قراءة في كتاب

الإلحاد والتطور.. أدلة كثيرة زائفة

منى زيتونمقدمة كتاب: الإلحاد والتطور.. أدلة كثيرة زائفة

بسم الله، والحمد لله، نحمده ونستعينه. أما بعد،

يقول تعالى: ﴿‏وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً‏﴾‏ ‏[النساء: 89]. وهذا الكتاب، وكما يظهر جليًا ‏من الإهداء موجه إلى المؤمنين بالله؛ ليظهر لهم كثيرًا مما خفي عنهم من علم حقيقي، عن زيف ما يدعيه ‏التطوريون الغربيون وأذنابهم من العرب، ويسهم أحيانًا في زعزعة إيمانهم، وقناعتي التامة أن من شاء فليؤمن ‏ومن شاء فليكفر، فليس الهدف من الكتاب حث الملاحدة المعاندين على الإيمان.‏

وقد كنت منذ سنوات بعيدة ألاحظ أن جدل التطوريين حول القيمة العلمية لنظرية التطور يبالغ ويشيع عنها أنها حقيقة راسخة ثابتة لا مجال لدحضها، وهذه ‏المبالغة تبدو صفة أساسية في الكثير من الدعاوى حول ‏النظرية؛ دعاوى متضخمة لتعويض أدلتهم ‏الهزيلة العاجزة.‏ ولم أجهل أن هناك من يسعون جاهدين لإقناع شباب العرب زورًا بصحة نظرية ‏التطور لإظهار أنفسهم على درجة زائفة من العلم ليست لهم ولا تعبر عن حقيقتهم، ولكن لم يعنني هذا ‏ولم يخلق لدي عزيمة أن أجتهد في الرد عليه حتى ظهرت ثم شاعت نظرة جديدة للتطور وجدت من يروج لها بين العرب، ‏وهو ما أصبح يُعرف بالتطور الموجه؛ وهي محاولة إسلامية لمجاراة ما طرحه فرانسيز كولينز رئيس مشروع ‏الجينوم البشري في كتابه الشهير "لغة الإله".‏

وقد سألت نفسي لِم لا أترك المؤمنين بالله من غير المدققين يؤمنون بأن التطور هو أسلوب ‏الله في ‏الخلق، حتى وإن كنت أعلم يقينًا أن كل أدلته زائفة، طالما أنهم لم يدرسوا أدلة النظرية ‏من جهة، ولا علم لهم ‏بالعقائد من جهة أخرى، ولا يبدو أن الاقتناع بالتطور من عدمه يمكن ‏أن يؤثر في إيمانهم؟ أليس المهم أن يبقوا ‏مؤمنين بوجود الله؟!‏ خاصة وأنا أعلم يقينًا أن أغلب شباب العرب من مدعي مناصرة التطور يفعلون ذلك من باب المسايرة للمجتمع المتحضر ‏‏الذي يحسبون أن جله مقتنع بصحة النظرية، بينما في أحدث استطلاع في الولايات المتحدة الأمريكية عن النظرية ظهر أن ‏‏‏40% من الأمريكان ليسوا مؤمنين بالتطور، هذا على الرغم من كل أساليب الترويج الإعلامي له، ورغم منع ‏تدريس أي وجهة نظر أخرى تعارض التطور في المدارس الأمريكية.‏

ولكني رأيت الأمر أخطر مما يبدو ظاهريًا؛ كان مشركو قريش يعترفون به سبحانه وتعالى خالقًا، ولكن مع ‏الاعتقاد بوجود أصنام تنفع وتضر وتشرك ‏الله بشكل ما في تسيير أمور الكون، ولو كان ‏الإيمان بالله فقط كافيًا ما بُعث سيدنا محمد إلى قريش وغيرهم من ‏المشركين لتصحيح عقيدتهم الفاسدة. ‏إذًا فالأمر لا ‏يتعلق بالإيمان بالله وحسب، بل لا بد أن يكون ذلك الإيمان ‏على عقيدة صحيحة.‏

ثم إن شياطين الإنس يريدون أن يبرهنوا لأنفسهم أنهم على حق، ولأجل ذلك فهدفهم جر مزيد من البشر ‏معهم إلى الهاوية، فهم لا يكتفون ممن يقر بحدوث تطور الأنواع من بعضها باقتناع ساذج بسيط قد لا يؤثر على ‏إيمانه؛ كونه لا يفهم ‏عمق ما يعتقد التطوريون من دور محوري للطبيعة في الخلق، بل ‏يُصرّون على تقديم ما يدّعونه أدلة ‏على حدوث التطور للعامة، وهنا يبدأ الطعن في ‏قيومية وعلم الله وقدرته المعجزة على خلق كل شيء بمقدار. ‏وما يفعله هؤلاء ليس اجتهادًا ‏فكريًا، بل تنطعًا علميًا، ونشرًا لأفكار تقتضي الشرك والإلحاد بدعوى التجديد في ‏الدين، ‏والعقيدة لا تُجدد لتتوافق مع أهواء الملاحدة، وهذا ليس جمودًا فكريًا ولكنه محاربة للعبث ‏بعقيدتنا.‏

والمنظور التطوري الذي يحاول أن يعطي التطور صبغة دينية يدّعي أن الطبيعة تعبث ‏بعيدًا عن الله، ‏ويطعن في علم وحكمة الله وإحاطته بخلقه، يطعن في غائية الخلق حتى مع ‏ادعاءات المدعيين بأنه أريد ‏للخلق أن يكون هكذا.‏ إنها حيلة الشيطان القديمة تتجدد مع مصدر شرك وكفر عصري؛ فعبادة الأصنام بدأت عندما أقنع ‏الشيطان أتباعه بتكريم عظمائهم وصنع أصنام لهم، ثم عبدوها واتخذوها آلهة مع الله، ثم كان من بعضهم أن ‏عبدوها دون الله.

‏ومما يروج له التطوريون أن نظرية الخلق تغذي في الإنسان نرجسيته، ولذا فهناك من يتمسك بها ويرفض ‏التطور لأجل ذلك، والحقيقة على عكس ما يدعي مروجو نظرية الأسلاف القردة، بل نظرية الخلق تفهم الإنسان ‏قيمته وتفرده ودوره على الأرض كخليفة لله فيها، على عكس نظرية التطور التي لا تجعله يميز نفسه عن ‏الحيوانات، ويركز فقط على احتياجاته الفسيولوجية ولا يرى في ذلك بأسًا.‏

وهذا كان السبب الرئيسي لإنعاش نظرية التطور في القرن العشرين بإدخال آلية الطفرة؛ لأن الداروينية صارت أيديولوجية تسهم في صياغة العصر المادي الذي أرادوا أن يتم تكريس الإنسان ‏فيه بأن يقنعوه أن ‏أصله حيوان، إذًا فلتبقِ أسير غرائزك ورغباتك أيها الإنسان. ونحمد الله أن العقد الأخير من القرن العشرين كان بداية طرق معاول الهدم في تلك النظرية ‏‏البهيمية، ولا زالت تتصدع بأيدي التطوريين بما تسفر عنه نتائج دراساتهم عن الجينوم -على عكس ما يظن العامة-، وبالمستجدات العلمية في بقية العلوم، وهو ما سنفصل فيه في الباب الرابع، كما تصدعت كثيرًا بضربات قوية من أصحاب نظرية التصميم الذكي.‏

وهدفي من الكتاب أن أثبت أن التطور ليس أسلوب الخلق، وأن التطور مرفوض علميًا مثلما هو مرفوض عقديًا؛ فالتطور وانبثاق الأنواع من بعضها ليست نظرية علمية، وإنما هي تفسير معيب ألبس ثوب العلم زورًا ودون أدلة، ويقيني ‏أن التفسير المعيب قد يعيق العلم لأنه يوقف مسيرته ويهبط عزيمة العلماء عن السعي لمعرفة التفسير الصحيح، ‏كما أنه قد تنبني عليه أكوام من الاستنتاجات الخاطئة. ولو كان العلماء الحقيقيون يصدقون كل دعاوى ‏التطوريين ما اكتشفوا وظائفًا لكل ما ادعى التطوريون أنه عديم ‏الوظيفة من أجزاء الجينوم أو أعضاء جسم ‏الإنسان وباقي الأنواع، ‏ولكن التطوريين لم يستطيعوا إعاقة حركة العلم لخدمة نظريتهم، وإن كانوا قد خدموها ‏بالتضخيم ونشر الزيف وترديد الأكاذيب عنها حتى صدقوها وصدقها معهم كثير من الناس.‏

وهناك فكرة شائعة عن نظرية التطور بأن جذورها تعود إلى فلاسفة اليونان، ونسبة النظرية إلى الفيلسوف ‏اليوناني أناكسيمندر ‏Anaximander‏ ‏ ‏(610 ق.م– 546 ق.م)، وهو من ‏ أعلام المدرسة الميليسية (تابعة للأيونية)،‏ وهذه النسبة غير صحيحة، ‏فهو قد استثنى الإنسان من بقية الحيوانات التي –وفقًا له- خرجت من المياه إلى اليابسة، وقال إن الإنسان ‏الأول بقي محفوظًا في جوف الأسماك جنينًا حتى كبر واستطاع القيام بأمر نفسه فخرج إلى اليابسة عندها، ولم ‏يقل إن السمك هو أصل الإنسان أو أن الإنسان تولد عنه، ومن يدّعِ أن  أناكسيمندر‏ قال إن نوعًا يمكن أن ينتج ‏من آخر لم يفهم حقيقة ما قال، وما أكثرهم!‏

في هذا الكتاب تعرضت بالنقد لنظرية نشأة وارتقاء الحياة على الأرض عن طريق آلية الانتخاب الطبيعي، ‏والتي تُنسب إلى دارون، فتُعرف به ويُعرف بها، وإن كان الباحثون في المجال لا يخفى عليهم أن ألفريد والاس ‏هو من صرح بها أولًا  عام 1858م، فادعى دارون أنه توصل إليها قبل عشرين سنة، وهناك تشكك في أن ‏كليهما سرقاها من الاسكتلندي باتريك ماثيو، ولست مهتمة بتتبع أول من فكر في دور الانتخاب الطبيعي ‏المزعوم في التنوع الحيوي، فعلى كل حال لم نر هذا الانتخاب الطبيعي يخلق أنواعًا، وقد وفرت جهدي في ‏تقديم شروح عن النظرية والرد على ادعاءاتها، وليس البحث عمن بلانا بها، فحسابه على الله. ‏

وإن كان هذا لا يمنع أن أصرح باقتناعي التام أن أيًا من والاس أو ماثيو ما كان بإمكانه نشر مثل هذه ‏النظرية الحدسية غير المنطقية؛ فدارون كان شخصاً يمتلك قدرًا كبيرًا من الذكاء الاجتماعي، في حين كان يفتقد ‏إلى كل ما له ‏علاقة بمتطلبات النجاح الأكاديمي؛ إذ كانت كتابته رديئة وكثير الأخطاء ‏الإملائية وبطيء الفهم، ما ‏يدل على ذكاء لغوي منحدر، ولم يعرف عنه خلال دراسته التميز في ‏الرياضيات أو الفلسفة أو المنطق، ما يدل ‏على ضعف ذكائه المنطقي/الرياضي؛ الذي لو كان يتحلى ‏بدرجة معقولة منه لما وضع نظرية قائمة بتمامها على ‏الحدس، رغم ما حاول ادعائه لها من أدلة، وعليه فدارون إنما نجح في تمرير نظريته إلى الوسط العلمي في ‏عصره من خلال علاقاته الاجتماعية ‏وتحزبات وثلل تدافع عنه وليس لقيمتها. ‏ ‏

كما لم أهتم بعرض الفروق بين أفكار دارون في الطبعات الثلاث من كتابه "أصل الأنواع" الذي ‏عرض فيه نظريته، فنظرية التطور الحديثة تختلف اختلافًا بائنًا عما عرضه دارون بسبب ما استجد من علوم. وإن ‏كنت قد رددت على نوعيات الأدلة التي استدل بها دارون في كتابه ضمن مقالات الباب الرابع.‏

فالكتاب الذي بين أيديكم هو مجموعة من المقالات الفكرية والعلمية، كُتبت ونُشرت على مدونتي لنقد ‏التطور وبعض مواقع الكترونية عبر ‏سنوات، وفي البداية كانت في صورة مختصرة لأنها كانت ردودًا ‏توليت صياغتها سريعًا ردًا على أحد دعاة التطور العرب، ثم حسّنتها وزدتها، وسبق جمعها ونشرها ‏ككتاب الكتروني دون طباعة. وكان سبب جمعها سوية هو مراوغة التطوريين المعروفة عنهم والتهرب من نقاش ‏دليل لآخر. وهذه هي الطبعة الأولى للكتاب.‏

https://critiqueofevolution.blogspot.com/

يحتوي الكتاب أربعة أبواب، أولها يتضمن مقالات للرد على بعض ما يستند إليه الملاحدة ويعرضونه من ‏أفكار، مثل: عرض ونقد لفلسفة العلم عند كارل بوبر، وحديث عن الإلحاد ودور الاستقراء التام‏ فيه، والأفكار ‏الإلحادية المضمنة في نظرية التطور‏، وعرض لمعنى لا محدود‏ية الله، ومعنى الإلحاد في أسمائه، وبعض من الخواطر حول الإلحاد‏، وأخيرًا: ‏هل ينبغي علينا أن نكترث لأمر الملحدين؟‏!‏

ويتضمن الباب الثاني مقالات توضح موقع نظرية التطور من العلم والدين، فبدأت بعرض الاتجاهات المختلفة في تفسير التنوع الحيوي، ‏وعرض لنظرية خلق الأنواع وفنائها كما أراها لأنني لم أقرأ لأحد حاول تنظيرها ووضع مبادئ لها، وتضمن مقالًا إجابة عن ‏السؤال الهام: هل التطور علم؟ وأوضحت في آخر بعض المغالطات المنطقية المرتبطة بالتطور، كما خصصت مقالًا عن فلسفة ‏الصراع من أجل البقاء، والتي برر بها دارون لحتمية التطور وحدوث الانتخاب الطبيعي، والنزعة العنصرية ‏للنظرية وما نشأ ‏عنها؛ إذ يدعي بعض المتحذلقين أن دارون لم يقصد بتاتًا الصراع العنيف الدامي وإنما فقط ‏صلوحية الصفات للتكيف مع البيئة أو الصلوحية العمرانية على حد تعبير الشيخ رشيد رضا، ولكن هذه ليست ‏الحقيقة وما عهد النازية منا ببعيد، ومعلوم كيف أثرت أفكار دارون في هتلر وقادته لكل الحماقات التي اقترفها.‏

ومقالات الباب الثالث تتضمن شروحًا عن النظرية، مثل: رحلة البيغل الثانية التي شارك فيها دارون ‏وبعض المغالطات التفسيرية التي يلصقونها بيوميات دارون عنها، ومقالًا عن فساد التمثيل والقياس بين ‏الانتخاب الطبيعي والانتخاب الصناعي، والذي أسرف دارون في الحديث عنه في "أصل الأنواع"، ‏ويتضمن هذا المقال عرضًا للإشكاليات المرتبطة بتعريف النوع الحيوي، وشرحًا للاعتراضات والانتقادات التي وُجهت ‏إلى نظرية التطور في عصر دارون، وشروحًا عن فرضيات أصل الحياة على الأرض، وتقديرات عمر الأرض وعلاقتها ‏بنظرية التطور،‏ وما يرتبط به من مفاهيم كالحد الكوني والألفة الكيميائية‏، وشروحًا عن الطفرة؛ تلك الآلية ‏الجديدة التي أحيا بها التطوريون النظرية في القرن العشرين، والتضاعف الجيني وكيف يتصورون قدرته على ‏تخليق المعلومات الجديدة اللازمة للانتواع. وشرحًا لأكذوبة نشأة الأنظمة الحيوية تدريجيًا وعن طريق سقالات، والذي يقيسه التطوريون على نمو الأجنة.‏

وأما الباب الرابع فيتضمن ردودًا على كل ما استخدمه التطوريون من أدلة على ‏صحة النظرية، وبيان زيفها؛ ستجدون ردودًا على استدلالاتهم بالتوزيع الحيوي وعلم المورفولوجي وعلم ‏الأجنة، وعلى خرافة الأعضاء الأثرية‏، وما أسموه بعيوب التصميم في جسم الإنسان، والتأسل ‏الرجعي. إضافة إلى الرد على مزاعم امتلاء السجل الأحفوري الذي كان يأمل دارون أن يمتلئ بما يخدم نظريته، ‏وادعى بعضهم أنه صار دليلًا دامغًا على حدوث التطور، وعرض ونقد لأشهر الحفريات والأدلة التي يقدمونها على تطور ‏البرمائيات والطيور والحيتان والإنسان. وما استجد من استدلالاتهم بعد اكتشاف ‏DNA، والتعديلات المتكررة ‏التي أدخلوها على شجرة التطور التي كانت مجرد فكرة أولية وضعها دارون وأنماها التطوريون من بعده. وكيف ‏أثرت المكتشفات في علم فوق الوراثة (فوق الجينات)‏ في إعادة النظر في ادعاءات التطوريين عن الطفرة والتطور ‏الصغروي، والرد على أدلة التطور الصغروي.‏

ولم يعتنِ الكتاب بعرض بعض روائع تصميم الخالق، وهي بحاجة إلى كتاب كامل يمكن أن يكون جزءًا ‏ثانيًا لما بين أيديكم، إن يسر الله، وسيسرني إن فكر غيري في إعداده، فالتطوريون تصيبهم كلمة تصميم في مقتل، ‏‏ودومًا يسعون ‏إلى تشويه روعة أي تصميم حيوي،‏ بل إن التصميم الدقيق للكون ‏يفترضونه لأن كوننا نشأ من بين أكوان متعددة!‏

لقد خاضت نظرية التطور حروباً ومعارك كثيرة، وتم نفخ الروح فيها من جديد، وعن نفسي أتمنى أن لا ‏‏يقبضني الله قبل أن يقبضها.‏ وقد كان مما فت في عضدي منذ كتابة المقالات الأولية للكتاب أن كثيرين ‏من المؤمنين لم يروا أن الموضوع يستحق ما أبذله من جهد فيه، وأن الحياة على الأرض قاربت أن تنتهي ‏ونفنى، فما أهمية الرد على المعاندين المشغولين بكيف بدأت ليبرروا لأنفسهم بعض قناعاتهم العقدية؟ ورغم ‏أنني لا أحب المناظرات عمومًا، فإنني لم أوافق هؤلاء المؤمنين في الرأي، لأن التطوريين خلطوا العلم الزائف ‏بالعقيدة ليفسدوا على الناس عقيدتهم ويدخلوا الشك في نفوسهم، والله تعالى يقول: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ‏فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْق‏﴾‏ ‏[العنكبوت: 20]؛ فالبحث في أصل الحياة على الأرض أمر إلهي، وفي مقال "أصل ‏الحياة" سنرى أن التطوريين بعد جهد عادوا مرة أخرى إلى فرضية الأديان، وصارت نظرية الطين الصلصال ‏Clay Theory‏ مما يروج له بعضهم لتفسير نشأة الحياة الأولى، وإن ادعوا أنها ليست هي أساطير الأديان! لذا ‏فإن على من يعلم واجب أن يعلم غيره. ولمن لا يعرف فأنا حاصلة على عدة درجات جامعية، منها درجة ‏جامعية في التاريخ الطبيعي.‏ ولأجل هذا كله كان هذا الكتاب.‏

وسيجد القارئ أسلوب تنسيق الكتاب وتوثيق مراجعه بخلاف المعتاد باعتباره معدًا ليكون كتابًا الكترونيًا ‏بالأساس، وبالنسبة لكثرة النقول باللغة الإنجليزية في الباب الرابع، والتي أوردتها مصحوبة برابطها الالكتروني، ‏ولم أكتف بترجمة محتواها أو صياغته بأسلوبي،  فذلك كان مقصودًا لتحقيق الفائدة المرجوة، فمن خلال ‏تجاربي مع التطوريين العرب أعرف أنهم دائمو التشكيك بالباطل في صحة كل ما نكتب ونشرح من نتائج ‏الدراسات الأجنبية، وإيراد النص باللغة الإنجليزية كما هو مصحوبًا بترجمته أفضل سبيل لسك أفواههم، فهو ‏شيء اضطررت إليه رغم تفضيلي للكتابة الإبداعية وعدم اللجوء إلى النقول بكثرة. ولا أنسى ما أصر عليه أحدهم ‏عند نقاشه مع أحد المراهقين المؤمنين عن سحالي جزر بودماركارو، وهي مما يستدل به التطوريون ‏على حدوث التطور الصغروي؛ إذ أصر التطوري على أن هذه السحالي قد تطورت وصارت نوعًا آخر، وبقي ‏يجادل المؤمن حتى أعطيت الأخير النص الإنجليزي الذي يثبت أن جينوم السحالي لا زال على ما كان عليه، ‏ومن ثم فلا زالت النوع نفسه.‏

ولعل القارئ يجد في هذه المقالات والبحوث فائدة، وأن يعم النفع بها.‏

***

د. منى زيتون

مصر- الإسماعيلية

29 نوفمبر 2021

في المثقف اليوم