قراءات نقدية

همسات على المجموعة الشعرية: ريح عاتية.. شعر أسوك كومار ميترا

ترجمة الاستاذ نزار سرطاوي

نحن بصدد مترجم مرموق في مهارته الاحترافية في الترجمة وخصائصها ومقوماتها الابداعية في تناول النصوص الشعرية للترجمة. بشكل رفيع عبقتها الخبرة بسنواتها الطويلة وصقلتها في مهارة  الإبداع  في الترجمة، بحيث من خلال القصائد الشعرية المترجمة. ينقلنا الى المناخ الهندي ورؤيته ومناخه الشعري، أو العكس بالضبط في ذائقته الرومانسية الروحية في الحب والعشق الشرقي. محطاتها ومنصاتها وطبيعة امواجها وتياراتها المتدفقة. بالعاطفة الروحية والاحساس الوجداني يتناغم مع هذه الايقاعات والنغمات، في الشعور الحسي واللا حسي، في موجودات الكون، المتحركة والثابتة. لذلك نجد التآلف الحميمي في العلاقة بين الانسان وموجودات الطبيعة. البحر وامواجه. الريح وتياراته. المطر وفصوله. المتغيرات المناخية، في علاقة وشيجة مع الحب والعشق والهوى. والابداعية الجمالية للاستاذ المترجم ابراز هذه المعالم في النصوص الشعرية. اي ان القصائد تتناول الموجودات الكون العامة وتأثيراتها في العشق وفق الرؤية المستبدة من الفلسفة الفكرية في روحانية العشق من ثقافتها الشرقية وقوامها ونظريتها في روحانية الاشياء الوجودية، في مدى افقها الشاسعة في الرؤية والبصيرة وارتبطها الوجداني . التي تجسدت في هذه القصائد المترجمة للمجموعة الشعرية المترجمة الى  العربية والانكليزية   في تقاسيم شرقية في ثمار الحب والعشق. وابراز سماتها للقارئ العربي من خلال الترجمة التي تتوسم الصدق والامانة على النصوص المترجمة. بأن برع الاستاذ المترجم في تقديم هذه القصائد المختارة، في معالم جماليتها في الحب والعشق، والشاعر الهندي  اسوك كومار ميترا، شاعر موهوب في الابداع في الرسم والتصور والعمل الصحافي، ويكتب شعره بلغتين الهندية والانكليزية، ومفتون بالفلسفة والثقافة الهندية وعلاقتها بالروحانية ومعالمها وعتباتها ومنها الرومانسية الروحانية، في تجلياتها ومعانيها البارزة المعالم، في الرؤية والتعبير والدلالة. لذا ان هذه القصائد ، هي من التنور الهندي بكل مواصفاتها  المميزة في معالمها المعروفة برياحها الشرقية العاتية في الحب والعشق. في نسائمها العليلة. 

لنأخذ نفحة من هذه النسائم الهندية. بهذه الجمالية التي تعود الى ذائقة مترجم محترف في ذائقته العالية في الجمال في الترجمة الشعرية .

×  فنجد مسألة الجمال الروحاني حالة لا تفنى، بل تتباهى في وجودها بصد حركة الريح العاتية واسوار الزمن. في ساعاته الهوجاء في الهاويات الظلمة المسكونة بالوحدة المطوقة،  لذلك تحاول الخروج من طوقها:

الزمن:

الريحُ الناعمة الهوجاء

جمالٌ لا يفنى

إحساس بالوحدة لا يدرك

عيناي ترتقان..

أنا أسكن فيكِ

كما هاوية مظلمة

من أين يطل الزمن ؟

الساعات المجنونة عادت

بعد ظهيرة هذا اليوم

× مسألة العشق روحانيتها المتعلقة بالهوى والهيام، تسير في درب العشق كالطيور العمياء. بين ظلال القلب وجدرانه الاربعة. لاشك ان هناك تجاذب مغناطيسي يدور كالأرجوحة،   في مرادفات العشق بين الرجل والمرأة. في تجلياتها الصائبة والشائبة. كما نتحسس مياه الانهار ومياه البحار. بين حب وخداع، بين حب وأمان المفتون بضوء القمر وعلى هدايته يسير.

عاشقان:

العشاق مساء أشبه بطيور عمياء

بين الضلال

في قلب الزوايا الجدران الاربعة

رجل وأمرأة.

يعرف كل منهما الاخر، أو يتعارفان

يتحسسان مياه الانهار والبحار

حب

خداع

آمان

ضوء القمر

مفتون، مسجون

زحف الدجى

ثمة أصداء باقية

مثل ارجوحة خيل تدور بالعاشقين

 × تعامل الحب بروحانيته العشقية التي تتجسد في رؤية الاشياء ومداراتها وتجاذباتها من خلال الرؤية الروحانية، مستلهمة روحانية الثقافة الفلسفية الهندية. في فلسفة العيون وعمق مغزها البصري، في الوصف والتصوير الحسي. المرهف لجمال الاشياء البصرية في لغة العيون ومؤثراتها الدالة.

عينان:

ذكريات تينك العينين الزرقاوين

عينان مثل بحرين

شموع تحرق بلا رحمة

أحاسيس متعثرة

أثار أقدام على الرمال

عينان للذكرى

ترقصان بدلال

بتلات ليل ازرق متفتحة

جمال مهيب

لا يعرف الزمان والمكان والناس

عينان في البال مكنونتان

جامدتان في الزمان..

عش عصفور محطم

× العشق باحلامه يحاول ان  يمزق جدار الصمت  في غفوة  القمر، وهمسات التي تجري في عروق الدم. ينتشي  بتيارات العشق ويطلب فك ازرار الصمت، ليسكن طائر الليل فيها مجلجلاً بضحكته المنتشية في حجرة خاوية، ليمزق الرغبة الجانحة في عتمة الظلام. لكي تطلق الاحلام على اجنحة الظلام، قبل ان يضيعان الى الابد.

والأن:

فكي أزرار أحلامك المضخمة بالعطر

فكي أزرار صمتكِ...

لم نعد نملك الصمت،

ها أنتِ قد أبتسمت حين أغمض القمر عينيه

في الليلة الماضية همست العاصفة  بأسمكِ في دمي

فكي أزرار صمتك...

ثمة طائر ليلي تترد ضحكته في حجرة خاوية

ليلة وحشية الرغبة

والأن....

ثمة عصفوران متعبان على أجنحة الظلام... يضيعان الى الابد

 × يتجمع العشاق في خلوة ساعة الغسق. محملين باحلام الهوى والهيام. ويرسمون احلامهم كالطيور العمياء على غسق العشق، المرسوم  على زهرة عباد الشمس في لجة المشاعر التي تدغدغ حواسهم بالحب المشدود والمفتون، بين الجنون والحقيقة. لكن تجرفها زوبعة  من الاحزان.

ساعة الغسق:

يتجمع العشاق معاً كما الطيور العمياء

ساعة الغسق... الافكار لا هيئة لها، محض أوهام..

والصمت محفور على زهرة عباد الشمس،

قلعة من رمل ورغبة بلا إحساس

الحب مشدودٌ ... بين الجنون والحقيقة..

زوبعة  من الاحزان.

***

جمعة عبدالله

......................

* هذا نص المقالة النقدية في مقدمة المجموعة الشعرية: ريح عاتية / Savage Wind

 

في المثقف اليوم