قضايا

في علم النفس: الانتباه والادراك (2)

ترجمة: احمد مغير

إدراك الشكل: غالبا ما يستخدم مصطلحا "الشكل" و "الشكل" بالتبادل. تثير دراسة إدراك الشكل العديد من الأسئلة، مثل: كيف ندرك الشكل؟ هل قدرتنا على إدراك الهيئة والشكل فطرية أم مكتسبة؟ كيف نفصل الرقم عن الأرضية؟ هل هناك قوانين تحكم تنظيم الإدراك؟ ما هي الأوهام ولماذا توجد هذه الأوهام؟ كيف ندرك الشكل؟

يتم تعريف الشكل أو النموذج على أنه مناطق المجال المرئي التي يتم تعيينها من بقية الحقل بواسطة محيط مرئي. أظهر فيرنر في عام 1935 كيف ينظر إلى الخطوط ودورها في إدراك الشكل أو النموذج. لإدراك شكل ما، يجب أن تكون معالمه حادة بما يكفي لتحديد المنطقة التي تسمى الشكل.

الشكل والخلفية (أو ارضية المشهد)

تخيل، إذا لم يكن الفصل بين الأشكال والأرضية او الخلفية موجودا، فكم كان العالم سيكون مربكا بالنسبة لنا. ربما لن يكون التنظيم الإدراكي ممكنا. على سبيل المثال، انظر الى شكل يبرز فيه كلمة مكتوبة على صفحة وتصبح الصفحة أرضية او خلفية. مثال آخر، ما يكتبه المعلم على السبورة السوداء يصبح "شكلا" وتصبح السبورة السوداء "خلفية". لا يمكنك قراءة أي شيء على السبورة ما لم يتم فصل الشكل (الكلمات) عن الخلفية (السبورة السوداء). في مجالنا البصري (مهما نظرنا في البيئة من حولنا) يتم فصل بعض المناطق لتشكيل الأشكال ويتم إنزال الباقي إلى الخلفية (الجزء الذي ليس مهما بالنسبة لنا) الذي ينظر سينظر الى الكتابة او الأرقام ولا ينظر الى الخلفية اي السبورة. الفصل بين الشكل والخلفية ضروري لإدراك الشكل. إنها ليست فقط خصائص الإدراك البصري، بل هي موجودة بكل ما تحمله الكلمة من طرائق على جميع الاحاسيس. على سبيل المثال، عندما تستمع إلى الموسيقى، يصبح الجزء الصوتي من الموسيقى (ما يغنيه المغني) شخصية ويتم إنزال الجزء الأساسي إلى الخلفية. إذا كان المستمع مهتما بالجزء الآلي ("الشكل") من الموسيقى، فإن الجزء الصوتي يصبح "خلفية".

اسمحوا لنا أن نعرف كيف يحدث هذا.

- الشكل له قوام، في حين أن الخلفية عديمة الشكل نسبيا.

- يبدو أن الخلفية تمتد وراء الشكل.

- يحتوي الشكل على بعض خصائص الشيء، في حين أن الخلفية تبدو وكأنها مادة غير مشكلة.

- يميل الشكل عادة إلى الظهور في الأمام، والخلفية خلفه.

- الشكل أكثر إثارة للإعجاب، ذو معنى، ويمكن تذكره بشكل أفضل.

محددات تنظيم الشكل -الأرضية

اقترح علماء النفس الجشطالت في ألمانيا، وخاصة كوهلر وكوفكا وفيرتهايمر، أن الدماغ لديه القدرة الفطرية على تنظيم التصورات. قالوا بوجود قوانين التنظيم التي تحدد الطريقة التي ندرك بها الأشياء. و يؤكدون أن المجالات الكهربائية في الدماغ مسؤولة عن تنظيم الإدراك. كانوا مهتمين أيضا باستكشاف التمييز بين الشكل والأرضية او الخلفية، ما الذي يجعل الأشكال تبرز على خلفية المشهد او المنظر.

قوانين التنظيم الإدراكي

- الشكل الجيد (قانون براغنانز): ينص هذا القانون على أن التنظيم الإدراكي سيكون دائما "جيدا" بقدر ما تسمح به الظروف السائدة. إن أبسط تنظيم يتطلب أقل جهد معرفي سيظهر دائما. براغنانز يعني أننا ندرك أبسط تنظيم يناسب نمط المحفز.

- القرب: سيتم تنظيم جميع المحفزات التي تحدث معا في المكان أو الزمان معا.

-التشابه: الأشياء الأخرى متساوية، سيتم تجميع العناصر المتشابهة في البنية أو التي لها خصائص مشتركة معا. أي يتم تجميع خمسة مربعات وخمسة مثلثات وخمس دوائر في أعمدة معا.

- الإغلاق: سينظر إلى الشكل غير المكتمل على أنه شكل كامل. الشكل الذي على شكل مثلث و يتكون من خطوط غير مكتملة، تحتوي على فجوة فيها. ينظر إليه على أنه مثلث على الرغم من حقيقة أن أضلاعه غير مكتملة. إن ظاهرة شبه الإغلاق تسفرعن ملامح ذاتية. يبدو الشكل كأنه مثلث بالرغم من ان اضلاعه غير متصلة وتوجد فجوات بينها ولكنها تبدو للادراك الدماغي أنه مثلث.

الاوهام  الأوهام هي تصورات خاطئة ناتجة عن سوء تفسير المعلومات الحسية. تعرف الأوهام أيضا باسم التصورات الخاطئة. على سبيل المثال، إذا كان هناك حبل سميك ملقى على جانب في الظلام، فيمكن أن يتصوره شخص يمر من هناك كثعبان. الوهم هو ظاهرة طبيعية تحدث لدى البشر والحيوانات.

لابد أن تكون قد عانيت من وهم القمر. يبدو القمر في الأفق أكبر بكثير في الحجم من القمر في ذروته. نحن نعلم أن صورة الشبكية للقمر في الأفق أو الذروة هي نفسها (القمرعلى نفس المسافة من الأرض)، ومع ذلك، فإن الحجم المدرك يختلف كثيرا. يأخذ أحد التفسيرات في الاعتبار العلاقة بين الحجم والمسافة. اقترح هيلمهولتز منذ فترة طويلة أن الحكم على الحجم مرتبط بالحكم على المسافة. على سبيل المثال، تكون زاوية الشبكية ثابتة، إذا كانت المسافة المحكوم عليها لجسم ما أكثر من المسافة المادية الفعلية، فسيكون الحجم المدرك أكبر أيضا من الحجم الفعلي والعكس صحيح. يزعم أنه مع كون صورة الشبكية هي نفسها، فإن المسافة المدركة للقمر في الأفق أكثر من المسافة المدركة للقمر في ذروته. وبالتالي، فإن الحجم المدرك للقمر سيكون أكبر في الأفق من الذروة.

الأوهام الهندسية: هناك عدد غير قليل من الأوهام التي يمكن إثباتها من خلال رسم بعض الخطوط، وتسمى هذه الأوهام الهندسية. الأكثر شهرة هو وهم مولر لير.   ادراك الفضاء: يشير إدراك الفضاء أيضا إلى إدراك الحجم والمسافة. تنبع المشكلة من حقيقة أن صورة العالم ثلاثي الأبعاد يتم إسقاطها على شبكية العين ثنائية الأبعاد. هذا يثير السؤال: كيف يمكن من الصورة ثنائية الأبعاد إدراك العالم ثلاثي الأبعاد؟ أو بعبارة أخرى كيف ندرك العمق والمسافة؟

ومع ذلك، في تجربتنا اليومية، نعلم أن تصوراتنا حول العمق والمسافة دقيقة للغاية. إذا لم يكن حكمنا على العمق والمسافة دقيقا، فسنكون قد اصطدمنا بالأجسام الموجودة في العالم الخارجي. لا يمكننا قيادة الدراجة أو السكوتر إذا كانت أحكامنا على العمق والمسافة غير دقيقة. المشكلة هي كيف يمكننا إدراك الفضاء بدقة (العمق والمسافة) من صورة ثنائية الأبعاد على شبكية العين.

المسافة: تشير إلى المدى المكاني المطلق (D) بين المراقب والجسم. المقابلة للمسافة المادية (D) هناك مسافة مدركة (D') يشار إليها أحيانا باسم المسافة الظاهرة أيضا.

العمق: هو المدى المكاني النسبي بين جسمين كما يراهما المراقب. على سبيل المثال، المدى النسبي بين الشجرتين كما يراه المراقب. المقابلة للعمق المادي هو العمق المدرك، العمق الذي يدركه الفرد.

الحجم: يحتوي الكائن على حجم مادي (S) موجود هناك. يدرك الفرد هذا، ويسمى الحجم المدرك (S').

من المثير للاهتمام أن نفهم أننا ندرك العمق والمسافة بمساعدة الإشارات المختلفة المتاحة لنا. يمكن تقسيم هذه الإشارات إلى ثلاث فئات، إشارات غير مرئية، إشارات ثنائية المنظار،إشارات أحادية المنظار. وسنناقش هذه الإشارات بإيجاز.

***

د.احمد المغير/ طبيب اختصاصي وباحث

في المثقف اليوم