قضايا

هايكو فلسفي: كارل بوبر (1902-1994)

3714 كارل بوبرمن التخطيط ارفعوا معاناتنا.

من الجهل حررونا.

من الزيف تأتي الحقيقة.

وُلد كارل بوبر في فينا بالنمسا من عائلة يهودية تحولت الى اللوثرية – ليس بسبب قناعة دينية، وانما لأن العائلة ارادت ان تكون لديها القدرة لتلبية الدعوة لأفضل الحفلات. كان ابوه  يتمتع بقراءة أفضل الكتب، وقد جمع حوالي 12 ألف كتاب.

كان بوبر تأثر بحلقة فيينا من الفلاسفة في بداية القرن العشرين. لكنه رفض مبدأ تلك المدرسة وهو مبدأ التحقق principle of verification (1) القائل اننا يمكننا معرفة ان الفكرة صحيحة فقط عندما يتم إثبات صحتها. إنكار بوبر للمبدأ يقوم على اساس، لا يهم كم عدد المرات التي نستطيع ان نؤكد بها الحقيقة عبر الملاحظة، فانه قد تكون هناك حالة معاكسة في مكان ما ووقت ما. لذا، هو قال، التعميم من الملاحظات يكون مفيدا فقط في العلوم اذا كان بالإمكان من حيث المبدأ تفنيده، اي، بمعنى امكانية بيان انه خاطيء من خلال ملاحظات مضادة. "الشمس تشرق كل يوم" هو تعميم مفيد لأنه من حيث المبدأ يمكن اثبات عدم صحته من خلال بيان عدم شروق الشمس في يوم معين.

ومن جهة اخرى، المقولات او العبارات التي لا يمكن اختبارها مثل "الآلهة تفضل القهوة على الشاي" هي بيان غير مفيد لأنه لا يمكن أبدا تفنيده او دحضه. من المعقول الاستمرار على الافتراض بأن الملاحظة التي تم تأكيدها جيدا هي صحيحة حتى يتم إثبات خطأ البيان. بوبر لم يكن مهتما فقط بما يبدو من مشاكل فلسفية شائكة. كونه شهد اخطار الانظمة التوتاليتارية ، هو خاف من ان اي نظام سياسي يمكن ان يمنح كامل السلطات للسياسيين والبيروقراطيين ليقرروا نيابة عنا الكيفية التي يُصاغ بها المجتمع. هو يقول، أي شخص ادّعى مقدرته على خلق مجتمع مثالي هو مخدوع وخطير بنفس الوقت. السياسات الثورية، لا يهم مدى حسن النية فيها، لها نتائجها غير المقصودة: لا احد يستطيع التنبؤ بالضبط كيف ستحدث الأشياء، وهي على الأغلب ستجري بشكل سيء. فقط "المجتمع المفتوح" الذي يستطيع به المواطنون نقد السياسات بحرّية وبسلمية ويغيروا بانتظام حكّامهم، سيخفف من شدة تلك الأخطار. شهد بوبر هذا النوع من المجتمع المفتوح عندما انتقل الى نيوزيلاند قبل الحرب العالمية الثانية. لا أحد كان حوله يستمع له سوى الأغنام، هو وجد انه يستطيع قول ما يرضيه وبسعادة.

***

حاتم حميد محسن

........................

الهوامش

(1) اعتقد بوبر ان المعرفة العلمية هي مؤقتة – هي أفضل ما يمكن عمله في اللحظة الحالية. عُرف بوبر بمحاولته تفنيد التفسير الكلاسيكي للطريقة العلمية، عبر استبدال الاستقراء بمبدأ التكذيب. مبدأ التكذيب الذي اقترحه بوبر هو طريقة لفصل العلم عن غير العلم. انه يقترح ان النظرية لكي يمكن اعتبارها علمية، يجب ان تكون قادرة على ان تُختبر وان يتم إثبات بطلانها. مثال على ذلك، الفرضية التي تقول "جميع البط ابيض" يمكن إبطالها بملاحظة بطة واحدة سوداء كما حدث في استراليا. يرى بوبر ان العلم يجب ان يحاول إبطال النظرية بدلا من محاولة الاستمرار في دعم الفرضيات النظرية.

في المثقف اليوم