قراءات نقدية

قراءة في كتاب تحرر من القيود للكاتب محمد كريم الكلابي (1)

في خضم صراع الايدلوجيات وتشابك الأفكار وارتباك أو اهتزاز في بعض الانتماءات في العراق لاسيما أثناء وبعد تظاهرات تشرين 2019،التي خرجت وعلى الرغم من كل الملاحظات عليها لكنها خرجت بمسوغات حقيقية ناتجة عن فشل المنظومة السياسية الحاكمة بعد 2003بقيادة الاسلام السياسي، يصدر لنا أحد الشباب كتابا بعنوان (تحرر من القيود) وللوهلة الأولى يظن من يقرأ إنه يدعو الى كسر كافة القيود بما فيها الضوابط الشرعية والقانوية لكن عندما نسترسل بقراءة الكتاب نجده إنه ضد القوالب التي اختلقتها العادات ووبعض الطقوس المبتدعة التي تحولت إلى مقدسة يصعب التقرب منها هي من صنع ذوات المصالح وبعد ذلك تصبح قيودا وأثقالا على كاهل الفرد والمجتمع ولما نقرأ مقطوعة من الكتاب سيتبين لنا أن الكاتب محمد كريم الكلابي يدعو الى تنظيم الحياة لا انفلاتها فالتمسك بالشرع والقانون ما هو إلا تمسكا بنظم الحياة وهذه قضية يدعو أو دعا اليها  الامام علي عليه السلام إذ قال (عليكم بنظم أموركم) ونظم الأمور في واقع الحال  يعد مفتاحا لتقدم المجتمعات ورقيها ومن نافلة القول إن التقدم الذي يشهده العالم الأول جاء بعد أن أصبح القانون القوة الفاعلة هناك وخرقه مهما كان صغيرا يواجه بعقوبات رادعة عكس المجتمعات في العالم الثالث ومنها العراق الذي يطبق القانون بصورة مراعاة المصالح لا لبناء المجتمع ولابد لنا من القول إن القيود التي فرضها الانسان على نفسه لا تقتصر على من يؤمن بالأفكار الدينية أو المنحدر من التقاليد العشائرية أو القبلية بل إن الجماعات التي تقف بالضد من هاذين المفهومين أيضا طوقت نفسها بقوالب فكرية تحولت بمرور الزمن إلى قيود لا يمكنهم أن يتحرروا منهم ولذلك يصعب عليهم التحرر منها وبالتالي صعوبة مد جسور التفاهم معهم بالنسبة للجماعات الاسلامية أو العشائرية وحتى مع اللامنتمين ولو نقرأ المقطع التعريفي لكتاب محمد كريم الكلابي اللذي ينص على "إن القيود التي يفرضها الانسان على نفسه إنما هي سجن داخلي للذات يثقلها ويقيدها عن التلذذ بمتع الحياة . وتلك القيود وليدة من الانسان نفسه فهو من يخلقها ويحتضنها وينميها لتكبر فوق أكتافه متحكمة فيه ومتشعبة في أدق تفاصيله" على الرغم من سهولة المفردات لكنها دقيقة جدا فقد حمل الانسان بخلق القيود ولم يذكر أمرا آخر بل استخدم مفردة الانسان ذاتها بدلا عن مفردة الفرد لأنها أشمل وأدق في هذا المفهوم أن هذا الكتاب ينبئنا بولادة كاتب دقيق في اختياراته وكلماته وستكون لنا وقفة حوارية معه ليبين لنا كيف فكر في هذا الكتاب وما هي مشاريعه.

***

رائد عبد الحسين السوداني

في المثقف اليوم