قراءة في كتاب

علي القاسمي: قراءة في كتاب: النحو العربي وعلاقته بالمنطق .. للأستاذ الدكتور محمود محمد علي (2-5)

علي القاسمي2) الكتاب: نشأة المنطق اليوناني تأثَّرت بنحو اللغة اليونانية،

فهل تأثرت نشأة النحو العربي بالمنطق اليوناني؟؟!

2ـ1. عنوان الكتاب:

تنصُّ إحدى مقولات المدارس النقدية المعاصرة على أنَّ " العنوان ثريّا النصّ" وكأنّها تردِّد القول العربي السائر " الكتاب يُقرَأ من عنوانه". وهذا يدلُّ على أن العنوان يلخِّص مضمون الكتاب. وتتمتع إستراتيجية اختيار عنوان الكتاب وصياغته بأهمِّيةٍ بلاغيةٍ ونفسيةٍ وتسويقية[20].

فعنوان كتاب الدكتور محمود " النحو العربي وعلاقته بالمنطق" يُمكن أن تُشكَّلَ ألفاظه الأساسية في أربع صِيغ:

ـ المنطق وعلاقته بالنحو العربي،

ـ النحو العربي وعلاقته بالمنطق،

ـ العلاقة بين المنطق والنحو العربي،

ـ العلاقة بين النحو العربي والمنطق.

ولكن هذه الصيغ الأربع ليست متساوية دلالياً، ولا بلاغياً. وقد اختار المؤلِّفُ عنوانه عن دراية وعناية. فتبوؤُ "النحو العربي" صدارةَ الجملة وتعلُّقُ بقيَّتُها به، يدلّان دلالة قاطعة أن الموضوع الأساسي في هذا الكتاب هو النحو العربي: نشأته، وتاريخه، وتطوره، ومدارسه الفكرية، وأبرز العلماء فيه، وأشهر مؤلَّفاتهم، والمرحلة أو المراحل التي تأثَّر خلالها بالمنطق. فالنحو العربي هو المسند إليه كما يؤكِّد النحويون، وهو الموضوع، كما يقول المناطقة. فالنحو العربي هو موضوع الكتاب.

وقد يقول قائلٌ: من المحتمل أنَّ هذه الصياغة وقعت مصادفة. والجواب بالنفي، والدليل على ذلك وجودُ كتبٍ أخرى للمؤلف حملت عنواناً مشابهاً، ولكن صياغته اختلفت لاختلاف طبيعة البحث وأهدافه. ومن هذه الكتب: " العلاقة بين المنطق وعلم أصول الفقه" (2012)، و" العلاقة بين المنطق والتصوف في تراثنا الفكري، السهروردي نموذجاً" (2013).

2 ـ 2. أغراض الكتاب:

في مقدِّمته، يحدِّد المؤلِّفُ أربعةَ أغراضٍ لهذا الكتاب هي:

أولا، يتوخَّى المؤلِّفُ أن يسدَّ هذا الكتاب فراغاً في المكتبة العربية، لأنَّها تكاد تخلو من الدراسات التي تتناول علاقةَ النحو بالمنطق في التراث العربي الإسلامي.

ثانياً، يرمي المؤلِّف إلى الإجابة على السؤال: هل تأثَّر النحاةُ العرب بالمناطقة؟ ومتى ؟ وإلى أيّ مدى؟

ثالثاً، معرفة نوعية الصلات القائمة بين النحو والمنطق، لا سيَّما أنَّ العقل هو الجامع بينهما.

رابعاً، تبيان إسهام العلاقة البناءة بين النحو والمنطق في تطوير الدراسات المنطقية في التراث العربي الإسلامي.

وأرى أن في وسع الأساتذة الجامعيّين أن يضيفوا غرضاً آخر هو توجيه طلابهم باتخاذ هذا الكتاب نموذجاً للبحث العلمي المثالي، فالدراسة التي يضمّها هذا الكتاب تتوافر على جميع شروطِ البحثِ العلميِّ الجيّد، لا سيَّما أنَّّ المؤلّف من المتخصِّصين القلائل في مناهج البحث. إنَّ هذا الكتاب نموذجٌ رائعٌ لإعداد البحوثِ الأكاديمية وكتابتها.

ومع أنَّ الكتاب ـ في نظري ـ قد حقَّق أغراضه الرئيسة وبلغ الغاية المتوخّاة منه، فإنَّ المؤلِّف يتَّصف بتواضعِ العالِم، ويقول بأسلوبٍ جزلٍ جميل:

" ولا ازعم أنَّني قد بلغت الغاية في هذا البحث، أو أنَّ جميع جوانب الحقيقة في موضوعه قد تكشَّفت لي، وهذا يُعدّ شيئاً طبيعيّا لدارسٍ يكتب في موضوعات غير مطروقة، ويسير في طريقٍ بالغ الصعوبة والغموض."[21] .

2 ـ 3. مضمون الكتاب:

يقع الكتاب في 425 صفحة من القطع الكبير، وتتوزَّع مادته على مقدمةٍ، وتسعة فصول هي:

البواكير الأولى للنحو والمنطق،

التأثير اليوناني والسرياني للنحو العربي بين الرفض والقبول،

التفسير الابستمولوجي لنشأة النحو العربي،

النـزعة التجريبية في كتاب سيبويه،

مدرستَي البصرة والكوفة وبدايات مزج النحو بالمنطق،

مشروعية العلاقة بين المنطق والنحو عند نحاة القرن الرابع الهجري،[22]

الجدل بين المنطق والنحو وكيف حاول الفارابي والغزالي تطويرهما،

ابن حزم وإشكالية الثقافة المنطقية عند نحاة الأندلس،

طغيان النـزعة المنطقية عند متأخِّري النحاة.

وتأتي بعد هذه الفصول التسعة، الخاتمةُ وقائمةُ المصادرِ والمراجع.

2ـ 4. قائمة المصادر والمراجع:

في الجامعات الغربية، عندما يقيِّم الأساتذةُ بحوثَ طلابهم في الدراسات العليا في العلوم الإنسانية، يبدأ معظمهم بإلقاء نظرة على آخر البحث، للوقوف على عددِ المصادر والمراجع التي اطلع عليها الطالب، ونوعيّتها، وشموليتها؛ فهي معيارُ الجهود التي بذلها الطالب لإعداد بحثه، أمّا مضمون بحثه فهو معِّيارُ فكرِه وفهمه.

وتشكِّل قائمة المصادر والمراجع الموجودة في آخر كتاب " النحو العربي وعلاقته بالمنطق" مكتبةً متخصِّصةً كاملة. فهي تضمُّ قرابة 400 كتاب وبحث، معظمها بالعربية وبقيتها بالإنجليزية. واللافت للنظر أنَّ المؤلّف لم يضع قائمةَ المصادر والمراجع للتباهي فهو غني عن ذلك، بل استعملها فعلاً في بحثه كما هو واضح مما ورد في صفحات الكتاب من اقتباسات من معظمها، ومن هوامش تحيل على أغلبيتها.

والجاري به العمل في الكتب العربية أن المؤلِّفين يفْصِلون في قائمة المصادر والمراجع بين الكتب المنشورة بشكل مستقل، وبين الدراسات والمقالات المنشورة في مجلات علمية أو صحف. بيدَ أنَّ الدكتور محمود لا يفرِّق في قائمة مصادره ومراجعه بين الكتب وبين الدراسات والمقالات. فهو يجمعها كلّها في قائمةٍ واحدةٍ مرتَّبة ترتيباً ألفبائياً تحت لقبِ المؤلِّف أو الباحث واسمه. وهذا ـ في رأيي ـ اجتهادٌ مفيد ينبغي أن يُحتذى، لأنّه ييسّر البحث في القائمة ويختصر الوقت.

2ـ 5. نشر الكتاب:

ناشر هذا الكتاب هو (دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر) في الإسكندرية[23]، وهي الدار التي نشرت الأغلبيةَ الساحقةَ من كتب الدكتور محمود محمد علي وبحوثه.

ويبدو أنَّ هذا الكتاب كان في الأصل بحثاً بعنوان " تطوُّر العلاقة بين المنطق الأرسطي والنحو العربي" نشره الدكتور محمود في " مجلة الآداب " بجامعة أسيوط في عددها رقم 50، سنة 1999. ثمَّ اضطلعَ بتطويره ليجعل منه كتاباً مرجعياً شاملاً في الموضوع. ولا أشكَّ أنه أمضى جزءً كبيراً من وقته الثمين خلال قرابة 15 عاماً لإكمال هذا الكتاب، وإخراجه في الصورةِ العلمية التي يفتخر بها.

2ـ 6. هل تأثر النحو العربي في بواكيره الأولى بالمنطق اليوناني؟

يحاول المؤلّف في الفصول الثلاثة الأولى من الكتاب الإجابة على سؤال اختلف في إجابته الباحثون من مستشرقين وعرب معاصرين، وهو: هل تأثر النحو العربي في نشأته خلال القرن الهجري الأوَّل بالمنطق اليوناني؟

ولكي تكون إجابتُه علميةً حاسمةً في الموضوع، يخصِّص الفصلَ الأوَّل للعلاقة الحميمة بين النحو والمنطق لدى مفكري اليونان، ولكيفية انتقال منطقهم إلى العرب قبل أن تنهض الدولة العباسية بترجمة فلسفة الإغريق وعلوم الهند وآداب الفرس إلى اللغة العربية خلال النصف الثاني من القرن الهجري الثاني وما بعده. ولهذا فإنَّه يقسِّم الفصلَ الأوَّل من كتابه على ثلاثة أقسام هي:

أوَّلاً، خصوصية العلاقة بين المنطق والنحو عند اليونان،

ثانياً، النحو اليوناني وسبل انتقاله إلى السريان،

ثالثاً، المنطق الأرسطي وسبل انتقاله إلى العرب.

فالعلاقة بين النحو والمنطق وثيقة جداً في الفكر اليوناني حتّى قبلَ أن يتوصَّلَ أرسطو (384ـ 322ق.م.) إلى صياغة قوانين المنطق الصوري. فقد نشأ الاهتمام بالمنطق والنحو في القرن الخامس وردحاً من القرن الرابع قبل الميلاد، أثناء الجدل الفكري والنحوي على يد أصحاب المدرسة الإيلية وجماعة السفسطائيين. وكان المفكرون اليونانيون القدامى قد ذهبوا إلى أنَّ الكلام تعبيرٌ عن الفكر، وأنَّ معرفةَ التراكيب النحوية تساعدنا على فهم كيفيةِ عمل الدماغ. وافترضوا خطأً أنَّ اللغة اليونانية مقياسٌ لجميع اللغات بحيث يصدق نحوُها على اللغات الأخرى.

وتظهر هذه العلاقة القديمة الحميمة بين النحو والمنطق، في تعريف المنطق الذي كنا نحفظه في صغرنا وهو:" المنطقُ آلةٌ قانونيةٌ تعصمُ مراعاتُها الذهنَ عن الخطأ في الفكر[24]، كما أنَّ النحو آلةٌ قانونيةٌ تعصمُ مراعاتُها اللسانَ عن الخطأ في القول."

وكان المعلِّم الثاني الفارابي (ت 339 هـ)[25] ، قد صاغ مقولةً مماثلة في كتابه " التوطئة في المنطق" على الوجه الآتي: " وكما أنَّ النحو عيارُ اللسان، فيما يمكن أن يغلط فيه اللسان من العبارة، كذلك علم المنطق عيار العقل فيما يمكن أن يغلط فيه من المعقولات"[26]

ولكن هذه المقولة، في صياغتَيها في أعلاه، لا تبيّن لنا كيفية قيام هذه الآلة بوظيفتها. ولهذا فإن الدكتور محمود يصوغ هذه المقولة بطريقة دقيقة فيقول " النحو آلة يعرف بها صواب تركيب ألفاظ اللغة ومعانيها من خطئها، والمنطق آلة يعرف بها صحّة المعنى وتصديقه من خطئه"[27].

وتتَّضح لنا العلاقة الوثيقة بين النحو والمنطق، إذا ما علمنا أنَّ اسم "المنطق" مشتقٌّ من الجذر (ن ط ق) الذي يُشتَقُّ منه كذلك " النُّطق" أي الكلام.

وقد اشتغل إفلاطون (427ـ347 ق.م.) أستاذ أرسطو في النحو كثيراً، فعرّف الجملة بأنَّها تعبير عن أفكارنا بأسماء وأفعال. وعرّف الاسم بأنَّه اسم لفاعل الفعل، وعرّف الفعل بأنَّه اسم للفعل نفسه. وكذلك اشتغل أرسطو الذي يعدُّ أبا النحو الأوربي، في أقسام الكلم. واعتبر أن الأسماء والأفعال هي التي تحمل معنىً حقيقيّاً، أمّا بقيَّة الكلمات فأدواتٌ للربط. واعتبر أنَّ الوظيفة الأساسية للأفعال هي الإسناد، لأنَّ الفعل هو الوحيد من أقسام الكلام القادر على تشكيل الزمن. ونظراً لأن أرسطو كان يعتقد أنَّ القوالب النحوية تكشف عن أحوال الفكر، فإنَّه استفاد من دراسة النحو في أبحاثه المنطقية. فكما أنَّ الألفاظ تأتي مفردةً تارة فنقسمها على أسماء وأفعال، وتأتي تارة مرتبطة ببعضها لتشكِّل الجملة، فإنَّه طبَّق ذلك على الأفكار. فالأفكار المفردة هي التصورات، والأفكار المرتبطة هي القضايا أو التصديقات.

ويرى بعضهم أن تقسيم ارسطو للمقولات إلى عشرة أقسام (الجوهر والكم والكيف والإضافة، والأين، والمتى، والفاعل، والمفعول، وأن يكون له، والوضع) هو تقسيمٌ مأخوذٌ من تقسيمِ أجزاءِ الكلام. فالجوهر يقابل الاسم، والكم يقابل العدد، والكيف يقابل الصفة، والإضافة تقابل التفضيل، إلخ.

وعندما جاء الرواقيّون اهتموا اهتماماً خاصّاً بالنحو وأبوابه ومصطلحاته وزادوا في أقسام الكلام وموضوعاته. وبعد أن انتصر الإسكندر المقدوني الأكبر ذو القرنين (حكم من 336ـ323 ق.م.) على الإمبراطورية الفارسية، واستولى على البلدان الشرقية الواقعة غرب اليونان، ارتفع حظُّ اللغة اليونانية والاهتمام بدراستها.  وظهرت مدارسُ تهتمُّ بالمنطق والنحو اليونانيَّين في عواصم عديدة أهمُّها الإسكندرية في مصر (التي بناها الإسكندر الأكبر سنة 332 ق.م.).

وبعد وفاة الإسكندر الأكبر سنة 323 ق.م.، أتفق كبار قادة جيشه على تقسيم إمبراطوريته فيما بينهم. وكانت مصر من حصة بطليموس (366ـ285 ق.م.) وفي عصر البطالمة صعد نجمُ مدينةِ الإسكندرية في الفكر واللغة، فقد كان بطليموس الأوَّل، الملقب بالمُنقِذ (حكم من 323ـ285 ق.م.، وأعلن نفسه فرعوناً لمصر سنة 305 ق.م.) [28]، رجلاً محبَّاً للعِلم، يكرّم العلماء، ويبذل لهم الأموال، فتصدَّرت مدرسةُ الإسكندرية جميع مراكزَ البحوث الأخرى في الرها[29] ونصيبين[30] وإنطاكية[31]وأصبحت مكتبة الإسكندرية أشهر مكتبات العالم آنذاك. وغلب الفكر الأرسطي والرواقي، على بحوث علمائها. واضطلع السريان في الإسكندرية والمدارس الأخرى في القرن السادس الميلادي بترجمةِ كتبٍ من المنطق والنحو اليوناني إلى السريانية[32]. وصارت هذه الكتب معروفة لدي العلماء في الشام والعراق اللذين يعدان جزءاً من جزيرة العرب الكبرى، ومنها كتاب " فن النحو" الذي وضعه أحد تلاميذ مدرسة الإسكندرية، العالم اليوناني ديونيسوس ثراكس (170ـ90 ق.م.)، والذي ترجمه إلى اللغة السريانية يوسف الأهوازي (ت. 580م).

و " فنُّ النحو" كتيبٌ في قواعد اللغة اليونانية يقع في خمس عشرة صفحة، يقدِّم وصفاً لِبنية اللغة اليونانية، ويقسّم كلماتها على ثمانية أنواع هي: الاسم، والفعل، والمشترك، والضمير، والأداة، والحرف، والظرف، والرابط. ولم يقتصر تأثير هذا الكتاب على الدراسات النحوية للغة اليونانية ثمَّ اللغة الرومانية فحسب، بل تأثرت به اللغة السريانية كذلك في نحوها، وتطوير كتابتها كإضافة النقط والحركات.

يراكم المؤلّف الحقائق التاريخية التي تثبت أنَّ اللغة السريانية تأثَّرت كثيراً بالنحو اليوناني الذي وصل إلى مدرسة الإسكندرية، ونقل علماء السريان عدداً من مؤلَّفاته إلى لغتهم.

2. 7 ـ هل تأثر النحو العربي في نشأته بالمنطق اليوناني؟

يقول المستشرق ليتمان: " أختلف العلماء الأوربيون في أصل النحو العربي، فمنهم من قال إنه نُقل من اليونان إلى بلاد العرب، وقال آخرون ليس كذلك، وإنما نبت كما نبتت الشجرة في أرضها، وأنه أنقى العلوم العربية عروبة"[33].

ولهذا تصدى الدكتور محمود إلى دراسة آراء الباحثين في هذا الموضوع، فوجد إجاباتهم على نوعين هما:

أ ـ لا، النحو العربي صناعة عربية أصيلة.

يتَّفق المؤرِّخون المسلمون الأوائل أنَّ دافع الحركة العلمية النشطة التي عرفها العرب بعد ظهور الإسلام هو فهم مصدري الشريعة الإسلامية: القرآن والحديث. وهكذا وُجِدت علومٌ جديدةٌ عديدة لم يكُن للعرب عهدٌ بها من قبل، كالقراءات، والحديث، والنحو، والرياضيات (لضبط المواريث)، وغيرها.

ويجمع هؤلاء المؤرخون والنحويون القدامى على أن تقعيد النحو العربي بدأ في زمن الخليفة الراشد الرابع الإمام علي (ت 40 هـ)، بعد دخول غير العرب في الإسلام، وخشي أن يشيع اللحن في قراءة القرآن، فوجّه أبا الأسود الدؤلي أن يشتغل في نقط القرآن وإضافة الشكل. فالكتابة العربية التي أخذها اعرب الجزيرة من الكتابة النبطية عن طريق الحيرة والأنبار في العراق ، قبل البعثة النبوية قرابة قرنَين من الزمن[34]، لم تكُن فيها الحروف المتشابهة منقوطة (مثل حروف بـ ، تـ ، ثـ ، يـ ،) ولم تكُن الكلمات مشكولة (بالفتحة والكسرة والضمة). وهذه الحركات في آخر الكلمات تُسمّى بالإعراب الذي يساعد في فهم المعاني: الفاعل، المفعول، إلخ.

وفي رواية أخرى، أنَّ أبا الأسود الدؤلى أخبر الإمام علي أنَّ اللحن قد تفشى، فوجهه الإمام إلى كتابة نحو اللغة العربية، وقال له: الكلمات اسم وفعل وحرف، وانحو هذا النحو[35] . ومن الذين ذكروا ذلك أو ما يشبهه من المؤرخين والنحويين القدامى: محمد بن سلام الجحي (ت 232هـ)، وأبو الطيب اللغوي (ت 361 هـ)، وأبو سعيد السيرافي (ت 368هـ)، وابن الأنباري (ت 577هـ)، والقفطي (ت 649هـ).

وقد أيد كثيرٌ من المستشرقين والمستعربين هذا الرأي القائل بأصالة النحو العربي في نشأته وعدم تأثره بالمنطق اليوناني، مثل المستشرق الهولندي، الدكتور، تي. جَي. دي بور[36] (1866 ـ 1942)، الأستاذ في جامعة أمستردام وصاحب كتاب "تاريخ الفلسفة الإسلامية" الصادر باللغة الألمانية سنة 1901، الذي قال فيه:

" احتفظ علم النحو العربي بخصائص له، ليس هذا مجال الإفاضة فيها، وهو ـ على كل حال ـ أثر رائع من آثار العقل العربي بما له من دقَّةٍ في الملاحظة، ومن نشِاطٍ في جمع ما تفرَّق، ويحقُّ للعرب أن يفخروا به، فلم يكن العرب يحبّون أن تعكّر عليهم الآراء الفلسفية العامَّة صفاءَ اللذة التي يجدونها في لغتهم، وكم نفر أساتذة اللغة المتشدّدون من صيغ لغوية أتى بها مترجمو الكتب الأجنبية."[37]

ولعمري، إنَّ هذا النص الرائع يجعلك تقول إنَّ المتكلِّم ليس مستشرقاً هولندياً من القرن التاسع عشر يكتب في تاريخ الفلسفة الإسلامية، بل لسانيا معاصراً من القرن الحادي والعشرين يتحدَّث عن كيفية تدوينِ قواعدَ أية لغة، عن طريق ملاحظة استعمالاتها الفعلية بدقَّة، وتصنيف تلك الاستعمالات، بما يجمع بينها من خصائص إعرابية ودلالية، من أجل الوصول إلى وضع القواعد التي تحكم تلك الاستعمالات، من دون النظر إلى قواعد لغةٍ أخرى أو منطقها. وهذا في ظنّي ما فعله العلماء العرب الأوائل لوضع نحو اللغة العربية.

ومن هؤلاء المستشرقين الذين أكَّدوا أصالة النحو العربي وعدم تأثره بالمنطق اليوناني عند نشأته، المستشرق الألماني العظيم غوستاف فلوجل (1802ـ 1870)، مبدع كتاب " المدارس النحوية العربية"[38] الذي أشاع فيه مصطلح "المدارس النحوية: مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة". وكان النحاة العرب قبله يستعملون مصطلح " نحاة البصرة ونحاة الكوفة" أو “مذهب البصريين ومذهب الكوفيين" أو "أهل البصرة وأهل الكوفة".  وبتأثير هذا الكتاب، أخذنا نستعمل مصطلحات: المدارس النحوية: المدرسة البصرية، والمدرسة الكوفية، والمدرسة البغدادية، المدرسة الأندلسية، المدرسة المصرية.[39]

ومن هؤلاء المستشرقين العالِم الألماني اليهودي غوستاف فايل[40] (1808ـ1889)، الذي أورد له المؤلّف قوله:

"حفظت لنا الروايةُ العربية في مجموعاتٍ مختلفةٍ من كتب التراجم وصفاً لمسلمي هذا العلم الذي هو أجدر العلوم أن يُعدّ عربياً محضاً؛ وقد أخذ العلماء الأوربيون بهذه الرواية."

وتبنى العلّامة الألماني الشهير كارل بروكلمان (1868 ـ1956) هذا الرأي في كتابه الموسوعي " تاريخ الأدب العربي" وكذلك المستشرق الألماني إينو ليتمان (1875 ـ 1958).

ولعلَّ أعلاهم صوتاً وآخرهم عهداً المُستعرب البريطاني الدكتور مايك كارتر الذي نال الدكتوراه من جامعة أكسفورد سنة 1968 على أطروحته بعنوان "دراسة مبادئ سيبويه في التحليل النحوي"[41]، التي أكد فيها خلو النحو العربي في نشأته من أيِّ تأثيرٍ أجنبي، وأنَّ القياس الذي استخدمه النحاة العرب عند نشأة النحو العربي كان مقتبساً من القياس الفقهي وليس القياس الأرسطي.

ومعلومٌ أنَّ جامعة أكسفورد لا تجيز أطروحة دكتوراه، تفند ما ذهب إليه بعض المستشرقين، ومنهم البريطانيون، مالم يثبت لدى لجنة المناقشة صحَّة تلك الأطروحة.

ويأتي الدكتور محمود بمقتطفات موثقة من أقوال بعض هؤلاء المستشرقين التي تؤكِّد نشوء النحو العربي من دون أن يتأثَّر بالمنطق اليوناني أو النحو السرياني.

ب ـ نعم، تأثَّر النحو العربي في نشأته بالمنطق اليوناني.

وذهب بعضهم إلى أنَّ النحو العربي ولد بتأثير من المنطق اليوناني، ولكنَّهم اختلفوا في كيفية انتقال المنطق اليوناني إلى العرب: هل انتقل مباشرة من اليونان إلى العرب، أم انتقل عن طريق السريان؟ وهل أخذ أبو الأسود الدِؤلي نحوه كلَّه من السريان أم أخذ منه النقط للحركات والشكل فقط ؟

واضطلع الدكتور محمود بالبحث المعمق في هذين الطريقين لانتقال المنطق اليوناني إلى العرب المسلمين، كدأبه في دراسة القضايا الأخرى ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بالنحو العربي. وجرَّه هذا البحث إلى دراسة تاريخ ترجمة الفلسفة والمنطق من اليونانية إلى العربية التي تولّتها الدولة العباسية ابتداء من خلافة أبي جعفر المنصور باني مدينة بغداد (خلافته من 136ـ158هـ). وهكذا تطرَّق المؤلِّف الفاضل بالتفصيل إلى أهداف الترجمة، وأنواعها، ومدارسها، وأبرز المترجمين من السريان وغيرهم، ومنهجياتهم، وأساليبهم. ولهذا قلتُ في نفسي: إن هذا الكتاب، " النحو العربي وعلاقته بالمنطق"، ليس في تاريخ النحو فحسب، وليس في تاريخ المنطق فحسب، بل هو كذلك في تاريخ جوانب كثيرة من الفكر العربي الإسلامي.

ويسوق الدكتور محمود أسماء بعض العلماء العرب القدامى الذين قالوا بتأثُّر النحو العربي بالمنطق اليوناني مثل أبو الريحان البيروني (363ـ440هـ)، والعلامة عبد الرحمان بن خلدون (732ـ808هـ)، وبعض المؤرِّخين وعلماء اللغة العرب في العصر الحديث مثل جورجي زيدان (1861ـ1914م)، وأحمد أمين (1886ـ1954م)، وفؤاد حنا ترزي[42] ، وحسن عون، وغيرهم ممن أكدوا تأثُّر النحو العربي بالمنطق اليوناني.

ويخصِّص المؤلّف الفاضل حيزاً مهماً من كتابه القيم لإثارة قضايا مهمة  في اللسانيات الحديثة:

ـ إن الدافع الأساس لنشأة النحو العربي هو حفظ القرآن من اللحن، وفهم معانيه.

ـ إن استعمال اللغة بطريقة عفوية لاواعية، تختلف عن تدوين نحو تلك اللغة بصورة علمية واعية.

ـ إن إضافة النقط والتشكيل الذي بدأه أبو الأسود يختلف عن النحو الذي وضع جزءً منه. لأن اللغة هي الكلام المنطوق أما الكتابة فهي رسم لذلك الكلام.

ـ إن الذين قالوا بنشأة النحوي نشأة عربية خالصة اختلفوا في واضع النحو:

ـ يرى بعضهم أن الإمام علي هو الذي وضع النحو.

ـ يرى آخرون ان أبا الأسود الدؤلي هو الذي وضع النحو.

ـ يرى بعضهم الآخر ان أبا الأسود وضعه بمشاركة نصر بن عاصم الليثي وعبد الرحمن بن هرمز.

ثم يناقش هذه الأقوال، ويأتي بأقوال القدامى والمعاصرين من علماء اللغة الذين نفى بعضهم علاقة الإمام علي بالنحو، لانشغاله بما هو أهم من ذلك.

2ـ 8. تفنيد فكرة المعجزة اللغوية عند العرب:

وبعد أن يعرض المؤلّف نماذج من آراء القائلين بما يسميه " فكرة المعجزة اللغوية عند العرب"، وحجج المعارضين لأصالة نشوء النحو العربي، يُعمِل فكره في الموضوع، ويضع استنتاجاته الخاصَّة في فقرات تحت عنوان: " تفنيد المعجزة اللغوية عند العرب".

.  ويقوم تفكير أبي مصطفى في هذه القضية على ما يأتي:

أوَّلاً، "في مجال الفكر الإنساني عبر عصوره المتلاحقة ثمَّة ظاهرةٌ ضمن ظواهرَ عديدة تسترعى النظر وتجذب الانتباه، ألا وهى ظاهرة التأثير والتأثر بين الأجيال المتعاقبة، بحيث يؤثر الجيل السابق في الجيل اللاحق، ويتأثر هذا بذلك تأثراً تتعدَّد أبعاده أحياناً، وتختلف مجالاته، وتتفاوت درجاته بين طرفي الظ͜اهرة، أعنى بين المؤثر والمتأثر..."[43]

ثانياً،  "إن المكان الذي ظهرت فيه البدايات الأولى للنحو العربي على يد أبي الأسود الدؤلي، وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، هو ذاته دليل على الاتصال الوثيق بين العرب، ومن سبقهم من النحو اليوناني والنحو السرياني، فلم تظهر البدايات الأولى للنحو العربي في أرض العرب ذاتها، كالجزيرة العربية، وإنما ظهرت في بلاد العراق؛ أي في أقرب أرض ناطقة بالسريانية، واليونانية، والفارسية، ذوات اللغات الأقدم عهداً، وهذا أمر طبيعي لأنَّ من المحال أن تكون هذه المجموعة من الشعوب الشرقية قريبة من العرب إلى هذا الحد، وأن تتبادل معها التجارة على نطاق واسع، وتدخل معها أحيانا أخرى في حروبٍ طويلة دون أن يحدث تفاعل بين الطرفين."[44]

ثالثاً، "إنَّه من المستحيل تجاهل المؤرِّخين العرب القدماء من أمثال عبد الرحمن بن خلدون (732ـ808هـ)[45]، وأبو الريحان البيروني (362ـ440هـ)، أو المعاصرين من أمثال جورجي زيدان (1861ـ1914م)، وأحمد أمين (1886ـ1954م)، وفؤاد حنا ترزي، وحسن عون، وغيرهم من الباحثين الأفاضل الذين أكَّدوا تأثُّر معظم نحاة العرب بالنحو والمنطق اليوناني والسرياني."[46]

وبناء على هذه الحجج، صرح المؤلّف الفاضل برأيه قائلاً:

"لذلك فإنَّي أعتقد أنَّه لم تكُن نشأة النحو العربي نشأةً خالصة، ...وعلى ذلك فنحن ننكر ما يُسمى بـ " المعجزة اللغوية  العربية"[47]

وقد يجادل في هذا الرأي الذي خلص إليه المؤلِّف الفاضل، بعضُ المتعصِّبين لقوميتهم العربية، من المولعين بالجدل والسفسطة، فيقول:

أولاً، صحيحٌ أنَّ المفكرين الذين اشتغلوا في مجال نظرية المعرفة وتحليل طبيعة المعرفة ووسائل إنتاجها، قالوا بالتراكم المعرفي والتأثير والتأثُّر بين السابق واللاحق، والتطوُّر العلمي، ولاكنَّهم قالوا كذالك بالطفرة المعرفية (أو الطفرة العلمية)، التي تحصل لدى الموهوبين والنوابغ والعباقرة، كالمخترعين مثلاً، وقوامها العقل والقلب وليس الحواس فقط، بفضل الإبداع. ويُعرَّف الإبداع عادة بأنَّه تصوُّر أو إيجاد بنياتٍ جديدة غير مسبوقة من عناصر موجودة[48].

وإذا استطاع إفلاطون أن يقسّم الكلمات اليونانية على اسم وفعل، واستطاع أرسطو أن يقسِّم الكلمات اليونانية على اسم وفعل ورباط، فإنَّ الإمام علي[49] وأبا الأسود الدِؤلي[50] استطاعا أن يقسَّما الكلمات العربية على اسم وفعل وحرف. والعناصر الأساسية موجودة في القرآن الكريم وشعر العرب الذي يحفظانه. ودافعهما قوي هو الحاجة الماسة إلى تيسير قراءة القرآن وفهمه. والحاجة أم الاختراع، كما نقول. وتقسيم الكلمات على اسم وفعل موجود في الثقافة العربية القديمة منذ زمن البابليين الأكديين، فقد كانت الرقم الطينية تميِّز بين الأسماء والأفعال، فتقتصر الألواح الخاصّة بالمهن على الأسماء، ولا تضمّ الأفعال. وكذلك الحال في المعاجم الثنائية اللغة (سومرية ـ بابلية) التي وضعها المعلِّمون البابليون لتعليم تلاميذهم اللغة السومرية، فقد كانت تلك المعاجم تميّز بين الأسماء والأفعال [51].

ثانياً، إنَّ الإمام علي وأبا الأسود الدؤلي ولدا في الحجاز. وصحب الإمام في طفولته وصباه النبيَّ (ص) في بيت أبي طالب، وتعلّم في فتوته وشبابه منه في مكة والمدينة، فكان أحد كتّاب الوحي. أما أبو الأسود الدؤلي فقد صحب الإمام علي طويلاً وتعلّم منه. إضافة إلى ذلك، ليس من الدقة وصف العراق بأنه " أرض ناطقة بالسريانية، واليونانية، والفارسية، ذوات اللغات الأقدم عهداً،)، فقد استوطنت العراق، منذ الألف الثالث قبل الميلاد، قبائل عربية وهي تتكلَّم لغات/لهجات جزيرية /عروبية. واليونانية والفارسية ليستا "أقدم عهداً" من العربية الأم، فالبشرية كلها نَشأت من سلالة واحدة وُجدت وترعرعت جنوبي شبه الجزيرة العربية، كما أثبت آخر بحث أوربي نشرته " المجلة الأمريكية للجينات البشرية"[52]. فأهل العراق يتكلَّمون العربية أو إحدى لهجاتها/لغاتها منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة. وإذا احتُلَّ بلدٌ حقبةً من الزمن، فإنَّ عامَّة سكان لا يتكلَّمون، عادةً، لغةَ المُحتلّ بل نخبةٌ قليلة منهم فقط تفعل ذلك.

ثالثاً، لماذا " من المستحيل تجاهل المؤرخين العرب القدماء ... أو المعاصرين ... وغيرهم من الباحثين الأفاضل الذين أكدوا تأثر معظم نحاة العرب بالنحو والمنطق اليوناني والسرياني" على حين ليس مستحيلاً تجاهل المؤرخين العرب القدماء والمعاصرين وكبار العلماء والمستشرقين الأوربيين الذين قالوا بأَّن نشأة النحو العربي عربية خالصة، وهم أكثر عدداً وأكبر علماً، وبرهن، بعضهم على ذلك بأطروحات دكتوراه أجازتها جامعات عريقة مثل جامعة أكسفورد؟؟؟  أضف إلى ذلك كلِّه، لا يوجد في العِلم شيئاً "مستحيلاً".

رابعاً، من الممكن أنَّ أبا الأسود الدؤلي أخذ نقط الحروف من الكتابة السريانية. ونحن نعلم أن جميع لغات منطقة البحر المتوسط، أخذت الكتابة الأبجدية من العباقرة الفينيقيين[53]، بما في ذلك اللغة اليونانية القديمة. فما أسماء الحروف اليونانية: الفا، بتا، جاما، دلتا، إلخ. إلا الأسماء العربية للأبجدية الفينيقية: الأليف، الباب، الجمل، الدلو، إلخ.، كما هو معروف مشهور. بيد أن الكتابة ليست النحو، فالنحو هو قواعد الكلام، والكتابة رسم للكلام. كما ينص عليه كتاب المؤلّف الفاضل. ولهذا فمن الممكن أن يأخذ العرب كتابتهم من أبناء عمومتهم، ولكنهم يضعون نحو لغتهم اعتماداً على ما هو مستعمل في قرآنهم وأشعارهم وكلامهم.

أتخيل المؤلِّف الفاضل وهو يستمع إلى ذلك الحِجاج بروح سمحاء، ويجيب بفكر منفتح قائلاً:

" أعتقد أنه لم تكن نشأة النحو العربي نشأة عربية خالصة، ولم يبدأ العرب في اكتشاف ميادين اللغة والنحو من فراغ كامل، بل إنَّ الأرض كانت ممهدة لهم في بلاد العراق التي عاصرت النحو اليوناني والمنطق اليوناني، والنحو السرياني، وبالتالي يتضح لنا أن الاعتقاد بضرورة أصل واحد للمعرفة العلمية وتصور واحد يرجع إليه الفضل في نشأة النحو العربي...ربما كان ذلك عادة سيئة ينبغي التخلص منها..."[54]

ويخلص المؤلّف الفاضل إلى أنَّ " النحاة العرب في أوَّل عهدهم قد استلهموا التراث اللغوي اليوناني والسرياني السابق عليهم، واستحوذوا عليه بروحهم الفتية وحاولوا تجاوزه حينما صبغوه بصبغتهم النظرية النقدية ... وحاولوا تطويعه مع مبادئ دينهم الحنيف في شتى الميادين، ثم تجاوزوه، بما قدموا من أفكار نحوية جديدة في مختلف قضايا اللغة العربية." [55]

وهكذا نرى أنّ المؤلّف الفاضل ينظر في القضايا الخلافية بروح حيادية منفتحة، وبصيرة علمية نفاذة، ثمَّ يعلن ما يتوصَّل إليه بكلِّ شجاعة وثقة بالنفس، همُّه المعرفة وغايته الحقيقة.

(وللبحث صلة)

 

بقلم: الدكتور علي القاسمي

 

في المثقف اليوم