قراءة في كتاب

علاء اللامي: مع المعلم، قارئ الطين، طه باقر، في كتابه "من تراثنا اللغوي القديم" (1)

كنت قد تطرقت إلى هذا الكتاب الثمين للباحث المعلم الراحل طه باقر في مقالة سابقة، ووعدت القارئ بالعودة إليه، وهأنذا أفعل: كنت قد ذكرت اسم هذا الكتاب في هامش لي ضمن مقتبس من دراسة للباحث فاروق عبد الجبار عبد الإمام، في كتابي "الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام"، ولكني، للأسف، لم أكن آنذاك أملك نسخة من كتاب باقر فأطلع عليه لأجعله من مراجعي. ومن الطريف أنني اعتمدت كثيراً - في المقابل - على كتاب للباحث رفعت رؤف البزركان "الألفاظ الدخيلة في اللهجة العراقية الدارجة" كواحد من مراجعي مع تسجيل تحفظاتي عليه. واضح من عنواني الكتابين أن باقر - بخلاف الراحل البزركان - لا يعتبر الكلمات ذات الجذور الرافدانية "الأكدية بشقيها البابلي والآشوري" كلمات دخيلة وأجنبية، بل هو يفضل تسميتها "رواسب لغوية " من الحضارات العراقية القديمة. كنت قد ألفت كتابي ذلك خلال سنتي 2010 و2011، وصدرت طبعته الأولى سنة 2012، محاولا فيه إثبات صحة وجهة النظر التي كان يتبناها الراحل طه باقر من دون أن أطلع على كتابه، ولكن خلاصتها وردت في أكثر من دراسة اطلعت عليها ضمن مراجعي.

سأورد أدناه مجموعة من المفردات العربية أو باللهجة العراقية العربية مما ورد في كتاب "من تراثنا"، والتي لم أدرِج أغلبها ضمن منظومات المفردات في كتابي المذكور، وأوردتُ بعضها نقلاً من مصادر أخرى وسيطة منها كتاب البزركان، وسأحاول أن أضيف ما تبقى منها في الطبعة الثالثة من الكتاب مستقبلا.

*سأضع توضيحاتي واستدراكاتي بين قوسين، وسأستغني عن تصويته للكلمات الأكدية بالحروف اللاتينية إلا مرة واحدة للضرورة:

أبّار = الأبّار هو الذي يلقح النخل وهي في الأكدية بالصيغة نفسها "أبارتو" وليست سريانية كما يعتقد البعض. (بمعنى أنها أقدم من السريانية زمنا، على اعتبار السريانية هي آرامية ما بعد ميلاد المسيح. ع.ل)

الأبلة = اسم مدينة تاريخية قرب البصرة، وهي بالأكدية البابلية آبلّو وتعني البوابة الكبيرة.

إبل = بمعنى جِمال وهي بالأكدية "إبلو".

أثل = نوع من النبات وفي الكدية "إثلو".

أرجوان = اللون القرمزي، أصلها وفق المعاجم العربية القديمة فارسي وهذا غير صحيح فهي أكدية بابلية وتلفظ "أرگمانو".

أرملة = أكدية وتلفظ بإبدال اللام راء "مثل بصل العربية وهي بصر الأكدية" ألمانو للرجل وألمانتو للمرأة.

أذان = النداء للصلاة- في الأكدية أدانو وتعني الموعد والمدة الزمنية، وتلفظ في الآرامية "عدّان".

إشكارة وشكارة = تعني باللهجة العراقية القطعة او القطيعة من الأرض الزراعية وهي في الأكدية "إشكارو" بذات المعنى.

ماكو = في اللهجة العراقية بمعنى لا يوجد – وفي الأكدية باللفظ نفسه والمعنى ذاته وتقابل كاشو وباشو وتعنيان "يوجد" والمرجح أن "أكو" بمعنى يوجد جاءت قياسا على "ماكو" المنفية.

إقليم = رقعة من الأرض وقيل إنها يونانية من كلمة "كليماتوس"، ولكن جذورها رافدانية قديمة وهي "كلام" بمعنى إقليم أو بلد ومنها لقب الملك السومري لوكال زاكيزي الذي لقب نفسه بملك الأقاليم " لوگال كلامّا".

إنجانة = إناء تغسل فيه الثياب – وظنَّ البعض إنها من أصل فارسي ولكنها موجودة في البابلية والآشورية بلفظ يكاد يطابق لفظها العربي فهي "أگانّو" بالجيم المعطشة. (أو "القاهرية" فالجيم المشبعة - كما ينطقها عرب العراق والخليج العربي - لا وجود لها إلا في اللغة العربية. أما الجيم الجارية فهي التي ينطقها المغاربة وخاصة في تونس وبعض المشرق كبلاد الشام. أما الجيم المعطشة فهي الموجودة في مصر والتي نطلق عليها الجيم القاهرية تميزا عن الجيم في الصعيد وهي أقرب إلى الجيم المشبعة منها إلى الجارية. ملاحظة شخصية. ع.ل)

أنبوب = أصلها من أنبوب القصب، وهي في الأكدية "إنبوبو" وفي المندائية "أمبوبا".

الإوَزة = الطائر المعروف، وهي في اللهجة العراقية "وزَّة"، وأصلها آرامي "وزَّة"، ولكنها أكدية أيضاً بلفظ قريب جدا هو أوز (UZ).

بَكْرَة = أسطوانة في وسطها محز يمرُّ فيه حبل لرفع الأثقال.. في الأكدية "بكراتو".

البيرة= الشراب الكحولي المعروف. في الأكدية بيراتو.

التركيس = في اللهجة العراقية تعني رفع عذوق النخلة حين تكبر الثمار قليلا بعد التلقيح. وردت باللفظ نفسه في الأكدية، ومصدرها الأكدي "ركساو".

جمار = قلب النخلة بالعامية العراقية، وفي الأكدية بلفظ قريب منها "گشمارو" وتطلق على النخيل بشكل عام.

حنظل = نبات قرعي شديد المرارة في الأكدية " خنزلتو".

خروب = نبات معروف وفي الأكدية خروبتو.

خشالة = في اللهجة العراقية وهو ما تكسر وعتُق من أواني النحاس، وأيضا الحُلي كالأساور والخلاخيل. وردت في الأكادية بلفظتين "خِشالو" و " خشالتو" بمعنى ما انكسر وانسحق.

يتبع في الجزء الثاني

***

علاء اللامي

في المثقف اليوم