قراءات نقدية

حيدر عبد الرضا: دراسة في عوالم أحمد سعداوي الروائية (7)

حيدر عبدالرضارواية (مذكرات دي) انموذجا.. خلفيات بنية التخييل ومؤولات البنية الروائية المخطوطة.. الفصل الرابع ـ المبحث (1)

توطئة:

أقام الروائي أحمد سعداوي من خلال بنيات روايته (مذكرات دي) نحو تجسيد فكرة مكونات نواتية خاصة باستظهار خلفيات ومجملات الخصائص البنائية في السرد ضمن مشغل (الميتارواية) إذ لاحظنا كيفية تصوير واثبات عناصر وعوامل من الخاصية الأسلوبية المشرئبة بملامح وتقانات اللعبة التخييلية الكامنة في محاور أكثر هلامية بدت مما نتصوره في تمثلات الواردة المخيالية في دائرة الاندماج التكويني من النص.وعلى هذا النحو وجدنا مخلية روائية في مستهل حكاية النص الروائي، هي أقرب ما تكون إلى الفصل أو لربما هي الفصل الأول فعلا، تدفعنا إلى الاعتقاد بأن سعداوي أخذ يتفاعل مع خلفيات نواتية خاصة بمقولات وفاعليات المخيلة وكيفيات استجاباتها الأسلوبية في رسم الواقعة السردية ومخصوصياتها الإمكانية في موضوعة الاحوال الروائية.فيأخذ السارد بالمتلقي داخل فصل موسوم بـ (المحاكمة) تجاوبا تأثيريا إزاء اختبارات نوازع وموجودات الفضاء السردي في مكونات الموضوعة والأجزاء القادمة من فصول النص الروائي: ولكن هل ما أحدثه أحمد سعداوي في مجال هذا الفصل يعد عنصرا حيا في خلق ملامح تجريبية في صنيع الميتارواية مثلا ؟ أن ما قام به الروائي ما هي إلا تحصيلات وقائع جادة في مبثوث دلالات الكيفية الموضوعية في النص ومستحدثات شواهدها التجريبية في أنساق متفاعلة من نوعية النسيج النصي؟ أقول جدلا جاء الفصل الأول من الرواية في إطار عملية تسبقها استدلالات وقائع (خارج نصية ـ داخل نصية ـ معادل نصي) وصولا إلى أبعاد قد لا يفقه منها القارىء، سوى أن كاتبها كان معنيا في تحديث حالاته وأساليبه ومبرراته وتشخيصاته في المرمى الآخر من المعنى الروائي المتقلب في محتملات التصويب الدلالي، وإلا ما دليل كل هذه الوحدات والأشباح والأطياف الرابضة في عوالم مجهرية من عينات الخطوط القائمة ما بين المزاج الروائي والتأليف الروائي.

ـ قيامة الكائنات المرمزة في الأبعاد النفسية للواقعة الشخوصية

قد يخضع تقديم محكي الفصل الأول من الروائية إلى مشاهد وعناصر إدائية مركزة في حيز من الفعل والفاعل المغاير في وظيفة متعينات الوضوح الروائيزولكننا عند متابعة الشخصية الطيفية (ممه) وهي تروغ بين يديها: (كتلة صلصال زجاجية الشكل على طاولة مشغلها الواسعة) نتأكد هنا بأن ما يجرى من وحدات سردية، ما هي إلا تمهيدا نواتيا نحو ارتباطات علاقات تكوينية أولى من زمن الميتانصي .ومن الأشكال الأطيافية الأخرى في حدود هذا الفصل ترانا نتعرف على هيئة العجائز من الحكماء تحت سقف قاعة المحاكمة التي تشبه إلى حد بعيد (وكأنها شكل لمعبد قديم، أو كاتدرائية) كما وهناك بالمقابل كبار حكماء الجلسة السبعة، وقد تجرى وقائع المحاكمة في ظروف حلمية غرائبية ناتجة عن إجرائية شبه إيهامية، صارت تتكون منها مسميات كـ (الأطياف في السماء العليا ـ حاجز غيمي عن سماء محفل الألوهية ـ سماء الأطياف السفلى وهو الذي تحكمه ممه ـ وتوسطة حديقة الأحلام حيث مكان عملها مع مساعديها ـ وأسفل من ذلك كله يكون عالم البشر . / ص9 الرواية) في الحقيقة حاول سعداوي في أكوان فصله الأول استدعاء جملة قرائن تقترب من محاور التناظر ما بين هذه الألهة الحلمية التي ترافق أحلام الشخصيات في الرواية ومذكراتها، ذلك بحكم كون التجربة تجرى عبر فواصل تدوينية في الفضاء السردي، وهذا الأمر بدوره له أكثر من علاقة محورية مع الشخصية ديالى وآفاق ضيق سلوكها الضال والمغلوب على أمره إزاء شقيقتها المشاغبة والقاهرة عليها نينا أو نينوى.وضمن هكذا شياق توتري، نعاين مرافقة الشخصية ديالى من جهة ما مفترضة ذلك الشبح الحلمي الصنيع من الشخصية ذاتها المدعى بـ (ديفالون) الذي ما أنفك يترجل ناصية الاتهام من أمام رئيس مجمع الأطياف (آموكاني): (لقد تدخل ديفالون في حياة البشري الذي يرافقه، ربما منعه من الموت مرة أو أثنين / أن ديفالون يحاكم هنا بتهمة مخالفته للقوانين، ويمكن وصف هذه المخالفة بالخيانة / لقد خان آموكاني عقد الصداقة بالوشاية بديفالون إلى المحكمة، وها هو يخضع لهذه التعرية المزعجة أمام جميع الأطياف / كان قد أخبره بأنه لا يريد لهذه الأنسية الضعيفة أن تموت الآن / في نهاية المطاف إن ماتت أو بقيت حية فهذا لن يؤثر في شيء على مجرى التأريخ الانساني، أنها مجرد حبة رمل صغيرة في طوفان صحراوي تتلاعب به الريح . / ص11 الرواية) البناء الروائي إذن يمكننا عده هنا من خلال الفصل الأول، بمثابة المراحل التشريحية والنواتية القائمة ما بين (الأداء ـ جهة الموضوعة ـ تحول الحالات ـ كفاءة تقييم الحالات النواتية) أو لربما يمكننا تسميتها بموجب (علاقة خفاء ـ كينونة مضمرة ـ ترابط وضعيات مغايرة) وبأنتقالنا إلى مكنون الحمولة الدلالية في قلب مواضع التسمية من الشخصية ديالى إلى دي، تواجهنا كيفية إحالات الأسم: (لو دقق آموكاني، كبير مجمع الأطياف، قليلا، ورغب في سحق ديفالون لذكر أن الأسم لا يتعلق بمجرد خطأ أو خطيئة أرتكبها ديفالون بمساعدة ديالى هذه، وإنما هناك شيء أكثر عمقا ينبغي الوقوف عنده .. فهذا الطيف النشط الذي يقترب من أقفال خاناته كلها له صلة عميقة مع هذه الأنسية الضعيفة، حتى أنه استعار أسمه منها / لقد غير ديفالون أسمه ثلاثا وستين مرة على مدى ألفين وخمسمائة سنة . / ص12 . ص13 .الرواية) .

1ـ ميتافيزيقيا المقاربة المرجعية وتوليف تجريبية المخيلة المتحولة:

أن طبيعة النظام السردي في مفاصل ومشخصات الفصل الأولي من الرواية، ذات مكونات علاقة مرجعية خاصة، تذكرنا بفضاءات الحكاية الخرافية والأدب الفتنازي ذات الدلالة المعادلة بقصديتها المشذبة بالمضاف العلامي و الترميزي المغاير، حتى لو أنها باتت بعيدة عن مقادير المعقول الفني وجمالياته الموهومةزولكن مع توفر هذا الحس التجريبي في طبيعة الموضوعة للنص الروائي، يبقى تبرير هذه الوقائع بطريقة موهومة أيضا باعتبار أن اسبابها ومعاليلها ومقادير أصلاحها الفني لابثة على لوحة من الوحدات التجريبية بدءا.أن من إشكاليات أحمد سعداوي الروائية دائما ولوجها من نافذة غير مسوغة فنيا اللهم إلا من جهة تجريبية حصرا، لذا فإننا لا نعد هذه الفصلية الأولى، سوى جملة مكونات إيهامية بحتة، أو هي جملة بداهات خيالية تشهى الروائي عن طريق تأثيرات قراءاته للرواية الغريبة أن يجعلها مسندا أوليا في اداة علاقاته الدلالية في الوحدات اللاحقة من النص . نقول تفرض علينا تحققات رابطية ما في الأعضاء النصية جملة أشياء تفارقها حجة الدعم الإجرائي بطريقة منطقية ومقنعة.لقد تبينت الافتراضات في العلاقة السردية، بأن سعداوي يدمج القرائن في حدود فاعلية سردية مزدوجة ترسم آثارها الممكنة داخل شعاب ظرفية خاصة من حياة الشخصية (ديالى = دي) وتأويل هنا ما يكشف لنا بأن الخطة الروائية جارية بموجب زمن يتجاوز ويستبق مجمل وقائع المحكمة الإيهامية، وما المحاكمة إلا تلك الواقعة المختزلة من زمن الإرسال الروائي، إي بمعنى ما جعل سعداوي وقائع الفصل الأول من روايته كخلاصة عناصر متمثلة للزمن الروائي المختبر قرائيا ومدلوليا، وما حالات تقديم فصوله اللاحقة، إلا امتدادا قد جرى معاينة خطواته وعواقبه في مجمل من الحيز الماثول السردي في حكاية المحاكمة.

2ـ الثانيانية في العلامة والتسمية والمصير الشخوصي:

من هذا المنطلق يمكنا عد الشخصية ديالى بمثابة واقعة محورية مركبة من (ثانيانية) وذلك لكونها مرافقة من قبل ذلك الشبح الحلمي، أو لأنها شخصية تحمل لذاتها نعتان في الآن نفسه.كما بين لنا ذلك سعداوي في جعل شخصية المحور ماثولا يقوم بالتمثيل لصحة الدور الأول، وموضوعا للتمثيل في العلاقة المفترضة الثانية، ومؤولا يضم الحدوث الدلالي بين الماثول الذي هو الشخصية في قرارها المفترض ليس ثالثا.ومن جهة أخرى تبقى نقطة ظهورها في واقعها السياقي نقلا راويا: (ينزل ديفالون عادة مع أولى ساعات الصباح، حيث تفتح هذه الأنسية التي أسمها ـ ديالى عبد الواحد ـ عينيها، ويبقى بجوارها على مدار الوقت، يراقب تنفسها ويتابع يومياتها الرتيبة، وكيف تتصرف وتتعامل مع ما يواجهها من أحداث، ولا تبخل عليه، من دون أن تعرف بوجود، بانفعالاتها الغزيرة التي تزيد من رصيد الديكالات لديه .. لقد منحته ديالى مختلف أنواع الانفعالات، ولا سيما أثقلها وزنا التي تنضح دياكالات، البكاء والشعور بالألم والانسحاق والمرارة بالفم . / ص 12 الرواية) أن الاشارات الاستباقية في محافل السرد الروائي، بدت مضغوطة وضاغطة من قبل مرويات السارد، فأخفى تارة السارد علينا العلاقة المنزلة ومبرراتها من قبل عالم الطيف نفسه الموكل بشخصية ديالى، وتارة أخرى تتضح لنا نوازع حقيقة تبعيدية من أحاسيس الشخصية ذاتها كعلامة تخدم الأحداث الجارية في الأجزاء الأولى من الرواية.

ـ خطاب الحكاية بين تراتيبية الأفعال وصياغة حكاية المدون

لعل من أكثر السمات الوظائفية في صنيع أحداث الرواية (مذكرات دي) ما يقترن بذلك الأفق المطروح بين جهة الأنا المحورية في النص ومحيطها الداخلي المحموم بمضايقات ونزاعات شقيقتها المتميزة بحسن جمالها (نينوى ـ نينا) ومن المدهش أن جميع شخصيات عائلة ديالى من الفتيات ما يحملن أسماء المدن عبر وظيفة صورية لا يمكن لنا الجزم بمفادها الأسموي .. قلنا كانت علاقة ديالى بشقيقتها ليست على ما يرام دائما، وهذا الأمر كان يدفع بنينوى الأخت الكبرى إلى توجيه المزيد من العقوبات اللفظوية والبدنية العنيفة إزاء موضع جسد أختها ديالى الأكثر خواءا ومغلوبية في أمرها، ومثال على ذلك حادثة الممارسة الجنسية التي تمت على شاهد من أسماع الأخت ديالى قائمة بين نينوى وأبن العمة زيد: (سمعت صوتا يأتي من غرفة أختها ـ نينوى ـ حين مرت بجوارها، ثم حين أنصتت سمعت تأوهات واضحة ولغطا لشخصين، أحدهما نينا بكل تأكيد ولكن لم تكن تعرف الثاني بعد . / ص13 الرواية) من هنا جرت مسلمات الأخت ديالى بالتسليم الكامل بأن من كان يمارس الجنس مع أختها هو زيد، ذلك عندما شاهدته يخرج من غرفة شقيقتها مسرعا خارج البيت .وعندما تمكنت ديالى بفورة من الحرص على مستقبل أختها نينا، اضطرها الأمر إلى مصارحة شقيقتها بعواقب الأمور من جراء هذا الفعل الذي تم بينها وبين زيدا، فما كان من نينا سوى الغضب والسخط والتسارع بالرد الجسدي العنيف بتسديد عدة ضربات موجعة إلى شقيقتها المسكينة الحال: (اندفعت نينا في هجوم متوقع، ولم تفعل ديالى شيئا لصد ما، سوى البحلقة بعينين لامعتين توشكان على البكاء ./ ص14 الرواية) .

1ـ الحارس الضمني: مرجعية السلطة الخيالية والنفسانية:

يبدو لنا الأمر في هذا المبحث الفرعي، هو ما نود الإشارة إليه ارتباطا بذلك المحفز الطيفي الذي تم التعرف عليه عند بداية الفصل الروائي الأول، وقد ترتبط موجهات هذا الموضع من العلاقة الحلمية ما بين ديالى وذلك الشبح الحلمي، بما يتيح مشاهدته من خلال البرنامج العلمي والوثائقي، الذي كان يتحدث عن حياة البحار وكيفية الغوص في أعماقها: (شاهدت ديالى لقطات لهذا الغواص مع رفيقه وهما ينزلان إلى الأعماق، بحركات متماوجة لزعانف القدمين، وكأنهما كائنين أرسطوريين أو حيوانين غريبين، وشعرت بأنها تفعل شيئا مشابها وإن كان في مياه مختلفة.. أنها تغوص في أعماقها، من دون رفيق أو مشارك في الغوص..تغوص وحيدة في المياه المظلمة التي تعرفها فحسب ./ ص16 الرواية) وهذا ما يعني بدوره أن الشخصية ديالى تنوه عن ذاتها بالاشارة حول ذلك الشريك في مدن الغوص في أعماقها النفسية والعاطفية من حياتها المظلمة، لذا فإنها قد أستهوتها جملة (Don’t dive alone) مفعلة من خلالها مسمى شريكها الطيفي ديفالون .هذا الرفيق والحارس الضمني الذي سوف تفضفض له حجم قهرها وكبتها من جراء نزاعات شقيقتها نينا المفتعلة ضدها .وفي غضون ذلك اليوم قامت ديالى بافتتاح أول كراسة لها في تدوين يومياتها القاهرة بهيئة رسالة موجهة إلى ديفالون: (شرحت فيها معاناتها من أختها الوحيدة، ثم وجدت نفسها في الليالي اللاحقة تدمن على هذه الكتابة، لتدون الوقائع التي تحدث معها أو حتى مجرد أفكار وهواجس .ووجدت أن هذه الكتابة هي البديل المناسب للبكاء المرير وأقل ضررا . / ص17 الرواية) .

2ـ محافل الأطياف والمعادل الدلالي في بلوغ وحدة القصد الموضوعي:

نتبين من خلال مستحدثات واقع الشخصية ديالى، بأن دلالات حلمها بذلك الرفيق اليوتوبي ليس وهما في زمن النص أو كاختلاف تناقضي بين موقعين لكل منهما موطنه ومصدره ونسقه، بل أن هذا الطيف هو بمثابة التحصيل الخلاصي من عوالم القهر والتشرذم الحياتي للشخصية ديالى في رحلة عوالم كتابتها.قد يعود هذا المراد الطيفي بالشخصية ديالى إلى تدوين آليات سيرتها الروائية تارة أو أنها بمثابة التعليل لمجمل الرؤى بمواقع عين التدوين المذكراتي.أما ما يصادفنا فيه الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان (موت خديجة) فهو الفصل الذي يهتم بمرافقة الشخصية ديالى إلى جوار عمتها خديجة التي تعاني من مرض سرطاني في موضع الكبد.من أهم سمات هذا الفصل هو أن ديالى باتت تختزل أسمها إلى مجرد حرف (D) وذلك ما غدا واضحا في جملة تذييلات صفحات مذكراتها .وقد كان الأصعب من وفاة العمة خديجة، هو اكتشاف ديالى بأنها بنت امرأة تدعى مزكين، هذه الأم لديالى تدعى المزاعم بأنها هربت مع عشيقها ذات ليلة ما: (ما عزز غموض هذه الأم أنني لم أعثر على صورة لها في البيت، ثم علمت من العمة أن والدي بعد اختفاء أمي أحرق كل صورها، حتى نسخة الزواج ..لم أعثر فيما بعد إلا على ذراعها وجزءا من شعرها في نصف صورة وجدتها في كتاب سميك بمكتبة والدي ./ ص30 الرواية) وتتداخل جملة الصراعات في محكومية الذات الشخوصية ـ دي ـ المتوزعة تارة بين شقاوة شقيقتها لها بكونها هي أي ديالى (أمك قحبة هربت مع عشيقها ./ ص38 الرواية) وتارة بما تجود به عمتها عليها من أخبار حول احتفاظها بصورة لأمها الهاربة .وما يتبين من حال الصورة التي أثرة العمة بالاحتفاظ بها، ذلك الشبه الكبير بين دي وصاحبة الصورة: (عمتي سددت انتقامها الأخير من مزكين، التي كانت في نظرها مجرد شابة صغيرة عابثة تركت بنتها الرضيعة وهربت .. ولهذا هي لا تستحق أن تكون أما لهذه البنت . / ص35 الرواية) .

ـ تعليق القراءة:

لقد أحرص سعداوي على مواجيد الزمن بصورة أكثر دقة مما جعل المشاهد والوحدات السردية بدت وكأنها نصوص سيناريو معدا للإخراج. ورغم تباين وغموض الحقائق حول مصير والدة الشخصية دي، غير أنها كانت تلاقى بالرفض القاطع من قبل والدها الذي كان يقضي أغلب أوقاته في غرفة مكتبته، يديم ما خرب من الأجهزة ويعيد في الأحيان الأخرى بعض من مواهبه الطارئة في انشاء هيكلا بشريا على هيئة فارس أو رجل سيرك . ما كان يؤكده هذا الأب لأبنته حول أسئلتها الملحاحة التي اثارتها العمة قبل موتها وشقيقتها نينا حول مصير والدتها المذمومة، وذلك ما كان يتلخص في قول الأب بطريقة أكثر عدمية وسوداوية وألتوائية: (أمك ميتة وعمتك ميتة .. لم يعد لهذه المواضيع أي أهمية الآن . / ص38 الرواية) بمثل هذه المفاصل التركيزية المموهة قد انتهت مشاهد ووحدات الفصل الأول والثاني ولا يخفى أن المتأمل إلى مواطن البناء الروائي في الأجزاء الأولى من الرواية، لربما يجد مدى العناية الكبيرة في سبك مؤثثات النص الروائي الذي قام على أوجه مؤثرة من الزمن المتخيل المتوازن بامتداداته السردية الأكثر تشفيرا وتركيزا في موضوعة ملفتة في تشغيل فواعلها النسقية الساردة قدما نحو مرجعية يوتوبيا في البنية التكوينية للوقائع الأولى من مدونات الكراسة الروائية .

 

حيدر عبد الرضا

 

 

 

في المثقف اليوم