قراءات نقدية

تراتيل شجن للحريّة والوطن والشهداء

دراسة نقدية لكتاب: كسرة خبز (شذرات أدبية) للكاتب حسن إبراهيمي

سمّى الكاتب حسن إبراهيمي سردياته "شذرات أدبيّة"، وهي من شذر، ومصدرها الشذر، وجمعها: شذور – شذرات: فطع من الذهب أو فقرات من كتاب، والشذر: اللؤلؤ الصغار، واحدتها: شذرة – شذّر الكاتب كلامه بالشعر: أي زيّنه به - ولها معان أخرى. وأنا أقرأ هذه الشذرات الأدبيّة لحسن إبراهيمي، الصادرة عن دار المختار للنشر والتوزيع، لسنة 2018 م، استوقفني العنوان "كسرة خبز". والكسرة، هي خبز تقليدي، يُطهى على نار عالية، وهي معروفة عند أهل البادية في المشرق والمغرب العربيين. وهي هنا ترمز إلى الوحدة العربيّة، كما ترمز إلى معاناة المواطن العربي، اجتماعيّا وسياسيّا وثقافيّا من الحرمان والقهر والاستبداد.. وكأنّ حقوق هذا المواطن العربي، لا تتعدّى كسرة الخبز اليوميّة، أمّا الحريّة والكرامة فهما اسمان لا محلّ لهما من الإعراب في حياته اليومية.

شدّتني أيضا، عبارات الإهداء بحبل الإعجاب. يقول الكاتب:

" إلى روحي أبي وأمي

إلى رفيقة دربي فتيحة أم طفليّ

فاطمة ويوسف

إلى رشيد ابن أخي

عرفانا لهم بالجميل

وإلى أرواح شهداء القضية بكل الدول العربية أهدي هذا العمل المتواضع " ص3

ثم يليه قوله: " شبق نصوص صدحت لثمالة أفواه

على الرصيف

حـــــــ دــــ ماــــرء ية

شذرات نسجت أغاني العزة لدماء الشهداء " ص 4

يستهلّ الكاتب حسن إبراهيمي، شذراته على مدى مائة وعشرين صفحة، بهذة الشذرة، التي تنير للناقد:

" لست سواك يا وطني عانقتك في أفواه المعتوهين، والفقراء.. عانقتك في كل كسرة خبز تصدح في الشارع.. في وجه القمع.. في وجه كل المتارس التي تمنع المارة من اقتطاف وردة في كل حقل يسقى بدماء الشهداء.. لست سواك يا وطني، وباسمك أقول لا للتجول في كل حقل يسقى بالغدير، ولكل من يلتف حوله ليحول زرعه بطانة تتملق لتحول الحياة إلى رماد، بعد كل انتصاب لجمر في قلعة الشرفاء. " ص 5

هي شذرات سرديّة، بلغة مسرّبة من عوالم الشعر، وأسلوب استعار من القوافي سحرها البياني. أمّا قضيّة الكاتب حسن إبراهيمي في شذراته، فلا تخفى على القارئء النبيه، والناقد الأريب. هي – بلا شكّ – قضيّة الإنسان العربي الغريب في وطنه، والذي طحنته رحى الاستبداد على مرّ السنين ؛ وكلّما نجا أو تخلّص من مستبدّ وقع فريسة مستبدّ أشرس منه وأشدّ قسوة وإيلاما. تخلّص من المحتل الأجنبي، الذي جرّعه الويلات، ودفع في سبيل التحرّر من أغلاله ملايين الشهداء، فإذا به يجد نفسه في قبضة المستبدّ الظالم، وهو يتجرّع أضعافا مضاعفة من القسوة والجبروت والقمع.

قضيّة المواطن العربيّ لها وجهان: صراع مع الآخر (الأجنبي الدخيل)، وصراع مع الذات (الأنا وتناقضاته). صراع الهويّة والاستيلاب، وكلاهما صراع مرير من أجل مطلب أساسي، ألا وهو الحياة الكريمة في ظلّ الحريّة والطمأنينة والعزّة والكرامة. وهي حقوق فطريّة، لا يمكن الاستغناء أو التنازل عنها أو التهاون فيها.

" وقفت تهمس لصيف وراء القضبان.. نامت ونام الصيف في عين ضوء انفلت للسجان " ص 8

" بدون حارس للقضية يتجول الذئب في كل أطراف الخدعة كل يوم." ص 8

هنا يحيلنا الكاتب إلى لبّ القضيّة، التي تجسّدها المفردات التالية (وقفت، تهمس، صيف، القضبان، نامت، انفلت، للسجّان، حارس، الذئب، الخدعة). وهي قضيّة صراع الإنسان المضطهد (بفتح الهاء)، التوّاق إلى الحريّة ّضدّ المستبّد الظالم.، لا من أجل " كسرة خبز "، كما يعتقد صنّاع النظريّة الماركسيّة والفلسفة الماديّة، بل سعيا لاسترجاع إنسانيّته وكرامته في مجتمع حاصرته ذئاب الإنس، وقضبان الخداع.

" في دماء الشهداء احتشد الوطن.. بجبين كل قطرة " ص 6

" تتصبب أحزانا.. كاغتراب الناي بين أنامل التاريخ، كآخر قطرة تصرخ في وجه الجلاد.. تفتك كل كسرة خبز.. تعاقر دروب الانعتاق.. تعانق الشظايا في أنفاس السنابل، وفي كل نصل يرهج صراخا " ص 7

لا شيء يطهّر تربة الوطن من المحتّل والمستبدّ غير دماء الشهداء الطاهرة، الزكيّة. يهب له أبناؤه النفس والنفيس. ولكلّ وطن شهداؤها. وأغلى ما يوهب للوطن الدماء، التي تروي قلب ثراه. ولا يفتكّ الوطن حريّته ولا ينعتق من القيود والأغلال إلا بتضحيات أبنائه البررة. أمّا أولئك الذين المحبَطون والمثبّطون، الذين هزمهم اليأس قبل العركة، وسكن جوانحهم الحزن، وأغرقتهم دموعه، دون أن يحرّكوا ساكنا، كمثلهم كمثل نسوة، وهنّ " يغسلن وجه السماء.. يطاردن خيط دخان.. بأطلال تغزل دموع الذكريات.. تحتسي كؤوس الخراب.. وتفتح عيون الناي.. لإجلاء جرس يرن بدون ألحان. " ص 14 / 15.

"لا تكفكفوا دموع الخريف.. فالحزن من لم يستأصله يترعرع في عيون الأشجار. " ص 14.

لقد رسم لنا الكاتب في هذين المقطعين، لوحة قاتمة عن الهزيمة واليأس والشعور بالنهاية والفناء. إنّ الحزن يترعرع في النفوس، رويدا رويدا، إذا لم يُستأصل من الجذور، وذلك من خلال توظيف معجمه اللغوي الموحي: (خيط دخان، أطلال، الخراب، جرس يرنّ دون ألحان، دموع الخريف، الحزن)

و مهما كبُر اليأس وتوغّل الحزن في أعماق النفوس، ف (لا بد لليل أن ينجلي)، كما قال أبو القاسم الشابي، وذلك بإرادة الشعب في الحياة وعزيمته على كسر القيود، مهما كانت شديدة وداميّة. وهو ما يقرّره الكاتب حسن إبراهيمي في قوله: " يختفي الليل ليفسح المجال للشمس كي تكنس عار اختفاء بزوغ الفجر في الظلام." ص 15. وما،توظيفه لصيغة المضارع و(يختفي، يفسح، تكنس) والمصدر (اختفاء) إلاّ دلالة على استمرار الفعل وديمومته وثبات العزيمة على التغيير ورسوخها.

و قد أدركت الشعوب العربيّة أهداف الغزو الأمريكي للعراق في مطلع القرن الحالي، وإسقاط بغداد عام 2003 م، بعد فوات الأوان. فها هو (هدهد) الوطنيين، المخلصين، يأتيهم بأنباء من البيت الأبيض وتل أبيب، إنّه المشروع الأمريكي، الصليبي، المتمثّل في اتفاقيات إبراهيم في 15 سبتمبر 2020 م. وكان هدفها، ومازال، تهويد القدس، بل فلسطين كلّها. وتطبيع العلاقات بين العرب والصهاينة، على مبدأ الأرض مقابل السلام المزعوم. ورفض عودة اللاجئين والنازحين إلى قراهم ومدنهم وأراضيهم المغتصبة.

" تحلق الطيور حاملة قدسا عربيا لسلم أمريكي لن يتحقق إلا في السماء."

أجل، إنّه السلم المستحيل. لأنّه قائم على الظلم والاضطهاد والسلب والنهب والخديعة. وكيف يتحقق السلم بين الغاصب وصاحب الحقّ ؟

" ترفض الجدران شقوقا لا تبتسم للرياح. " ص 106.

" تبني الطيور أعشاشا فوق الأشجار كي لا تصاب هده الأخيرة بالهذيان " ص 97.

" تكفكف الأطلال دموع الذكريات، وترشها بأسئلة سامقات " ص 83.

" خسئت نار نقذف فيها الأطفال، ولم تنجب أرضا يتدفأ بها الكادحون. " ص 79.

" امتلأت أفواه المارقين بهتافات بدون نصـر.. فنكست الأعلام.. بعدما تم نكث المقاعد. " ص 72.

وسط أكوام من الجراح استبسلت أناملي.. سقطت كالشمس رشات فولاذ، زلزلت غصون الخيانات.. استبصرت المحو في ريعان شبابه.. فرفضت رسائله أن تسرّج الشُّهب لاتقاد الهزائم. ص 68

احترس من السقوط، إذا تسلقت قلب امرأة جرداء. ص 66.

أخد إبليس مكانه وسط منصة.. بدأ يستعد للغناء.. جاب يمينا ويسارا، حين بدأ الحفل.. أطرب حاشية الجميع.. انجذب الكل للرقص.. فاشتعلت أضواء الحلبة.. وحين استفاق حراس الجنة تم رجمهم حتى الثمالة... فرجعوا له ساجدين. ص 24.

في شوارع الرصاص انتحرت الأرض رفضا لإنجاب مدن جديدة للعدو. ص 6.

اللغة

اللغة قاسم مشترك بين فني الشعر والنثر. هي، بلا شكّ، حمّالة المعاني، وهي الواجهة الأماميّة للمعاني والأفكار، هي كيمياء الروح. واللغة، تعني الأسلوب، وهذا الأخير يعني الكاتب، وبالتالي فإنّ الأسلوب هو العمود الفقري للكتابة الإبداعيّة، نثريّة كانت أم شعريّة. وقد عرّف القدماء الأدب، بأنّه نثر وشعر، ثم وضعوا لكلّ منهما تعريفا مختصرا، فعرّفوا الشعر، بأنّه كلام موزون مقفى، أمّا النثر فهو كلام خال من الوزن والقافيّة.. أمّا المحدثون والمعاصرون، فقد تجاوزوا التعريف السالف الذكر، للشعر والنثر معا. وأضافوا إلى الشعر الصورة الشعريّة إلى جانب الصورة البيانيّة والبديع، أمّا النثر فقد ابتعد عن الصنعة اللغويّة والنمطيّة والحشو إلى السلاسة والسهولة والوضوح....

لقد صدق خزانة الأدب، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، حين قال: " إن المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي، البدوي والقروي، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتخيّر اللفظ وسهولة المخرج وصحة الطبع وكثرة الماء وجودة السبك، وإنما الشعر صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير " (1)

و قال أيضا: وأحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه في ظاهر لفظه، فإذا كان المعنى شريفاً واللفظ بليغاً وكان صحيح الطبع بعيداً عن الاستكراه، ومنزهاً عن الاختلال، ومصوناً عن التكلف، صنع في القلوب صنع الغيث في التربة الكريمة " (2)

فنحن أمام شذارات أو خواطر سرديّة للكاتب حسن إبراهيمي، كأنّها تسريبات شعريّة قي قوالب نثريّة. ذهب فيها الكاتب مذهب أبي عثمان عمرو بن بحر

الجاحظ، البصري الأديب المتكلم المعتزلي (ت 225 هـ). مؤسس علم البلاغة حقاً.

لقد جاءت شذرات (خواطر) كثيرة المجازات اللغويّة والمرسلة، وخاصة الاستعارات المكنيّة والتصريحيّة والتشبيهات والكنايات. إنّها شبيهة بمعرض للصوّر البيانيّة والصوّر الشعريّة. لغة الكاتب حسن إبراهيمي كشفت عن عوالم الخيال الفنّي الذي يمتلكها الكاتب، وعن قدرة عجيبة في توظيف اللفظ في مواضع المجاز، لإعطاء المعنى بعدا رمزيّا وعمقا نفسيّا ولذّة صوفيّة وتشويقا آسرا.

و لن أكون في موضع المجاملة والمدح المجانيّين ، إذا قلت: إنّ شذرات (خطرات) الكاتب حسن إبراهيمي، أعتبرها – وهذا رأيي الشخصي ومن شاء فليخالفه – نفحات نثريّة المبنى، شعريّة المعنى، أو بتعبير آخر أرداها الكاتب شذرات نثريّة، فإذا بها تخرج مرتديّة لباس الشعر. فقد تقمّصت من الشعر جمال الصورة ولذّة البيان، وأخذت من النثر انسيابيّة العبارة، وبلاغة اللفظ. وليتأمّل معي القاريء الصياغة التالية: " لاشيء يفتح باب العزة غير سحب تمطر في جبهة للشهامة، لما تضيء وجه السجن.. أو حين تدك صولجان الهزيمة بصليل الفولاذ. " ص 76.

وهذه الصياغة: " أثقلتك اللاءات يا وطني.. أثقلتك في مطبخ لا يضيء شبرا في الظلام." ص 10 / 11. ففي هاتين الصياغتين عنفوان اللغة الشعريّة، وقوّة الصورة الشعريّة والرمز. تحوّل الوطن عند الكاتب حسن إبراهيمي إلى قضيّة وجوديّة، وغيرها العدم. الوطن يرمز إلى العزّة والشهامة والجود (تمطر) والحريّة (تضيء). وبدونها، لا معنى للوطن. الوطن ليس مجرّد تراب وحدود وأشجار وجبال وثروات طبيعيّة ووسم على بطاقة التعريف واسم على خريطة الكوكب الأرضي. الوطن هو الإنسان الحرّ، المكرّم، وليس الإنسان (القطيع)، بدون الإنسان ينتفي الوطن، وبدون الحرية، لا معنى للوجود الإنساني.

إذن، الحريّة، هي العروة الوثقى في هذه الشذرات والخطرات والآهات في قاموس الكاتب حسن إبراهيمي. ومهما أسدل الظلام سدوله على هذا الوطن (و لا أقول الأوطان)، فإن موعد شروق لن يتأخر، مهما طال الزمن. فكم روى التاريخ، على مرّ العصور، فصولا من المآسي، شتّتت أمما، وأفنت أمما أخرى، وأخضعت أمما وشعوبا وقبائل للعبوديّة والقهر. يؤمن الكاتب حسن إبراهيمي، بمقولة (دوام الحال من المحال). ومن طبيعة الأمم العيش حياة التأرجح الصعود والسقوط، بين النصر والهزيمة، بين القمّة والسفح. وقد أصيبت الحضارة العربيّة الإسلاميّة في مقتل، حين سقطت بغداد في الشرق وغرناطة في الغرب، لكنّ الأدهى والأمرّ، أن تنتقل أمة العروبة والإسلام من سقوط إلى سقوط، وتغيّر منحنى الصعود نحو الأسفل، ولمّا بدأ العلاج بدأ بأنصاف الحلول، أو بحلول ميّتة ومميتة. يقول الكاتب في إحدى شذراته:

"فحص الطبيب الأحداث فمات.. فالتاريخ لا يقبل أي حدث مصاب بمرض خبيث.. كما لا يقبل العلاج بأنصاف الحلول " ص 96. ويقول أيضا: " الربيع.. ولم يبق للشمس من ترقص لهم في آخر الشعاع.. انتهت المعركة ولم يبق فوق حصير الرماح سوى كسرة حزن وماض عجّ بالجياع. " ص

لقد استشعر الكاتب حسن إبراهيمي، استشعار الفنّان المرهف، الذي يغوص في الواقع المعيش، إلى درجة الذوبان في مآسيه، والتي يتحوّل عندها الموت إلى بعث جديد. فالموت لا مكان له في عيون الشهداء، فّهم أحياء في الدنيا والآخرة، مصداقا لقوله تعالى: " ولا تحسبنّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربّهم يرزقون. " (169 / آل عمران). إنّهم يضحون بأنفسهم من أجل الآخرين، لينالوا حياة النعيم والخلود. " لا يرقد الموت في عيون الشهداء " ص 13

و مهما يكن، فبقدر ما كان أسلوب الكاتب متخما بأسلوب البيان والبديع (تشبيهات، طباق، مقابلة، جناس) وأسلوب المجاز اللغوي، وخاصة الاستعارات المكنيّة والتصريحية، وبالصور الشعريّة في قالب نثريّ. لم تخل شذرات الكاتب من ظاهرة الغموض. وهي ظاهرة، أصابت الشعر العربي الحرّ المعاصر (شعر التفعيلة)، حين لجأ بعض الشعراء المعاصرين إلى توظيف الأساطير الشرقيّة والرموز المختلفة، ظنّا منهم - أو ربّما يقينا - في إدخال عناصر جديدة في القصيدة العربيّة، على مذهب القصيدة الغربيّة، وإحداث زلزلة مدهشة في هرم الشعر العربيّ المعاصر.

إنّ القاريء المتأمّل والمتمعّن في شذرات الكاتب حسن إبراهيمي، ليكتشف لديه، روحا شعريّة وملكة لغويّة وقدرة على تطويع اللغة وتوظيفها مجازيّا، إلى درجة التلاعب بألفاظها والتشويش بها على ذهن المتلقي وحواسه. فتتغيّر مسارات الألفاظ لديه في تفاعل كيماوي، ممّا يجعل المتلقي، يقف هنيهة، ليتساءل: ألم يكن من الأحرى بالكاتب حسن إبراهيمي، كتابة القصيدة بدلا من هذه النصوص النثريّة، التي سمّاها " شذرات " ؟

و ليتأمّل معي القاريء الكريم، هذه الشذرات، التي أختم بها.

" أعارك النوم لأتجنب حلما يرحب به الانتظار. " ص 18

" لما ترهلت الحرية اختفت أمام باب المستحيل.. استنشقت أنياب السماء.. استنارت بذكريات غيابها في الفراغ.. كم تحتاج من عيون للسباحة في وجه الأسد ؟ " ص 18

" خدوش الزمان العصيب ببلادي موحشة. " ص 18

" بشارع عصيب لم تكترث لصراخ كسرة خبز..ولما استخفت بجبهة الشقاء.. شحذت الشجون سواعدها لاستقبال الدماء. " ص 21

" ضحكت الشمس ولم تغلق بابا يأمر بموت الظلام.. لم ترتدِ ثياب موسيقى كسؤال الغياب.. ولم تجْنح لمشاعر الليل.. ولا لبحر تحلل في حسام أغنية تستشرف ميلاد الوطن. " ص 26

" في أكياس الهجرة يحمل البحر أشلاء وطن جريح. " ص 29

" لن يستسلم اغترابي.. مهما ابتعدت في منفاي.. لن يستسلم لانتصاب المنعرجات.. أو لضغط أي انحناء اتقد في كل طريق اتخذته لأنشد حكاية عن اغتراب شمس بلدي لكل طفل يحمل حقيبة مسَد وهو في الطريق إلى ما تشتعل به ذاكرة وطن ليحرر أهله من الطغيان. " ص 30

" أحيانا يجب الرجوع إلى الماضي , للبحت عن قربان نقدمه لكل لحظة تنتصب بحثا عن عرين تجهم بالزمان. " ص42

" ترفض الأرض السير في الظلام لترتل للورى تباشير الصباح. " ص 46

" انطفأت زوابع الحمل.. واشتدت عيون الدسائس.. وانتصبت القضية تصرخ في وجه الظلام. " ص50

" الينابيع.. تحررت أطلال سيجت خيما بأوتاد الهزائم، فوق أحزاننا وقفت بدون اشتهاء.. فزغرد عربون الحرية مهللا لطيف الانتصار. " ص 59

" بدون وقود اشتعلنا، كأن أجسادنا حطب أممته النار ".ص 60

" انتهت علامة الاستفهام.. غير أن السؤال لم ينته بعد " ص 62

" واهم من يعتقد أن النصر سيفتح أبوابا بدون نساء، فالحرية علق ما لم تكنسه النساء في بقايا المتحف بدماء الشهداء." ص 65

" إذا كان الستار ناقصا فلنستتر بالعرض، فالعري عري العرض. " ص.74

" بئس حدث أيتها المعركة.. فالسيوف تضاءلت أغمدتها.. انهمرت دموعا.. وتراجع صهيل الخيل.. فارتدى الفرسان عِمامات الهزيمة. " ص 83

" فتحت الباب لأحدق في سيف العرب، فوجدته يرقص في مرفإ الظلام. " ص

84

" أكلما أتعبتك الدروب يا وطني تعود لتمتطي صراخ الفقهاء.. باسم الله نهبتم كل شيء.. لكن أبدا لن تفلحوا في نهب النوم في عيون الأبرياء.. باسم الله نهبتم خيراتنا.. وباسمه لم يبق للأرجوحة أي مكان في أحلام أطفالنا.. وباسمه تعب هو إياه في عليائه.. فحيثما تمطر تقصوا شعبا ظل يتدحرج خلف فرس امتطاه الله. " ص 92

" سقط التاريخ العربي وسط خيمة، أعمدتها تنهك الانتصاب بين الشعاب. " ص 98

" حينما بدأ قميص عثمان يعوي فوق النعش سكب أعرابي ماء ليستظل القميص لكن لا وجود لأثر المعركة. " ص 99

" ترفض الرسالة حمل خبر لا يطرح السؤال " ص 104

" أعاقر كل محرر حين يسيل في شقوق الشمس.. ليصلى سلاما لعار وطن وزعته خرائط الأطفال بجدران المذكرات. " 114 / 115

***

بقلم: الناقد والروائي علي فضيل العربي - الجزائر

في المثقف اليوم