قراءة في كتاب

علي القاسمي: قراءة في كتاب: النحو العربي وعلاقته بالمنطق .. للأستاذ الدكتور محمود محمد علي (5-5)

علي القاسمي5) مراحل تطوُّر العلاقة بين النحو العربيِّ والمنطق

5ـ 1. مراحل العلاقة بينهما:

يرى المؤلّف أنَّ علاقة النحو العربيِّ بالمنطق اليونانيِّ مرَّت في ثلاث مراحل هي:

أ ـ المرحلة الأولى، مرحلة نشأة النحو العربي. وقد تمَّت مناقشة هذه المرحلة.

ب ـ المرحلة الثانية، مرحلة بدايات مزج النحو العربي بالمنطق.

ج ـ المرحلة الثالثة، مرحلة غلبة المنطق على النحو العربي.

ب ـ بدايات مزج النحو العربي بالمنطق:

ما إن حلَّ القرن الثالث الهجري، إلا وكان العالم الإسلامي قد توطَّدت فيه تقاليد دراسة الفلسفة والمنطق، واستخدمتها مدارسه الكلامية لدعم مواقفها، وتوسَّعت حركة ترجمة فلسفة اليونان، وعلوم الهند، وآداب الفرس. فقد كان أبو جعفر المنصور (خلافته من 137ـ 158 هـ) مولعاً بالعلوم، فطلب أن تُتَرجم كُتُب الطب والهندسة والرياضيات والحكمة وغيرها، وحفظ تلك الكتب خزانة في قصره. ولما تولّى الخلافة حفيده هارون الرشيد (خلافته من 197ـ193 هـ)، أخرج الكتب من القصر ووضعها في خزانة مستقلة أُطلق عليها اسم " بيت الحكمة" التي سرعان ما تطوَّرت لتكون مجمعاَ علمياً ومركزاً للترجمة لا سيما في عهد ابنه الخليفة المأمون (خلافته من 198ـ 218هـ).

ونتيجة لترجمة فلسفة اليونان ومنطقها، أخذ جميع طلبة العلم، مهما كان تخصُّصهم، يدرسون المنطق وبقية أبواب الفلسفة، وأخذ النحاة يمزجون النحو العربي بالمنطق. ولم يقتصر ذلك على مدرسة دون أخرى، بل مارسته كلتا المدرستَين: البصرية والكوفية. وينبغي أن نتذكَّر أنَّ الدراسة في ذلك العصر كانت شمولية المنحى. فالطالب الجامعي يدرس جميع الآداب والعلوم، من فقهٍ، وطبٍّ وفلسفةٍ ولغةٍ ورياضياتٍ وموسيقى وغيرها. وكانت الفلسفة تشمل دراسة أغلبية العلوم من علم النفس وعلم الاجتماع والطبّ وغيرها، قبل أن تستقل تلك العلوم عن الفلسفة. ولم يبدأ التخصُّص في الجامعات الأوربية إلا إبان الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.

وبعد أن انتقل زعيما المدرستين البصرية والكوفية، المُبرِّد والفَرّاء، إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية بغداد، واشتدت المنافسة بينهما، وكثرت المناظرات التي اشتركا فيها، عزّزا النحوَ بالمنطق دعماً لمواقفهما، وأخذا يمزجان نحوهما في المنطق، كما أخذت المدارس الكلامية تعزِّز مذاهبها بالفلسفة والمنطق. وفيما يأتي نبذة مختصرة عنهما:

ـ أبو العباس المُبرِّد (210ـ286هـ/825ـ899م)

المبرِّد من كبار العلماء في النحو والبلاغة والنقد. ولد في البصرة، ودرس على صالح بن إسحاق الجرمي، ومحمد بن عثمان المازني، وعمرو بن بحر الجاحظ، وغيرهم من كبار علماء البصرة. وانتقل إلى بغداد، وذاع اسمه، وألَّفَ عدداً من الكتب، لعلَّ أهمَّها " الكامل في اللغة والأدب".[108]

وفي كتابه " المقتضب" الذي يقع في ثلاثة أجزاء، تناول جميع موضوعات النحو والصرف، مُعزِّزاً آراءَه بالشواهد، مع الإكثار من التعليل المنطقي للقواعد النحوية والصرفية. ويقول الدكتور محمود محمد علي عن تعليلات المبرد:

" ومع هذا، فالغالب على تعليلات المبرِّد أنها لم تخرج عن تعليلات البصريين، فَعِلله شبيهة إلى حدٍّ كبيرٍ بعللِ الخليل وسيبويه."[109]

وكان عبد الله بن ابي إسحاق الحضرمي (ت 117هـ) شيخ الخليل، أوَّلَ مَن فرَّع النحو، واشتقَّ قواعده، وطرد القياس فيها، وعللّها.

وأضيفُ أنا: إنَّ تعليلات سيبويه لم تخرج في الغالب عن تعليلات الخليل الذي توسَّع في تعليلات شيخه الحضرمي.

وكانت للمبرِّد مناظرات عديدة مع أبي العباس احمد بن يحيى ثعلب (200ـ291هـ) الذي آلت إليه إمامة مدرسة الكوفة النحوية في بغداد، بعد الفراء.

ـ أبو زكريا الفراء (144ـ 207 هـ؟ / 761ـ822م؟)

ولد الفراء في الكوفة، ودرس على الكسائي رئيس مدرسة الكوفة آنذاك، ورحل الى البصرة ليدرس على يونس بن حبيب الذي خلفَ الخليل بن أحمد على رأس نحاة البصرة، وانتقل الفراء إلى بغداد عندما اختاره الخليفة المأمون لتأديب ولدَيه. وثنيت للفراء الوسادة ليكون رئيس مدرسة الكوفة بعد وفاة شيخه الكسائي سنة 189هـ، بالإضافة إلى تضلُّعه في العلوم الإسلامية. وفي عصره اشتدَّ الخلاف بين المدارس الكلامية التي استعانت بالفلسفة والمنطق لتأييد فكرها. وكان الفكر المعتزلي أعلاها صوتاً، والخليفة المأمون يميل إلى هذا الفكر المعتزلي الذي يُعلي شأن العقل ويجعله المصدر الرئيس في فهْم النصِّ. وفي عهد المأمون اتسعت حركة ترجمة الفلسفة اليونانية ومنطقها الى اللغة العربية. ونتيجة لذلك، يقول أستاذنا الدكتور محمود محمد علي:

" وجدنا أعلام مدرستي البصرة والكوفة يسعون جاهدين إلى مزج النحو بالمنطق. ولكن هذا المزج في الأغلب الأعم كان قاصراً على الشكل، والمنهج، والتنظيم، والتهذيب، وطرق الجدل، ووسائل الحجاج، ثم على شيء من المصطلحات والأساليب والتقسيمات." [110]

ولما كان للفراء ميلٌ إلى التأمُّل والتفلسف، فإنّه أخذ يمزج النحو بالمنطق والفلسفة في مؤلَّفاته[111]. ونجد هذا الميل الفلسفي واضحاً في كتابه " الحدود". ويضم هذا الكتاب تعريفات لقرابة ستين مصطلحاً نحويا.[112]

ج ـ المرحلة الثالثة: غلبة المنطق على النحو العربي:

يرى الدكتور محمود محمد علي أن القرن الرابع الهجري شهد ظاهرتَين أساسيتَين:

الأولى، إنّ النحاة في بغداد لم يلتزموا بمدرسةٍ نحويةٍ واحدة، بل أخذوا ينتخبون من آراء المدرستين البصرية والكوفية ما يلائم مقاصدهم ومن هنا راح بعضهم يُطلق على ذلك التوجّه اسم "نحاة بغداد"، "المذهب البغدادي"، أو " البغداديّين" على الرغم من أنَّ هذه التسمية لا تنطبق حقّاً على ذلك الاتجاه، لأنَّه لا تتوافر فيه خصائص المدرسة الفكرية المستقلة، كما يرى أبو مصطفى.

من أوائل القائلين بوجود مدرسة نحوية ثالثة في العصر العباسي، بعض المستشرقين منهم فلوجل (ت 1870م) ناشر كتاب " الفهرست" لابن النديم، فقد كتبَ مقالاً عن المدارس النحوية العربية سنة 1862م، ورد فيه رأيه عن وجود "مدرسة بغداد" التي كانت تختار من آراء مدرستي البصرة والكوفة وتحاول التوفيق بينهما واتخاذ منهجاً وسطا. ويرجِّح أنَّ هذه المدرسة نشأت نتيجة للمنافسة بين المبرّد وثعلب والمناظرات التي جرت بينهما. ومن هؤلاء المستشرقين الذين شايعوا فكرة وجود مدرسة نحوية بغدادية، العلامة المستشرق الألماني بروكلمان (ت 1956م).

أما مؤرخو النحو العربي من العرب، فقد أكدوا أن مذهب نحاة بغداد يقوم على الاختيار من مواقف المدرستَين البصرية والكوفية. وهذا هو رأي محمد سعيد الأفغاني ومحمد مهدي المخزومي وشوقي ضيف وغيرهم.

الثانية، إنَّ القرن الرابع الهجري شهد غلبة المنطق على الدراسات النحوية.  وتعزز هذا المذهب في أعمال كبار علماء اللغة في بغداد في ذلك القرن، مثل: أبي بكر بن السرّاج (ت 316هـ)[113]، وأبي سعيد السيرافي (ت 368هـ) الذي غلب المنهج الكلامي على عمله في النحو[114]، وأبي علي الفارسي (ت377هـ)[115]، وأبي الحسن الرماني (ت 384هـ)[116]، وأبي الفتح بن جني (ت 392هـ)[117].

فصار النحو العربي متلبِّساً بالمنطق بصورةٍ راسخة، وكأن استخدام المنطق في الدرس النحوي أمرٌ مشروع.

ومع تدنّي الثقافة العربية في القرنين الخامس والسادس الهجريين وما بعدهما أصبح همُّ النحويين الأوحد هو ضبط الحدود والعلل المنطقية في دروسهم النحوية. ويقول المؤلِّف الفاضل:

" ومع مطلع القرن الخامس الهجري اشتدّ اهتمام النحويين بالحدود، والعلل، والعوامل، وأفردوا كتباً خاصة بها، و عاب بعضهم بعضاً بأن حدوده ناقصة أو فيها دور، وعلى هذا أُخضعت الحدود النحوية للمقاييس المنطقية، ولذلك كثرت الحدود النحوية وتعددت للمصطلح الواحد، وخرجت بعض الحدود عن إطارها النحوي إلى نطاق الفلسفة، وعدت بعض الحدود ألغازا فلسفية يصعب فكّها، وسبب ذلك أن الوصول إلى حدٍّ جامع مانع، كما يتطلب علم المنطق أمر عسير... وفي القرون التي أعقبت القرن السادس الهجري حتى وقتنا الحالي، أضحت مصطلحات المنطق تدخل بشكل سافر في الحدود، التعريفات, العلل، والعوامل، والأقيسة، والأساليب، ولا نكاد نجد كتاباً نحوياً، إلا وهو ملئ بعلم المنطق. "[118]

ويضرب لنا المؤلِّف بعض الأمثلة يستقيها من جلال الدین السیوطي (ت 911هـ) في كتابه الموسوم بـ " ھمع الھوامع في شرح جمیع الجوامع في علم العربیة"، حينما يعرِّف الفاعل بقوله " ما أُسند عامل إليه عامل مفرغ على جهة وقوعه منه أو قيامه به."

وهو حدّ لا يفهمه طلاب النحو ما لم يتمكَّنوا من المنطق تمام التمكُّن.

وتوسَّع نحاة العصر العثماني في النحو الممنطق، فأخذت المدرسة النحوية المصرية في العصر العثمانيّ، تغالي في مزج النحو بالمنطق. وهنا يضطر المؤلّف إلى تعريف القارئ الذي لم يدرس المنطق بالعناصر المنطقية التي مُزِجت بالنحو مثل: التعريفات والحدود، والعلة والتعليل، والقياس. فلكي يفهم التلميذ تعريف المصطلحات النحوية التي تستخدم الحدود المنطقية، عليه أن يعرف الجنس والنوع والفصل، والقضايا الكبرى والقضايا الصغرى، والعموم والخصوص، والعرض والمعروض، والماصدق، والمفهوم، والمادة والصورة، والإطلاق والتقييد، والموضوع والمحمول، واللازم والملزوم، وغيرها من المفاهيم المنطقية.

وفي رأيي الشخصي أنَّ مما زاد من صعوبة النحو في العصر العثماني اعتماد النحويين، في الأغلب، على كتاب " ألفية ابن مالك "، وهي منظومة من شعر الرجز تقع في ألف بيت تضمُّ قواعد النحو والصرف، وكُتِب لها الانتشار والذيوع. مؤلِّفها محمد بن عبد الله الطائي المعروف بابن مالك (600ـ672هـ) الذي ولد في مدينة جيان في الأندلس، وتعلَّم فيها، ثم هاجر إلى الشام، بعد أن حاصر ملك قشتالة، سنة 627هـ، تلك المدينة لاحتلالها ولكنَّها لم تسقط في تلك المرَّة. وواصل ابن مالك تعليمه في الشام، ثمَّ رحل إلى القاهرة ليعلِّم فيها، ثمَّ رجع إلى دمشق، وأصبح إماماً في النحو والإقراء، وتوفي هناك.

يُعدُّ نظمُ القواعد النحوية شعراً، أو نظم مبادئ أيِّ علمٍ من العلوم، وسيلةً تعليمةً أو أداةً تذكيرية، تيسِّر للطالب تذكُّر معالم ذلك العِلم. ولكنّي أرى أن صعوبة النحو في "ألفية ابن مالك" التي اعتُمِدت، هي وشروحها، في دراسة النحو العربي خلال العصر العثماني، وفي عصرنا الراهن في كثير من المعاهد والجامعات، لا تعود إلى مزجها النحو بالمنطق فحسب، بل كذلك لكونها منظومة شعراً، ما يزيد من صعوبتها لما فيها من ضرورات شعرية تفرضها القافية والوزن على الناظم في اختيار الألفاظ والتعبيرات، فتؤدي إلى صعوبات دلالية وتركيبية. وعلاوة على ذلك، التطوُّر الذي طرأَ على ألفاظ اللغة العربية وأساليبها منذ ذلك العهد. والتغيّر لصيق بطبيعة اللغة ما يستدعي ضرورة تصنيف المعاجم التاريخية[119].  ونظراً لهذه الصعوبات المتنوعة، أقدم أكثر من أربعين نحوياً على تصنيف شروح لـ " ألفية بن مالك"؛ لعل أشهرها شرح ابن هشام (ت 761هـ)، الذي اضطر مُحقِّقه في العصر الحديث، محمد محي الدين عبد الحميد، إلى شرح الشرح بكتاب يقع في أربعة أجزاء عنوانه " عدّة السالك، إلى تحقيق ألفية بن مالك"[120].

ولا يفوت الدكتور محمود المرور بالمدرسة النحوية الأندلسية بفصل كامل، وقد أخذ نحويّوها المنطقَ من المشارقة. فحاول ابن حزم الأندلسي (ت 456هـ) تأسيس علوم الشريعة على المنطق، على حين أن ابن مضاء القرطبي (ت 512 هـ) انتقد في كتابه " الرد على النحاة"[121] إيغال النحاة المشرقيّين في مزج النحو بالمنطق. وتناول المؤلّفُ الفاضل، كذلك، ابنَ السيد البطليوسي (ت 521هـ)، ومنهجه النحوي المتجلّي في كتابه " إصلاح  الخلل الواقع في كتاب الجمل"[122]

وعلى ذكر كتاب " الجُمل في النحو" للزجّاجي، نذكر أنَّ فقيهاً مغربياً، هو محمد بن محمد الصنهاجي، الشهير بـ  "ابن آجُرُّوم" (ت  743هـ) اضطلع، بعد بضعة قرون، بتلخيص هذا الكتاب بأسلوبٍ سهلٍ في كُتيّبٍ صغيرٍ عنوانه " الآجُرُّومية"، فكُتِب له الذيوع والانتشار، وما يزال يُدرَّس ويُحفَظ في أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي[123].

الخاتمة:

إنَّ كتاب أستاذنا الدكتور محمود محمد علي الموسوم بـ " النحو العربي وعلاقته بالمنطق" كتابٌ رائعٌ جامعٌ مانع، يقدِّم تاريخَ النحو العربي للقارئ بصورةٍ موضوعيةٍ، منذ نشأة النحو في صدر الإسلام لغرض ضبط قراءة القرآن الكريم وفهمه حتّى يومنا هذا. ويتطرَّق الكتاب إلى:

ـ نشوء النحو العربي، والآراء أصالته، أو تأثّره بالمنطق اليوناني مباشرة أو عن طريق اللغة السريانية.

ـ المدارس النحوية: مدرسة البصرة، مدرسة الكوفة، مدرسة بغداد، المدرسة المصرية، المدرسة الأندلسية، وكيف تأثَّر بعضُها ببعض.

ـ النحويّون العرب، في كلِّ عصرٍ من العصور، وأهمُّ مؤلَّفاتهم، وشيوخهم، وطلابهم، ممن برزوا في النحو.

ـ تاريخ علاقة المنطق باللغة، من أيام السفسطائيّين والفلاسفة الإغريق وكيف انتقل المنطق اليوناني إلى الثقافة العربية ومدى تأثيره في المدارس النحوية العربية المختلفة في كلِّ مرحلة تاريخية.

والغاية من الكتاب، في نظري، هي تنبيه النحويّين العرب المعاصرين إلى ما هو من المنطق وما هو من النحو، وعدم الخلط بينهما لتيسير الأمر على الطالب الذي يريد الإلمام بالنحو ولا يريد التخصُّص في المنطق. وهذه غاية نبيلة.

وأرى أن اكتساب مهارة التحدُّث باللغة، أيّةِ لغةٍ كانت، بصورةٍ صحيحة، لا تتأتَّى من دراسة نحوها، وحفظ قواعدها، بل باكتسابِ ملكتها الذي يتمّ إما بالسماع أو القراءة. وفصحاء العرب في العصر الجاهلي لم يدرسوا قواعد اللغة العربية بتاتاً ولم يحفظوها عن ظهر قلب، بل اكتسبوا ملكة الكلام الصحيح بالسماع. ونظراً لأهمية الفصاحة في العصر الجاهلي، كان سراة القوم يعهدون بأولادهم إلى مربيات في البادية عُرِفت قبائلُهن بفصاحة لغتهم، ليكتسب الأطفال ملكة الكلام الفصيح الصحيح.   وتدلُّنا أبحاث علم اللغة النفسي على أنَّ اكتسابَ اللغةِ الأمِّ يتمُّ عن طريق سماع الطفل للُّغة مدَّةَ كافية للتمكُّن من التحدث بها، وليس بحفظ قواعدها. وهذا ينطبق كذلك على تعلُّم اللغة الثانية، وطنية كانت أم أجنبية. ويعرِّف علماء النفس السلوكيّون اللغة بأنَّها مهارةٌ أو عادةٌ نطقيةٌ تُكتسَب بالممارسة، وليس بحفظ القواعد النحوية. فأنتَ تستطيع أن تحفظ كتاباً كاملاً عن مهارة السباحة، ولكنَّك ستغرق في أوَّل مرَّة تنزل فيها الى النهر إن لم تمارس السباحة عملياً من قبل.

وقد سخر العلّامة ابن خلدون (732 ـ 808 هـ/ 1332 ـ 1406م) من النحويِّين الانحطاطيِّين في فصلٍ كامل من مقدِّمته الرائعة عنوانه ” الفصل الخمسون: في أنَّ ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية [ أي: النحو] ومستغنية عنها في التعليم، والسبب في ذلك أنَّ صناعة العربية إنما هي معرفةُ قوانين هذه الملكة ومقاييسها خاصةً، فهو علمٌ بكيفيةٍ، لا نفسُ كيفيةٍ، فليست نفس الملكة، وإنّما هي بمثابة من يعرف صناعةً من الصنائع علماً، ولا يحكمها عملاً…” "[124]

وهذا ما أكّده صديقنا العالم اللغوي الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف، نائب رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة الأسبق حين قال في أهمِّ كُتُبه، " في بناء الجملة العربية"، ما نصّه:

" إن الذي يكوّن الملكة اللغوية هو الدربة والمرانة على القراءة السليمة الكثيرة والسماع الصحيح الكثير المتكرّر.  ولهذا لا نتوقع من كتب النحو أن تساعدنا على تكوين الملكة اللغوية…[125]“

درستُ في جامعة أوسلو بالنرويج صيف 1965، وعلى هامش دراستي زرتُ بعض المدارس. وفي مدرسة ابتدائية وجدتُ أن دروس السنوات المدرسية الثلاث الأولى تجري في ثلاثة مرافق: المكتبة، والمسبح، والمطبخ. فسألتُ عن السبب، فقالت المديرة: إنَّ واجب المدرسة تكوين عادة القراءة لدى الأطفال، والقراءة تساعدهم على التعلُّم مدى الحياة. ونحن شعب يعيش على البحار فلا بُدَّ أن نتعلَّم السباحة منذ الصغر. وأغلبنا يعمل على السفن؛ ويساعدنا الطبخ ـ ونحن في البحرـ على البقاء على قيد الحياة.

 

بقلم: الدكتور علي القاسمي

.......................

المراجع

العربية

ـ ابن آجُرُّوم، محمد بن محمد الصنهاجي. الآجُرُّومية، تحقيق حايف النبهان، تقديم حسّان الطيان. الكويت: دار الظاهرية، 2009.

ـ ابن الأنباري، كمال الدين أبي البركات. الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين، والكوفيين. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. بيروت: دار الفكر، ب ت..

ـ ابن خلدون، المقدمة ، تحقيق عبد الله محمد الدرويش. دمشق: دار يعرب، 2004.

ـ ابن مضاء. الرد على دالنحاة، تحقيق شوقي ضيف .القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1947.

ـ ابن هشام. أوضح المسالك إلى ألفية بن مالك. تحقيق: محمد بن محي الدين عبد الحميد، ومعه كتابه  عدة السالك الى تحقيق أوضح المسالك .صيدا: المكتبة العصرية، ب ت.

ـ أشهبون، عبد المالك، العنوان في الرواية العربية .دمشق: دار محاكاة، 2011.

ـ الأسدي، كريم مرزة " مسائل خلافية نحوية بين الكوفيين والبصريين واندماجهما بالمدرسة البغدادية" في "صحيفة المثقف" على الشابكة.

ـ الجارم، علي ومصطفى أمين. النحو الواضح في قواعد اللغة العربية. القاهرة: دار المعارف، 1983.

ـ الرشيدي، نايف إبراهيم. " الخلاف الصرفي في كتاب " الإنصاف في مسائل الخلاف لأبي البركات الأنباري": دراسة تحليلية تداولية".  رسالة ماجستير في جامعة مؤتة، الأردن، سنة 2011.

ـ الزجاجي، عبد الرحمن بن إسحاق. الجمل في النحو. تحقيق: علي توفيق الحمد .عمّان: دار الأمل للنشر، 2013.

ـ الشلقاني، عبد الحميد. الأعراب الرواة. طرابلس: المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، 1975.

ـ الظاهري، منصور " نكبة العقل العربي في القرن الرابع الهجري"، جريدة " عكاظ " السعودية، بتاريخ 18/10/2006.

ـ العكبري، أبو البقاء. التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين. تحقيق عبد الرحمان بن سليمان العثيمين. بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1986.

ـ الفارابي. المنطق عند الفارابي. تحقيق: رفيق العجم . بيروت: دار المشرق، 1985.

ـ القاسمي، علي. صناعة المعجم التاريخي للغة العربية. بيروت. مكتبة لبنان ناشرون. 2014.

ـ. علم المصطلح: أسسه النظرية وتطبيقاته العملية، ط2. بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2019.

ـ. العراق في القلب: دراسات في حضارة العراق، ط3 . بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2011.

ـ. المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق. بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2003.

ـ (المنسِّق) وآخرون. المعجم العربي الأساسي .تونس/ باريس: الألكسو/ لاروس، 1989.

ـ القفطي، جمال الدين. إنباه الرواة على أنباء النحاة. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. القاهرة: دار الفكر العربي، 1986.

ـ الموسوي، محسن جاسم. جمهورية الآداب في العصر الإسلامي الوسيط. ترجمة حبيبة حسن .بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2020.

ـ حسن، إسراء ياسين. " الإنصاف في تقويم الآراء البصرية والكوفية في كتاب " الانصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين والكوفيين" لأبي البركات الأنباري" في مجلة كلية التربية للبنات في جامعة السليمانية، المجلد 25(4) سنة 2014.

ـ حسن، عباس. النحو الوافي. ط 3 .القاهرة : دار المعارف، 1975 .

ـ حمي، راضية وهندة غرايسة ووجدان معامرة،" ابن مضاء الأندلسي ومآخذه على النحاة" رسالة ماستر، جامعة الشهيد حمه لخضر في الجزائر في الموسم الجامعي 1441ـ1442هـ/2019ـ2020م .

ـ دي بوير، ت. ج.  تاريخ الفلسفة في الإسلام. ترجمة محمد عبد الهادي بوريدة . القاهرة: لجنة التأليف والترجمة، 1957.

ـ راندال، جون هيرمان. تكوين العقل الحديث. ترجمة جورج طعمة ومراجعة برهان دجاني. بيروت: دار الثقافة، 1956.

ـ سارتون، جورج. تاريخ العِلم. ترجمة ومراجعة لفيف من العلماء. القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2010.

ـ سيبويه، عمرو بن عثمان. الكتاب. تحقيق عبد السلام هارون. ط3 (القاهرة: مكتبة الخانجي، 1988).

ـ عبد الجواد، إيمان إياد إبراهيم. "مسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين في " إعراب القراءات السبع وعللها" لابن خالويه. رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية بغزّة، سنة 2017 .

ـ عبد اللطيف، محمد حماسة.. في بناء الجملة العربية. الكويت: دار القلم، 1982.

ـ علي. محمود محمد. النحو العربي وعلاقته بالمنطق. الإسكندرية: دار الوفاء، 2016.

ـ غلفان، مصطفى. "دروس في اللسانيات العامة لدو سوسير (نشرة 1916)": قراءة نقدية في ضوء المصادر الأصول"، مجلة أنساق، كلية الآداب والعلوم، 2018، المجلد 2، العدد 1، جامعة قطر.

ـ مرقطن، محمد. "الحقيقة والأسطورة" . جريدة العلم المغربية، 30/4/2021.

ـ معجم الدوحة التاريخي للغة العربية ، منصة المعجم على الشابكة.

ـ هيوود، جون. المعجمية العربية: نشأتها ومكانتها في تاريخ المعجميات العام. ترجمة عناد غزوان. بغداد: المجمع العلمي العراقي، 2004.

ـ ولد أباه، محمد المختار. تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب .الرباط : المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو- ، 1996.

الأجنبية

- Ali, Mahmoud Mohammed. “Mansour Fahmy, Pioneer of Islamic Feminism in Modern Egypt” in RUDN Journal of Philosophy (Peoples’ Friendship University of Russia) Vol. 25 No.2, 2021.

- Al-Musawi, Muhsin J. The Medieval Islamic Republic of Letters  .Notre Dame, Indiana: Univ. of Notre Dame, 2015.

- Carter.M.G.  A study of Sibawayhi`s Principles of Grammatical Analysis, Ph.D. Dissertation, Oxford University, 1968

- De Boer, T.J. Geschichte der Philosophie im Islam .Stuttgart, 1901.

- Hawood, John. Arabic Lexicography .Leiden: E.J. Brill, 1965

 

الهوامش

[1]  من أمثلة التعصُّب الطائفي ما يذكره منصور الظاهري:" حتى في مجال علاقات الزواج، فقد وقع الاختلاف في حكم تزوُّج الحنفية بالشافعي.. فقال بعضهم: (لا يصح لأنها يُشَك في إيمانها وقال آخرون يصح قياسا على الذمية!!) "*؛ على حين في العصر الذي قبله، كان العالم الشاعر الشريف الرضي صديقا للعالم الشاعر أبي إ سحاق الصابئي على اختلاف ديانتيهما، ورثاه الشريف الرضي بقصيدته الشهيرة:

أعلمتَ مَن حمـلوا على الاعـواد؟ *** أرأيت كـيف خبـا ضياء النـادي؟

جبلٌ هـوى لو خـرَّ في البـر إغتـدى ***  مـن وقعـه متتـابع الازبـادِ

*منصور الظاهري، " نكبة العقل العربي في القرن الرابع الهجري") ، صحيفة " عكاظ" السعودية بتاريخ 18/10/2006.

[2] يرى الباحث العراقي الأمريكي الدكتور محسن جاسم الموسوي في كتابه " جمهورية الآداب في العصر الإسلامي الوسيط" أن الانحطاط السياسي لا يصاحبه بالضرورة انحطاط فكري بدليل أن تلك الحقبة التي توسم بـ " عصر الانحطاط" ويسميها هو بـ " العصر الوسيط"، شهدت بروز علماء وأدباء مثل أبي يعقوب السكاكي (القرن 13مـ)، وصلاح الدين الصفدي وسعد الدين التفتزاني  وابن خلدون (القرن 14م) ، وأبي بكر الحموي (القرن 15م) . يُنظَر:

Muhsin J. Al-Musawi. The Medieval Islamic Republic of Letters )Notre Dame, Indiana: Univ. of Notre Dame, 2015).

وللكتاب ترجمة عربية:

ـ محسن جاسم الموسوي. جمهورية الآداب في العصر الإسلامي الوسيط. ترجمة حبيبة حسن (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2020).ونحن لا نرى ذلك، فنبوغ بعض المفكرين القلائل هنا وهناك، في ذلك العصر الطويل، لا يدل على تقدّم الثقافة في المجتمع الذي غلبت عليه الأمية . وما نزال نعاني آثار تلك الحقبة، مثل صعوبة النحو الممنطق وأولويته، وازدواجية الكتابة العربية (الإملاء) بحيث يختلف رسم القرآن الكريم عن الكتابة العربية عامة الأخرى. واللغة أساس التنمية البشرية.

[3]  القرآن الكريم، سورة فصلت، الآية 42، أي: لا يكذبه شيء مما أنزل الله من قبل، ولا يُنزل من بعده ما يبطله وينسخه، حسب تفسير شمس الدين القرطبي (ت671هـ) "الجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمَّن من السنة وأحكام الفرقان"

[4] في هذه الدراسة، يحاول الكاتب كتابة الكلمات ناقصة الألف، بصورتها الكاملة كما يكتبها المغاربة: هاذا، لاكن، الرحمان، إلخ.

[5] ألقيتُ بحثاً في المؤتمر العام لمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 2015 عنوانه " السياسة اللغوية وتنمية اللغة العربية "، ناديتُ في خاتمته بضرورة توحيد الإملاء العربي من قبل لجنة مشتركة من اتحاد المجامع العربية والأزهر الشريف، فاعترض أحد النحويين الانحطاطيين من أعضاء المجمع قائلاً: "لا يقول بهذا إلا مستشرق أو كافر". وهكذا تظلُّ الازدواجية في الكتابة العربية إضافة إلى الازدواجية في الكلام الناتجة من استخدام العامية والفصحى في الإعلام والتعليم، من عوامل تأخّر التنمية اللغوية والبشرية في بلداننا العربية، وصعوبة تعلُّم اللغة العربية، وصعوبة قراءة المصحف الكريم. وأخبرني أحد القناصل المغاربّيين في القاهرة، أنّهم يواجهون مشكلة تصديق عقود الزواج التي تجري في بلده إذا كان اسم الزوج مثلاً " عبد الرحمان"، لأن الدوائر الرسمية المصرية، تعدّه غير مطابق لاسم "عبد الرحمن".

[6] ابن مضاء القرطبي. الرد على النحاة، تحقيق: شوقي ضيف (القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1947). تُنظَر مقدِّمة المحقِّق.

[7]  علي الجارم، ومصطفى أمين. النحو الواضح في قواعد اللغة العربية (القاهرة: دار المعارف، 1983) لم يتيسر لنا تحديد تاريخ الطبعة الأولى. ولكن الكتاب ظلَّ قيد النشر حتى أواخر القرن العشرين. والشاعر علي الجارم (1881ـ 1949) كان مفتشا للغة العربية في المدارس، وكان مصطفى أمين (وهو غير الصحفي المشهور مصطفى أمين وأخيه التوأم علي أمين) مدرساً للنحو، وتوفي في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي.

[8] عباس حسن. النحو الوافي. ط3 (القاهرة : دار المعارف،  1975 ). وكان الدكتور حسن عباس من أعضاء مجمع فؤاد الأول للغة العربية (مجمع القاهرة للغة العربية لاحقاً) المنادين بتيسير النحو العربي.

[9] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%AE%D9%85%D9%8A%D9%85 ، ويكيبيديا، شوهد في 4/4/2021.

ويُنظر مقالنا " مفهوم السرقة في العقل العربي: هل ورثنا عادة السرقة من أجدادنا الجاهليين؟" في "صحيفة المثقف" في الرابط:

https://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=921676&catid=288&Itemid=601

[10] في علم اللغة، يوجد مستويان في تأصيل اللفظ: الأوّل، التأثيل، وهو ردُّ اللفظ إلى اللغة الأم التي اقتُرض منها، والثاني، الترسيس وهو ردُّ اللفظ إلى اللغة الأولى التي انحدر منها، وهو بحث لم يتمكَّن علم اللغة منه بعد. وإذا كان لفظ الفلسفة وصلنا من اليونانية تأثيلاً، فلا بدّ أنّه انحدر من العربية الأمّ، ترسيساً، لأنَّ اللغة العربية الأم هي أم اللغات في العالم كما أثبتت آخر البحوث الغربية. يُنظر كتابنا علم المصطلح: أسسه النظرية وتطبيقاته العملية، ط2 (بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2019) الفصل الأول: اللغة. وهو متوافر في موقع " أصدقاء الدكتور علي القاسمي".

[11] جميع كتب الدكتور محمود محمد علي وبحوثه متوافرة على الشابكة في " مكتبة نور" للقراءة والتحميل.

[12]  ورد هذا المثل العربي في كتاب " مجمع الأمثال" لأحمد الميداني (ت518 هـ)، ويحسب بعضهم أنّه ينطبق على الإنسان السلبي. ولاكن استقراءنا للنصوص الشعرية التي ضمَّنته، دلّنا على أنه مثلٌ محايدٌ ينطبق على الإيجابي والسلبي. فمن أوائل الذين ضمَّنوه في أشعارهم الفقيه الشافعي سعد ابن الصيفي الملقَّب بحيص بيص (ت 573 هـ) حين قارن بين آل البيت وبين بني أمية، فقال:

ملكنا فكان العفو منّا سجـيةً   ...   فلمّا مـلكتم سـالَ بالدمِ أبطحُ

وحلَّلتمُ قتلَ الأسـارى وطالما     ...    عدونا على الأسرى فنعفو ونصفحُ

وحسبكـمُ هذا التفاوتُ بيننا    ...    (وكـلُّ إناءٍ بالذي فيـهِ ينضـحُ)ّ

[13] جورج سارتون. تاريخ العِلم. ترجمة ومراجعة لفيف من العلماء (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2010) في سبعة مجلدات.

[14] جون هيرمان راندال. تكوين العقل الحديث. ترجمة جورج طعمة ومراجعة برهان دجاني (بيروت: دار الثقافة، 1956؟) في مجلدَين.

[15] المرجع السابق، ص 16.

[16] المقصود بالعبقريات، كُتُب العقّاد التي تحمل في عناوينها كلمة عبقرية وهي سبعة كتب: عبقرية محمد (ص)، عبقرية عمر، عبقرية الصديق، عبقرية عثمان، عبقرية الإمام علي، عبقرية خالد، عبقرية المسيح.

[17]  كان اسم هذه الجامعة عندما أُسِّست سنة 1960 " جامعة باتريس لومومبا للصداقة بين الشعوب". وباتريس لومومبا (1925ـ1961) ناضل من أجل استقلال الكونغو من الاستعمار البلجيكي وتحقَّق ذلك سنة 1960 وانتُخب رئيساً للوزراء، ولكن انقلاباً عسكريا وقع بدعم من المُستعمِر، فسجنوه وتم اغتياله. وأُعيدت تسمية هذه الجامعة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1991.

[18] Mahmoud Mohammed Ali, “Mansour Fahmy, Pioneer of Islamic Feminism in Modern Egypt” in RUDN Journal of Philosophy (Peoples’ Friendship University of Russia) Vol. 25 No.2, 2021.

[19]  Lمحمود محمد علي، ص 2ـ3.

[20]  يُنظر في هذا:

ـ عبد المالك أشهبون، العنوان في الرواية العربية (دمشق: دار محاكاة، 2011)

[21]  محمود محمد علي ، ص 17.

[22] يُلاحَظ أن المؤلِّف (المنطق) على (النحو) في عنوان هذا الفصل والذي بعده عندما غلب المنطق على النحو في الفصل السادس، وأصبح المنطق موضوع الجدل الرئيس في الفصل السابع. وقد يكون المؤلِّف قد قدَّم المنطق على النحو بصورة لاواعية لتمثله الموضوع في أعماقه وكيانه كله..

[23] تقع دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر بالبناية رقم 59 في شارع محمود صدقي، من ضاحية سيدي بشر في مدينة الإسكندرية. وقد زرتُها شخصياً بمصادفةٍ عجيبة. فقد كان مجمع اللغة العربية بالقاهرة ينظِّم بعد كلِّ مؤتمر سنوي يعقده، رحلةً للأعضاء لزيارة منطقة من مناطق مصر. وعندما شاركتُ في مؤتمر المجمع سنة 2017، علمتُ أن رحلة ذلك العام ستكون لمدينة الإسكندرية، فذكرتُ ذلك، في رسالة بالبريد الإلكتروني، لصديقي المصري اللساني المعجمي الدكتور منتصر أمين عبد الرحيم، الذي كان يدرِّس في جامعة الطائف، فأجابني بفرح أنَّ الكتاب الذي ألَّفه بمناسبة بلوغي الخامسة والسبعين بعنوان " علي القاسمي: سيرة ومسيرة" يطبع في دار الوفاء بالإسكندرية، وقد أجده جاهزاً إذا مررتُ بهم. وفعلاً، رافقني صديقي العالم اللساني المصري الإسكندراني الأصيل الدكتور محمد محمد حلمي هليل، إلى ضاحية سيدي بشر، وزرنا دار الوفاء وأُعجِبنا بأقسامها ومعداتها وأنشطتها، ووجدنا أنَّهم اسرعوا في تجهيز الكتاب استجابة لرجاء وصلهم من الدكتور المؤلّف، وحملتُ نسخاً منه معي.

[24] ورد هذا الجزء من التعريف في كتاب التعريفات للجرجاني.إ

[25] الفارابي، أبو نصر محمد بن محمد، ولد في مدينة فاراب في كازاخستان الحالية، فيلسوف، طبيب، موسيقي، فيزيائي، عاش في بغداد وحلب ثم أقام في دمشق وتوفي فيها. لُقّب بالمعلِّم الثاني لأنَّه اعتنى بشرح مؤلَّفات المعلِّم الأوَّل أرسطو.

25 الفارابي. المنطق عند الفارابي. تحقيق: رفيق العجم (بيروت: دار المشرق، 1985). مع ملاحظة أن التعريف ورد في الكتاب المطبوع: " وكما أن النحو عبارة اللسان..." والصحيح: عيار اللسان.

[27] محمود محمد علي، ص25

[28] بعد وفاة الإسكندر الأكبر أتفق كبار قادة جيشه على اقتسام البلدان التي استولى عليها فيما بينهم، فكانت مصر من نصيب بطليموس فاتخذ من مدينة الإسكندرية عاصمة للبلاد التي يحكمها.

[29]الرها: مدينة قديمة تقع في شمال بلاد ما بين النهرين. وكانت قاعدة مملكة عربية يحكمها الأباجرة، بين القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد. وتسمى بالسريانية (عربيا).  تقع اليوم في المنطقة الجنوبية من تركيا، وتُعرَف باسم (أورفا).

[30] نصيبين : مدينة رافدينية قديمة تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد. تقع الآن بمحافظة ماردين في تركيا.

[31]أنطاكية: مدينة تاريخية أنشأها أنتيغون، أحد قادة الإسكندر الأكبر سنة 317 ق.م. وتقع على الضفة اليسرى لنهر العاصي في لواء (محافظة) الإسكندرونة.  وإنطاكية مدينة مقدسة لدى المسيحيين الشرقيين. وكانت محافظة الإسكندرونة وأغلبية سكانها من العرب، جزءً من سوريا منذ استقلالها عن الأمبراطورية العثمانية سنة 1919 حتى قامت دولة الانتداب (الاستعمار) الفرنسي بإعطائها لتركيا سنة 1939، بحجة استفتاء أجراه المُستعمِر، تماماً مثلما أعطت بريطانيا سنة 1925 لإيران إمارةَ عربستان، وهي من إمارات الخليج، وسكانها عرب من بني كعب وشيخها آنذاك الشيخ خزعل الكعبي.

[32] اللغة السريانية: لغة جزيرية (عروبية) تطوّرت من اللغة الآرامية، اللغة الأمّ للسيد المسيح (ع)؛ وصارت، ،من القرن السادس ق.م. حتى انتشار الإسلام في القرن السابع الميلادي، اللغة الوحيدة في الهلال الخصيب. أمّا اليوم فتتكلَّمها فقط طوائفُ الآشوريين والكلدان والسريان في العراق والشام (حوالي مليون نسمة). وهي قريبة جداً من اللغة العربية، فقد ذهبت بنفسي إلى بلدة صيدانا في سوريا واستمعتُ لكلام أهلها بالسريانية وفهمتُ كثيراً منه. وجاء في الأثر الرسولُ (ص) طلب من الصحابي زيد بن ثابت أن يتعلَّم السريانية، فتعلَّمها في سبعة عشر يوماً. وهذا يُذكرني بإقامتي ثلاثة أسابيع في في مالطا وكنت في مهمة عمل، فتعلَّمتُ اللغة المالطية في الأسبوع الأول، لأنَّها لهجة عربية قريبة من اللهجة الشامية ولكنَّها تُكتَب بالحروف اللاتينية حالياً وتتخللها كلمات إيطالية وإنكليزية.

[33] نقلَ المؤلِّف مقولة المستشرق ليتمان عن احمد أمين في كتابه "ضحى الإسلام".

[34] محمد مرقطن. "الحقيقة والأسطورة" جريدة العلم المغربية، 30/4/2021، وكذلك : علي القاسمي، صناعة المعجم التاريخي للغة العربية (بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2016)، ص 250-273.

[35]  لعل من أفضل الكتب في هذا المجال كتاب:

ـ محمد المختار ولد أباه. تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب (الرباط : المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ، 1996). فقد جمع فيه مؤلفه معظم الروايات الإسلامية في نشأة النحو، حتى أنه ذكر مراجع قديمة أكدت وجود مخطوط في النحو للإمام علي بخط أحد طلابه كان يباع في أسواق القاهرة. ولشمولية هذا الكتاب وجودة توثيقة أقدمتُ على نشره عندما كنتُ مديراً للثقافة والاتصال، في الإيسيسكو. والدكتور محمد المختار ولد اباه، أحد علماء موريطانيا، نال دكتوراه الدولة من السوربون، وتولى وزارة الصحة ثم وزارة التربية في موريطانيا، وترجم معاني القرآن إلى اللغة الفرنسية (2003).

[36] Dr. T.J. De Boer. Geschichte der Philosophie im Islam (Stuttgart, 1901).

وتُرجم الكتاب للإنكليزية سنة 1903 وأُعيدت طباعة الترجمة مؤخراً في سلسلة " كتب منسية" بعنوان The History of Philosophy in Islam

وترجمه إلى العربية وعلق عليه الدكتور محمد عبد الهادي بوريدة بعنوان " تاريخ الفلسفة في الإسلام".

[37] المرجع السابق: ترجمة محمد عبد الهادي بوريدة (القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، طبعة 2010) ص 64ـ65.

[38] Gustav Flügel. Die Grammatische Schulen der Araber (1862).

[39]  انظر مثلاً الكتب التي تحمل عنوان " المدارس النحوية" أو "مدرسة البصرة" و " مدرسة الكوفة"، للسانيين العرب المعاصرين مثل: شوقي ضيف، وإبراهيم السامرائي، ومحمد مهدي المخزومي، وخديجة الحديثي، وعبد الرحمن السيد، وغيرهم.

[40] Gustav Weil      هذا هو الاسم الصحيح " جوستاف/غوستاف فايل"، إذ يبدو أن خطأ طباعيا وقع في اسمه فظهر في الصفحة 80 من الكتاب على شكل (جوتولد فايل). ونقل المؤلّف قول فايل من كتاب عبد الرحمن السيد، مدرسة البصرة النحوية: نشأتها وتطورها(القاهرة : دار المعارف، 1968) ص 104..

[41] M.G.Carter. A study of Sibawayhi`s Principles of Analysis Grammatical, Ph.D. Dissertation , Oxford University, 1968.

[42]  الدكتور فؤاد حنا ترزي (ولد في مدينة غزة سنة 1914 ولم نعثر على تاريخ وفاته)، وله كتابان : "الاشتقاق" و " في أصول اللغة والنحو".

[43] محمود محمد علي، ص 82.

[44]  المرجع السابق، ص 84.

[45]وقع خطأ مطبعي في تاريخ ميلاد ابن خلدون، فوردَ في الصفحة 85: "عبد الرحمن بن خلدون (784ـ808هـ)"

[46] المرجع السابق، ص 85.

[47] المرجع السابق، ص 85.

[48]  في الثقافة العربية الإسلامية، يختلف الإبداع عن الخَلق، في كون الخلق يكمن في تصور أو إيجاد بنيات جديدة من عناصر غير موجودة. ولهذا يوصف الله بالخالق.

[49]  علي بن أبي طالب (23 ق.هـ .ـ 40 هـ / 599ـ 661م) يُوصف بانه أعظم رجل عربي بعد النبي (ص). وللوقوف على عبقريته، يُنظر كتاب " عبقرية الإمام علي" لمحمود عباس العقاد.، أو كتاب " الإمام علي صوت العدالة الإنسانية" لجورج جرداق، في خمس مجلدات وملحق : 1) علي وحقوق الإنسان 2) بين علي والثورة الفرنسية 3) علي وسقراط 4) علي وعصره 5) علي والقومية العربية ، والملحق: روائع نهج البلاغة. طبع من الكتاب في السنة الأولى خمسة ملايين نسخة، وترجم إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والفارسية والأوردية وغيرها وله مختصرات.

[50] أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني (16 ق.هـ/69 هـ)، من تلاميذ الإمام علي، فقيه، لغوي، شاعر، فارس. ولّاه الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب قضاء البصرة، وكذلك الخليفة الإمام علي، أعاده قاضياً على البصرة، واقرّ ولايته وكالةً على البصرة عند غياب والي البصرة عبد الله بن عبّاس.

[51] Lexical Lists, in : https://en.wikipedia.org/wiki/Lexical_lists,  seen at Wikipedea on 24/3/2012

وكذلك:

John Hawood. Arabic Lexicography (Leiden: E.J. Brill, 1965) Chapter 1.

وللكتاب ترجمة عربية:

جون هيوود. المعجمية العربية: نشأتها ومكانتها في تاريخ المعجميات العام. ترجمة عناد غزوان (بغداد: المجمع العلمي العراقي، 2004) الفصل الأول.

[52]  American Journal of Human Gentics,Feb. 2012.

ويُنظر للتفاصيل باللغة العربية:

ـ علي القاسمي. علم المصطلح: أسسه النظرية وتطبيقاته العملية، ط2 (بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2019)، هل البشرية من سلالة واحدة، ص 71ـ74.

[53] الفينيقيون: قوم من الكنعانيين، موطنهم الأصلي في منطقة البحرين من جزيرة العرب، ثم أقاموا إمبراطورية تجارية على الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط في مدن مثل صور وصيدا وجبيل وقرطاج، وابتكروا أول أبجدية في العالم انتقلت مع سفنهم التجارية إلى حضارات أخرى.

[54]  الدكتور محمود  محمد علي، ص 85.

[55]  المرجع السابق، ص 86.

[56] محمود محمد علي، ص 88.

[57]  المرجع السابق، ص 132.

[58]الأورجانون/ الأورغانون الأرسطي : مجموعة كتب أرسطو في المنطق. وتعني كلمة الأورغانون في اليونانية: الآلة، لأن أرسطو كان يعتبر المنطق آلة العْلم أو وسيلته للوصول إلى الحقيقة والصواب. وهذه الكتب هي : المقولات، العبارة، القياس، البرهان، الجدل، السفسطة، الخطابة، الشعر. وترجمت إلى العربية عدة مرات منذ العصر العباسي.

[59]  عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه (148؟ ـ 180هـ/ 796؟ ـ 765م)، وسيبويه لقبه بالفارسية ويعني رائحة التفاح. ولد في البيضاء في بلاد فارس ونشأ في البصرة ودفن في شيراز. أخذ العلم من شيخه الخليل بن أحمد، وألَّفَ أوَّلَ كتاب شبه متكامل في النحو العربي وصلَ إلينا، سمّي كتاب سيبويه أو الكتاب، لأن المؤلّف لم يعطه عنواناً قبل وفاته.

[60]  محمود محمد علي. المرجع السابق، ص 135.

[61]  المرجع السابق، ص 141.

[62] الطغرائي، الحسين بن علي الدؤلي الكناني، الأصفهاني مولداً، في قصيدته  المشهورة باسم " لامية العجم" التي مطلعها: " أصالة الرأي صانتني عن الخطل... وحلية الفضل زانتني عن العطلِ". وقد حاكى فيها الشاعرَ الجاهلي الشنفرى (ت نحو 70 ق.هـ./525م) في قصيدته الشهيرة باسم "لامية العرب" التي مطلعها: " أقيموا بني أمي صدورَ مطيكم ... فإني إلى قومٍ سواكمْ لأميلُ".

[63]  نقلا عن ابن خلكان. وفيات الأعيان. 2/245.. ومن الأمثلة على زهد الخليل وقريحته الشعرية النادرة أن سليمان بن علي والي البصرة (وهو عمّ الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وحفيد عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الملقَّب بحَبر الأمَّة، أرسل إليه ليكون مؤدّب أولاده، فاعتذر الخليل، فسأله الرسول: ماذا أبلغ الوالي؟ فقال الخليل:

ابلغ سليمان أني عنـهُ في سـعةٍ... وفي غنى، غير أني لستُ ذا مالِ

سخيٌّ بنفسـي أنّي لا أرى أحـداً... يموتُ هَزلاً ولا يبـقى على حـالِ...

فقطع الوالي عنه الراتب الذي تصرفه الدولة للعلماء والطلاب، فلم يسأله الخليل أبداً، فخجلَ الوالي وأعاد راتبه إليه.

[64] Saussure Ferdinand: Cours de linguistique générale  (1916)

يُنظر:

غلفان, مصطفى. "دروس في اللسانيات العامة لدو سوسير (نشرة 1916)" : قراءة نقدية في ضوء المصادر الأصول، مجلة أنساق، كلية الآداب والعلوم، 2018، المجلد 2، العدد 1، جامعة قطر، ص: 135 – 156

[65] جمال الدين القفطي. إنباه الرواة على أنباء النحاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (القاهرة: دار الفكر العربي، 1986) ج 2، ص 258.

[66]  الدكتور عبد الحميد الشلقاني. الأعراب الرواة (طرابلس: المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، 1975)، ونشرته دار المعارف بمصر في طبعة ثانية سنة 1977.

[67] علي القاسمي. صناعة المعجم التاريخي للغة العربية ، الفصل العاشر: لسانيات المدوَّنة الحاسوبية، ص 304ـ401.

[68]  سورة التوبة : 3

[69]  يناقش المؤلف الفاضل مصطلحات  سيبويه بصورة مستفيضة في الصفحات 148ـ150.

[70]  علي القاسمي. علم المصطلح: أسسه النظرية وتطبيقاته العملية .. الطبعة الثانية (بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2019) ص 303.

[71]  محمود محمد علي ، ص 146.

[72] علي القاسمي. صناعة المعجم التاريخي للغة العربية ، فصل التعريف، ص 605ـ638.

[73] الحافظ شمس الدين الذهبي. سير أعلام النبلاء. الفصل الرابع. أبو الأسود الدؤلي.

[74] يُنظر مثلاً :  كارل بروكلمان، في " تاريخ الأدب العربي" مادة عيسى بن عمر، كما في مكتبة نور على الشابكة.

[75]   جمع الدكتور صالح محمد أبو شارب ما تبقى من علم عيسى بن عمر وأخباره في كتاب عنوانه " قراءة عيسى بن عمر الثقفي" نُشرته دار جليس الزمان، في عمّان، الأردن.

[76] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89_%D8%A8%D9%86_%D8%B9%D9%85%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D9%81%D9%8A , as seen on 24/3/2021.

[77]

[78]  سيبويه، عمرو بن عثمان. الكتاب. تحقيق عبد السلام هارون. ط3 (القاهرة: مكتبة الخانجي، 1988) ص 51.

[79]  المرجع السابق، ص 51.

[80] المرجع السابق ، ص 53.

[81] تنظر منصة معجم الدوحة التاريخي للغة العربية  https://dohadictionary.org/، للاطلاع على منهجيته وما يتوافر من مواده حتى الآن.

[82] علي القاسمي. صناعة المعجم التاريخي للغة العربية. الفصل الثامن: مصادر المعجم، ص 249ـ274.

[83] محمود محمد علي . المصدر السابق، ص 14ر1 ـ151.

[84]  محمود محمد علي، ص 172.

[85] علي القاسمي. العراق في القلب: دراسات في حضارة العراق، ط3 (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2011)، فصل تجليات العمارة الإسلامية في مدينة بغداد العريقة، ص 99ـ141.

[86]  وقع خطئان/ خطأآن مطبعيان في الكتاب، في الجملة الآتية:

" فقرّبه (أي قرَّبَ الكسائيَّ) الخليفةُ العباسي الخامس، محمد المهدي (ت 169هـ) إليه، وجعله في حاشية ابنه هارون الرشيد (ت 149هـ)". فالمهدي هو الخليفة العباسي الثالث، وهارون الرشيد توفي سنة 194 هـ. وحصل الخطأ المطبعي لسقوطٍ في النص، وكان المؤلّف الفاضل يقصد بالخليفة العباسي الخامس، هارون الرشيد. أمّا الأرقام العربية فكثيراً ما ينقلب اتجاه بعضها، لأنَ اتجاه الأرقام الأساسي في الحاسوب هو من اليسار إلى اليمين كالكتابة الإنكليزية.

[87] القياس هنا هو القياس الفقهي وليس المنطقي، ومعناه: بيانُ حكمِ أمرٍ غير منصوص على حكمه، بأمرٍ معلوم حكمه بالكتاب أو السنة، لاشتراكه في علّة الحكم.

[88] محمود محمد علي، المرجع السابق، ص 185. وقد وقع في تلك الصفحة خطأ مطبعي في جملة: وعن خلف قال: " كنت أحضر بين يدي الكسائي، وهو يتلو القرآن، فينقطعون على قراءته مصاحفهم". والصحيح: فينقِّطون. وهذا يعني أن المصحف الذي استُكمِل جمعه في زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان واستُنسخ منه عددٌ من النسخ وُزِعت على الأمصار، ونسخ الناس منها مصاحفهم، لم يكن منقوطا، ولم تكن تلك المصاحف التي نُسخت منه منقوطة. ولهذا فإنَّ المصحف المتداول اليوم وهو منقوط وعليه الشَّكل، ليس بالرسم العثماني، كما يدّعي بعضهم، فقد أُضيفت إليه النقط والحركات بعد زمن الخليفة عثمان بزمن طويل. لقد استمر تحسين الكتابة العربية حتى عصر الانحطاط وما بعده، مثل عصر الطباعة اليدوية وعصر الطباعة الحاسوبية. فمن التعديلات في عصر الطباعة الحاسوبية في كلمة (ينقِّطون) وأضرابها، وضع الكسرة تحتَ الحرف المشدَّد وليس تحت الشدَّة التي فوقه، كما كان الأمر من قبل، وذلك انسجاماً مع نظام الحركات الذي وضعه أبو الأسود الدؤلي، وحسَّنه الخليل ابن أحمد، ذلك النظام الذي يضع (الكسرة) تحت الحرف، وليس فوقه.

[89] أبو حيان الغرناطي الأندلسي الجياني: ولد في غرناطة سنة 654، ورحل إلى مصر في شبابه، ودرسَ وتولى التدريس في القاهرة. شرح كتاب " المفصل في صنعة الإعراب" للزمخشري، وهو صاحب تفسير " البحر المحيط"..

[90] الاشتقاق، لغةً، من الشِّق أي النصف، أو أخذ شيء من شيء. وقد ورد " الشِّقّ" في الشعر الجاهلي بمعنى النصف أو الجزء، كما في قول امرؤ القيس (ت 540م) في معلّقته:

فمثلكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْـتُ ومُرْضِعٍ *** فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ

إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ *** بِشِقٍّ وتَحْتِي شِـقُّها لَمْ يُحَـوَّلِ

أما في الاصطلاح النحوي فيعني الاشتقاق: نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا، ومغايرتهما في الصيغة..

[91] ثمَّة كتبٌ كثيرة تناولت مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، منها " الانصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين والكوفيين " لابي البركات ابن الأنباري من المدرسة البصرية، وكتاب "إعراب القراءات السبع وعللها" لابن خالويه من المدرسة الكوفية.

[92] أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري، ولد سنة 467هـ في زمخشر (تركمانستان)، من أهم مؤلّفاته " المفصّل في صنعة الإعراب" وتفسير " الكشاف"، ومعجم "أساس البلاغة"، وهي كتب ما تزال تحظى بالإقبال عليها بعد ما يقرب من ألف سنة من تأليفها.

[93] معجم "لسان العرب" لابن منظور، محمد بن مكرم، (ت 711هـ).

[94] علي القاسمي. المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق (بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2003) فصل الترتيب في المعجم.

[95] علي القاسمي (المنسِّق) وآخرون. المعجم العربي الأساسي (تونس/ باريس: الألكسو/ لاروس، 1989).

[96]

[97]  الحسين بن احمد بن خالويه: ولد حوالي 285 هـ في مدينة همدان (إيران) وانتقل في شبابه إلى بغداد.

[98] إيمان إياد إبراهيم عبد الجواد. "المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين في " إعراب القراءات السبع وعللها" لابن خالويه." رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية بغزّة، سنة 2017 في https://iugspace.iugaza.edu.ps/handle/20.500.12358/16983 شوهد بتاريخ 4/4/2021.

[99] أبو البقاء العكبري. التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين. تحقيق عبد الرحمان بن سليمان العثيمين (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1986) وأصل هذا الكتاب رسالة ماجستير.

[100] نايف إبراهيم الرشيدي. ارسالة ماجستير بعنوان (الخلاف الصرفي في كتاب " الإنصاف في مسائل الخلاف لأبي البركات الأنباري": دراسة تحيليلية تداولية)بإشراف الدكتور عبد القادر مرعي الخليل، في جامعة مؤتة، الأردن، سنة 2011.  منشورة في :

http://mohamedrabeea.net/library/pdf/b21dc68c-bd83-497c-95bb-0e3f064a2d02.pdf شوهدت بتاريخ 4/4/2021.

[101]  إسراء ياسين حسن. " الإنصاف في تقويم الآراء البصرية والكوفية في كتاب " الانصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين والكوفيين" لأبي البركات الأنباري" في مجلة كلية التربية للبنات في جامعة السليمانية، المجلد 25(4) سنة 2014، ص 1028ـ1037.

[102] كريم مرزة الأسدي " مسائل خلافية نحوية بين الكوفيين والبصريين واندماجهما بالمدرسة البغدادية" في "صحيفة المثقف"، شوهد في الشابكة بتاريخ 19/4:2021 في الرابط:

https://www.almothaqaf.com/b2/916992

[103] كمال الدين أبي البركات ابن الأنباري. الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين، والكوفيين. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد (بيروت : دار الفكر، ب ت) الصفحات 56 و 60 و68، مثلاً. بعد تحميل الكتاب من مكتبة نور، بتاريخ4/4/2021.

[104]  مفهوم " تنحي القاضي" في الشريعة الإسلامية وفي القوانين المدنية يعني: اعتزال القاضي، من تلقاء نفسه، عن نظر القضية أو الدعوى المعروضة عليه، تجنباً للإحراج أو الطعن في نزاهته، انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ ٱلْأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْل﴾ (سورة النساء:58)

[105] أبو العباس أحمد بن يحيى الملقب بثعلب (200ـ291) ولد وتوفي في بغداد، نحوي وراوية وملم بعدد من العلوم. وقيل إنه لُقب هكذا لأنه إذا سُئل عن مسألة أجاب من هاهنا ومن هاهنا مثل ثعلب إذا أغار. من أهم كتبه: " الفصيح" و " اختلاف النحويين"، و"معاني القرآن"

[106] أبو العباس محمد بن يزيد الملقب بالمبرِّد (210ـ286) ولد وتعلّم في البصرة ثم انتقل إلى بغداد، نحوي وبلاغي. وقيل إنه لُقِّب بالمبرد لحسن وجهه، أو لجسن إجابته ودقته. أهم مؤلفاته " الكامل في اللغة والأدب".

[107]  محمود  محمد علي. المرجع السابق، ص 212

[108]  ومن مؤلَّفاته الأخرى التي وصلتنا: الفاضل، المقتضب، شرح لامية العرب، ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد، المذكر والمؤنث.

[109]  محود محمد علي. المرحع السابق، ص  179.

[110] محمود محمد علي. المرجع السابق، ص 169.

[111]  ما وصلنا من مؤلفات الفرّاء: كتاب الحدود، كتاب المعاني، المصادر في القرآن، كتاب الوقف والابتداء، كتاب الجمع والتثنية في القرآن، آلة الكاتب، كتاب المفاخر، كتاب المقصور والممدود، كتاب المذكر والمؤنث. وهي مؤلَّفات يغلب عليها النحو بغرض فهم القرآن.

[112] الحدُّ، في المنطق، هو قول دالٌ على ماهية الشيء، يحدِّد جنس ذلك الشيء وفصله، مثل تعريف الإنسان بالحيوان الناطق، فالحيوان هو الجنس، والنطق هو الفصل الذي يميزه ويفصله عن بقية أفراد ذلك الجنس. فهو نوع من التعريف.

[113]  أبو بكر بن السراج: ولد وتوفي في بغداد، وتتلمذ على المُبرِّد، وبعد وفاة شيخه انتهت رئاسة النحو إليه، وتتلمذ عليه أبو القاسم الزجاجي، وأبو سعيد السيرافي ، وأبو علي الفارسي، وأبو الحسن الرماني، ويُعدُّون جميعهم مثل شيخهم من أعلام المدرسة البغدادية. فقد أكثر ابن السراج من استعمال القياس والتعليل في بحوثه النحوية.، بتأثير العلوم الفلسفية الأخرى، وتداخل مناهجها مع مناهج الدرس النحوي.

[114]  لابي سعيد السيرافي مناظرات عديدة مع علماء عصره في مجالس الوزراء والأمراء، من أشهرها المناظرة التي حرت بينه وبين الفيلسوف متى بن يونس القنائي في مجلس الوزير الفضل بن جعفر بن الفرات، وزير الخليفة المقتدر، سنة 320هـ، ويدور موضوعها حول اللغة والمنطق. وقد افرد الدكتور محمود لهذه المناظرة مناقشة مفصلة في كتابه. ومن المناظرات تلك التي جرت بين السيرافي وأبي الحسن العامري الفيلسوف النيسابوري (ت 381هـ)، في مجلس ابي الفتح بن العميد سنة 364هـ . يقول عنه تلميذة أبو حيان التوحيدي: "أبو سعيد السيرافي شيخ الشيوخ، وإمام الأئمة معرفةً بالنحو والفقه واللغة والشعر والعروض والقوافي والقرآن والفرائض والحديث والكلام والحساب والهندسة." من أهم كتب السيرافي: " أخبار النحويين البصريين، و "المدخل إلى كتاب سيبويه"، لأن السيرافي نحويٌّ يميل إلى المدرسة البصرية.

[115]  أبو  علي الفارسي: ولد في فارس وانتقل إلى بغداد في شبابه. من مؤلَّفاته: "التذكرة" في علوم العربية، في عشرين مجلداً، و"جواهر النحو".

[116] أبو الحسن الرماني: يعرف كذلك بالوراق والإخشيدي. أصله من سامراء، ونشأ في بغداد. فيلسوف معتزلي ومفسّر ومن كبار نحاة بغداد. له مؤلَّفات كثيرة لعل أهمها " الجامع في تفسير القرآن". أمعن في مزج النحو في المنطق والفلسفة، ولهذا كان بعض طلابه في النحو لا يفهمونه.

[117]  أبو الفتح ابن جنّي.: ولد في الموصل وتوفي في بغداد. تتلمذ على أبي علي الفارسي. وتنقَّل ابن جنى مع شيخه في البلدان، والتقى بالشاعر المتنبي في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب، وصارا صديقين. له شرحان لديوان المتنبي : الكبير والصغير، وصلنا الأخير. وعندما قُتِل المتنبي، رثاه ابن جني بقصيدة طويلة مطلعها:

غاض القريضُ وأودتْ نضرةُ الأدبِ ... وصوَّحتْ بعد ريٍّ دوحة ُالكتبِ

تتلمذ الشريف الرضي على ابن جني، وتوطَّدت صداقتهما، وعند وفاة ابن جني، أَمَّ الشريفُ الصلاة على جنازته ورثاه بقصيدتَين.

عندما أقرأ في مؤلَّفات ابن جني في اللغة والنحو أشعر أنّها أقرب إلى مؤلَّفات علماء اللغة الغربييّن في العصر الحديث، أو بالأحرى هم أقرب إليه. ومن أهمّها: " الخصائص" في اللغة، و"سرّ صناعة الإعراب" في الصرف.

[118] محمود محمد علي، ص 340.

[119] علي القاسمي. صناعة المعجم التاريخي للغة العربية، تُنظر: مسألة التغيُّر، ص 190ـ216.

[120]  ابن هشام. أوضح المسالك إلى ألفية بن مالك. تحقيق: محمد بن محي الدين عبد الحميد، ومعه كتابه " عدة السالك الى تحقيق أوضح المسالك" (صيدا: المكتبة العصرية، ب ت)

[121] لمزيد من التفاصيل عن ابن مضاء ، تُنظر رسالة ماستر قدمتها الباحثات: راضية حمي وهندة غرايسة ووجدان معامرة، وأجازتها جامعة الشهيد حمه لخضر في الجزائر في الموسم الجامعي 1441ـ1442هـ/2019ـ2020م، بعنوان " ابن مضاء الأندلسي ومآخذه على النحاة" وتتناول التعريف بكتابه " الرد على النحاة " الذي حققه مع مقدمّة ضافية الدكتور شوقي ضيف، كما مرَّ بنا، وكذلك تتناول هذه الرسالة المسائلَ الخلافية بين ابن مضاء والنحاة في القياس، والعلة النحوية، والعامل النحوي. شوهدت الرسالة كاملةً بتاريخ 14/4/2021 في الرابط:

http://dspace.univ-eloued.dz/bitstream/123456789/7830/1/-%D8%A7%D8%A8%D9%86%20%D9%85%D8%B6%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D9%85%D8%A2%D8%AE%D8%B0%D9%87%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AD%D8%A7%D8%A9%20-%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9%20%D8%AA%D8%A3%D8%B5%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9.pdf   .

[122] عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي. الجمل في النحو, تحقيق: علي توفيق الحمد (عمّان: دار الأمل للنشر، 2013). والزجاجي (ت 340هـ؟) ولد في نهاوند وانتقل إلى بغداد للدراسة، وأصبح مدرّساً في دمشق، وتوفي في طبرية، وسمّي الزجاجي نسبة إلى شيخه النحوي أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الزجاج البغدادي (ت 311هـ). وكان هذا الشيخ يدرّس في بغداد مذهبي البصرة والكوفة معاً في دروسه النحوية.

[123]ابن آجُرُّوم، محمد بن محمد الصنهاجي. الأجرومية، تحقيق: حايف النبهان، تقديم حسّان الطيان (الكويت: دار الظاهرية، 2009)، وللاجرومية تحقيقات وطبعات عديدة أخرى، ما قد يوحي بأننا ما نزال في عصر الانحطاط، أو أننا مشدودون إلى الماضي أكثر من الحاضر والمستقبل.

[124] ابن خلدون، المقدمة ، تحقيق عبد الله محمد الدرويش (دمشق: دار يعرب، 2004) الفصل الخمسون، كما في مكتبة نور على الشابكة.

[125] محمد حماسة عبد اللطيف. 1982. في بناء الجملة العربية (الكويت: دار القلم، 1982) ص 18ـ19.

 

في المثقف اليوم