قضايا

تعدّد الزّوجات أم تعدّد العشيقات أيهما تختار المرأة المسلمة؟

كل الأديان السماوية دعت إلى تعدد الزوجات

أضحت ظاهرة العنوسة تشكل خطرا على المجتمع العربي الإسلامي وهذا بطبيعة الحال ما يؤدي إلى فتح باب موجة الانحراف، وربما آن الأوان لتشكيل جمعية أو منظمة غير حكومية للمرأة العانس تطالب بحقها في الاستقرار النفسي، وإعطاء الحق للرجل الزواج بأخرى دون قيد، طالما هو حق نصت عليه الشريعة الإسلامية وهذا من شأنه أن يحفظ كرامة كل من الرجل والمرأة، وكان أحد الأئمة في الجزائر وهو الإمام ( بلال. ق) من عاصمة الهضاب العليا قد تطرق إلى ظاهرة العنوسة في الجزائر عبر تغريدة نشرها في القضاء الأزرق (الفايسبوك) وترك العنان للجمهور لإبداء رأيه بحرية،  ولقيت تغريدته مئات التعليقات  تباينت بين موقف المرأة والرجل،  فكان لابد من تسليط الضوء على ظاهرة العنوسة وما ترتب عنها من نتائج، إذا قلنا أنه حتى الرجال أصبحوا يشتكون من العنوسة في الجزائر مثلا فهناك من تجاوز سنّ الستين ولم يتزوج بعد  لأسباب اجتماعية اقتصادية،الغريب انه  في الوسط المهني نقرأ عن وجود الخليلة أو كما تسمى باللاتينية بـ:  la maitresse

 أخذت المرأة في الأساطير القديمة السومرية البابلية مكانة عظيمة ولعبت دورا أساسيا في حياة الآلهة، بحيث لا توجد أية أوصاف لاحتقار المرأة، أما في عصرنا الحديث فقد أصبحت المرأة قضية في حدّ ذاتها، وشكلت مع الرجل وحدة ذات أوجه متعددة، وأصبح مصيرها متعلق بمصير المجتمع نفسه وبمصير الرجل بالدرجة الأولى، ففي المجتمع الأمريكي ارتبط مفهوم الزواج بمفهوم الثروة ولا يتم الزواج إلا بتوفر هذا الشرط ولا تتحدد قيمة الفرد الاجتماعية، إلا بما يمتلكه من مال، وأصبح الزواج عملية اقتصادية رابحة كانت الضحية الأولى فيها هي المرأة بسبب غياب التكافؤ الاجتماعي الفكري والثقافي، وقد دأب المجتمع العربي المسلم على هذه الطريقة، ولكون همه الوحيد هو المال والجاه أصبح يشترط فيمن تشاركه حياته أن تتوفر على هذه الشروط دون العمل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وقد نشأت عن هذه الأسباب والعوامل ما يسمى بالعنوسة التي أصبحت تهدد كيان المجتمع العربي المسلم، نظرا للنتائج الوخيمة والمظاهر السلبية التي نجمت عنها.. وهذا يستوجب البحث عن الحلول والعلاج الناجع للقضاء على هذه الظاهرة، سؤال طرحنا وهو كالتالي: هل يكمن الحل في تعدد الزوجات أم تعدد العشيقات..؟

تلك هي إشكالية طرحها العديد من الكتاب المهتمين بشأن المرأة والحياة الزوجية ومن بين هؤلاء حاولوا إيجاد الحلول الملائمة، لاسيما تلك التي تتماشى وديننا الحنيف، ويتعلق الأمر بتعدد الزوجات بدلا من اللجوء إلى الطرق الغير شرعية، لاسيما وقد وجد بعض الأزواج الذين يعانون مشاكل زوجية من تعويض هذا النقص أمام تفاقم العنوسة وذلك باتخاذ الخليلات أو العشيقات، ومن بين هؤلاء الدكتور خاشع حقي، حيث أعطى لهاته الإشكالية الكثير من الاهتمام والتركيز مقدما أمثلة حية عن بعض المجتمعات التي لا تنتمي إلى الإسلام ومنها الديانة اليهودية والمسيحية في تطبيقها فكرة تعدد الزوجات، في الوقت الذي لم يعمل المسلمين بهذا الحل، وتركوا المرأة المسلمة تغرق في وحل من الرذيلة، إلى جانب غياب الوعي الديني، والإيمان لدى المرأة المسلمة، بحيث ترفض هذه الأخيرة أن تكون لها "ضُرّة"، فقد ألقى الكاتب خاشع حقي نظرة عامة على المرأة في مختلف المجتمعات متطرقا إلى بعض الشرائع في معالجتها هذه القضية.

 ومن بين الشرائع التي تطرق إليها الكاتب نجد شريعة "مانو" في الهند، ترى شريعة مانو المرأة على أنها كانت قاصرا طيلة حياتها ولا يحق للمرأة الاستقلال على أبيها أو زوجها بل يجب أن تموت يوم موت زوجها وتحرق معه وهي حيّة على موقد واحد، وكانت المرأة الهندية تتقبل ذلك من باب الطاعة للزوج والخضوع لأوامره، وفي الأنظمة الفارسية يمارس الرجل سلطته المطلقة على المرأة أي "الزوجة" ويتصرف فيها تصرفه بمتاعه وسلعته، ونفس الشيء عند الرومان، كما تبيح هذه الأنظمة الزواج من الأمهات والأخوات والعمات والخالات، أما المجتمع الصيني فالمرأة عندهم فهي مجرد أداة للمتعة ومجال للتسلي..، بعد هذا الاستعراض السريع لوضع المرأة خلال التاريخ وعند الشعوب يتطرق الكاتب إلى مكانة المرأة في الإسلام من خلال الأدلة القاطعة التي أعلنها الإسلام على لسان رسول الله قرآنا وسُنّة، فقد جاء هذا الدين فمنح المرأة إنسانيتها وجعلها مساوية للرجل سواء بسواء، بحيث حارب الإسلام التشاؤم من الأنثى كما كان شأن العرب في الجاهلية، منكرا هذه العادة السيئة اشد إنكار، وأوجب حسن رعايتها وإكرامها، ويقارن الكاتب بين مكانة المرأة في الإسلام وبين مكانتها في الأنظمة الأخرى، لاسيما النظام اليوناني عندما كان الرجل يبحث لابنته عن زوجا مقابل "منحه ماله"، وكان الرجال تبعا لذلك يتزوجونهن دون أن ينشدوا فيهن الجمال أو المحبة أو الأخلاق، لأنه ينوي أن يعاشر غيرها من العشيقات بمالها ويترك لها حرية التصرف بجسدها، كذلك مكانة المرأة في الأنظمة الغربية التي تعفي الأب من النفقة عليها إذا بلغت ثمانية عشر عاما، فتسيب دون معيل وربما دفعها ذلك إلى أن تعيش بِبُضْعِهَا وتبيع شرفها وتهدر كرامتها بأبخس الأثمان.

وهذا ما يحدث الآن في العصر الحديث وحتى في المجتمع المسلم الموحد، عندما أُهْمِلَ الجانب الديني الذي يضع المرأة منزلة رفيعة من القدر والاحترام ومنحها حرية الاختيار والتصرف والأهلية الكاملة، ويؤكد المؤلف أن الابتعاد عن الدين وعن كتاب الله وسنة رسوله أغرق المجتمع العربي المسلم في مشكلات اجتماعية لا حصر لها أهمها الاغتصاب والعنوسة الذي أدّى ببعض النساء إلى "الزنا" وعندما قال الدين الإسلامي بتعدد الزوجات لم يكن بدعا في تشريعه التعدد، فقد سبقت إليه الأديان الأخرى ففي اليهودية والمسيحية ذكر الدكتور خاشع حقي ما ورد في العهد القديم وفي التلمود من إباحة لتعدد الزوجات لاسيما في شريعة موسى عليه السلام والدليل على ذلك أن نبيّ الله داود كانت له 99 امرأة ولسليمان (1000) ألف امرأة من الحرائر والسراري..، ثم جاء الإنجيل مكملا للتوراة وفي ذلك قول عيسى عليه السلام: " لا تظنوا أني جئت لأنقص ناموس الأنبياء ما جئت لأنقص بل لأكمل.." وفي موضع آخر من إنجيل متّى ( إصحاح بند 1،2،3)، " أحفظوا كلام موسى عن الكتبة الفريسيين ولكن لا تفعلوا ما يفعله يهود هذا الزمان لأنهم يقولون ما لا يفعلون " وهذا دليل على أن شريعة عيسى عليه السلام " لا تُحَرّمُ تعدّدَ الزّوجَات" ولم يرد في المسيحية نص صريح بمنع تعدد الزوجات وإنما ورد فيه على سبيل الموعظة، وقد كان التعدد منتشرا بين المسيحيين إلى عهد قريب أي إلى سنة 1750م...، فقد كان لفليب أوفاهيس وفريديريك وليام الثاني البروسي زوجتان بموافقة القساوسة اللوثريين، فالتعاليم المسيحية لم تكن تتضمن تحريم تعدد الزوجات بدليل أن السيد المسيح ولد وبشر بتعاليم في بيئة يهودية كانت في ذلك الوقت تؤمن بتعدد الزوجات وتمارسه أي تطبقه قولا وعملا.

الحكومة الألمانية تتبنى نظام تعدد الزوجات في الإسلام

وقد ناضلت بعض الفرق المسيحية بشدة من أجل تقرير تعدد الزوجات ومارسته كذلك ومن هذه الفرق " الأنابيتسيت" Anabaptistes في ألمانيا في منتصف القرن السادس عشر، حيث كانوا يبشرون بتعدد الزوجات علانية ويقولون: إن المسيحي الحقيقي يجب أن يكون له زوجات متعددة، ومنها كذلك (المورمون) Mormon في الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل القرن التاسع عشر حيث كانوا يمارسون تعدد الزوجات، منهم حسب ما ذكره مؤلف الكتاب الدكتور خاشع حقي شارلمان فيليب، فريديريك، فقد كان لكل منهما زوجتان..، ومن أجل الحصول على ابن فإن مسيحيين كثيرين أبرموا عقدا زوجيا ثانيا لاستمرار ذكرهم ودوام اسمهم، وأحيانا تدفع المرأة نفسُها زوجَها إلى ذلك، فقد روي أن امرأة مسيحية أرثوذكسية من "مادبا" قالت لزوجها يوم وفاة ابنهما الوحيد وأثناء مراسيم الجنازة: "اتخذ زوجة ثانية لتلد لك أولادا فأنا عجوز"، ففي عام 1949 طالب أهالي (بون) عاصمة ألمانيا من السلطات المختصة أن ينص الدستور الأماني على إباحة تعدد الزوجات نتيجة لزيادة عدد النساء في ألمانيا الاتحادية، وقد بعثت الحكومة الألمانية في بداية 1960 إلى مشيخة الأزهر تطلب منها نظام تعدد الزوجات في الإسلام من أجل الاستفادة منه حلا لمشكلة العنوسة وزيادة عدد النساء..، هذا وقد اعترفت المسيحية المعاصرة بالتعدد في إفريقيا السوداء هذه الحقيقة ذكرها "نورجيه" مؤلف كتاب النصرانية في أواسط أفريقيا.

ماذا عن واقع المجتمع العربي المسلم؟؟

نعم وجب التركيز عن المجتمع العربي المسلم، نققدم هنا المجتمع الجزائري كعيّنة، فمآسيه تزداد يوما بعد يوم وتتفاقم عواقبه الوخيمة ساعة بعد أخرى لينذر بالمحق والدمار ولا يملك المصلحون والدعاة أية وسيلة لتشجيع المرأة المسلمة على قبولها تعدد الزوجات وذلك من أجل إنقاذ أختها المسلمة من الضياع والوقوع في الحرام...، والذي يثير الدهشة ولا ينقضي منه العجب ما يلحظه المطلع على القانون الجديد للأسرة الجزائرية وما يحويه من التناقض، فقبل تعديله أعطى قانون الأسرة الجزائري للزوجة الحق في الموافقة إذا ما أراد الزوج الزواج بثانية، وبالتالي يقيد الزوج بأنواع القيود، فيصبح الحل عنده سهلا وهو إقامة العلاقات المحرمة ويصبح الزنا مباحا لا شبهة فيه، ويبقى الخيار المطروح في الأخير لدى المرأة المسلمة ماذا تفضل لزوجها "تعدد الزوجات أم تعدد العشيقات...؟؟"، كانت هناك نقاشات عديدة حول هذه القضية، دارت بين باحثين من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامسة بالجزائر، ومنهم الدكتورة وافق مختصة في تفسير القرآن وأستاذة بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية إلى واقع الدول الغربية التي كانت يوما من دعاة حقوق الإنسان اليوم، وكيف فقدت أهم عنصر في الحياة، ألا وهو "المرأة" باعتبارها كائن بشري ضروري في بناء مجتمع سليم خال من كل الشبهات والانحرافات، وباسم التحرر ومطالبة المرأة بالمساواة مع الرجل طرقت نساء العالم أبواب الدعارة من بابه الواسع، والمتاجرة بأجسادهن من أجل الحصول على الرزق أمام التفاقم الكبير للفقر والبطالة.

 الجزائر تمثل أكثر الدول انتشارا للعنوسة

 ففي الجزائر مثلا  وكعينة تقول أرقام أن نسبة العنوسة ترتفع من سنة لأخرى حيث تراوحت في السنوات القليلة الماضية إلى حدود 12 مليون عانسا، وقد يكون الرقم قد ارتفع، مما جعل المرأة تطالب اليوم بحق إنصافها مقابل تخليها عن حقها في المساواة مع الرجل، الأسباب عديدة ومتعددة في انحراف المرأة عن النهج الطبيعي لها ذكرتها الدكتورة وافق وهي توجه اللوم إلى الإسلاميين، واعتبرتهم أنهم الذين ظلموا المرأة وأساءوا إليها ولم يطبقوا ما جاء بها القرآن، بدليل أنه لا توجد رموز نسائية إسلامية، ولا توجد قيادة نسوية أو مرجعية نسوية إسلامية، وهذا نتيجة التعصب في الدين وعدم تطبيق ما جاء به الإسلام في الشؤون التي تتعلق بالمرأة ومعاملتها، وتروي الدكتورة صونية وافق قصتها مع الإسلاميين عندما اسْتُدْعِيَت لإلقاء محاضرة في الملتقى الدولي حول القرآن الكريم نظم بمسجد الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، تقول أنها مُنِعَتْ من دخول المسجد بحجة أن صوتها "عورة "، رغم أن جل طلبتها بالجامعة كانوا رجال وقد اعتادوا على سماع محاضراتها بشكل عاد وطالما دخلت معهم في نقاشات وحاورتهم في مختلف القضايا الشرعية.

***

علجية عيش كاتبة من الجزائر

 

في المثقف اليوم