قضايا

علي حسين: أنا أريدُ.. إذن أنا إنسان

في الخامسة عشر من عمره ارسله والده لرؤية فيلسوف قرطبة الشهير. كان ابن رشد يبلغ من العمر آنذاك " 57" عاما، عندما طلب من صديقه علي بن محمد الحاتمي، ان يرى ابنه البكر محمد لما سمع من حكايات تشير الدهشة، عن هذا الصبي الذي يردد ان يعتزل العالم .

بعد سنوات سيُصبح هذا الفتى شديد الإيمان بأن يتعلم المرء من الآراء التي يجد نفسه مختلفا معها، أوحتى التي تبدو له غريبة، هذا لأن محي الدين بن عربي كان يرى ان من المحتمل كثيرا وجود ثغرات من الحقيقة متناثرة هنا وهناك، بل حتى في اكثر الاماكن غرابة، والمطلوب منا استخراجها من خلال المثابرة على طرح السؤال التالي: " هل الانسان حقا روح العالم، ولو فارق العالم هذا الانسان مات العالم؟ يكتب: " ان الملائكة ليست سوى قوة كامنة في ملكات واعضاء الانسان "، انفق ابن عربي معظم حياته في التفكير في الكيفية التي ينبغي ان يكون عليها الانسان، لقد اراد معرفة كيف السبيل الى ان يتحسن الانسان، كيف تصير له القدرة على الاكتمال في عالم هو برأي ابن عربي افضل عالم، يسير على طريق مستقيم اراده له الله . ذلك ان الحكمة الإلهية ارادت له الوجود بأيسر الطرق وأكثرها استقامة، واذا خيل لأحد بأن في العالم نقصا أو اعوجاجا، فانه لا يعرف سر الخلق: " ومثل هذا يشبه من يجهل ان اعوجاج القوس عين استقامته، فأن رمتَ ان تقيمه على الاستقامة الخطية المعلومة كسرته، فلم تبلغ انت بالاستقامة اللائقة به " – الفتوحات المكية تحقيق عثمان يحيى –

يردد ابن عربي عبارته الشهيرة " من عرف نفسه فقد عرف ربه " بمعنى ان السير في معرفة الحقيقة والوصول الى الحق هو الطريق الى الله، لان الانسان خلق على صورة الإله، فعليه أن يدرك الله وصفاته في نفسه . ويرى ابن عربي ان الانسان يمثل نسخة حقيقية للكون، بمعنى انه يوجد في الانسان شيء من السماوات وشيء من الارض وبهذا المعنى هو " نسخة من العالم " .ان مفهوم الانسان بوصفه كونا اصغر يمثل نقطة الانطلاق التي يستخدمها ابن عربي في تفسيره لنظرية " الانسان الكامل " ومواصفات هذا الانسان ان يكون: " متفقداً لجميع أخلاقه، متيقظًا لجميع معايبه، متحرزا من دخول كل نقص عليه، مستعملًا لكل فضيلة، مجتهدا في بلوغ الغاية، عاشقا لصورة الكمال، ملتذًّا بمحاسن الأخلاق، متيقظا لمذموم العادات، معتنيا بتهذيب نفسه، غير مستكثر ما يقتنيه من الفضائل، مستعظما لليسير من الرذائل، مستصغرًا للمرتبة العليا، مستحقرا للغاية القصوى، يرى التمام دون محله، والكمال أقل أوصافه، فأما الطريقة التي توصله إلى التمام وتحفظ عليه الكمال، فهي أن يصرف عنايته إلى النظر في العلوم الحقيقية، ويجعل غرضه الإحاطة بماهيات الأمور الموجودة، وكشف عللها وأسبابها وتفقُّد غاياتها، ولا يقف عند غايةٍ من علمه إلا ورَنَا بطرفه إلى ما فوق تلك الغاية، ويجعل شعاره ليله ونهاره قراءة كتب الأخلاق، وتصفُّح كتب السِّير والسياسات. وأخْذ نفسه باستعمال ما أمر أهل الفضل باستعماله، وأشار المتقدمون من الحكماء باعتياده، ويَنشُد أيضًا طرفًا من أدب البيان والبلاغة، ويتحلى بشيء من الفصاحة والخطابة، ويغشى أبدا مجالس أهل العلم والحكمة، ويعاشر دائما أهل الوقار والعفة " - الفتوحات المكية تحقيق عثمان يحيى - . ونظرية الانسان الكامل تفسر النشأة الانسانية بالحديث المنسوب الى الرسول، خلق الله آدم على صورته، فالله قد خلق الانسان على صورته وحلاه باوصافه وسماه باسمائه فهو الحي والانسان حي، وهو العليم والانسان عليم، وهو الموجود والانسان موجود، فالانسان متصف بالكمال وهو: " الكون الجامع لجميع حقائق الوجود، هو العالم الأصغر الذي انعكست في مرآة وجوده كل كمالات العالم " – فصوص الحكم تحقيق ابو العلا عفيفي -

ولد ابو بكر محمد بن محمد بن علي بن محمد الحاتمي المعروف بمحيي الدين، والشيخ الاكبر وابن افلاطون في مدينة مرسيه الواقعة جنوب الاندلس في الثامن والعشرين من تموز عام 1165 ميلادية، توقع والده ان حياته ستكون قصيرة بسبب الامراض التي ألمت به وهو طفل، كان الابن الثاني لعائلة غنية، عاش حياة هادئة، لم يذهب الى المدرسة، حيث كان المعلمون يأتون الى بيت اهله، درس القرآن، وقرأ في كتب المتصوفة التي كانت في مكتبة عمه " ابو محمد العربي "، كان والده من الاعيان، فاصطحبه معه في جولات بين مدن الاندلس .ويخبرنا ابن عربي ان له خالان سلكا طريق التصوف: " كان بعض اخوالي من الزهاد الذين تركوا الدنيا عن قدرة " –الفتوحات المكية - . في الثامنة من عمره تنتقل عائلته الى اشبيلية بعد ان سيطر الموحدين على مدينة مرسيه،، كان ابوه مقربا من حاكم اشبيليه وذا صلات وثيقة بالنخبة الفكرية، تكفل بنفسه مسألة تعليم ابنه لاسيما الفلسفة والفقه وعلوم الدين، وسرعان ما جذب الانظار اليه فكان ان دعاه ابن رشد ليسأله عن طبيعة الانجازات الروحية التي حققها .

يقول كتاب سيرة ابن عربي ان شغفه بالتصوف يرجع الى اتصال والده بالصوفي الكبير عبد القادر الجيلاني الذي لقب بسلطان العارفين، ويقال ان بزوغ ابن عربي نفسه إنما جاء نتيجة النفوذ الروجي للجيلاني الذي تنبأ لابن عربي منذ الصغر بان " هامته ستعلوا بها مواهب بارزة " – الصوفيون تاليف ادريس شاه ترجمة بيومي قنديل - .

في الثامنة عشرة من عمره يتوجه الى لشبونه لدراسة القانون والفقه، بعدها يسافر الى اشبيلية لدراسة علوم القرآن والحديث، وفي قرطبة اصر ان يحضر دروس الشيخ ابو القاسم الشراط التي كان يلقيها في جامع قرطبة .

في الثلاثين من عمره يسافر الى تونس وهناك يبدأ بتاليف اول كتبه " الاسراء "، بعدها يعود الى قرطبة لحضور جنازة ابن رشد، يقوم برحلات الى مصر وبيت المقدس ويقضي سنتين في مكة، حيث يتفرغ لكتابة مؤلفه الضخم " الفتوحات المكية "، في مكة يلتقي " عين الشمس نظام " وهي ابنة رجل من اصفهان مقيم في مكة، تميزت بالذكاء والتقوى والتبحر بعلوم القرآن، فضلا عن جمالها، كتب عنها قصائد شعرية جمعت في ديوان عنوانه " ترجمان الاشواق " – تحقيق عبد الرحمن المصطاوي – وقد اتهمه البعض بالتغني بالجمال الانثوي فكان رده بجملة بليغة: " المرأة الجميلة ليست سوى عمل فني مقدس " . وسيقدم ابن عربي شرحا لديوان " ترجمان الاشواق " يوضح فيه كيف يُصاغ القول بعبارات الغزل، حين يكون المقصود هو الأسرار الإلهية..وبسبب موقف رجال الدين منه، سيوجه ابن عربي سهامه الى الفقهاء الذين يتكالبون على جمع حطام الدنيا على حد قوله وهم ليسوا في حاجة اليه، ويتهمهم بالنفاق والرغبة في تحصيل الجاه، مما يدفعهم الى تملق الحكام والسعي الى تحقيق اغراضهم، وهو يرى ان الفقهاء اشد خلق الله على الاولياء والمتصوفة .

سيقضي ابن عربي عدد من السنوات في رحلات بين القاهرة وبيت المقدس ومكة وقونية وبغداد والموصل، ليستقر في النهاية في دمشق التي وصلها عام 1230، حيث وجد فيها الراحة والحماية من قبل الاسرة الايوبية الحاكمة، فاخذ يلقي دروسه على بعض الطلبة واصبح له اتباع، عاش حياة هادئة استطاع خلالها أن يضع عددا من الكتب كان اشهرها كتاب " فصوص الحكم " والذي يعد بمثابة وصيته الفلسفية، وفي دمشق اكمل وراجع " الفتوحات المكية " حيث انهى النسخة الثانية عام 1238 . في سنواته الاخيرة حاصرته الامراض فقال لاحد اتباعه: " قل لاصحابك استغنموا وجودي من قبل رحلتي " ليرحل عن عالمنا في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1240 وكان يبلغ الخامسة والسبعين من عمره، دفن بمقبرة في جبل قاسيون، واقيمت له مراسيم صلاة في جامع دمشق، ويقال ان دمشق شيعته بجنازة مهيبة مثلما تمنى في كتابه " الفتوحات المكية " حيث قال: " فتسأل الله تعالى لنا ولاخوتنا ان يكون المصلى علينا عبدا يكون الحق سمعه وبصره ولسانه " .

في اللقاء الذي تم بين ابن رشد والفتى ابن عربي سأله ابن رشد: هل المنزلة التي وصل اليها الفلاسفة بالعقل والفكر، هي نفس المنزلة التي وصل إليها المتصوفة بالايمان والتجرد؟ فكان جواب ابن عربي: " نعم، ولا. وبينهما تطير الارواح " . نعم، لأن العقل يدرك ويلمس أسرار الكون وعجائبه، ولا، لان العقل المجرد مع وصوله إلى تلك القمة ينحدر وينزلق، ويضل في تفهُّم ذات الله، والعقل المجرد، ليس له من القيود ما يعصمه من سبحاته، التي تتطاير حول المعارف مع الريح في شتى الاتجاهات والغايات، فتصيب حينا وتخطئ أحيانا، ولهذا قال محيي الدين: وبين نعم ولا تطير الأرواح.

يؤمن ابن عربي بان الغرض من الفلسفة ومن تعلمها، انما لإصلاح النفس بأن تستعمل الفضائل، وحسن سياستها للمنزل والرعية، وهذا نفسه لا غيره هو غرض الشريعة ايضا من وجهة نظر ابن عربي .

ويخبرنا ان غالبية كتاباته عبارة عن نتائج لتجارب روحية، فهو يخبرنا ان كتابه " فصوص الحكم " تلقاه من يد النبي في رؤيا، وكذلك اجزاء من كتابه " الفتوحات المكية " الذي قال ان افكاره تولدت لديه من فيض حصل عليه من احد التجليات الالهية: " إنني اتحدث بأذن (من الله) .. اننا بالحضرة الإلهية فقط قلوب معلقة بباب الحضور الالهي، منتظرين بأن يفتح، نحن فقراء محرومون من أي معرفة ".

يرى ابن عربي في كل الاديان دروبا مختلفة تنطلق من مبدأ واحد لتوصل إلى غاية واحدة . وقد اوضح هذه الفكرة بقوله إن كل عبادة حتى ولو كانت موجهة لشيء وهمي، لا يمكن إلا ان تستهدف الله لأن كل الكائنلت تجليات له، وسينطلق عبد الكريم الجيلي من مشروع ابن عربي في التسامح الديني ليعلن ان كل دين بما في ذلك الوثنية، هي مظهر من مظاهر عبادة الله، مستندا الى ابيات ابن عربي الشهيرة:

لقد صار قلبي قابلاً كلّ صورةٍ

فمرعى لِغُزلان وديرٌ لرهبانِ

*

وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ

والواح توراةٍ ومصحف قرآنِ

*

أدينُ بدين الحب أنًى توجهت

ركائبهُ، فالحبُ ديني وإيماني

عندما يتحدث ابن عربي عن منهجيته يقول انه لم يحدد لنفسه غاية عند الكتابة، بل يعتمد على ومضات من الإلهام، والطريقة الوحيدة للتخلص منها من عقله كانت بكتابتها . كان يكتب بأمر من الله الذي كان يلقاه اثناء نومه . ويصف ابن عربي هذا الحدس الروحي بانه كشف وفتح وهذا ما يتضح في فصوص الحكم الذي قال انه تلقاه كله في المنام، وقد مارس هذا الكتاب تاثيرا كبيرا على المتصوفة، واثر في افكار جلال الدين الرومي، وكان الشاعر الايطالي دانتي مسحورا بكتاب فصوص الحكم الذي ترجم الى اللاتينية . وعبر اسين بلاثيوس عن هذا التاثير قكتب: " عبر ابن عربي عن تعاليم وافكار الاجيال الصوفية التي سبقته، مسجلا لاول مرة، وبشكل منتظم، اطار واسع للتجربة الصوفية والتقاليد الشفوية " – ابن عربي ترجمة عبد الرحمن بدوي –

واذا تحدث ابن عربي في الكشف الرباني فهذا لا يعني انه رفض لدور العقل . فابن عربي يؤكد ان العقل ضروري في اكتساب معرفة الاشياء الحقيقية، وجعل في مركزية تفكيره دور البشر وقدرتهم في تحقيق صفات الله في ذواتهم . ويقصد ابن عربي بتلك الصفات الرحمة والغضب والعدل والجمال .وهذا يدل على فردانية البشر لانهم خلقوا على صورة الله . ويعترف ابن عربي ان العلم الصحيح هو اعلى درجة من الايمان، فهو يشمل على الايمان ويحفظه، ولهذا يسمو العلم فوق اي مفهوم للايمان: " تعلموا العلم، فان تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ودراسته تستبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وهو الانيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة، والدليل على السراء والضراء" – الفتوحات المكية تحقيق عثمان يحيى - .ويرى ابن عربي ان المعرفة والعارف من اشهده الرب نفسه فظهرت منه الاحوال والمعرفة حاله، بينما العالم كم اشهده الله الله الوهته، ولم يظهر عليه الله حال، والعلم حالة " – رسائل ابن عربي تحقيق - وتشير هذه المقارنة بين المعرفة والعلم الى ان ابن عربي دعى الفضل للعلم " العلم الحق، والحق العلم " .

يشكل الحب مصدرا من مصادر فلسفة ابن عربي، فهو يرى ان العالم جميل وجدير بالحب حيث انعكس فيه جمال الله وكماله . ولو كان في العالم شيء من القبح لنزل عن الدرجة التي اراد الله ان يخلقه عليها .واذا كان الله مصدر الخير، فلا يجوز اعتبار الانسان مصدر الشر، وانما يقال بعض اعمال الانسان تحمل الشر، فالشر المحض لاوجود له، وبخلافه المحبة والخير ومعناها الوجود المحض نحن نسمي الشر شرا لاننا نجهل الخير المستتر فيه ونجهل الحكمة الالهية من خلقه، فالله في النهاية يغمر الموجودات جميعها بمحبته .ويرى ابن عربي ان الحب الإلهي السعادة الكبرى والنعيم الابدي ذلك لأن: " الحب المتعلق بشيء ازلي يغدق على النفس صفاء لا كدر فيه" – فصوص الحِكم تحقيق ابو العلا عفيفي – والحب اساس العبادة، ولولاه ما عبد شيء، لان العبادة تقديس، والتقديس سبيله الحب . والمحبوب الحق هو الذات الإلهية، التي تتجلى فيها معاني الجمال، وبالحب الإلهي يتأخى الناس، وإن فرقت بينهم الاديان .كان ابن عربي يرى ان الحب الإلهي سبيل الى قيام دين عالمي لا يقف عند الحدود التي وضعها رجال الدين واصحاب الملل . وليس الحب مقصورا على البشر، فالله يبادل عباده الحب أيضا .ولهذا فالحب سر الخلق ومغزى وجوده في هذه الدنيا، ولولا حب الله لذاته، ورغبته في التجلي لما برز في الوجود مخلوق، فلولا هذه المحبة لما ظهر العالم، فوجوده ناتج عن حركة حب الهية . ولما كان الحب سبب الوجود، كان الوجود باكمله مشمولاً بالرحمة والغفران، فلا مذنب ولا إثم إلا ومشمول برحمة الله المحبة للجميع . والله يحب الناس لهم ولانفسهم .. والله يبادل عباده حباً بحب واشتياقا باشتياق، بل ان شوقه الى عباده اقوى من شوقهم اليه يكتب ابن عربي: " قال تعالى: ما ترددت في شيء، أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن، يكره الموت، واكره مساءته، ولا بد له من لقائي " – فصوص الحكم تحقيق ابو العلا عفيفي-

بلعت كتب " ابن عربي " كما اخبرنا في الفتوحات المكية " اكثر من اربعمائة كتاب "، ويضع المستشرقون ابن عربي من حيث الانتاج الفكري بموازاة ارسطو في مجال الفكر .وهذه الكتب على كثرتها تعكس المراحل الفكرية التي مر بها ابن عربي، وكيف كان ممزقا بين الإيمان والعقل .

ان نظرية ابن عربي تفوم على تجل حقيقي يبدي فيها الله ولعا شديدا، يقوم على المحبة لاظهار ذاته، كذلك رغبة كبيرة في المعرفة والحب، ولهذا فعندما رغب ابن عربي في ان يختار صفة يستخدمها الله في فعل الخلق فإنه لجأ الى احد الاسماء التي يطلقها القرآن على الله ألا وهو اسم الرحمن . إذن فالخلق، قبل اي شيء، هو ثمرة لرحمانية الله ولمحبته للانسان .

كان ابن عربي فيلسوفا من طراز خاص، رغم انه انكر علاقته بالفلسفة، قرأ افلاطون جيدا، ورفض ان يكون مؤمنا من غير تفكير، فطور فهما جديدا لمكانة العقل عند الانسان .كانت مساهمة ابن عربي الكبرى تعليمنا ان اي كائن بشري وليس المسلم فقط، قادر على بلوغ حقائق عظيمة ان هو استفاد من اعظم عطية قدمها الله للبشر وهي العقل .واصر على ان الافكار الحسنة يمكن ان تاتي من اي مكان بصرف النظر عن العقيدة والجنس .

صحيح ان ابن عربي كان رجلاً شديد الإيمان إلا انه قدم اطارا فلسفيا لعملية الاخوة البشرية، وظل يذكرنا بان الحكمة يمكن ان تأتي من الحدس مثلما تأتي من التفكير العقلي، ويمكن أن تأتي من زهاد . انه منفتح على ذلك كله، وهو ياخذ ما يراه مفيدا ..فالحكمة بالنسبة لابن عربي تتجلى في صور متعددة وعقائد متباينىة وديانات مختلفة، والعارف من يدرك ان هذه كلها من مصدر واحد:

عقد الخلائق في الإله عقائدا

وانا اعتقدت جميع ما عقدوه

***

علي حسين

رئيس صحيفة المدى البغدادية

 

في المثقف اليوم