قراءات نقدية

وقفات مبحثية مع قصة (موريلا) أنموذجا

دراسة في عوالم أقاصيص إدغار ألن بو.. الزمن القصصي بين المجرد التمثيلي والمحسوس الشواهدي

توطئة:

أن القارىء إلى تجربة أقاصيص الكاتب الأمريكي إدغار ألن بو، في بعض نماذجها، يعاين بأن هناك حالات خاصة من تمظهرات أوجه الأشياء المنصوصة في نسيج وفضاء النصوص القصصية، لعلها بدت منجهة أخرى كمفاهيم حسية ـ تصورية، من حدود زمن (تراكيبي ـ التصاقا بالمجرد) ولهذا النص أزمنة (إظهارية ـ معلنة) ولكن من المتعذر على قارئها الإهتداء إلى جملة متتاليات دلالاتها التمثيلية، إلا في صيغة معينة من احتمالات المعنى الآخر من تأويلات المعنى النصي المقابل أو المتوارى.فالزمن إذن مظهر تلفظي وملفوظي في حيز ممارسة خاصة من (النفسي ـ السيكولوجي ـ المحسوس الشاهد) فيما تبقى غايات زمن القص ممزوجة بذاتية الشخصية الحكائية التي بوصفها المجال الإجرائي من صوت السارد العليم عبر منظوره المبئر في الرؤية السردية.

ـ قصة: جزيرة الجنية .. فضاءات الوحدة كصوت سردي.

من خلال العلاقة القائمة بين (المبئر ـ المبأر) تتوزع ظرفيات المحور الشخوصي في حكاية اتخذت لذاتها من عنصر المكان ـ الطبيعة، الممارسة الكاملة في بث تفاصيل أكثر توصيفا من حال (السارد / الناظم الخارجي) وصولا إلى رؤية ووعي شخصية هائمة في أوج لغة اللحظة العفوية من (الأنا ـ العالم) وفي إطار صيغة الوصف في محمول خطاب النص، نكتشف بأن التفاعل الضمائري للمسرود راح ينحو بالحكاية إلى تصورات إيهامية تتصل عبر محاور ثلاثية القطب (الناظم ـ الخطاب القصصي ـ المرسل إليه بلا حدود) كما أن الناظم الخارجي العليم قام في إطار هذه الوحدات من القص، بخلق نوع من التماهي بين لغة الأحوال في الطبيعة إلى عمليتي التبئير والسرد في مفاصل زواية الرؤية في فضاء النص التخومي.

ـ قصة: القلب الذي كشف السر.. الفاعل الذاتي وهستيريا جوانية القلق.

في الكثير من الأحيان يقدم لنا ألن بو نصه القصصي ومحوره الناظم من خلال تعالي الصوت الضمني عبر الرؤية في دمجية علاقة ملحوظة ـ إذا استثنينا من ذلك صوت الناظم المركزي ـ بأعتبار أن دوره مقتصر على بناء (الأفضية ـ رصد الزمكانية ـ صوت المتكلم) مما يفسح المجال أمام مسرحة الأحداث الحوارية والأفعال الشخوصية في مهمة رؤى ذات حصيلة ثيماتية وتأملية بالتطلع إلى التمازج بين (السارد ـ المبئر) أي بين الذي يتكلم والذي يرى، وقد ينفصل الحال، فيقوم الناظم الضمائري بسرد الأحداث من منظور أحوال الفاعل الشخوصي.من خلال قصة (القلب الذي كشف السر) تواجهنا اضطرابات صوت الناظم الذي غدا بالنيابة معبرا عن حال الشخصية رغم وجودها التمثيلي في الحكي عاملا وذاتا.فالمستوى في رؤية هذا النص يتكرس عبر وصف المكان من خلال تبئير المتكلم إلى تبئير فضاء الحادثة السردية، أيضا تواجهنا حالة هستيرية من الفاعل المتكلم، وهو يسعى إلى فعل قتل ذلك الرجل العجوز صاحب العين الزرقاء، دون أدنى عرض لأبسط المداليل التي دفعته إلى قتل ذلك الرجل.وإذا راجعنا بداية النص، سوف تتبين لنا الرؤية الخاصة في محاورات هذا الفاعل المتكلم: (صحيح ! ـ إنني عصبي جدا، عصبي بشكل مرعب ـ كنت دائما، لكن لماذا تزعمون أنني مجنون؟لقد شحذ المرض حواسي ـ لكن لم يهدمها ـ لم يفل من حدتها ـ صارت حاسة سمعي أكثر إرهافا من حواسي الأخرى./ص118 النص القصصي) إننا هنا أمام فكرة توحي لنا بالاعتقاد الجازم بأن هذه الشخصية مصابة بلوثة نفسية متجلية تحققا في إدراك طابع من نوبات الوساوس القهرية.لذا فهو عبر وحدات النص، يظهر لنا بأنه يتسلل ليلا إلى غرفة ذلك العجوز صاحب العين الزرقاء إلى محاولة قتله، ولكنه كان في الوقت نفسه يخشى من رفع لهيب فتيل الفانوس حتى لا يقوم ذلك العجوز بمباغتته بين لحظة أو أخرى. وبعد أن تظهر لنا الأحداث بأن الشخصية قد قام فعلا بانتزاع حياة العجوز أخيرا، ودفن جسده تحت بلاطات خشبية من ذات غرفة المجنى عليه، تبقى هناك الوحدة التي لم يتمكن من القضاء عليها وهي نبضات قلب العجوز، بل صوت تلك النبضات قد تحولت إلى دوي مفجع داخل جدران الغرفة والأرضية وبعض الأشياء، فيما تبقى الصورة المفجعة الأكثر مفارقة في النص أن أحد جيران منزل العجوز قد تنبه ليلة مقتله إلى صدور صرخة ما أفزعته، ما دفعه الأمر إلى الاتصال بالشرطة، وهكذا يعطي وجود رجال الشرطة داخل منزل الرجل المقتول انطباعا للقاتل بأن هناك ثمة نبضات يسمعها هو وحده دون رجال الشرطة، وعند عملية استبداد حالة القلق والوساوس في قلبه ، راح يكشف للشرطة بأمر موضع النبضات الحية أسفل بلاطات الغرفة ذاتها للمجنى عليه.وعلى هذا النحو من النهاية المفارقة تنتهي أحداث القصة، وهي ترسم في أذهاننا المرتقبة ذلك الاحتقان الدلالي بأن إدغار ألن بو لم يسع في مكونات قصته إلى خلق المفارقة، بقدر ما أراد إظهار بأن فاعله القصصي كان يعاني من وساوس القلق القهري، وربما هو حتى لم يقم بقتل العجوز بل هي أوهامه القهرية التي دفعت به إلى صحبة كونه قاتلا للعجوز الذي لم يكن مقتولا موجودا إلا في مخيلة الفاعل الشخوصي.

- قصة: موريلا.. النموذج الشخوصي وتوليفة نبوءة الزوجة

1ـ روحانية الحلم المحتمل وانعقاد واقع الحلم:

إذا عاينا من جهة غاية في الأهمية أن زمن السارد هو زمن الحكاية، متحركين بوصفهما ـ عنصرا مركبا ـ يجعل من هوية الشخصية في النص مجرد ـ زمنا وسائطيا ـ تحققيا، ويمكننا الجزم بأن الصورة السردية في مجال القصة القصيرة، من الممكن أن تتمحور في أوجه ارتباطات العامل الشخوصي كآلية مؤدية، ولكنها تبقى في الوقت نفسه مع موجهات السارد العليم الميثاق الأولي والأخير في تحريك آليات النص إجمالا.توافينا موقعية السارد في ملامح وتقاسيم حكاية (موريلا) عن طريق موازاة زمنية بين أحداث وقعت وأحداثا سوف تعتمد اللحظة الأكثر اختبارا وهوية الأدلة السردية في دلالات موضوعة القصة.فهذا بدءا صوت السارد العليم الذي أتخذ من الشخصية في القص، كأداة واقعة لأحداث غير مألوفة وغير متوقعة الحدوث إطلاق: (كانت موريلا على ثقافة واسعة..لم تكن مواهبها عادية، وكانت طاقتها الروحية هائلة ..أدركت ذلك وأصبحت مريدها في مناسبات عديدة..وسرعان ما أتضح لي أن موريلا، لدراستها في بريسبورغ، كانت تعرض أمامي عددا كبيرا من هذه الكتب الروحية المعتبرة بشكل عام ـ ولئن أصبحت مع الزمن موضوع دراستي أنا أيضا، فذلك عائد إلى تأثير القدوة والعادة./ص123 النص القصصي) أن آلية التراتب المنصوص في حكاية النص، ينطلق كما هو واضح في الظاهر الأول من القص، تحديدا من نقطة الانطلاق الصفرية حيث حدوث بعض الأشياء المتعلقة بالقيل من التعريف الملامحي بالحكاية أو الظروف التي جعلت من شخصية موريلا تختار عقد الزواج بالسارد الشخوصي.ولا يهم لدينا أية بوادر تتعلق بفكرة الحب أو الزواج، ولكن يهمنا فهم مدى الحب أو المقابل بالحب عن حب الزوجة لزوجها، فهو في سياق المستهل أي ـ السارد الشخصية ـ أوضح لنا في هذه الجمل التي يرد لنا عرضها من قبل: (لم أكن أظهر أي تعلق بها ـ ولم أتحدث عن الحب) أي أن هناك حالة من الحب الأحادي أو من الطرف الواحد كما يقال دارجا:ولكن أن لم يكن هناك مشاعر حب كيف وصف موريلا بأنها أحدثت نارا في كيانه بادىء ذي بدء؟وما وجه المحفز من التركيز للسارد الشخصية حول تلك الكتب الروحانية التي انتقلت بالعدوى في حب قراءتها واقتناءها من قبل الشخصية؟ في حين أنه ذكر لنا بأنه لم يكن حبا جادا لموريلا؟. ولعل نظرة متقدمة في متتاليات القص والأحداث، نلاحظ السرعة التي تتحول بها موريلا إلى فتاة تجد لذاتها العزلة والوحدة: ( حينما كنت أغوص في الصفحات الملعونة وأشعر بالفكر الرجيم يتأجج في داخلي..كانت موريلا تأتي، وتضع يدها الباردة على يدي وتجمع من رماد فلسفة ميتة بضع كلمات غريبة مهيبة كانت تنحفر، بمعناها الغريب في ذاكرتي.إذاك، كنت أستلقي إلى جانبها طوال ساعات، حالما ، وأغيب في موسيقى صوتها./ص123 النص القصصي) لإسباغ صفة الزمانية استخدام السارد ـ الشخصية، هذه العبارة (في ذاكرتي:شعور الألفة ـ الذات الطفولية ـ / الذاكرة = الخيال = الذات المتنقلة عبر الزمن) كما وتتحدد لفظتي (أغيب = حالما) بما يماثل (الكارثة ـ البراءة) ومجموع هذه الوحدات في النص، لها مجالا ومفعولا ساحرا في التوهم أو اللاإمكان، لأن الواقع لا يغيب حتى ولو بلغ جميع المحتملات التخييلية فهو الواقع بالبقاء الكينوني، لا البقاء الهيرمينوطيقا.وعلى هذا النحو يمكننا معاينة دلالتي (أغيب / أحلم) ضمن واقعها النصي والشخوصي، على إنها دليل اللامباشرة من ناحية كون الشخصية قد غاب في غيبوبة إيحائية، ومن هذا الباب يمكننا تصور أن الشخصية صار يحلم ومنذ أول زمن تفاعله مع زوجته مع هذا المشروع الروحاني في كتب التنجيم.

2ـ غربال التأويل وممكنات آفاق الحلم النصي:

أن المسار التوليدي في قصة (جزيرة الجنية) هي ضمن مرحلة القص الحلمي، الذي راح منه الشخصية يعاين جمال الطبيعة ولغة الجداول وتساقط الأوراق عن الأشجار وانحسارات الضوء عن أخاديد الصخور السوداء، كأنها أشباح جنيات في مواقع سطوح الأنهر والشلالات: (تابعت، حالما: الدورة التي أكملتها الآن الجنية هي دورة سنة قصيرة من حياتها، لقد أجتازت شتاءها وصيفها، واقتربت سنة من الموت، ورأيت جيدا، وهي تدخل الظلام./ص117 قصة: جزيرة الجنية) ناهيك عن أن الأمر ينطبق أيضا على ملامح الحلم أو الدخول في اللاواقع عند مرور الشخصية إلى غرفة العجوز ذا العين الزرقاء في قصة (القلب الذي كشف السر): أتصور، أنني هناك أفتح الباب رويدا رويدا، وأنه لم يكن يحلم حتى بما أفعله./ص119 .الملاحظ أن الأمر في كلتا القصتين يعاود ذات الشفرة من الملفوظ الحبكوي، حيث بدت العلاقة ما بين الشخصية في قصة (جزيرة الجنية) وقصة (القلب الذي كشف السر) والقصة (موريلا) ذات العلاقة الترسيمية في إحالات الذات الحالمة، إذ تكون التقييدات الدلالية مقصورة في مستوى المعادل الوظائفي تحديدا، وليس هناك أية متغيرات في لعبة الحبكة وتحولاتها الاختبارية للقارىء.أن الأمر الذي بات واضحا من خلال الزوجة موريلا التي كانت تماثل علاقة روحية في ذات زوجها، ليس لكونها كزوجة حبيبة ، لا أبدا وإنما لكونها: (حتى يسري الرعب أخيرا في هذا الصوت، ويسقط الظل فوق روحي./ص 124 قصة: موريلا) لعل القارىء النبه أو اللبيب إذا جاز لنا القول، إذا تمعن في مجال إمكانية النمو السردي في حياة الشخصية الزوجة، لربما يجدها كعلاقة بين (الفاعل المنفذ ـ المغزى الحكائي) ولأجل الحصول على عملية التحول نعاين ما راح يشعر به الشخصية الزوج: (موريلا لم تكن سوى امرأة، وكانت تذوي يوما بعد يوم ـ هل أقول إنني كنت أتطلع بلهفة ضاربة إلى لحظة موت موريلا./ص124) لعل من المثير القول منا بأن أغلب عوالم أقاصيص ألن بو ما يتم توظيفها في حدود آفاق معالجة ذات أهداف تصب في اللامتوقع أو ما يصح تسميته (التفارق الذروي) فالقاص ومنذ قصته (القط الأسود) وهو يسعى إلى تخليد المتمثل الشخوصي في حالة صراعية من اللامسمى أو المجرد أو الملامتوقع.والحال مع الزوجة موريلا لم تتم في حدود اعتباطية أن لم نقل اختلافية في جملتها الواسعة والمفيدة.حاول من جهة الشخصية السارد، توضيح أن الفارق في مسألة اللاإنسجام في مكنون علاقته الزوجية مع موريلا، كانت بمفعول قوى روحانية ـ شيطانية، على حد ظنون الشخصية، ولكن حتى بعد فعل موتها، نكتشف بأن السياق السردي لم يوضح لنا ذلك، ولو بإشارة عابرة، حتى نلمس لاحقا بما قالته الزوجة قبيل موتها وكأنها نبوءة ما لا يجوز الإفصاح بها إلا عند فلول صاحبها: (قبلت جبينها وتابعت: ـ سأموت، مع ذلك سأحيا؟ ـ أكرر أنني سأموت، لكن في أحشائي شهادة لهذه العاطفة..وحينما ستذهب روجي سيعيش الطفل، طفلك، طفلي أنا، موريلا.. لكن أيامك ستكون مليئة بالكآبة ـ الكآبة التي هي أكثر الانفعالات بقاء./ص125) .

3ـ ملحمة تناسخ الأرواح ومقاليد أسطرة الروح الحلمية:

لاشك إن من أبرز كتاب الحقبة الأكثر غرائبية ذاتيا وموضوعيا، ما شهدتها أقاصيص إدغار ألن بو، من مسار به مضمونية وشكلية ترجح الوجود الغرائبي كصفة رمزية واسلوبية ودلالية من نوع خاص ومبطن بأسمى أوجه جماليات الصياغة ومعايير الصنعة الهادفة في دليلها البنائي.وعلى هذا النحو وجدنا مختارات (القط الأسود) التي قامت بنقلها إلى العربية الأستاذة الناقدة القديرة خالدة سعيد، ملاذا لمعاينة عوالم أقاصيص هذا القاص العالمي الفذ.أعود مجددا إلى أجواء قصة (موريلا) لأقول أن الصراع مع الموت والولادة، هي من مشروطيات كتابة بو القصصية، فلا نعجب من كون الأرواح تتلاقح عند موتها اعتقادا وتخييلا وتوهما ، ذلك لأن ألن بو يوسم مضامين نصوصه، بتلك الأوجه من الغرائبية والسوداوية المدقعة، ولكنها غرائبية حلت في حدود مؤهلات خاصة من الصياغة والرؤى والأفكار والبناء الذي يخولها قبولا وتصديقا وابداعا وتأملا واعيا.ولو عدنا إلى متن الأحداث، لواجهتنا تلك الفتاة التي عاشت بعد موت أمها لسنين عدة تتجاوز العشرة أعوام وهي دون أسما ولا حتى اختلاطا مع الناس..عاشت الفتاة حياة أمها شكلا وموضوعا ودالا وخاتمة: (لكن موريلا حملتها بيدي الأثنين إلى القبر، ثم ضحكت بمرارة وأنا أضع الثانية في الضريح حين لم أجد فيه أثرا لموريلا الأولى./ص127 النص القصصي ـ انتهت) .

ـ تعليق القراءة:

ختاما يتضح لنا أن الاعتقادات تغلب أحيانا على ذائقة الكاتب مهما كان نصه مشروعا تصوريا مؤثرا.ولكننا نعود إلى وجهة نظرنا النقدية لنقول أن الشخصية موريلا لا تتوفر في نسختها الأولى والثانية على أبنتها المطابقة لها، بل أن ما هو صائبا أن الشخصية موريلا هي ذاتها في الأولى والأخيرة، وما حدث فعلا هو أن الشخصية كان متماثلا في غيابه الحلمي الذي أفقدته الأجواء الروحانية في تلك المجلدات إحساسه بالزمن والمكان وهوية الآخر,ورغم هذا التقدير أو سواه، تبقى قصة (موريلا) بوصفها الزمن القصصي المجرد والتمثيلي والمحسوس بمقرونية كون الشاهد الوحيد على حقيقة النص هو ذلك الناظم الأوحد الذي خلق لنا منظورا مبئرا كفاعلية شاهدة على تفاصيل الرؤية السردية الإطارية البرانية عبر مظهرها الدال في محورها الداخلي الأكثر عمقا وتدليلا في المستوى الشكلي والمضموني التفردي في بناء محتملات وخيارات ووسائط المؤول القصصي.

***

حيدر عبد الرضا

في المثقف اليوم