قضايا

نقد مهدي عامل لأدونيس حول إشكالية "الثابت والمتحول"

في كتابه الثابت والمتحول يرى أدونيس أن الثورة الإسلامية كانت ثورة طبقية تمركز الصراع فيها ضد الدولة الأموية في منحييين: الأول سياسي ثقافي لإحلال الإسلاماوية محل العروبوية والثاني اقتصادي إجتماعي لإستبدال البنية الإقتصادية ببنية جديدة ويفهم من هذا كله أن الصراع كان ولا يزال بين الطبقات الحاكمة والطبقات المحكومة والمسألة لا علاقة لها بالدين، كما كان الصراع كان صراع المعاني أي حول فهم الإسلام حيث اتخذ بعدا جديدا سُّميَ بـ: الإبتداع أو الإحداث وأن الكفاح ضده سمي بالإتباع أو "السلفية"، يحاول ادونيس شخصنة ما لا يتشخص وأنسنة ما لا يتأنسن، فالإنسان كما يرى هو ضعيف، فهو يأكل ويشرب ويتناسل لكنه لا يفكر في مساعدة الإسلام على استعادة وحدته بعد كل تلك الإنقاسامات، في حين يشير مهدي عامل أن الإسلام كان حقلا لصراع إيديولوجي وطبقي فقد نشات تعددية في طرق الفهم حتى قبل وفاة الرسول في اجتماع "السقيفة" وبدءُا من هذا الإجتماع انقسم المجتمع إلى طبقات ومصالح، كان الدين عند الأمويين وسيلة لترسيخ السلطة، فهو متعدد بتعدد المواقع ( السُنّة والشّيعة) من حيث هي قوى اجتماعية متصارعة

وقفة مع مهدي عامل وأدونيس

مهدي عامل وأدونيس مفكران يساريان متشددان إلى درجة الإقصائبة فالمفكر مهدي عامل اسمه الحقيقي حسن عبد الله حمدان، ولد في بيروت عام 1936 ابن بلدة حاروف الجنوبية قضاء النبطية تلقى تعليمه الأول ببيروت ثم انتقل إلى الجامعة الفرنسية ليتخرج منها بشهادة دكتوراه في الفلسفة، أول وجهة له في مجال التدريس كان في الجزائر، حيث درّس الفلسفة بمدرسة المعلمين بمدينة قسنطينة شرق الجزائر ليعود إلى مسقط راسه، درّس بثانوية صيدا بلبنان ثم واصل التدريس بالجامعة اللبنانية، كان عضوا في اتحاد الكتاب اللبنانيين والمجلس الثقافي بلبنان الجنوبي انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1987 ولمواقفه اغتيل في نفس السنة في شارع الجزائر ببيروت، أما المفكر أدونيس اسمه الحقيقي علي أحمد سعيد أديب وشاعر ومفكر سياسي قومي من مواليد 1930 بقرية قصابين بمحافظة اللاذقية في سوريا وأدونيس هو أحد ألقاب الآلهة في اللغة الكنعانية-الفينيقية، عرف أدونيس بمعارضته للفكر الإسلامي ولمنهجه البنائي وكذا رفضه الصريح للإجتهاداته الفكرية الإسلامية في الوطن العربي وهذا لتشبعه بالفكر اليساري ألإقصائي، ومهما اجتمعت الأضداد لكن هذا التضاد جاء باسلوب حضاري يجعل القارئ ينساق تلقائيا وراء ما يقدمانه من أفكار حول الصراع والصدام المتطاحن بين القومي والإصلاحي والإسلامي، هو صدام مفتعل يتنامى بوجود محفزات للنشاط ودوافع للإنتشار ومواقع الترويج ومؤسسات التنشئة.

فالفكر عندهما لم يعد يقنع أن يظل حيث هو أو حيث كان أو أراد له البعض أن يكون بعيدا عن حقل تلتحم فيه الأحداث بالأحداث فيه التاريخ يُصنعُ وقارئ محكوم بالأحداث طوعا أو قسرا، كما لم يعد للمفكر إلا أن يكون له يها موقع قلم ومنها موقف يدخل به السياسة حتى لو كان لها رافضا لكن من موقع رفض التاريخ ومن خارج دائرة زمانه أي من موقع القدسيّ (الفكر الديني) يلغى الله ويبدله بالصفر الكلي (الفكر العدمي) فينظر فيه المفكر الديني، كان هذا مدخل المفكر اللبناني حسن عبد الله حمدان المعروف باسم مهدي عامل كتبه هو بنفسه ينتقد الفكر اليومي في محاولة منه الدفاع عن الفكر المعاصر (التجديدي أو التنويري) يدعو فيه إلى التخلص من الفكر التقليدي الذي لم يعد يتماشى مع العصر والحداثة، فكر يجعل الإنسان أسيرُ من يحاول أن يفرض عليه فكرا معينا حتى لو لم يعد هذا الفكر صالحا، لأن الإنسان مربوط بالزمان والمكان الذي يعيش فيه وهو مطالب بأن يتكيف مع نظامه (الجالية الإسلامية في المهجر) اي أنه يكون مربوط بالواقع والظروف، فلا يمكن أن يتقبل الإنسان ما كان مفروضا في قرون مضت ويمارسه في حياته اليومية دون أن يستخدم عقله في غربلة ما يمكن غربلته من أفكار سبقت عصره.

فهناك قاعدة أساسية تقول: هناك فكر يقبل وفكر يرفض، فالصراع إذن هو صراع الأضداد، وهذا ما أراد مهدي عامل الوصول إليه وهو وجود طرف ثالث في معادلة، إذ يرى أن كل شيئ مرتبط بالسياسة والسياسة طرف ثابت في معادلة، طرفها الآخر يتغير بتغير أشكال الفكر والكتابة وبين الطرفين تعارض يصطنعه دوما فكر يرفض برفضه التاريخ ( الماضي)، يطلق مهدي عامل على الذين يرفضون الرفض اسم "الذاهبون في الماضي" وقد نطلق عليهم نحن اسم " الذائبون" في الماضي البعيد، لقد خاض المفكر مهدي عامل في كتابه " نقد الفكر اليومي" في قضايا عديدة للرد على أدونيس وما جاء في كتابه " الثابت والمتحول" خاصة ما تعلق بالدين والسياسة وكلاهما يعتبر نفسه هو النظام والدولة والسلطة وعلى الثقافة أن تكون هامشية، الإشكالية إذن هي إشكالية الذات والآخر أو الأنا والآخر، هذه الإشكالية التي حظيت باهتمام مفكرين آخرين مثلما نقرأه في كتاب: "نحن والآخر" لغريغوار منصور مرشو من سوريا ومناظره سيد أحمد صادق الحسيني من إيران، كانت بينهما مناظرة تدور حول مشكلة الحضارة، التي حظيت بدورها لاهتمامكبير من قبل المفكرين على غرار مالك بن نبي وأرنولد توينبي ومحمد إقبال والمفكر السوري ندرة اليزجي والعراقي ماجد الغرباوي كلها دارت تحت سلسلة حوارات لقرن جديد.

هي حوارات للرد على الفكر الظلامي، الذي يتهجم على الثقافة والمثقف، فكرٌ يكره التحليل والفهم والوعي، فكرٌ يحقد على العقل وعلى كل معرفة، لا يريد للآخر أن يكون له فكرا ممنهجا ولا يريد له البناء، فكرٌ لا يؤمن بأن الزمن تغير وما يحدث من ثورات، يكون فيها انتقالٌ يختلف باختلاف حركة الصراعات، وقد أطلق عليه مهدي عامل اسم " الخصوصية" أي ببساطة " فكر الإسلام" متخذا الثورة الإيرانية الإسلامية بقيادة الشاه آية الله الخميني نموذجا، هذه الثورة التي كان لها دور في استنهاض هذا التيار من الفكر الديني واستعادة مقولة الشرق والغرب أو اختزان العلاقة بين ثنائية الذات والآخر أو الداخل والخارج، وحدد شبابه في هجوم نظامي مضاد على مواقع الفكر الماركسي، أراد مهدي عامل القول أن الإسلام ( الداخل) يعترف بالخصوصية وهذه الخصوصية ترفض مناهج الغرب، ( الخارج) فالدين بالنسبة لإيران مثلا لا يزال الوعد الأول بالحياة التي تطمح إليها الجماهير الإيرانية الثائرة.

هل الثورة الإيرانية ثورة إسلامية أو ثورة بالإسلام؟

لكن الإختلاف وقع حول إن كانت الثورة الإيرانية ثورة إسلامية أو ثورة بالإسلام الذي يراد به المحرك الأول في المجتمع العربي، إلا أن الداخل تم فرضع بالطغيان على الحياة والفكر حيث بني المجتمع العربي بشكل كامل على الدين ولم تتطور فيه اشكال الإنتاج وأدواته، يوضح أدونيس أن الثورة الإسلامية كانت ثورة طبقية وهذا بسبب التمركز في المدن حيث تمركز الصراع ضد الدولة الأموية في منحييين: المنحى الأول سياسي ثقافي لإحلال الإسلاماوية محل العروبوية والمنحى الثاني اقتصادي إجتماعي لإستبدال البنية الإقتصادية ببنية جديدة ويفهم من هذا كله أن الصراع كان ولا يزال بين الطبقات الحاكمة والطبقات المحكومة والمسألة لا علاقة لها بالدين الذي كان عندهم غطاءً فقط، كما كان الصراع صراع المعاني أي حول فهم الإسلام حيث اتخذ بعدا جديدا سُّميَ بـ: الإبتداع أو الإحداث وأن الكفاح ضده سمي بالإتباع أو "السلفية" في حين يفسر مهدي عامل نصوص أدونيس بأنها تشير إلى أن الإسلام كان حقلا لصراع إيديولوجي وطبقي أيضا فقد نشات تعددية في طرق الفهم حتى قبل وفاة الرسول في اجتماع السقيفة وبدءُا من هذا الإجتماع انقسم المجتمع إلى طبقات ومصالح، كان الدين عند الأمويين وسيلة لترسيخ السلطة، فالدين في نظر مهدي عامل متعدد بتعدد المواقع (السُنّة والشّيعة) من حيث هي قوى اجتماعية متصارعة، كان من نتائج هذا الصراع تاسيس الدولة العباسية التي بوجودها زالت العنصرية العربية وما يتبعها من أعراف وتقاليد بمعنى زوال العروبوية وحلول مكانها الإسلاماوية، كما يحلل مهدي عامل الصراعات الإجتماعية الطبقية في المجتمعات العربية الإسلامية في العصور الوسطى حيث أعطيت لها صبغة إيديولوجية دينية وهذا يقضي - كما يقول هو- ضرورة النظر في الدين وإعادة قراءته من جديد من حيث هو جوهر ثابت.

لقد جاءت ثورة إيران الإسلامية في اواخر القرن 14 هـ، لتعلن إفلاس نماذج التغريب والإستيلاب، اي أنها كانت ضد التغريب والحداثة، كان الإسلام في التجربة الإيرانية المحرك الإيديولوجي والأداة النضالية في حركة الرفض التي أدت إلى سقوط الشاه الذي اراد تدمير الجذور الثقافية للشعب وهو المشروع الذي اطلق عليه اسم " الثورة البيضاء"، يلاحظ أن الثورة الإسلامية والثورة بالإسلام مختلفتان في مداليليهما وهناك فرق اساسي بينهما، حسب أدونيس فإن الصراع الإجتماعي في المجتمعات العربية الإسلامية في شكله الرئيسي هو صراع دينيٌّ، فأدونيس يفسر الديني بالديني من موقع الدين نفسه، أي إذا اردنا أن نفهم ماهية الروح القدس التي جاء بها الإنجيل، نقارنها بالروح القدس التي جاء بها القرآن، وفي كل الحالتين فالتفسير يكون ديني بالديني، فالإنجيل والقرآن في نهاية المطاف أنزلهما الله على جيل من انبيائه ورسله، إلا أن الدين الذي كان هو المسيطر في حركة الصراعات الطبقية في القرون الوسطى ليس هو الدين في المجتمعات الراهنة، لأن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية ظهرت معها تيارات فكرية وسياسية، لكن أدونيس أعطى الأولوية للثقافة باعتبارها حركة إنتاج وتطور تاريخيين، كما أن أدونيس ينظر إلى الواقع التاريخي من خارج المواقع كلها.

ينتهي العنف عندما يتماثل الآخر للذات

أما مهدي عامل فهو يفسر عبارة المواقع كلها بـ: (الله) أي أن المجتمع العربي الإسلامي لا ينبغي أن ينظر بعين الله لأنه الفكر الديني نفسه، وهذا يعني ان المجتمع الإسلامي إذا نظر بعين الله فهو يقف مع الله موقف النديّة ولذا برفض التيار الإسلاماوي التجديد والحداثة، كما يرفض أن يُخضع القرآن للتحليل والتفكيك، اي ان تكون للمجتمع القابلية للخضوع الديني، إذا كان الأمر كذلك فلماذا زود الله عباده بالعقل دون سائر الكائنات الحية؟ فإذا تجرد الإنسان من عقله فهو مثله مثل الحيوان أو المجنون، من جهة الذات والآخر يحصر مهدي عامل الذات في إنسلن العالم الثالث والآخر هو إنسان الغرب أو الغربي، القاسم المشترك بين الذات والآخر هو أنهما لا يتغيران، فكل منهما إما أن يُلغَى أو أن يحافظ على بقائه فيكون هو المسيطر، إلا أن الذات قد تكون في حالة ضعف فتكون منفية أو مكبوتة بفعل محاولة الآخر إلغاءها بحكم ما تتوفر عليه من إمكانات علمية ومعرفية وتقدم تكنولوجي، ولذا يحاول أدونيس في كتابه شخصنة ما لا يتشخص وأنسنة ما لا يتأنسن، فالإنسان كما يرى هو ضعيف، فهو يأكل ويشرب ويتناسل لكمنه لا يفكر في مساعدة الإسلام على استعادة وحدته بعد كل تلك الإنقاسامات، وقد ساهمت الإنقاسامات في ظهور فكرا إسلاميا جديدا سمّاه "الفكر المتأسلم" القائل بالغرب بوجود علاقة من التبعية تربط المجتمعات العربية الإسلامية

فغاية الإسلام من وجهة نظر أدونيس هو أن يستجيب الآخر لدعوته وإلا فحرب عليه حتى يؤسلم بإسلامه، يلاحظ هنا أن عنصر الإجبار والإكراه لدى بعض الجماعات الإسلامي، فإذا تماثل الآخر بالذات ينتهي العنف وإذا اصر على رفضه يظل العنف قائما وهذا هو صراع الأضداد ( حضارة /بربرية، ديمقراطية/ استبدادج، تطور/ جمود، غرب/ شرق، رأسمالية / اشتراكية، إيمان / كفر أو إلحاد، تهاون/ التزام، انفتاح/ انغلاق أو تعصب، تنوير/ ظلامية وهكذا..) في هذا الصراع قد يفقد واحد منهما هويته، والمتتبع لنقد مهدي عامل لأدونيس يلمس في كتابه حضور المادية التاريخية المتميزة التي يفهمها الفكر الديني " إلحادًا" أي الكفر بالله وهي في الحقيقة ليست إلحادا لأن المقياس الذي به يقاس ليس وجود الله أو عدم وجوده وليس الحرب على الله، بل الحرب على المتأسلمين والذين يتاجرون بالدين، ثم أن التجربة الصوفية تقول ليس كل فكر عقلاني بالضرورة تقدميا وليس كل فكر مناهض للعقل بالضرورة فكرا رجعيا، فالتصوف هلى سبيل المثال كتيار فكري أو تجربة روحية هو منطق ديني، عكس الدول التي حكمت سيطرتها باسم الإسلام أي انها جعلت الإسلام وسيلة للسيطرة وهنا وقع الصراع بين الفقهاء والمؤرخين.

فقهاء البلاط وأخطاء المؤرخين

فالصراع الذي وقع بين الفقهاء والمؤرخين سببه أن بعض الدول حكّمت سيطرتها باسم الدين وهذا منذ العهد الأموي إلى العصر الحالي مرورا بالعصر العباسي وجعلت الإسلام وسيلة للسيطرة، وكان الفكر الفقهي قد استعمل أساليبا للتغلب على الفقهاء، فالفقه في عصر الإسلام في الشرع هو إيديولوجية دولة الاستبداد وهي بالضبط لا تظهر الفقه في هذا الشكل كأنها دولة الإسلام إلا من موقع الطبقات المسيطرة، ولذا كان الفقهاء في خدمة هذه الطبقات، وهي من موقع الكادحين (دينيا) هي دولة جائرة، ولما كان الإسلام هو دين هذه الفئة المستضعفة لا إسلام الطبقات المسيطرة وجبت الثورة عليها..، ينطبق هذا على ما حدث ويحدث في الأنظمة المسيطرة المستبدة وما وقع من ثورات شعبية وحراكات شعبية لتحرير الإسلام من هذه الطبقات (الإخوان في مصر، في تونس، في السودان، في الجزائر "حمس")، كان هذا تحليل المفكر اللبناني مهدي عامل لفكر أدونيس وما جاء في كتابه " الثابت والمتحول"، وهو تحليل فلسفي محض، بحيث من الصعوبة بمكان تفكيك الأفكار ومعاني الألفاظ لأنه صاحب الكتاب (ارتكز على الفكر الماركسي ليترك للقارئ الخيار بين ماركسية ماركس أو ماركسية الفكر السلفي وقد اتخذ صاحب الكتاب الثورة الإيرانية الإسلامية نموذجا للمقارن بين الإسلاموية والعروبوية، مشيرا أن الإسلاموية (فارس) انتصرت على العروبوية ( العرب) وسحقتها.

الخطأ الذي يقع فيه المؤرخون أن المؤرخ الذي يدّعي أنّه يكتب التاريخ أو يحلل الواقع الاجتماعي من وجهة نظر الإسلام عليه أن يحدد هذا الإسلام الذي يكتب من وجهة نظر تتميز بين إسلام المستبدين وإسلام المسحوقين ويدعي أن إسلامهم هو الإسلام واضعا أدوات معرفته في خدمتهم وفي خدمة إيديولوجيتهم على نموذج الفقهاء السابقين فهو بلا شك حُرٌّ في ذلك لمكن ما يكتبه ليس تاريخا ولا معرفة، إنه أسوأ أنواع الفقه وأشدّ أشكال الإيديولوجية الطبقية الرجعية، يعود مهدي عامل للحديث عن الثورة الإيرانية، فيقول أن انفجارها يعود إلى المرحلة الراهنة ذات الطابع الإنفجاري وظهور الثقافة وربط الإيديولوجي بالإقتصادي ربطا ماديا في دراسة تاريخ الثقافة يعني إلغاء الجانب الروحي من الثقافة، للإشارة أن كتاب الثابت والمتحول لأدونيس ظهر في طبعته الأولى قبل الحدث الإيراني وقبل موجة الفكر الديني عشية الحرب الأهلية في لبنان، اي أنه صدر في ذروة تطور ديمقراطي، كان للفكر الماركسي فيه ازدهاره وكانت له في حقل الصراع الإيديولوجي مواقع قوية تم خلالها استعارة كثير من مفاهيم الفكر الماركسي والإقتراب منه ووقع تجاذب بين الفكر المسيطر والفكر الثوري النقيض، فمنحى الثابت والمتحول في الثقافة العربية الإسلامية خلق صراعا بينهما وكان أبو ذر الغفاري من أوائل من ناضلوا بفكرهم وعملهم في سبيل تأسيس التحوّل وفي سبيل هذا التأسيس قتل عثمان بن عفان ولم يكن مقتله عملا فرديا وإنما كان جماعيا هو النموذج الأول للثورة في الإسلام.

***

قراءة علجية عيش

في المثقف اليوم