قضايا

زعيم الخيرالله: دار الاسلام ودار الحرب اجتهادٌ فقهيٌّ فرضهُ الواقعُ

دارُ الاسلامِ ودارُ الحربِ، هل هذه الثُنائِيَّةُ في التَّقسيمِ تُمَثِّلُ الرُؤيَةَ النِّهائِيَّةَ لِفِقهِ العلاقاتِ الدَّولِيَّةِ في الاسلام؟ أَمْ أَنَّها تُمَثِّلُ اجتهاداً فقهيّاً تأريخيّاً فَرَضَهُ الواقعُ التأريخي الذي عاشَهُ المسلمونَ آنَذاك؟

كانت العلاقاتُ الدَّوليَّةُ في الوقت الذي برزت فيه هذه الرؤيةُ الثنائيَّةُ للعالَمِ لاتعرِفُ إِلاّ لغةُ القُوَّةِ والحرب في حَلِّ المُشكلاتِ. كانت القُوَّةُ هي اللغةُ السائدةُ، وكانَ منطِقُ القُوَّةِ هو المنطِقُ المُهَيْمِنُ، كانَ القَوِيُّ يأكُلُ الضَّعيفَ. هذا هوَ المنطقُ السائدُ آنَذاك.

أَلأَصلُ في العلاقاتُ الانسانيَّةُ هو السلامُ، والحربُ هي الحالةُ الطارِئَةُ التي يُلجَأ اليها كضَرورةٍ وكحَلٍّ عندما لايكون هناك حلٌّ.

واذا كانتِ الحربُ هي الحالَةُ الطارئَةُ والشاذَّةُ ؛ يمكنُ ان تكونَ القسمةُ ثلاثيَّةً كما قَسَمَ البعضُ العالم الى: دار اسلام، ودار حرب، ودار عهد . وقسم بعضٌ آخر تقسيماً رُباعِيَّاً: دار اسلام، ودار حرب، ودار عهد، ودار حياد .

العالَمُ اليوم، محكومٌ بمواثيقَ ومعاهداتٍ واتفاقاتٍ دوليّةٍ، والاسرةُ الدوليَّةُ في الامم المتحدة، ترتبطُ بعهودٍ ومواثيقَ، والفرد يستطيعُ ان يتحرك في العالم وهو آمِنٌ على نفسهِ بموجب هذه المواثيق والعهود؛ وبالتالي يمكننا ان نعتبرَ العالم -اليوم- دار عهدٍ، باستثناء بعض الكيانات التي لاتلتزم بعهودٍ ومواثيقَ، وهي دائماً في حالَةِ تمردٍ على كل عهدٍ وميثاقٍ.

أنا لاأقولُ أَنَّ كلَّ الدول ملتزمةً بالمواثيقِ والعهود الدوليَّةِ، ولكن مع ذلك، وفي ظل هذه المواثيق والمعاهدات لايمكن أن يكونَ العالمُ في حالة حرب كما كان الوضعُ السابقُ في العهود الغابرة .

وعليه ؛ فالقسمة الثنائية ليست صالحةً في عالم اليوم ؛ فالدول التي يلجأ اليها المسلمون ليست دار حرب، بل هي دار عهد يستطيعُ المسلمون أن يمارسوا شعائرهم ويعبّروا عن معتقداتهم بحرية دون خوفٍ أو جلٍ .

يمكن ان يكون التقسيم رباعياً: دار حرب، ودار اسلام، ودار عهد، ودار حياد، من اجل ان يعيش العالم في أمنٍ وأمانٍ بعيداً عن شبح الحروبِ المُدَمِّرَةِ التي تأكل الاخضر واليابس وتحصد الارواح وتنشر الهلع والرعب.

***

زعيم الخيرالله

في المثقف اليوم