قضايا

موقف الشريعة الإسلامية من الحكم وفق العادات والاعراف العشائرية

فارس حامد عبدالكريماغلب الأعراف العشائرية المستحدثة فاسدة وبعضها لايرعى لا ذمة ولا ضمير ذلك ان الهدف منالفصول العشائرية والتعويضات المادية  هو جبر الخواطر  وحفظ كرامة من تعرض للإعتداء وليس وسيلة للتكسب والاثراء على حساب الغير اثراءاً فاحشاً يضطر معه المخطئ الى بيع داره وتشريدعائلته.. فهل هذه مرؤة القبائل والعشائر الأصيلة طبعاً لا ...

 خاصة وان الرسول المصطفى (ص)  قال:

(إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهواعليه) حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما .

فقد كانت الأمم السابقة للإسلام  تؤاخذ على أخطائها، وتحاسب على جميع أفعالها، ولاتراعى مبررات الجهل أو النسيان ولاتكون شفيعةً لهم، أو سببا في للتسامح والتجاوز عنهم، في حين أن هذه القيود  قد رُفعت عن هذه الأمة، بفضل الله واستجابةً لدعائهم، ورحمةً من الله بهم، كما بيّن اللهتعالى ذلك في قوله تعالى:

{ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلناربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} (البقرة : 286)،

وقوله سبحانه: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما} (الأحزاب: 5) .

والواضح جداً ان الحديث الذي بين أيدينا ما هو إلا مظهر من مظاهر  الرحمة والتألف الإحتماعي وتأكيد الامن والسلم في المجتمع الإسلامي  قال به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

 أن هذا الحديث المحكم الا واجب يدخل فيه كثير من الأحكام الشرعية في مختلف العلوم منها علمالنفس الإحتماعي. فمن الواضح تاريخياً ان افعال وسلوكيات الناس لا تخلو من حالين:

* أن تكون صادرة عن قصد واختيار من المكلف - وهذا هو الفعل العمد الذي يحاسب عليه صاحبهويؤاخذ به

* أو ألا يكون عمله مبنيا على القصد والاختيار، وهذا يشمل الإكراه والنسيان والخطأ، وهو ماجاء الحديث ببيانه .

فأما الخطأ، فهو أن يريد الإنسان فعل شيء، فيأتي فعله على غير مراده، فهذا قد بينت الشريعةأن الله قد تجاوز عنه، ولم يؤاخذ صاحبه به .

ولكن مثل هذه الأخطاء غير المقصودة والأخطاء المشتركة او حتى خطأ الضحية يطالب اليومبتعويضات خيالية تنتهك الكرامة البشرية والأسرية وتهينها عمداً

وعند ذلك يكون فاعلها قد خالف الشريعة  الإسلامية الموصوفة بالسمحاء وسنة رسولها المصطفىوتمسك بأحكام الجاهلية المبنية على الحماسة والتعصب الأعمى ...

ومما ورد من كتابات مهمة ماوجدته في كتاب نظام دعاوي العشائر للمحامي عباس العزاوي، حيث جاء في مقدمته:

(من حين ظهر الإسلام أزال العرف القبائلي في القضايا العامة، وعاد لا يعرف غير الشرع، وصرحان لا حكم إلا لله.

وإن الحكم وفق العرف الجاهلي مخالف بصراحة آية (أفحكم الجاهلية يبغون)، وبقي الشرعالإسلامي معتبراً، مرعياً،

ولكن في بعض الأوقات ضعفت سلطة الحكومة أو زالت فمال كل واحد الى ناحية التحكم أوالرضوخ، وأحيوا بعض العوائد الضارة، وتولد التكاتف على الحق والباطل معاً، وصار المجالواسعاً للتحزبات والعصبية القبائلية أمثال هذه فصارت القبائل في أوضاعها تضارع من نواحعديدة الجاهلية في نهجها، تذعن للشرع تارة؛ والى قدرتها أخرى، وتميل في الأكثر الى ما يكفلكيانها، ويؤدي الى وحدتها... (انتهى الإقتباس)

سبحان الله فإن التاريخ يعيد نفسه فما ان تضعف سلطة الدولة حتى تظهر من تحت الرماد تلكالإحكام والتقاليد والأعراف الفاسدة فتكون حكماً بغير ما انزل الله تعالى ...

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]،

فمن حكم بغير ما أنزل الله مستحلًا له وجاحدًا لحكم الله، أو يرى أن حكم الأعراف العشائرية التيوضعهما البشر أحسن من حكم الله، فهو كافر كفرًا أكبر مخرجًا من الملة؛ وعلى هذا يحمل تفسير ابن مسعود.

***

فارس حامد عبد الكريم

في المثقف اليوم