قراءة في كتاب

خواطر لبليز باسكال: كل شيء واحد.. وكل شيء متنوع

علي حسينمن مجرد صبي يجلس في زاوية من زوايا البيت يقرأ ويطيل النظر في مجلات وكتب مصورة، لشاب يجلس إلى جوار فؤاد التكرلي ويتحاور مع غالب هلسا، ويستمع بانتباه شديد إلى ما يقوله عبد الرحمن منيف، ويستشير علي جواد الطاهر في كتب التراث، هكذا عملت في مكتبة، وبقيت فيها لاكثر من عشرين عاما.. لأكون دقيقا كنت اعمل في الساعات التي يسمح بها الوقت، بعد ان انتهي من اليوم الدراسي. في كل يوم أجوب أرفف المكتبة، افتش عن الكتب التي وصلت حديثا، أو أبحث عن كتاب سمعت عنه من احد الزبائن، أو البي طلب زبون متشوق لقراءة كتاب، واثناء هذا التجوال اليومي كنت اسمع بأسماء العديد من الكُتاب الذين لم اعرف عنهم شيئا من قبل. واصبحت أيضاً أكثر دراية بنوعيات الكتب، وبخفايا حياة الكُتاب..لم تعد الروايات بالنسبة لي هي الكتب الوحيدة المفضلة، بل أيضا كتب الفن والسياسة واضيف لها كتب الفلسفة وعلم النفس والاقتصاد. وكنت احاول أن اتعلم كل ما احتاجه لأبدو للزبون على دراية بالكتاب الذي يسألني عنه. تعلمت الاسماء والعناوين الغريبة. كانت المكتبة بالنسبة لي مدرسة للتعليم والتثقيف.. واثناء اسئلة الزبائن كنت انظر بعطف إلى اولئك الكتاب الذين لاتباع اعمالهم.. فهناك كتب لا أحد يريد شرائها رغم اهميتها، ومنها سلسلة بعنوان " مجموعة الروائع الانسانية "، كانت تصدر في بيروت عن اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع، كان الزبائن يهتمون باعترافات جان جاك روسو التي صدرت ضمن السلسلة بترجمة خليل رامز سركيس، لكنهم يهملون كتابه " هواجس المتنزه المنفرد بنفسه "، و لا يلتفتون إلى كتابه الآخر " اصل التفاوت بين الناس"، والقليل منهم يستهويهم كتابه العقد الاجتماعي.. بالنسبة لي كان منظر هذه الكتب يشعرني بالسعادة وكنت افكر إذا كانت هذه الكتب قابلة للقراءة ام لا، فقررت ان اضحي ذات يوم بالمبلغ الذي اتقاضاه كل اسبوع مقابل ان احمل معي هذه السلسلة الى البيت. لمدة شهرين تفرغت لقراءة اعترافات روسو، وخواطر باسكال، وقدر فولتير، وتقسيم العمل الاجتماعي لدوركهايم، وفي الحكم المدني لجون لوك، وتأملات ديكارت.. كنت اقرأ بشراهة، احاول ان افهم. انتهيت من الكتب لكنني لم اتشربها جيدا. ايقنت انني فشلت في التعرف على خباياها. وجدت اعترافات روسو مؤثرة جدا، لكن خواطر باسكال كانت نوعا غريبا من الكتب لم يكن مألوفا لديَّ من قبل .

عندما كان هرمان هسه يعمل في مكتبة كان يقول للزبائن ان الكتب مثل الاصدقاء، علينا ان نحكم عليها بعد ان نعاشرها بصورة حقيقية، اما الحديث عنها دون معرفة فهي اشبه بنميمة بغيضة. فيما بعد ستُعلمني الصداقة الحقيقية لروسو وباسكال وفولتير وديكارت، كيف يكون الانسان انسانا ويظفر بإنسانيته، ويؤدي ادواره ويتحمل مسؤوليته. ما الشيء الذي يهم القارئ في الفلسفة ؟ يجيب بليز باسكال :" إن الشيء الهام ليس تلبية فضول تأملي عقيم، بل معرفة اخلاق موثوقة تسمح لنا بتنظيم حياتنا في أمان ". كنت قد قرأت منذ سنوات عبارة للفيلسوف الالماني " بيتر سلوتراديك " يقول فيها :" بينما يحاول ديكارت مخاطبة قرائة بمزاج صباحي وانطلاقات مبرمجة، فان باسكال هو كاتب القراءة الليلية والمتواطئ مع اجترارنا للافكار المحطمة بشكل جوهري ".

عندما توفي في التاسع عشر من آب عام 1662، تم العثور في داخل معطفه على اوراق حرص ان يخيطها داخل بطانة المعطف، وكانت هذه الصفحات تشكل الجزء الاكبر من كتابه " خواطر " الذي نشر بعد وفاته بسبعة اعوام. قبل وفاته بايام قال لأحد معارفه ان فلسفة ديكارت مدهشة ومؤثرة، لكن صاحبها متكبر صغير مضحك. يستهل باسكال كتابه " خواطر" بالقول :"من هزأ بالفلسفة فقد تفلسف حقا".

قال عنه والده :" منذ أن اصبح قادراً على الكلام بدت عليه بوادر الذكاء النادر ". ولد بليز بسكال في التاسع عشر من حزيران عام 1623 لعائلة يعمل معظم ابنائها في سلك القضاء اوالعمل في التجارة، توفيت والدته وهو في الثالثة من عمره، فتفرغ الاب الذي كان شغوفا بالرياضيات ويعمل قاضيا في مدينة روان لرعاية ابنه الذي قال عنه كانت الكلمات تأتيه من تلقاء نفسه، عام 1631 قدم الاب استقالته من وظيفته لينتقل بعائلته الى باريس، حيث تبدا مرحلة جديدة في حياة الصبي البالغ من العمر ثماني سنوات تفرغ خلالها تنفيذا لاوامر والده بتعلم اللغتين اليونانية واللاتينية، من اجل ان يقرا كتب ارسطو. وستكتب شقيقته جاكلين :" لم يلتحق اخي بأي مدرسة، لقد علمه ابي ولقنه منهجا استعان به في حياته ". يشير باسكال الى ذلك في كتابه خواطر:" تلقيت تربية تميزت باتباع طريقة الوسط العدل، ومزايا كثيرة ومتفردة، وعناية اكثر من ابوية "، في العاشرة من عمره استطاع بليز بسكال ان يتوصل الى معرفة 32 مسالة من كتاب اقليدس في الهندسة، وفي الثانية عشر من عمره سيخبر والده انه قرأ في الخفاء الكتب الستة الاولى لاقليدس، ولما بلغ السادسة عشر من عمره وضع كتابا في الهندسة اثار اعجاب رينيه ديكارت الذي كان يكبره بسبعة وعشرين عاما، فاعتقد ان والد بسكال هو من كتبه. فيما بعد سيقر ديكارت بعبقرية باسكال ليكتب الى بيير مرسين :" نادرا ما وجدت الرياضيات قوة في البحث مماثلة لما فعله طفل لم يتجاوز السادسة عشر من عمره ".4021 باسكال

في تلك الفترة توجه الى دراسة الفيزياء والمنطق والفسلفة، وكان والده يعمل محاسبا ويجد في بعض الاوقات مشقة في جمع الارقام وتنظيمها، فقام الفتى بليز باختراع آلة حاسبة تجري ايه عملية حسابية. في الثامنة عشرة من عمره بدت عليه اولى مظاهر الضعف الجسدي وسيتعرض باسكال الى تجربة مثيرة في العشرين من عمره حيث اصيب بكسر في الساق، فتولى علاجه طبيب كان يعتنق مذهب جانسيينيوس، وهو مذهب يقترب من الصوفية المسيحية، في شبابه سعى باسكال الى وضع الاسلوب الاختباري من اجل اصلاح طريقة ديكارت النظرية، فديكارت يعتقد ان التفكير المنظم يقود الى المعرفة المثلى وان العلم الرياضي هو مفتاح العالم. اما باسكال فيرى ان الحقيقة تتعدى شتى جوانب عقلنا القاصر وانه يتحتم علينا ان نتوجه دوما الى الطبيعة ونستنطقها، فنعيش تجربة الاختبار. وهكذا فان باسكال بعد ان يرفض اخضاع التفكير الى السلطة الدينية، وبعد ان يسخر من نفوذ القدماء وسلطتهم، نراه يقف امام حوادث الكون المختلفة يناقشها استنادا الى اسرار الطبيعة وقوانينها. وبهذا يعارض ارسطو وتلامذته ويخالف ديكارت الذي يريد ان يقيم فلسفته على مجرد التفكير، وبرغم ان باسكال كان متدينا إلا انه اثار الكثير من المناقشات التي ازعجت الكنيسة حيث طالب بان يشارك عامة الناس بمناقشة المسائل الدينية حتى الصعبة منها مؤمنا ان العقل الانساني يستطيع بحث معظم المشاكل الدينية، وبهذا كانت افكاره تمهد لظهور فلسفة فولتير...توفي باسكال وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، وقد اصيب بمرض سرطان المعدة،

في مقدمة الترجمة الانكليزية لكتاب " خواطر" يكتب الشاعر ت.س.اليوت :" معظم البشر كسالى ولا مبالون وعبثيون ولديهم عواطف فاترة. وهم بالتالي عاجزون عن الشك والايمان ". يكتب بسكال :" يجب ان نعرف انفسنا، وإذا لم يفدنا ذلك في معرفة الحقيقية، فهو على الاقل يساعدنا على تنظيم حياتنا، وليس ما هو اكثر صوابا من هذا. ما السبب في ان الاعرج لا يزعجنا، فيما العقل الاعرج يثير حفيظتنا. السبب هو ان الاعرج يعترف باننا نسير في استقامة، اما العقل الاعرج فإنه يقول بأننا نحن الذين نعرج "..

بدأ بليز باسكال بكتابه " خواطر " عام 1656، بعد ان تعرضت ابنة شقيقه الى مرض خطير في معدتها، لكنها ستشفى واخبرت عمها انها ذهبت الى الكنيسة ومسحت مكان الالم بـ " الاكليل المقدس " فتم شفائها، وأيا كان السبب في الشفاء، إلا ان الحكاية زادت من اصرار باسكال على تاليف كتاب يتحدث فيه عن قيمة الايمان، وبدت صفحات الكتاب اشبه بالخواطر الفلسفية والافكار سطرها على اوراق متناثرة، وفيها يدافع عن الدين في مواجهة موجة التشكيك فيه التي طبعت عصره. نُشر الكتاب عام 1669، وسنجد فيه ردودا على منهج ديكارت في الشك، وسخرية من " مونتاني " الذي يقول عنه إنه " يغري باللامبالاة في مواجهة الخلاص " . كان باسكال قد التقى ديكارت للمرة الاولى عام 1647، الفيلسوف الكبير قد تجاوز الخمسين من عمره، فيما لم يكن باسكال قد تجاوز الخامسة والعشرين منشغلا بتجاربه في الضغط الجوي واستخدام الباروميتر، لم يكن اللقاء وديا، فقد ادعى ديكارت لنفسه اكتشاف ظاهرة الضغط الجوي، وهو الأمر الذي باعد بينهما وخلق حالة من العداء.يُحسب لباسكال ريادته في ابتكار المنهج التجريبي. كان ديكارت يرى ان الاستدلال السليم يقود بنفسه الى المعرفة الكاملة دون الحاجة الى اية معرفة اخرى وان العلم الرياضي هو مفتاح الكون، اما باسكال فكان يرى ان الحقيقية الواقعة تطغي على عقلنا الضعيف. ولهذا يجب علينا ان لانكف عن استجواب الطبيعة، وان التجريب هو الذي يستطيع تفسير لالظواهر اكثر من العقل.

يحتوي كتاب " خواطر " على مناقشة لكثير من قناعات باسكال بالعلم والحياة والدين، لكنه يسلط الضوء اكثر على مشكلة الانسان التي يرى انها المشكلة الكبرى، فالإنسان يقف في كل مكان بين العظمة والحقارة، فهو قادر على اكتشاف عظمة الحياة، لكنه لا يعرف الطريق اليها. يرسم باسكال الانسان على انه لاعب لا يكف عن الحركة، إنه مدفوع بتصور المكاسب، لكن لا يرضيه أي مكسب، فخلف غريزة اللعب المضطربة يقف الخوف من العبثية إن حياته ليست إلا حركة هروب دائمة ويرى باسكال ان الانسان كائن ضعيف يحيا في صراع بين ما يشعر به من قوة وعظمة، وما يجد عليه ذاته من ضعف وضآلة امام الكون اللامتناهي. وسنجده في الخواطر يسخر من نفسه اولا لانه امضى وقتا طويلا في دراسة العلوم المجردة، ليتاكد له فيما بعد انها لا تصلح للانسان وان " الجهل بها انفع بكثير من التعمق فيها " – خواطر ترجمة ادوار البستاني.

داخل صفحات كتاب " خواطر " يتصارع باسكال المؤمن، مع باسكال العقلاني، فهو الآن يريد ان ينفصل عن باسكال المتشكك، ولهذا يقدم للقارئ افكاراً فلسفية ذات وجهين، الأول عقلاني يناقش الحجج والبراهين والثاني متأمل وروحاني . الامر الذي يصفه الشاعر اليوت بانه محاولة لمزج أفكاره نحو الدين، بمعرفته الدنيوية. ولهذا فهو يخاطب القراء ذوي التوجهات العقلية العلمية بنفس الطريقة التي يخاطب القراء ذوي التوجهات الدينية.

ان ما يريد بيانه هو شقاء الانسان بدون الله، وفي نفس الوقت هناك عظمة هذا الانسان التي يمكن ان نستدل عليها حتى من شقائه :" فمن الذي يشعر بانه شقي لأنه ليس ملكا إلا ذلك الذي كان ملكا من قبل " – خواطر –. إن الانسان يعرف انه شقي، وبالتالي فهو عظيم لأنه يعرف ذلك.وفضلا عن ذلك فان باسكال يقر ان الفكر يُكّون عظمة الانسان:" ما الانسان إلا قصبة، والقصبة اضعف شيء في الطبيعة، لكنه قصبة مفكرة، ولا ينبغي ان يتسلح الكون كله لسحقه. فنسمة رياح،او قطرة ماء تكفي لتدميرة. لكن الكون لو سحقه سيظل اعظم نبلا ممن يقتله، لأنه يعرف انه يموت، ويعرف ما يمتاز به الكون عليه، أما الكون فلا يعرف شيئاً عن ذلك " – خواطر – ". ان الكون يحيط الانسان من ناحية المكان، ويبتلعه كأنه نقطة، لكن بالفكر فأن الانسان يحيط بالكون.

هل كتاب " خواطر " دعوة للايمان ؟.. يؤكد باسكال ان الانسان عاجز عن ان يمنح لنفسه الايمان، لكن هناك وسيلة عن طريق اعداد نفسه، وان فعل ذلك فان الله سيمنحه الايمان الذي يبحث عنه. إلا هذا الايمان يحتاج الى التدعيم العقلي:" إذ لم يفعل المرء شيئا سوى ما هو مؤكد ويقيني، فانه ينبغي أن لايفعل شيئا للدين " – خواطر -.

ان العقل عند باسكال قابلا لأن يميل إلى كل جانب، ولهذا نحن نرى الناس كثيرا ما لا يؤمنون إلا بما يحبون، فالقلب والعقل متباينان: " عبثا يحاول العقل زعزعة المبادئ بالاستدلال، فإنها خارجة عن دائرته ولا شأن له فيها، من المضحك أن يطلب العقل إلى القلب الأدلة على مبادئه، كما أن من المضحك أن يطلب القلب إلى العقل الشعور بالقضايا التي يستنبطها" – خواطر-

ذلك هو المذهب الذي ينادي به، فيه شيء الوجودية الدينية التي ظهرت فيما بعد بكتابات كيركغارد الذي اخذ من باسكال اختبارات الذات القلقة والوجدان المضطرب، وفي كتاب " خواطر " اشارات الى مجموعة من المفاهيم الوجودية كالخوف، والحيرة، والتشاؤم، والقلق.فالانسان يعيش حالة من التاقض بين واقع مؤلم، محير مقلق، وبين مثالية عالية يتمناها فهو يامل في الوصول الى الحقيقة، لكنه لا يدرك غير الخطأ. ويرغب في الحصول على السعادة، ولا يجني غير الشقاء والملل وينشد العدالة الحقيقية، ولا يجد سوى عدالة مزيفة. ولهذا يعيش في حيرة متناهية :" ها هو الغموض الذي احسه، ويجعلني اضطرب، انه يكنفني من كل جهة، ان وجه الطبيعة امامي ما هو إلا مادة للشك والقلق، ويبدو انني لم ار علامة على الألوهية ولو انني وجدتها لكان قد هذأ إيماني.. ولكم تمنيت مائة مرة ان تشير هذه العلامات على الالوهية لانها تدل عليها..ومتى تهدأ حيرتي وانا اجهل من انا، وما الذي افعله وما هو مصيري، وواجبي ؟ يحاول قلبي تلمس طريق الخير الخقيقي. لكن ليس ثمة طريق عسير في بلوغ الابدية " – خواطر -.

يؤكد باسكال اننا لا نستطيع ان نحظى بالسلام والسعادة والحقيقة إلا بتسليم انفسنا الى قوة اعلى، وان لم نفعل ذلك فسوف نجني الاحباط والظلمة والتشسويش والاخطاء، وباجابته على من يسألون : إن كان الله حقيقيا لماذا لايكون واضحا بشكل اكبر ؟ يرد : بدلا من الشكوى من ان الله اخفى نفسه، عليك ان تشكره لانه كشف الكثير من ذاته. بالنسبة لباسكال، الافتقار الى الايمان نوع من الكسل، انها النظرة التي اختصرها اليوت في مقدمته لـ" خواطر وهو يصف البشر بالكسالى لانهم :" عاجزون عن الشك والايمان، وعندما يطلق الانسان العادي على نفسه صفة الشك او عدم الايمان، يكون موقفه في العادة موقفا بسيطا يحجب فيه نفوره الكبير من التفكير بأي شيء يمكن ان يعود عليه بنتيجة ".

في واحدة من اشهر خواطره يقول باسكال :" العدل أن يتبع ما هو عادل . العدل بلا قوة عجز، القوة بلا عدل استبداد ".هكذا ينتقد باسكال فصل العدل عن القوة، وان العدل والقوة هوية واحدة. لكن القوة هي التي تنشيء العدل ليصبح العدل مثلاُ اعلى لا يستطيع الاستغناء عن خدمات القوة.

اراد باسكال من خلال " خواطر " معرفة كل ما يمكن معرفته عن العالم، لكنه يقر في النهاية انه ليس بالامكان معرفة كل شيء. وهو يشير إلى ان الله يريد منا الاستخدام الأعلى للعقل كي نتصرف ونبدع في هذا العالم. وقبول ما نحن عليه ككائنات روحانية لديها تجربة بشرية.

هل يمكن ان نصف باسكال بانه فيلسوف وجودي ؟. نعم بالتاكيد، فقد اهتم بالموجود الانساني وبإمكاناته، بالاضافة الى انه اهتم بإمكان ان يختار نفسه او لايختار نفسه في حضرة الله. كما ان كتاباته تجسد الصراع الاساسي للنفس البشرية. يكتب بيتر سلوتردايك ان باسكال :" يقف على عتبة العالم الحديث كشخصية مفتاحية مظلمة يصدعها الشك وإذا كان التاريخ الفكري للقرون الماضية بمثابة عرض للظروف العبث، فإن مكان باسكال فيه سيكون مضمونا الى الابد. إنه يحتل المرتبة الاولى بين الامناء الفلسفيين لليأس الحديث " – امزجة فلسفية ترجمة جميلة حنيفي - :

قال باسكال ذات مرة :" لقد بحثت عن كاتب فوجدت انساناُ " ولعل هذه العبارة توضح حقيقة هذا الفيلسوف الذي اراد ان يقول لنا ان عظمة البشر تكمن في مقدرتهم على إدراك بؤسهم الخاص.

***

علي حسين – كاتب

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

 

في المثقف اليوم