قراءات نقدية

الشاعر السوري أديب حسن يراود نفسه عن الحلم في قصيدته: لا أشبه نفسي (3-4)

مفيد خنسةأولاً: المعاني والبيان والبديع:

المعاني:

(1) الأسلوب الخبري:

ونلاحظ أن الأسلوب الغالب في القصيدة هو الأسلوب الخبري، والجملة الخبريّة هي الجملة التي تقبل التصديق أو التكذيب، (من هنا نجد أن كل جملة خبريّة يمكن اعتبارها قضيَة، كقوله: (أشرب هذا الليل وحيداً) و(فأنا لا أشبه نفسي.) و (وحياتي شجرٌ فرضيّ في غابةِ شكّ) و(وأنا حطابٌ) و(يقلقني صحوُ الأشجارِ).... الخ.

(2) (الأسلوب الإنشائي):

وهو نادرٌ في القصيدة حيث لا نجد هذا الأسلوب في القصيدة إلاَ بقوله: (من يأخذ عني بعضَ حنيني ؟) وهو أسلوب إنشائي طلبي، لأنه استفهام، وقوله: (ما أدراني/ أن الأسلافَ هنا مكثوا/ أنّ الأشياءَ/ هي الأشياءْ) جملة استفهامية والأسلوب إنشائي طلبي، وقول: (والموتٌ... تراهٌ الطوقُ الآمن/ أم شرطيّ/ ينقل خوف الكائن) وحرف الاستفهام هنا محذوف والتقدير هو (أتراهُ الطوقُ الآمنُ.... ؟) أو (هل تراه الطوق الآمنُ... ؟) والأسلوب هو إنشائي طلبي.

(3) أسلوب التوكيد:

لا تخلو القصيدة من أسلوب التوكيد: كقوله: (أن الأسلافَ هنا مكثوا) هو أسلوب توكيدٍ ب(أنّ)، وقوله: (أنّ الأشياءَ/ هي الأشياءْ) أسلوب توكيدٍ للسبب نفسه، كما يستخدم التوكيد بأسلوب القصر: كقوله: (تطحنُها في فلوات الله الغربة) وهو أسلوب قصرٍ لتقديم ما حقه التأخير (في فلوات الله) على الفاعل (الغربةُ)، وكذلك قوله: (وما يسقط من صرّة هذا العمر رثائي) أسلوب قصرٍ أيضاً لتقديم ما حقه التأخير(من صرة هذا العمر) على الفاعل (رثائي)، وقوله: (وورائي كومة أسماءْ) أسلوب قصر لتقديم شبه الجملة وهي الظرف (ورائي) على المبتدأ (كومة)، وقوله: (الصمتُ ديانتنا) أسلوب قصر لتعريف المبتدأ والخبر. 

البيان:

(1) التشبيه: 

يستخدم الشاعر التشبيه الذي يعتبر أساس علم البيان، فقوله: (حزي شوكٌ) تشبيه بليغٌ حذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه، وقوله: (ينزل مثل الدمعةِ من عين الأرضِ) تشبيه مجمل، وقوله: (أخضر مثل الرغبة) تشبيه مجمل، وقوله: (ومريحٌ/ مثلُ ذراع الأمّ) تشبيه مجمل، وقوله: (حتى أشربَ مثل جميع الأموات نبيذَ الصمتِ) هو تشبيه مفرد مفصلّ، وقوله: (فالحكمةُ في كنه الأشياءِ عماءْ) تشبيه بليغ، وقوله: (يعود الشعرُ ليجري/ مثل سكاكينِ النأيِ على ألسنة الموتى) تشبيه مفرد مجمل، وقوله: (وأنا حطابٌ) تشبيه بليغ، وقوله: (والخمرة فأسي.) تشبيه بليغ. وقوله: (وحياتي شجرٌ) تشبيه بليغ.

(2) الاستعارة: (درجة الحرية)

تمهيد: 

هي الصيغة البيانية التي تمنح المعنى درجة الحرية، وأساسها التشبيه، لأنها تشبيه بليغ، حذف أحد طرفيه وهما: (المشبه والمشبه به)، والاستعارة هي السبيل إلى بيان المعنى بشكل مختلف عن معناهُ الأصلي، أي الاستعارة تحرر المعنى الأصلي الحقيقي وتجعله معنى مجازيّاً متعدد الدلالة، مما يزيد المعنى جمالاً كلما كانت الاستعارة بليغة، وتغدو قبيحة إذا خلت من البلاغة، فإذا صرح بالمشبه به، سميت استعارة تصريحية، أما إذا حذف فيها المشبه به ورمز له بشيءٍ من لوازمه، سميّت استعارة مكنيّة.

التطبيق: 

قوله: (يعود الشعر) استعارة، شبه الشاعر الشعر بالمسافر، أو بالشيء الذي من شأنه العودة بعد الغياب، ثم حذف المشبه به (المسافر)، وأبقى ما يلازمه وهو (العودة) فهي استعارة مكنية، وقوله: (يعود الشعر ليجري) استعارة، شبه الشعر هنا مرّة أخرى بالماء الذي يجري في النهر أو الجدول أو الساقية، وحذف المشبه به، (الماء) وأبقى الصفة الملازمة له، وهي (الجريان) فهي استعارة مكنية، وتصبح الجملة: (يعود الشعرُ ليجري) صورة بيانية ثنائية البعد لأنها تتضمن استعارتين بآن واحد، والقصيدة التي تتسم بهذا النوع من الصورة تدعى وفق النقد الاحتمالي قصيدة السطح، أو قصيدة مستوية، لامتلاكها درجتين من الحريّة.

البديع: (المحسنات)

(1) المحسنات اللفظية:

السجع: في الفرع الأول، قوله: (أغلقت البابْ..... ونزعت جميع الأثوابْ) سجع، لتكرار حرف الباء في نهاية الشطرتين، وفي الفرع الثاني قوله: (وأبني من حبته القبةْ...... تطحنُها في فلوات الله الغربة) سجع، وفي الفرع الثالث قوله: (فالحكمةُ في كنه الأشياءِ عماءْ......... ينبتُ كالطحلب كل الحكماء) سجع، وفي الفرع الرابع قوله: (أو وهم حياةْ...... محض عراةْ) سجع.

الجناس: في الفرع الأول قوله: (فكأني صوتُ الماءِ على جثث الأعشابِ/ سيجري....... عن حلمٍ في مستنقع هذا العمرِ/ سيجري) سيجري الأولى من الجريان، وسيجري الثانية من الجري أي الركض، فهو جناس.

(2) المحسنات المعنويّة:

الطباق: في الفرع الرابع قوله: (يقلقني صحوُ الأشجارِ/ فأُسكِرُها) طباق. فالسكر عكس الصحو.

التورية: في الفرع الثالث قوله: (في الموت...... يقدر واحدُنا/ أن يشتمَ دون الخشيةِ/ من ساطورٍ/ أو معتقلٍ/ أو تهجيرْ) والمعنى القريب هو ما ذكرناه لكن الشعر يقصد المعنى البعيد وهو في الحياة تكون الخشية من ساطورٍ ومعتقل وتهجير إذا شتم أحدٌ منهم أحد أصحاب النفوذ.

مراعاة النظير:  (أي الجمع بين الشيء وما يناسبه في المعنى بشرط عدم التضاد)، كقوله: (وأنا حطابٌ/ يقلقني صحوُ الأشجارِ/ فأُسكِرُها/ والخمرة فأسي.) والمراعاة هنا تتجلى في الجمع بين أن يستخدم الحطاب الفأس لقطع شجر الغابة، وبين أن يستخدم الشاعر الخمرة من أجل السكر والغياب عن حالة الصحو والحياة.

الالتفات: (أي الانتقال من ضمير إلى ضمير)، كقوله: (أشرب هذا الليل وحيداً/ حتى يشبهني/ فأنا لا أشبه نفسي.) حيث ينتقل من ضمير الغائب إلى المتكلم، من أجل الإثارة ولفت الانتباه.

ثانياً: تقاطع الأزمنة:

الأزمنة متداخلة في القصيدة، فإذا لاحظنا أن المجموعة الشعريّة التي تضمنت هذه القصيدة للشاعر قد صدرت عن (فضاءات) في عمان بالأردن عام 2018، فلا بد لنا أن ندرك أن زمن القصيدة، يشير إلى زمن الحرب على سورية وآثارها السلبيّة على حياة الشاعر بشكل خاص، وعلى حياة المواطن في سورية بشكلٍ عام، الذي عانى من الذبح والقتل والتهجير، مما جعله يميل إلى العزلة لممارسة طقس موته اليومي، وكأن الشاعر يختار حالة الغياب عن واقعٍ الموت بدلاً عن الحياة والحضور  بحالة من الرعب والقلق والاستلاب والعجز، ويمكن توضيح هذه الأزمنة في القصيدة على النحو التالي:

أولاً: زمن المتكلم: والمتكلم هو الشاعر الذي يعيش حالة من الخيبة والخذلان، ويمتد هذا الزمن إلى ذكريات الماضي من العمر، ويتجلى هذا الزمن في الفرع الأول بالفعل الماضي حيث يبتدئ الشاعر، (أغلقتُ، نزعتُ)  ثم يمتد إلى الحاضر بالفعل المضارع، (يمتدّ، أظلّ، أراود، أحاول) وصولاً إلى المستقبل، (سيعطلني، سيجري، سيجري)، وفي الفرع الثاني يستمر زمن الشاعر المتكلم، حيث يفتتح بالفعل الماضي لقوله: (ما زلتُ، ما زلتُ) ثم يستخدم الفعل المضارع الذي يشير بها إلى زمن البرزخ، لقوله: (أبني، أراقب، أقيس، أشربُ)..... ثم يصبح المتكلم الجماعة التي تشاركه الموت في زمن البرزخ، لقوله: (نضحك، توحدنا، نلمسُ، ننام)....

ثانياً: زمن الغائب:   

والغائب يشير إليه (ضمير الغائب) في القصيدة، لقوله: (ظنوا، يأخذ، مكثوا، مروا، وصلوا). 

ثالثاً: زمن اقتراب الموت:

وهو الزمن القريب من الموت، والشاعر أقرب فيه إلى اليقظة من الاحتضار، إنه الزمن الذي يسبق الموت الذي يأخذ معنىً كليّاً، ويبتدئ هذا الزمن لدى الشاعر في القصيدة، بقوله في الفرع الرابع: (الآن..) هذا زمن يشير إلى كلّ آن، فهو زمن ممتدّ امتداد زمن الحرب، على الشاعر بصورة خاصّة وعلى المواطن السوري بشكل عام، وهذا الزمن يشمل الزمن الحاضر في الماضي، يقول: (وبعد جلوس الموتِ قريباً مني/ أجهشُ بالمرثيّةِ/ أقرأُ في قلب العتمات حروف النورِ/ ومعنى الحريةِ في الحبسِ) والموت هنا له معنى جزئي بدليل جلوسه قريباً من الشاعر، إي في سكرات الموت تستعد الروح للفكاك من قيد الجسد وامتلاك الحرية بعد أن كانت حبيسة فيه، وهكذا فإن السكر يمنح الجسد استطاعة إضافية للاتساع على النفس المقيدة فتغدو النفس أكثر فرحاً وامتلاكاً للحريّة وهي سجينة في الجسد، وهذه الحالة تعبر عن مرحلة متقدمة في رحلة العرفان لدى المتصوفة، وفي هذه الحالة تكون الذات الشاعرة في لحظات الصفاء والصحو بصورة لا تتطابق مع صورة النفس الكثيفة الكدرة، لقوله: (قربَ الموتِ/ ولا أحدٌ يشبهني/ وأنا.. لا أشبه نفسي.). 

 رابعاً: زمن الموت:

ويعبر عنه الشاعر بمستويين:

(1) يكشف من خلاله عن وحشة الحياة في زمن الحرب، مستخدماً أسلوب التورية كما ذكرنا، فقوله: (في الموت يغيب التلفيقْ) يشير إلى انتشار التلفيق في الحياة، وقوله: (تتوحد كلّ الألوانِ) يشير إلى التعدد والتنوع والتعامل على أساس اللون الواحد!!، وأن تكون كلّ الأشياء مكشوفة على حقيقتها في الموت فذلك يشير إلى أن الأشياء في الحياة أصبحت زائفة ومفارقة لجوهرها.

(2) يكشف من خلاله الحقائق الكلية، من خلال فضح الخدعة التي يمارسها قادة الحروب بالدعوة إلى الإعمار بعد جرائم الخراب التي أنتجتها الحروب، لقوله: (لن يحدث بعد الموت خرابٌ أو تعميرْ). 

 خامساً: زمن المكونات المعنوية: وهو زمن الذكرى والغياب والوجع والصعلكة والخذلان والحلم واليأس والحب و الغربة والحزن والرغبة...... الخ.

سادساً: زمن المكونات الحسية: وهو زمن الظلمة والطقس والأسفار والطرقات والماء والأعشاب والجراح والدمعة والقبر والأم..... الخ.

سابعاً: زمن الموسيقا الشعرية: وهي أزمنة موسيقا تفعيلات البحر المتدارك (فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن) وجوازاتها (فَعِلُنْ) و (فَعْلُنْ)، وتكراراتها في أشطر القصيدة حيث تطول وتقصر بحسب رؤية الشاعر.  

ثامناً: الزمن الغائب: وهو الزمن الذي يختزن فيه الشاعر مكونات القصيدة، ويمتد حتى بدء الشاعر بإزالة السواد عن بياض الورق.

تاسعاً: زمن اللغة: ويمثل أزمنة الأفعال التي تضمنتها القصيدة.    

ويمكن القول باختصار شديد، إن زمن القصيدة هو تقاطع أزمنتها الحسية والمعنوية.

ثالثاً: المنطق والتعدد الدلالي: (في هذه الفقرة لا بد من دراسة المقدمة النظرية لمنهج النقد الاحتمالي وسأكتفي بالتطبيق المباشر).

تطبيق:

يقول الشاعر:

(في الموت يغيب التلفيق.....

........

.......

ويموت التصفيق....

يقدر واحدُنا

أن يشتمَ دون الخشيةِ

من ساطورٍ

أو معتقلٍ

أو تهجيرْ

وننام على أريحِ جنبٍ

لن يحدث بعد الموت خرابٌ أو تعميرْ)

ليس الهدف هنا أن أبحث في المعنى بقدر ما أهدف إلى إيضاح آليّة إحداث المعاني والمضامين التي يتضمنها هذا المقطع الذي اخترته من الفرع الثالث في القصيدة، وذلك من خلال إعادة بسطه وتحليل مكوّناته الأساسية، للكشف عن المكنونات البلاغيّة والتعدد الدلالي فيه، وبيان الأساليب الفنية الجماليّة التي استخدمها الشاعر، ومعرفة المضامين التي يحتويها، مع توضيح آلية الفهم للإمكانات المحتملة لتلك المضامين في بنية المقطع.

الجمل: (القضايا): 

الجملة الأولى: (في الموت يغيب التلفيق).

الجملة الثانية: (في الموت/ يموت التصفيق)

الجملة الثالثة: (يقدر واحدنا أن يشتم دون الخشية/ من ساطور).

الجملة الرابعة: (يقدر واحدنا أن يشتم دون الخشية من/ معتقلٍ). 

الجملة الخامسة: (يقدر واحدنا أن يشتم دون الخشية من/ تهجير).

الجملة السادسة: (ننام على أريح جنبٍ). 

الجملة السابعة: (لن يحدث بعد الموت خرابٌ).

الجملة الثامنة:  (لن يحدث بعد الموت/ تعميرْ).

الجملة الأولى: (في الموت يغيب التلفيق).

أولاً : المرادفات وتعدد المعاني:

نلاحظ أن هذه الجملة تتألف من (يغيب، التلفيق، في الموت) أي تتألف من الفعل المضارع (يغيب) ، والفاعل (التلفيقُ)، وتتمة الجملة الجار والمجرور(في الموت) ، وهي جملة فعلية بسيطة كما نرى، وإذا نظرنا إلى معنى كل مفردة بشكل منفصل نجد أن معنى الفعل (يغيب) يحمل معنى حقيقيّاً، كما يمكن أن يحمل معنى مجازيّاً وذلك حسب السياق الذي يمكن أن يرد فيه، وإذا نظرنا إلى المعنى القاموسي الموروث لمعنى (يغيب) نجد: (غاب، يغيب، غياباً، وغيباً، وغيبةً، وغيبوبةً، والأمر غِبْ، واسم الفاعل غائب، واسم المفعول مغيّب)، أما معاني غاب: (فَقَد)، كقولنا: غاب عن الوعي أي فقد حسه، و(تخلّف)، كقولنا: غاب التلميذ: أي خلاف شهِدَ وحضَرَ، و(اختفى)، كقولنا: (غابت الشمس) أي اختفت وغربت واستترت عن العين، و(سافر)، كقولنا: غاب عن بلاده، أي سافر، و(رحل)، و(هاجر)، و(اختفى)، كقولنا: غاب عن العيون، أي اختفى عن الأنظار، و(خفِيَ)، كقولنا: (غاب الأمر عن فلان) أي خفي، و(نسِي)، كقولنا غاب عن ذاكرته، أي نسيه، و(توارى)، كقولنا غاب الشيء في الشيء، أي توارى فيه، و(ذَكَرَ)، كقولنا: غاب فلاناً غِيبةً، أي ذكر من ورائه عيوبه التي يسترها ويسوءه ذكرها. فإذا اكتفينا بالمعاني العشرة السابقة للفعل (غاب)، ونظرنا إلى المعنى القاموسي لكلمة التلفيق، نجد، (لفّق، يلفّق، تلفيقاً، واسم الفاعلِ ملفِّق، واسم المفعول ملفَّق) أما معاني لفّق: (طلب)، كقولنا: لفّق الرجلُ، أي طلب أمراً فلم يدركه، و(اختلق)، كقولنا: لفق الشخصُ الكلامَ، أي اختلقه، و(حبك) و(أَنسج)، كقولنا: لفّق ضده تهمةً، أي حبكها وأنسجها ضدّه، و(ضمّ) و(خاط)، كقولنا: لفّق شقّتي الثوب، أي ضمّ إحداهما إلى الأخرى وخاطهما، ومنه أُخِذ التلفيق في المسائل، وعلى الرغم من أن معنى (مات) يبدو واضحاً، فإن معانيه متعددة ومتنوعه، فنقول: (مات، يموت، موتاً، فهو مائت وميْت، وميّت، والأمر متْ)، ومعنى مات: (تُوُفِيَ)، كقولنا: مات الرجل، أي زالت عنه الحياة، و(سكن) و(هدأ)، كقولنا: ماتت الريح، أي سكنت وهدأت، و(بَرَدَ)، كقولنا: ماتت النار، أي برد رمادها فلم يبق من الجمر شيءٌ، و(زال)، كقولنا: مات الحر والبردُ، أي زال، و(سكن)، كقولنا: ماتت الحمى، أي سكنت حرارتها، و(بلغ)، كقولنا مات عن ثمانين، أي حين فارقته الحياة كان عمره قد بلغ ثمانين سنة، و(فُقِدَ)، كقولنا: مات حسه الفني، أي فُقِدَ، و(أُهمل)، كقولنا: مات اللفظُ، أي أُهمل وتُرِك استعمالُه، و(همد)، كقولنا: مات الشيء، أي همد وسكن، و(خلا)، كقولنا: ماتت الأرض، أي خلت من السكان، و(انقطع)، كقولنا: ماتت الطريق، أي انقطع سلوكُهُ. وإذا اكتفينا بهذا القدر من المعاني لكل مكون من مكونات الجملة التي اخترناها للتطبيق بهدف توضيح ماذا نعني بالمعنى الحقيقي للجملة؟، ما معنى المعنى المجازي لها؟ ما هي المعاني المُختزنة للجملة؟ ماهي المعاني الممكنة والمحتملة للجملة؟ ولا بدّ هنا من التفصيل لتوضح المبدأ الذي يعتبر أحد المرتكزات الأساسيّة للنقد الاحتمالي.

***

مفيد خنسه

 

في المثقف اليوم