قراءة في كتاب

ناجي ظاهر: أم الحقائق في كتاب أمريكي عن الحب والتناسخ

كثيرًا ما تدفعنا خواطرنا للتساؤل، عندما نلتقي انسانًا آخر سواء كان رجلًا أو امرأة، ما إذا كُنا التقينا به في السابق أم لا، وسرعان ما يتبدّى لنا أن تلك هي المرّة الاولى التي نلتقي به عمليًا. فهل سبق والتقينا به حقًا في أزمان بعيدة سحيقة؟ أم أن أوهامنا صوّرت لنا أننا التقينا به؟

الطبيب النفسي الامريكي برايان .ل. ويس، يحاول في كتابه "الحبّ هو الحقيقة الوحيدة"، الاجابة عن هذا السؤال المحيّر وغيره من الاسئلة المتعلّقة به، مؤكدًا أن ما يخطر لنا عندما نلتقي من يُشبّه لنا أننا سبق والتقينا بهم.. إنما له أساس من الواقع البعيد أو القريب.

مؤلّف الكتاب هو طبيب نفسي أمريكي معروف، كان أستاذًا في العديد من المعاهد العليا والجامعات وله كذلك خبرة مديدة في العلاج النفسي.. البارسيكولوجي. يدير حاليًا عيادته الخاصة في ميامي بفلوريدا. سبق له وأصدر كتابًا عالج فيه جوانب مما يعالجه في كتابه هذا حمل عنوان " حيوات عديدة ومعلمون كثيرون"، وقد انتشر كتاباه هذان وتُرجما إلى أكثر من عشرين لغة في العالم منها العربية.

يُدخلنا الدكتور برايان في كتابه هذا، إلى عيادته الخاصة ليطلعنا على واحدة من أعقد الحكايات التي تحصّلت فيها خلال الاعوام الاخيرة، ويأخذ بيدنا، خطوة إثر خطوة، لنتعرّف على اثنين من متعالجيه يطلق عليهما اسمًا مختلقًا هو: اليزابيث وبيدرو، وذلك حفاظًا على السرّية المطلوبة من كلّ طبيب نفسي، ويستعرض معنا حكاية كلٍّ منهما عبر تنويمه المغناطيسي له وطلبه منه استرجاع حياته أو حيواته الماضية. من خلال هذين حصل المؤلف كما يقول في كتابه على علاقة أو ارتباط مع الارواح المرشدة والاساتذة الذين ظلوا يمنحونه العديد من الافكار عن الحياة بعد الموت، وعليه يؤكد المؤلف أن التناسخ هو جسر يقودنا إلى المعرفة الاعمق، الحكمة والتفهّم. إن اولئك الذين نحبهم وفق رؤية المؤلف وممارسته للطب النفسي أيضًا، يعودون ليشاركونا تحمل أعباء الحياة.. مع التأكيد أن الصدفة ليست وحدها هي التي تعيد التقاء التوائم الروحية.. وإنما حتمية الوجود الروحي الخالد للإنسان.

الكتاب كما سلف، يقدّم تجربة حقيقية عاشها المؤلف مع اثنين من متعالجيه، كلّ منهما من بلد. قدم لهما العلاج في نفس الفترة، ليكتشف أنهما عاشا معًا فترة بعد أخرى مرة كحبيبين وأخرى كأب وابنته وأخرى كأخوين ورفيقي طفولة، ومن خلال هذين.. حصل المؤلف على علاقة أو ارتباط جديد مع الارواح المرشدة والاساتذة الذين ظلوا يمنحونه العديد من الافكار عن الحياة بعد الموت. قصة هذين المُتعالجين تنتهي بعثور كلّ منهما على الآخر، بحتمية اللقاء، وبالارتباط بينهما مجدّدًا.

يستعرض المؤلف في كتابه هذا قصة كلّ من بطليها، اليزابيث وبيدرو، كلّ على حدة، وذلك عبر التنويم المغناطيسي والابحار في الماضي، ليتوصل إلى ما توصّل إليه. ويورد المؤلف معطيات تفيد أن نسبة المؤمنين بالتناسخ الروحي ارتفعت بشكل ملحوظ، وفق آخر الاحصائيات. ويلفت النظر أن المؤلف افتتح كلًّا من فصول كتابه الـ 24 إضافة إلى الخاتمة بقول حوال التناسخ لأحد أعلامه مثل وايت ويتمان الذي يقول:

أنا أعلم أنني غير قابل للزوال.. بلا شك

انني قد متّ آلاف المرات من قبل

أنا أضحك ممّا تُسمّونه الفناء

وأنا أحس بعمق الزمن وسعته

(ضمن إشارة إلى فناء الجسد وخلود الروح- ن. ظ.)

كتاب لطيف، يعالج قضية بسكيولوجية- ما بعد طبيعية، ويفتح منافذ الخيال على عالم مِن الاسرار والخفايا. مُقدّمًا قصة يمكن اعتبارها نموذجًا لقصص نلتقي يوميًا مثيلات لها دون أن نعرف السبب العلمي لأساسياتها. الكتاب يؤكد في أكثر من صفحة وفقرة أن الحب هو الحقيقة الوحيدة.. بل إنه ام الحقائق.

***

قراءة في كتاب يقدمها: ناجي ظاهر

.............................

* ترجمته إلى العربية ابتسام الرومي، بلغة بسيطة جدًا لا تخلو من الاخطاء الطباعية واللغوية. وصدر عام 2015 عن دار ميزوبوميات في بغداد.

في المثقف اليوم