذا التنافسِ الآنِ صراعَ الغازِ شرقَ المتوسطِ، (كلٌ ذي نعمةِ محسودْ)، ناهيكَ عنْ الصراعِ المتوقعِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ على المياهِ، في مصرَ ودولِ المنبعِ في إفريقيا، وفي الشيِح المائي.. في العراقِ وسوريا وهيَ أكثرُ المنطقةِ التي تعتبرُ الأكثرَ فقرا بالنسبةِ إلى المواردِ المائيةِ في العالمِ. منْ يسيرُ حوادثَ التاريخِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ بالذاتِ سيخرجُ بمحصلةٍ تؤكدُ أنَ المنطقةَ ستظلُ ملتهبةً بالصراعاتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والطائفيةِ والعسكريةِ في سلسلةٍ ممتدةٍ في عمقِ التاريخِ. وأخيرٌا يطرحُ سؤالاً هلْ التقاربُ الإيرانيُ السعوديُ يستطيعُ خلقا شرقَ أوسطَ جديدٍ منْ نبذِ الصراعِ الطائفيِ...؟!

***

محمدْ سعدْ عبدِ اللطيفْ

كاتبٌ مصريٌ وباحثٌ في علمِ الجغرافيا السياسيةِ

 

في المثقف اليوم