قراءة في كتاب

قراءة في كتاب تحرر من القيود للكاتب محمد كريم الكلابي (2)

من نافلة القول أن نعرف أن عنوان الكتاب أو البحث وحتى المقال يعبر عن مضمون ما يسطره المؤلف فيما يكتبه وبعضه يعبر عن موقفه من الموضوع المطروح سواء كان سياسيا أو اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا . وأن تؤلف كشاب من شباب العراق وبوضعه السياسي والاجتماعي والارتباطات المعروفة للعملية السياسية كتابا بهذا العنوان (تحرر من القيود) وعند سؤالي للمؤلف لماذا اخترت هذا العنوان ألم تخطر ببالك خطورة العنوان، فأجابني إجابة عفوية لكنها تنم عن شجاعة أولا وعن قراءة للواقع الاجتماعي المقيد بقوالب كثيرة تحولت إلى سجن كبير وبشتى أو كل مناحي الحياة، وربما أو هو الواقع حسب قرائتي للواقع ولكتاب تحرر من القيود أن كاتبه وإن ولد في عقد الحصار إلا أنه لم يع مضاره ولا أهواله ولا ما عاناه الشعب من ظلم واستبداد وحروب وغزوات بل هو وجيله وجيل ما بعد 2003 تفتحوا على فضاءات مفتوحة ومواقع تواصل اجتماعي تقرب البعيد، فالشاب القاطن في أقصى قرى العراق يستطيع أن يتحدث مع شخص يبعد عنه آلاف الكيلومترات ولذلك يسعى إلى كسر العديد من الأطواق حوله ويطالب بطلبات مفتوحة لها أول وليس لها آخر، جوبه الشاب العراقي بعدة مصدات، الأول حكومي – حزبي يصدر نفسه على أنه حام للطقوس الدينية وجعل من أعداد الممارسين لها جمهورا له، وكذلك فإن هؤلاء الحكام الجدد أفرطوا في إظهار تحولهم من فقر مدقع إلى غنى فاحش فلا يشيدون منازلهم إلا ويستقدمون شركات من خارج العراق وقد حاكى أكثرهم صدام حسين بتشييد الدور الفخمة ولا يقيمون بها فيما كان أكثرهم في سالف الأيام لا يتعدى أحدهم في تحصيل رزقه إلا من بيع السكائر، يتصرفون هكذا والعراق فيه حسب وزارة التخطيط أكثر من (7) مليون فقير، يملأون العشوائيات ففي العراق 3687تجمعا عشوائيا، يسكنها ثلاثة ملايين ومئتان واثنان وتسعون ألف من العراقيين ووزعت على النحو الآتي بغداد فيها 1022تجمعا عشوائيا وفي البصرة 677تجمعا وفي ذي قار 333تجمعا عشوائيا وفي النجف وكربلاء 89تجمعا لكل منهما في حين تحتل ديالى مرتبة متقدمة في العشوائيات كما تحوي الكوت مركز محافظة واسط فقط على (9) تجمعات عشوائية ضخمة ولو أخذنا قضاء علي الغربي المجاور لمحافظة واسط والتابع لميسان فإنه يضم أربعة أحياء عشوائية تضم ما يقرب (1100) منزلا وعلي الغربي تعد مدينة صغيرة، هذا وقد بين نوري المالكي عندما كان رئيسا للوزراء بضياع (6) مليار دينار كانت مخصصة لغرض الاسكان وتشير التقارير إن العراق بحاجة إلى (7) ملايين وحدة سكنية .والحقيقة بمرور الأيام انسلخ المتظاهر أيضا عن ضابطته الاجتماعية الأهم ألا وهي العشائرية .واتسم الشباب بالاندفاع وعدم المبالاة بالمخاطر لكن كاتبنا محمد كريم الكلابي يختلف جذريا عن هؤلاء الشباب وكذلك عما ينادي به الحكام إذ يدعو إلى التمسك بالشرع القرآني الخالص وبالقوانين الاجتماعية التي كانت ضابطة ولا تزال للمجتمع العراقي كي يرتقي بنفسه ومن هنا تكمن شجاعة هذا الكاتب .قد يسأل أحدهم إذن مالجديد الذي يرمي إليه الكلابي إذا كان يسعة الى التمسك بهكذا مفاهيم والإجابة على ذلك، أقول مرة أخرى إنه لا يسعى إلى تبني فكرة الانفلات قبال الضوابط الحقيقية، مثل القانون المشرع، الشرع القرآني، الضوابط العشائرية التي تحفظ للمجتمع تماسكه وليس التي تسعى لاضطرابه هذا هو جوهر الكتاب .وللحديث بقية.

***

رائد عبد الحسين السوداني

 

في المثقف اليوم