آراء

أبو بكر خليفة: معوقات الانتقال نحو الديمقراطية في ليبيا

مالذي يحول بين الليبيين وتحقيق خطوات حقيقية خارج دوامة هذه المراحل الانتقالية التي أعقبت تداعي الدولة الليبية، وتحولها فعليا إلى إقليم ممزق متباعد، بفعل عوامل متعددة؟... وتظل معادلة تحقق الاستقرار في ليبيا ترتبط بنجاح العملية الديمقراطية حسب رؤية المجتمع الدولي، وذلك عبر إنتخابات رئاسية وبرلمانية، توحد المؤسسات وتسبغ الشرعية عليها وترسي أسس الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتوحد المؤسسة العسكرية والأمنية، ويمكن حصر معوقات الانتقال نحو الديمقراطية في ليبيا في النقاط التالية:

1/ عدم الوصول إلى توافق حقيقي:

حيث يؤدي عدم وجود التوافق في الآراء بين الجهات المجتمعية والسياسية الفاعلة في ليبيا حول إتجاه المستقبل السياسي والاقتصادي للبلد إلى أعاقة نجاح الانتقال إلى الديمقراطية، مابين سلطتين تنفيذيين وسلطتين تشريعيتين ومليشيات تتوزع في طول البلاد وعرضها مع مشروع مؤسسة عسكرية متعثر، وفي الكثير من الحالات يتضح إهتمام اللاعبين السياسيين بتوطيد سلطتهم أكثر من إهتمامهم ببناء المؤسسات الديمقراطية.

2/ التدخل الإقليمي والدولي:

بلا ريب ولا جدال يساهم التدخل الإقليمي والدولي بشكل كبير في ليبيا في إعاقة نجاح الانتقال الى الديمقراطية،حيث لعب هذا التدخل السافر أدواراً في كل أطوار الصراع ولم يزل، وحيث مازالت الجهات الخارجية القوية تسعى إلى التأثير على نتيجة التحولات السياسية، وغالباً ماتكون أكثر إهتماما بتعزيز مصالحها الخاصة بدلا من دعم القيم والممارسات الديمقراطية.

3/ الضعف المؤسسي:

أدى التشظي والانقسام السياسي ودورات العنف المتعاقبة في ليبيا الى ضعف المؤسسات، وبالتالي تقويض سيادة القانون، مما يجعل من الصعب إقامة ديمقراطية مستقرة، وغالباً مايكون الفساد أحد أعراض ضعف المؤسسات، ويؤدي كما في الحالة الليبية إلى تقويض ثقة الناس في العملية الديمقراطية.

4/ الإنقسامات القبلية والجهوية والعرقية:

حيث أدت هذه الانقسامات في ليبيا إلى تعميق الشرخ وتباعد الشقة بين أبناء الوطن الواحد، وبالتالي إلى عدم توافق في الآراء حول القيم والممارسات الديمقراطية، وفي الكثير من الأحيان أدت هذه الانقسامات إلى دورات من العنف والصراع الأهلي، الأمر الذي يزيد من صعوبة إقامة ديمقراطية مستقرة.

5/ ضعف المجتمع المدني:

بلاشك أن المجتمع المدني في ليبيا يتسم بالضعف الشديد، مما يجعل  من الصعب محاسبة المسؤولين الحكوميين وتعزيز القيم والممارسات الديمقراطية.  إن وجود مجتمع مدني قوي ضروري لنجاح الانتقال إلى الديمقراطية، حيث يمكن أن يوفر رقابة على سلطة الدولة ويساعد على ضمان استجابة الحكومة لاحتياجات مواطنيها.

9/ عدم تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة:

هذه المصالحة والتي تتطلب مجهودات كبيرة في الحالة الليبية، كما تتطلب وجود إرادة سياسية حقيقية لتحقيق هذا الهدف، ولإتخاذ هذه الخطوة الكبيرة، فإن الأمر بلاشك يتطلب ؛ من الأطراف المتنازعة الإقرار بالأخطاء الماضية والإعتراف بالمسؤولية عن الجرائم، كذلك على هذه الأطراف المتنازعة الإقرار بحقوق الجميع في الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، كما يجب أن تتم المساءلة القانونية للمسئولين عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الفساد، كما يجب على الأطراف المتنازعة تقديم التعويضات للضحايا وعوائلهم، كما يجب على الأطراف المتنازعة العمل على إعادة بناء المؤسسات المدمرة في سبيل تحقيق الاستقرار والتنمية، على أن يتزامن كل ذلك مع تقديم الدعم الدولي الحقيقي والفاعل من قبل المجتمع الدولي  بدعم لاشائبة أو شبهة فيه  لعملية المصالحة الوطنية الشاملة، عبر تقديم المساعدات المالية والتقنية، والدعم السياسي والدبلوماسي.

***

د. أبوبكر خليفة أبوبكر

كاتب وأكاديمي ليبي

في المثقف اليوم