دراسات وبحوث

عبد الأمير كاظم زاهد: عبد الله ابن أبي يعفور.. داعية التعقل والوسطية

عبد الامير كاظم زاهدترجمته: هو أبو محمد عبد الله ابن أبي يعفور، وابو يعفور ابوه يقال ان اسمه وافد، وقيل واقد، وقيل وقدان العبدي بالولاء وهو كوفي، وعبد الله من حواري الإمام الصادق عليه السلام، انما يقال له العبدي لأنّه ينتسب إلى عبد القيس بن قصي من أحفاد ربيعة بن نزار.

لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه مجملا من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة وهو من ثقات محدثي الإمامية الأجلاء، ومن الفقهاء الأعلام والرؤساء الكبار المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام. كان مقرئا يقرئ الناس القرآن الكريم بمسجد الكوفة، وله كتاب في الفقه وقيل في المغازي. وكان من حواري الصادقين " ع " ومن الفقهاء المعروفين الذين هم عيون هذه الطائفة، مثل زرارة وامثاله وهو من كِبار الطبقة الخامسة أو من الرابعة - وعن اسحاق بن عمّار - انه من صِغار الخامسة

ومعلوم أن النجاشي، والشيخ الطوسي، وابن شهرآشوب، عدوا عبد الله ابن أبي يعفور من أصحاب الصادق أصحاب الباقر (عليه السلام) وحواريه

وقد روى محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن: ان ابن أبي يعفور ثقة، مات في حياة أبي عبدالله عليه السلام سنة الطاعون. 131 ه قال النجاشي توفّي ابن أبي يعفور في حياة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام) سنة الطاعون، وروي أنّ الصادق (عليه السَّلام) ترحّم عليه، وقال: إنّه كان يصدق علينا ولا يوجد غير ما تقدم بين أيدينا الكثير عن حياة ابن أبي يعفور، سوى أنّ النجاشي ذكر في حقه أنّه من المقربين للإمام الصادق(ع) وله منزلة عنده، وهو من كبار الشيعة

وأنّ الشيخ الطوسي ذكره مرتين مرة باسم عبد الله بن أبي يعفور العبدي، وأخرى باسم عبد الله بن أبي يعفور الكوفي، وذكر أنّه من أصحاب الإمام الصادق(ع). يقول عنه النجاشي: إنّه كان قارئا للقرآن في مسجد الكوفة، له كتاب يرويه روى عنه مجموعة من الإمامية من جملتهم ثابت بن شريح. وكان محدثاً فقيهاً قارئاً ثقةً، أخذ الحديث والفقه عن الإمام جعفر بن محمد الصادق) سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام) (1)

مذهبه: لا شك أن ابن أبي يعفور شيعي المذهب، وقد قيل انه بسبب الأجواء السياسيٌة الحاكمة آنذاك زمن الحكومة العباسيٌة والأمويٌة حتّمت عليه أن يخفي تشيعه. وهذا ليس صحيحا فقد كان معتمد الامام الصادق علنا جهارا وقد يراد بذلك اخوه فقد وذكر الشيخ الطوسي فرقة باسم اليعفورية، ولكن هذه الفرقة منسوبة إلى أخيه محمد بن أبي يعفور وليس إلى عبد الله، وهي فرقة من غلاة الشيعة. (2)

أبوه ابو يعفور (ع) العبدي الكوفي، من ثقات التابعين، اسمه واقد، وقيل: وقدان، وهو أبو يعفور الكبير. سني المذهب حدث عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، ومصعب بن سعد. روى عنه شعبة، وإسرائيل، والثوري، وأبو الأحوص، وابنه يونس بن أبي يعفور، وسفيان بن عيينة، وآخرون. وثقه غير واحد. لم أقع بوفاته.) وقال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل في أبي يعفور، وقدان، وأبي يعفور عبد الرحمن بن عبيد، قلت: كلاهما ثقتان؟ قال: نعم. (3)

قال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل: أبو يعفور الكبير اسمه وقدان، ويقال: واقد كوفي ثقة. روى عن: أنس بن مالك، وزياد أبي النضر الجعفي، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبي زيد عَبد الله بن أَبي سَعِيد المدني، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعرفجة بن شريح، ويُقال: ابن ضريح، وأبي سَعِيد مسلم بن سَعِيد مولى عثمان بن عفان، ومصعب بن سعد بن أبي وقاص، ويزيد بن الحارث العبدي، وأبي صادق الأزدي، وأبي عقرب.

روى عنه: إسرائيل بن يونس، والحسن بْن صالح بْن حي، وزائدة بن قدامة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأَبُو الأَحوص سلام بْن سليم، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر، وشعبة بن الحجاج، وشيبان بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وصدقة بن أَبي عِمْران، وأَبُو مريم عبد الغفار بْن القاسم الأَنْصارِيّ، وعلي بن صالح بن حي، وعُمَر بن سَعِيد بن مسروق الثوري، والمفضل بن صالح الأسدي، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وابنه يونس بن أَبي يعفور، وأَبُو خالد الدالاني. وفي الجرح والتعديل: وثّقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وقال أبو حاتم الرازي: «لا بأس به» ذكره ابن حبان في كتاب الثقات، روى له الجماعة. (4)

وهذا يدلنا على جانب مهم في شخصية عبد الله بن أبي يعفور، وهو أنه لم يأخذ التشيع تقليدًا للآباء وتأثرًا بالموروث العائلي أو القبلي، وإنما كان تشيعه عن معرفة وبصيرة واتباع للحجة والبرهان، وهو ما تثبته النصوص والمرويات التاريخية.

سكن عبد الله بن أبي يعفور في الكوفة، وكان بيته قريبًا من بيت القاضي أبي يوسف (113-181) تلميذ أبي حنيفة، وكان قارئًا للقرآن يقرأ في مسجد الكوفة، وكان إلى جنب فقهه وعلمه يعمل من كد يده، وله دكان في الكوفة يسترزق منه.وقد صحب عبد الله بن أبي يعفور كبار أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام) كزرارة بن أعين والمعلى بن خنيس وهشام بن سالم وأبي بصير وحماد بن عيسى والصباح بن سيابة) (5)

- قالوا ان اخاه يونس بن أبي يعفور، قال عنه الساجي: كان عبد الله يفرط في التشيع الا انه كان يختلط مع العامة ولكنه لا يروي عنهم ولا يروي لهم، ولهذا لم يتعرض له أحد بالترجمة أو بالجرح والتعديل (6)

مشايخه

يروي ابن أبي يعفور عن أبيه - وهو من المحدثين الثقات كما نقل عن أخيه عبد الكريم روايات عن الإمام الباقر(ع) كما روى عن أبي الصامت، وإسحاق بن عمار، والمعلى بن خنيس.

و قد وقع عبد الله بن أبي يعفور في أسناد كثير من الروايات المروية عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) قد تبلغ مائتين وستة وعشرين مورداً، وقع بعنوان " عبد اللّه بن أبي يعفور " في أسناد ثمانية وسبعين منها، وبعنوان " ابن أبي يعفور " في أسناد مائة وثمانية وأربعين منها.

من روى عنه

روى عنه: أبان بن عثمان الأحمر، وثابت بن شريح، وعبد اللّه بن مُسكان، وإسحاق بن عمار جابر المكفوف، وحبيب الخثعمي، والحسن بن علي بن مهران، والحسين بن المختار القلانسي، وحماد بن عثمان، وحماد بن عيسى الجُهني، وعبد الكريم بن عمرو الخثعمي، وعبد اللّه بن سنان، وعلي بن رئاب السّعديّ، والعلاء ابن رُزين، وفضالة بن أيوب، ومنصور بن حازم البجلي، وهشام بن سالم الجواليقي، وموسى بن أكيل النُّميري، وآخرون

مكانته العلمية

كان ابن ابي يعفور من أوائل وكلاء الأئمة الذين وصلتنا النصوص بوكالتهم، وكانت الوكالة في تلك الأعصار تقتصر على إفتاء الشيعة بمرويات أهل البيت(عليهم السلام)، والفصل في منازعات الشيعة وخصوماتهم، وجمع الحقوق الشرعية من الأخماس والزكوات، وتوزيع المساعدات على الفقراء والمحتاجين، إلى جانب رعاية الشيعة وتقوية عقيدتهم والتصدي لحركات الغلو والانحراف التي تنشأ في بعض الحواضر الشيعية وقد كلفه الإمام الصادق(عليه السلام) بالتصدي لبعض الغلاة وتفنيد مقولاتهم لقوة حجته ومتانة برهانه

كان (رضي الله عنه) قارئاً يقرأ في مسجد الكوفة، وهو من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا يُطعن عليهم، ولا طريق لذمّ واحد منهم.

وكان عبد الله بن أبي يعفور لا يوفر مسألة تخطر في باله إلا وسأل عنها أبا عبد الله الصادق (عليه السلام لاسيما في ما يواجهه من المسائل الابتلائية في أمور الطهارة والزواج والطلاق والمأكل والمشرب وسائر الأحكام من الواجبات إلى المستحبات، وله كتاب في الفقه فيه روايات كثيرة صارت معولًا للعديد من الفتاوى المشهورة في الفقه الجعفري. وكان من علمه وسعة فقهه أن الإمام الصادق(عليه السلام) صوّب فتاواه غير مرة مفضلًا إياه على زرارة والمعلى بن خنيس.

روى محمد بن مسعود، قال: حدثنى على بن محمد، قال: حدثني محمد ابن أحمد، عن محمد بن موسى الهمداني، عن منصور بن العباس، عن مروك بن عبيد، عمن رواه عن زيد الشحام، قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: ما وجدت أحدا اخذ بقولى وأطاع أمري وحذا حذو أصحاب آبائي غير رجلين رحمهما الله: عبدالله ابن ابي يعفور وحمران بن أعين، اما انهما مؤمنان خالصان من شيعتنا، أسماوهم عندنا في كتاب أصحاب اليمين الذي أعطى الله محمدا.

وما ورد في فضل ابن ابي يعفور اكثر من ان يذكر، وكفى في ذلك ما روي انه كتب الصادق " ع " إلى المفضل حين مضى عبدالله بن ابي يعفور يا مفضل عهدت اليك عهدي وكان إلى عبدالله بن ابي يعفور فمضى موفيا لله عز وجل ولرسوله ولامامه بالعهد المعهود لله وقبض صلوات الله على روحه محمود الاثر مشكور السعي مغفورا له مرحوما برضا الله ورسوله وامامه عنه فبولادتي من رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان في عصرنا احد اطوع لله ولرسوله ولامامه منه فما زال كذلك حتى قبضه الله اليه برحمته وصيره إلى جنته الخ.

وروى محمد بن مسعود، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط عن شيخ من أصحابنا لم يسمه قال كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فذكر عبدالله بن أبي يعفور رجل من أصحابنا فنال منه، فقال: مه، ثم تركه وأقبل علينا. فقال: هذا الذي يزعم أن له ورعا، وهو يذكر أخاه بما يذكره قال: ثم تناول بيده اليسري عارضة فنتف من لحيته حتى رأينا الشعر في يده، وقال: انها لشيبة سوء ان كنت أتولي بقولكم وأبرئ منهم بقولكم.

وعن أبي حمزة معقل العجلي عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله(ع): والله لو فلقت رمانة بنصفين، فقلت: هذا حرام وهذا حلال، لشهدت أن الذي قلت حلال حلال، وأن الذي قلت حرام حرام، فقال: رحمك الله رحمك الله.

من أقوال الأئمّة(عليهم السلام) فيه

1-عن حماد بن عثمان قال: أردت الخروج إلى مكة فأتيت ابن أبي يعفور مودعا له فقلت: ألك حاجة؟ قال: نعم تقرأ أبا عبدالله عليه السلام، السلام، قال: فقدمت المدينة فدخلت عليه، فسألني، ثم قال: ما فعل ابن أبي يعفور؟ قال: قلت: صالح جعلت فداك آخر عهدي به، وقد أتيته مودعا له فسألني أن اقرئك السلام، قال: وعليه السلام اقرأه السلام صلى الله عليه وقل: كن على ما عهدتك عليه (2).

2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما وجدت أحداً أخذ بقولي، وأطاع أمري، وحذا حذو أصحاب آبائي غير رجلينِ رحمهما الله: عبد الله بن أبي يعفور، وحمران بن أعين، أمّا أنّهما مؤمنانِ خالصانِ من شيعتنا، أسماؤهم عندنا في كتاب أصحاب اليمين الذي أعطى الله محمّداً» (۲).

3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما وجدت أحداً يقبل وصيّتي ويطيع أمري، إلّا عبد الله بن أبي يعفور»

- قال ابن أبي يعفور(رضي الله عنه): «قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): والله لو فلقت رمانة بنصفين، فقلت هذا حرام وهذا حلال، لشهدت أنّ الذي قلت حلال حلال، وإنّ الذي قلت حرام حرام، فقال(عليه السلام): رحمك الله رحمك الله»(۴).

4- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما أحد أدّى إلينا ما افترض الله عليه فينا إلّا عبد الله بن أبي يعفور»(.

5- عن أبي أُسامة، قال: «دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام) لأودّعه، فقال لي: يا زيد ما لكم وللناس قد حملتم الناس على أبي؟ والله ما وجدت أحداً يطيعني ويأخذ بقولي إلّا رجلاً واحداً، رحمه الله عبد الله بن أبي يعفور، فإنّي أمرته وأوصيته بوصيّته فاتبع أمري وأخذ بقولي»(

6-ـ قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر… ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم… وعبد الله بن أبي يعفور… فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين» (۷). وقال الصادق " ع ": ما وجدت احدا يقبل وصيتي ويطيع امري إلا عبدالله ابن ابى يعفور.

من أقوال العلماء فيه

۱ـ قال الشيخ النجاشي «ثقة ثقة، جليل في أصحابنا، كريم على أبي عبد الله(عليه السلام)»

۲ـ قال السيّد علي البروجردي): «وفيه روايات كثيرة في مدحه، بل بعضها يدلّ على عظم منزلته عند الصادق(عليه السلام)

۳ـ قال الشيخ النوري الطبرسي («من الفقهاء المعروفين الذين هم عيون هذه الطائفة، يُعدّ مع زرارة وأمثاله

بعض مروياته

- ما رواه الكشي عن أبي العباس البقباق وبسند تام قال.. تذاكر ابن أبي يعفور ومعلى بن خنيس فقال ابن أبي يعفور ان الائمة الاوصياء علماء أبرار أتقياء وقال ابن خنيس الائمة الاوصياء أنبياء، قال فدخلا على أبي عبد الله (عليه السلام) قال فلما استقر مجلسهما قال فبدأهما أبو عبد الله (عليه السلام) فقال يا عبد الله ابرأ ممن قال انا انبياء

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لأصحابه ذات مرة: (فوالله ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا، وما نقدر على ضر ولا نفع، وإن رحمنا فبرحمته، وإن عذبنا فبذنوبنا، والله ما لنا على الله من حجة، ولا معنا من الله براءة، وإنا لميتون، ومقبورون، ومنشرون، ومبعوثون، وموقوفون، ومسؤولون)

وواضح ان النقاش بين أصحاب الأئمة(ع) كان قد دار حول مفهوم "الوصي" و"الأوصياء"، أو بعبارة أخرى دار حول مفهوم "الإمامة"، ويظهر جلياً مدى الاختلاف الكبير بين أصحاب الإمام نفسه، أي الإمام جعفر الصادق(ع)، في تحديد ماهية "الوصي"، فعبد الله بن أبي يعفور عرف الأوصياء بأنهم (علماء أبرار أتقياء)، بينما المعلى بن خنيس تجاوز ذلك كثيراً، فرفع الأئمة(ع) إلى درجة النبوة قائلاً: (الأوصياء أنبياء)، ولما تم الاحتكام إلى الإمام الصادق(ع)، تبرأ ممن يرفعون مقام الأوصياء(ع) إلى مقام الأنبياء(ع)، بما يعني رفض الإمام الصادق(ع) لما توهمه أحد كبار أصحابه أيضاً، وهو المعلى بن خنيس، بغض النظر عن مواقف العلماء المختلفة في وثاقة وتضعيف المعلى بن خنيس، حيث جرحه النجاشي وابن الغضائري وقال الشيخ الماحوزي قال (ابن خنيس مختلف فيه، والقاعدة تقتضي جرحه، والأخبار متظافرة في مدحه، والاعتماد عليها أظهر).

لا بدَّ من أن نشير إلى أن الفترة التي عاش فيها عبد الله بن أبي يعفور (رض) كانت فترة دقيقة على المستوى العقائدي، فقد عاصر الإمامين الباقر والصادق(ع)، وهي الفترة نفسها التي برزت فيها فرق من الغلاة داخل الجسم الشيعي، ابتداء من بيان بن سمعان النهدي الذي ادعى ألوهية علي بن أبي طالب(ع)، مروراً بأبي الخطاب زعيم فرقة الخطابية الغالية، وأبرز رجالها يونس بن ظبيان.. وقد تبرأ الأئمة(ع) من كل هؤلاء. كما انبرى اتجاه من أصحابهم الأتقياء والمخلصين لمواجهتهم، وكشف زيف معتقداتهم، ما جعلهم في موقع التسقيط والتشنيع على يد خصومهم الغلاة

قال السيد كمال الحيدري عن عبد الله بن ابي يعفور وكما تعلمون انه من الشخصيات الكبيرة ثقة ثقة عين (7) يقول عبد الله بن ابي يعفور واسمه فلان يكنى أبا محمد ثقةٌ ثقةٌ من اصحاب الصادق.

وعن بن شهر آشوب انه من خواص الامام الصادق عليه افضل الصلاة والسلام طبعاً الكشي أيضاً كذلك أشار الى ترجمته في صفحة 261 الرواية مفصلة الرواية يطيع هناك الرواية كان ابو عبد الله يقول ما وجد احداً يقبل وصيتي ويطيع امري الا عبد الله ابي يعفور.

الرواية الأخرى: ابي معفور ثقة.

الرواية ثالثة ورابعة وخامسة روايات كثيرة منها هذه الرواية قال كتب ابو عبد الله الى مفضل ابن عمر الجعفي حين مضى عبد الله ابي يعفور يا مفضل عهد اليك عهدي كان الى عبد الله ابي يعفور فمضى صلوات الله عليه موفياً لله عزّ وجل ولرسوله ولامامه بالعهد المعهود لله الامام يعرف ابن ابي يعفور بهذه الطريقة وقبض صلوات الله على روحه محمود الاثر مشكور السعي مغفور له مرحوم برضى الله ورسوله وامامه عنه.

السؤال: هذا الرجل وقع بينه وبين المعلى ابن خنيس اختلاف انه ما هي مقامات الائمة بينه وبين المعلى بن خنيس وينتهي باحث بقوله اشتهر بين المتأخرين استناداً الى الروايات الصحيحة السند التي يستفاد منها المدح والوثاقة منها ما نقل عن الامام انه وصفه انه من اولي الالباب ومنها قوله مرحباً مرحباً بكم وجوهاً تحبنا ونحبها جعلكم الله منا في الدنيا والاخرة الى أن يقول فتبقى الروايات المادحة بلا معارض فتثبت بها وثاقته وعلو شأنه هذا معلى ابن خنيس

وقد وقع نزاعٌ بين ابي يعفور والمعلى ابن خنيس في مقامات الائمة، ابن ابي يعفور اتضح مقامه انه مرضيٌ عنه ومعلى ابن خنيس اتضح انه اولاً من خدام الامام يعني من الذين كان يخدمون في بيت الامام فقال ابن ابي يعفور الاوصياء (يعني الذين اوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وآله) علماء ابرار واتقياء،

وقال ابن خنيس الاوصياء انبياء وهنا نقول انه ليس مقصود المعلى ابن خنيس يعني هؤلاء ثابت لهم النبوة الاصطلاحية والا كيف يمكن أن يكون موثوقاً ومن موالي الائمة وهو مرحباً به فمراده ان مقامهم مقام الانبياء يعني العصمة الثابتة للانبياء ثابتة للائمة اذن النزاع في أي شيء؟

قال فدخلا على ابي عبد الله الصادق قال فلما استقر مجلسهما قال فبدأهما ابو عبد الله فقال يا عبد الله ابرأ ممن قال انا انبياء يعني القول قول عبد الله ابي يعفور

قال الشهيد الثاني في رسالة الايمان لا توجد تصورات للعصمة بالقرون الثلاثة الاولى بعد ذلك أشار السيد بحر العلوم قال انما الاكتفاء في الايمان بالتصديق بإمامة الائمة والاعتقاد بفرض طاعتهم وان خلا عن التصديق بالعصمة عن الخطأ يقول كان الاصحاب في القرون الثلاثة الاولى يعتقدون انهم علماء ابرار هذه عبارة عبد الله ابي يعفور افترض الله طاعتهم مع عدم اعتقاده العصمة فيهم

لا يوجد عندنا دليل ان من خواص الائمة من كانوا يعتقدون بعصمتهم والسيد بحر العلوم يعلق على ذلك يقول نعم هذا الكلام دقيقٌ في القرون الثلاثة ومن هنا تتضح عبارة الشيخ آصف محسني في مشرعة البحار صفحة 451 الجزء الأول يقول الى زمان الصدوق والمرتضى والطوسي لم تكن مسألة العصمة بهذا المعنى الذي عندنا ثم جاء الصدوق والمرتضى والطوسي فذكروا براهين فنية على عصمة الامام وصحيح ان الشيخ الصدوق كان معتقده جيدا ولكن ليس من حقك أن تقول من لم يعتقد كاعتقاد الصدوق فقد خرج من المذهب

لانه لم يثبت أن هذه من ضرورات المذهب والذي ثبت من ضرورة المذهب هو الاعتقاد بفرض طاعتهم فاشتهر بين الشيعة فجاء بعدهم علماء آخرون اكدوا عليها أي العصمة ومنهم العلامة المجلسي فكان كلامه نافذاً فاصبحت من المسلمات والا قبل ذلك ليست كذلك علما ان الشيخ المفيد يصرح بهذا فيقول جملة من مشيخة علماء قم من كبار الشيعة لم يكونوا يعتقدون بعصمة الائمة، يراجع في تصحيح اعتقادات الامامية في صفحة 135 يقول فأما نص ابي جعفر بالغلو على من نسب مشايخ القميين وعلمائهم الى التقصير فليس نسبة هؤلاء القوم الى التقصير علامة على غلو الاخرين اذ في جلمة المشار اليهم بالمشيخة والعلم كان من علماء مدرسة قم فلم يكونوا يعتقدون بعصمة الائمة انما كانوا يلتجؤون في حكم الشريعة الى الرأي والظنون يعني الائمة سلام الله عليهم يفتون بآرائهم أي يجتهدون واتصور بناءاً على ماتقدم انه سوف يعطي قراءة جديدة لمفهوم التشيع بقراءة جديدة لكن عددا من الباحثين اعتبروها جزء من التباحث العلمي فهي عندهم مذاكرة تعني المباحثة. ولا يدل السجال على رأي المتحدث دائما، ولو تقاطع المعلى مع ابن أبي يعفور بالرأي وأصر كل واحد منهما على رأيه لتقطعت أواصر العلاقة بينهما؛ لأن ابن أبي يعفور الثقة لا يصحب الغلاة والمخالفين لهدي الأئمة، فالمذاكرة بينهم كانت على نحو المباحثة. وهذا راي تبريري

أقوال العلماء في توجيه الرواية: قال السيد الخوئي: هذه الرواية صحيحة، إلا أنها لا تدل إلا على خطأ المعلى بن خنيس باعتقاده أولا، ولابد وأنه رجع عن قوله ببراءة أبي عبد الله (عليه السلام) ممن قال أنهم أنبياء وقال الطبرسي النوري: فالظاهر، بل المقطوع به أنه كان بينهما بحث علمي

ومن ارائه

- كان ابن أبي يعفور ومعلى بن خنيس بالنيل على عهد أبي عبد الله (عليه السلام) فاختلفا في ذبائح اليهود فأكل المعلى ولم يأكل ابن أبي يعفور فلما صارا إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أخبراه فرضي بفعل ابن أبي يعفور وخطأ المعلى في أكله

- قال ابن أبي يعفور سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اختلاف الحديث، يرويه مَن نثق به، ومنهم مَن لا نثق به ؟ قال: (إذا ورَد عليكم حديث فوجدتُم له شاهداً مِن كتاب الله، أو مِن قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وإلاّ فالذي جاءكم به أَولى به

- عن عبد الله بن أبي يعفور قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال إن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان، وتعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك،

- عن جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير قال: أخبرني سليمان الفراء، عن عبدالله بن أبي يعفور قال: كان أصحابنا يدفعون إليه الزكاة يقسمها في أصحابه فكان يقسمها فيهم وهو يبكى، قال سليمان: فأقول له: ما يبكيك؟ قال: فيقول: أخاف أن يرو أنها من قبلي

محمد بن مسعود، قال: حدثني بن محمد القمي، قال: حدثني محمدبن أحمدبن يحيى، عن محمدبن الحسين، عن موسى بن سلام، عن حبيب الخثعمي، عن ابن أبي يعفور، قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فأستأذن عليه رجل حسن الهيئة، فقال: اتق السفلة، فما تقارت في الارض حتى خرجت، فسألت عنه فوجدته غاليا.

قال الكشي: " ووجدت في بعض كتبي، عن محمد بن عيسى بن عبيد،عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن ابن أبي يعفور، قال: كان إذا أصابته هذه الاوجاع فاذا اشتدت به شرب الحسو من النبيذ فسكن عنه، فدخل على أبي عبدالله (عليه السلام) فاخبره بوجعه وأنه إذا شرب الحسو من النبيذ سكن عنه، فقال له: لا تشربه، فلما أن رجع إلى الكوفة هاج به وجعه، فأقبل أهله فلم يزالوا به حتى شرب، فساعة شرب منه سكن عنه. فعاد إلى أبي عبدالله (عليه السلام) فأخبره بوجعه وشربه، فقال له: يا ابن أبي يعفور لا تشرب فإنه حرام،إنما هذا شيطان موكل بك فلو قد يئس منك ذهب. فلما أن رجع إلى الكوفة هاج به وجعه أشد ما كان، فأقبل أهله عليه، فقال لهم: لا والله ما أذوق منه قطرة أبدا، فأيسوا منه، وكان يهم على شئ ولا يحلف فلما سمعوا أيسوا منه، واشتد به الوجع أياما ثم أذهب الله به عنه، فما عاد إليه حتى مات رحمة الله عليه

وروى محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن السياري، عن محمد ابن جمهور، عمن حدثه، عن ابن أبي يعفور، قال: لزمته شهادة فشهد بها عند أبي يوسف القاضي، فقال أبو يوسف: ما عسيت أن أقول فيك يا ابن أبي يعفور وأنت جاري، ما علمتك إلا صدوقا طويل الليل ولكن تلك الخصلة! قال: وما هي؟ قال: ميلك إلى الترفض، فبكي ابن أبي يعفور حتى سالت دموعه، ثم قال: يا أبا يوسف تنسبني إلى قوم أخاف أن لا أكون منهم فأجاز شهادته. (8)

موجة الغلو والغلاة في زمن الصادق ع

ظهرت في عهد الإمام الصادق (عليه السلام) تيارات منحرفة وفرق ضالة متعددة، أرادت تشويه مفاهيم وعقائد الإسلام، ومن تلك التيارات المنحرفة والضالة التي تصدى لها الإمام الصادق (عليه السلام) تيار الغلاة الذين أخذوا يعلنون الغلو فيه، وأعطوه بعض صفات الله، وجعلوه فوق البشر، فيجعلون منه آلهة حيناً، أو صاحب صفات إلهية حيناً آخر. وقد تصدى الإمام الصادق (عليه السلام) بحزم ضد الغلاة، وأشار إلى خطرهم وانحرافهم، محذراً الأمة منهم، معلناً أمام أصحابه: (والله ما الناصب لنا حرباً بأشد علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره).وقال (عليه السلام) أيضاً: (إن الناس قد أولعوا بالكذب علينا، وإني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله، وإنما يطلبون به الدنيا، وكل يحب أن يدعى رأساً). فالغلاة يبررون أفكارهم واعتقاداتهم الفاسدة بنسب أحاديث وروايات إلى الإمام الصادق (عليه السلام) وبقية أئمة أهل البيت (عليه السلام)وأهل البيت منهم براء، إذ كانوا يعلنون ليلاً ونهاراً براءتهم من الغلاة، بل وتكفيرهم، وتحذير الأمة من الاختلاط بهمأو الأخذ بأقوالهم.

وكان للغلاة أسماء بارزة في عهد الإمام الصادق (عليه السلام)، بل شكلوا فرقاً تتبنى فكر الغلاة، وقد كان (أبرز فرقة ظهرت في عهد الإمام الصادق (عليه السلام) هي الفرقة الخطابية، والتي يتزعمها محمد بن مقلاص الأسدي، المكنى بأبي الخطاب. وقد تصدى الإمام الصادق (عليه السلام)، لمحاربة هذا الغالي، وأصحابه، الذين قالوا بألوهيته).

وقد أمر الإمام الصادق (عليه السلام) شيعته بمقاطعة الخطابية، فقد قال للمفضل بن عمر: (اتق السفلة ! واحذر السفلة، فإني نهيت أبا الخصاب، فلم يقبل مني) وقال (عليه السلام) للمفضل أيضاً: (يا مفضل لا تقاعدوهم، ولا تؤاكلوهم، ولا تشاربوهم، ولا تصافحوهم، ولا توارثوهم)

وقال الإمام الصادق (ع) ذات مرة وهو يفسر قوله تعالى: ﴿هل أنبئكم على من تنزل الشياطين* تنزل على كل أفاك أثيم ﴾.فقال: هم سبعة: (المغيرة، وبيان أو بنان، وصائد، وحمزة بن عمارة البربري، والحارث الشامي، وعبدالله بن الحارث، وأبو الخطاب).

وعن أبي بصير قال: قلت لأبي عبدالله: إنهم يقولون. قال: وما يقولون ؟ قلت: يقولون: يعلم قطر المطر، وعدد النجوم، وورق الشجر، ووزن ما في البحر، وعدد التراب فرفع يده إلى السماء وقال: (سبحان الله، سبحان الله، لا والله ما يعلم هذا إلا الله).

وعن أبي بصير أيضاً قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد! ابرأ ممن يزعم أنّا أرباب، قلت: برىء الله منه، فقال: ابرأ ممن يزعم أنّا أنبياء، قلت: برىء الله منه.

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لأصحابه ذات مرة: (فوالله ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا، وما نقدر على ضر ولا نفع، وإن رحمنا فبرحمته، وإن عذبنا فبذنوبنا، والله ما لنا على الله من حجة، ولا معنا من الله براءة، وإنا لميتون، ومقبورون، ومنشرون، ومبعوثون، وموقوفون، ومسؤولون)

وهذا التحذير الشديد من الغلاة، ومن خطرهم على الإسلام، يظهر مدى الألم الذي كان يعانيه الإمام الصادق (عليه السلام) من هؤلاء الغلاة، ومن جهة أخرى يظهر مدى الحزم في مواجهة هذا التيار المغالي في أئمة أهل البيت، ودعوة المؤمنين إلى مقاطعتهم والابتعاد عنهم حتى لا يتأثروا بأفكارهم الضالة.وهكذا كان الإمام الصادق (عليه السلام) يتبرأ من الغلاة، وينكر عليهم معتقداتهم، ويحذر الأمة من خطرهم على الإسلام

مواقف الإمام الصادق (عليه السلام) من الغلاة

- الأمر بمقاطعة الغلاة: أمر الإمام الصادق (عليه السلام) شيعته وأصحابه بمقاطعة الغلاة، والابتعاد عنهم، بل ومنع من مؤاكلتهم وومشاربتهم؛ وتحذير الإمام الصادق (عليه السلام) أصحابه من اختلاط الشباب للغلاة فيه التفاتة مهمة من الإمام، إذ أن الشباب سريعو التأثر بالأفكار، خصوصاً إذا بُنيت على نصوص دينية، وذلك منعاً عن إصابتهم بالفساد العقائدي، وهو من أخطر أنواع الفساد.وكان لموقف الإمام الصادق (عليه السلام) من الغلاة، ومنع مخالطتهم أو الاقتراب منهم، أو مجالستهم، أو محادثتهم أثره الفاعل في تقليل خطرهم واضمحلال أمرهم، وضمور دعوتهم.

2- تفنيد عقائد الغلاة: دأب الإمام على رفض واستنكار عقائد الغلاة مستهدفاً بذلك إبعادهم عن المجتمع الشيعي، فحدد الإمام كتاب الله باعتباره الميزان الذي يميز الحق عن الباطل، وهو في نفس الوقت الذي انبرى فيه لتسفيه معتقدات المغالين، أوجد حركة فكرية مناسبة بين الشيعة في سياق تصحيح أحاديث وعقائد الشيعة.

ومن معتقدات الغلاة إطلاقهم كلمة (إله) على الإمام الصادق (عليه السلام)، وقالوا: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾ قال: (هو الإمام).وقد اعتبر الإمام الصادق (عليه السلام) القائلين بهذا الرأي شر من المجوس واليهود والنصارى.

قال الإمام الصادق (عليه السلام) في دحضه لهذه المقولة: (لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا، ولعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا وإليه مآبنا ومعادنا وبيده نواصينا).

وقد دأب الإمام الصادق (عليه السلام) على تفنيد عقائد الغلاة، وأنها لا تنتسب لمدرسة أهل البيت، وكان يؤكد دوماً أن الأئمة عبيد لله، وأن رفعهم لمقام الربوبية والإلوهية مخالف للإسلام، وأن الأئمة براء منهم، ومن معتقداتهم الباطلة. وقد تميز الغلاة بوضع الأحاديث المكذوبة على لسان الإمام الصادق (عليه السلام) وبالكذب الصريح عليه، ولذلك اعتبرهم الإمام مدرسة في الكذب، إذ ورد عنه ما نصه: (إن فيهم -أي الغلاة -من يكذب حتى أن الشيطان يحتاج إلى كذبه. وهذا يعني أنهم مارسوا الكذب وتقولوا عليه الأقاويل، ونسبوا إليه الأحاديث الكاذبة، لكن وقوف الإمام (عليه السلام) ضدهم بقوة وصلابة، أفقدهم أي رصيدهم الاجتماعي، وأبطل عليهم خطتهم في تضليل الناس وخداعهم.

3- ادانة الغلاة: ادان الإمام الصادق (عليه السلام) الغلاة في عدة مناسبات، واعتبرهم أشر من اليهود والنصارى، فقد روي عنه (عليه السلام) قوله: (إن ممن ينتحل هذا الأمر لمن هو شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا). وفي مناسبة أخرى دعاهم للتوبة لأنهم فساق وكفار ومشركون، إذ قال ما نصه: (توبوا إلى الله، فإنكم فساق، كفار، مشركون).وبهذه المواقف الجريئة والحازمة والقوية من الإمام الصادق (عليه السلام) ضد الغلاة استطاع أن يبعدهم عن الشرائح الاجتماعية، وأن يقضي عليهم لحد بعيد، وأن يقلل من خطرهم وخبثهم في تبني معتقدات باطلة.ومع كل هذه المواقف الواضحة، والجهود الكبيرة التي بذلها الإمام الصادق (عليه السلام) إلا أننا نرى بعض المؤرخين والكتاب ينسبون التشيع والشيعة إلى الغلو والغلاة، ولا يفرقون بينهما إما عن عمد وقصد، وإما عن جهل وقلة معرفة بالفرق والمذاهب، لهؤلاء نقول: إن عليكم أن تقرأوا التاريخ جيداً، وتمعنوا النظر فيما تكتبون وتؤلفون، وأن الشيعة أبعد ما يكونون عن الغلو والغلاة، فهم يكفرون الغلاة ويعتبرونهم نجسون، ومرتدون عن الإسلام، فكيف ينسب الشيعة إل الغلو والغلاة؟!

إن أئمة أهل البيت هم أول من حارب الغلاة، ووقفوا بحزم وقوة ضد كل من يعتنق معتقدات الغلاة، أو يتبنى أفكارهم وقد أمروا شيعتهم بالابتعاد عنهم، وعدم مخالطتهم حتى لا يتأثروا بمعتقداتهم المنحرفة عن الإسلام الأصيل.

 

ا. د. عبد الأمير كاظم زاهد

..............................

مصادر البحث

(1) أصول الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 225، رقم 5، باب الكتمان.

(2) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج2، ص 246، رقم 58.

(3) جذور التاريخية والنفسية للغلو والغلاة، سامي الغريري، الناشر: دليل ما، قم - إيران، الطبعة الأولى 1424هـ، ص 287.

(4) اختيار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي، ص 363، رقم 520.

(5) سورة الشعراء، الآيتان: 221و222.

(6) اختيار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي، ص 587، رقم 365..

(7) الحياة الفكرية والسياسية لأئمة أهل البيت، رسول جعفريان، دار الحق، بيروت -لبنان، الطبعة الأولى 1414هـ - 1994م، ج1، ص 265 - 266.

(8 سورة الزخرف، الآية: 84.

(9) رجال الطوسي 264.

(10) رجال النجاشي213.

(11) الاختصاص 61، روضة الواعظين 283.

(12) رجال الكشي 2\517.

(13) رجال النجاشي213.

(14) فلاح السائل 157.

(15) الحدائق الناضرة 4\96.

(16) طرائف المقال 2\29.

(17) مستدركات علم رجال الحديث 4\473.

الهوامش

(1) ظ :الخوارزمي، محمد، مفاتيح العلوم، تحقيق: إبراهيم أبياري، بيروت، د.ن، 1404 هـ/ 1984 م.

الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (المعروف برجال الكشي)، تحقيق: حسن مصطفوي، مشهد، المفيد، محمد بن محمد، الاختصاص، تحقيق: علي أكبر غفاري ومحمود زرندي، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 2، 1413 هـ/ 1993 م. النجاشي، كتاب الرجال،، د.م، د.ن، 1317 هـ/ 1899 م

(2)قال في سير اعلام النبلاء عن ابيهص 214)

(3)ظ سؤالات أبي داود" (384) تاريخ الدوري: 2 / 689، وتاريخ البخاري الكبير: 8 / الترجمة 3520، والمعرفة ليعقوب: 2 / 159 و3 / 282، وضعفاء النسائي، الترجمة 621، والجرح والتعديل: 9 / الترجمة 1040، وثقات ابن حبان: 7 / 651، والمجروحين: 3 / 139، والمؤتلف للدارقطني: 4 / 2339، وإكمال ابن ماكولا: 7 / 436، والجمع لابن القيسراني: 2 / 586، وضعفاء ابن الجوزي، الترجمة 3876، والكاشف: 3 / الترجمة 6593، وديوان الضعفاء، الترجمة 4843، والمغني: 2 / الترجمة 197، والمشتبه: 669، وميزان الاعتدال: 4 / الترجمة 9925، ونهاية السول، الورقة 448، 194، وتهذيب التهذيب: 11 / 452، والتبصير: 4 / 1495، والتقريب، الترجمة 7920.

(4) وميزان الاعتدال: 4 / الترجمة 9925، ونهاية السول، الورقة 448، 194، وتهذيب التهذيب: 11 / 452، والتبصير: 4 / 1495، والتقريب، الترجمة 7920

(5) وفي"الجرح والتعديل" 9/ 48، "تهذيب الكمال" 30/ 461

(6)انظر: رجال الطوسي 223 و264. تنقيح المقال 2: 165 و222. رجال النجاشي 147. رجال الكشي 246.رجال ابن داود 116. رجال الحلي 107. معجم الثقات 72. معجم رجال الحديث 10: 96

رجال البرقي 22. المناقب 4: 281. نقد الرجال 193 توضيح الاشتباه 202. جامع الرواة 1: 467. هداية المحدثين 100. مجمع الرجال 3: 259 و263 و7: 156. تأسيس الشيعة 410. الكنى والألقاب 1: 196. رجال بحر العلوم 1: 393. سفينة البحار 2: 124 وفرق الشيعة 78. المقالات والفرق 88. بهجة الآمال 5: 194. منتهى المقال 181. منهج المقال 198. ايضاح الاشتباه 46. جامع المقال 78. التحرير الطاووسي 164. نضد الايضاح 186. وسائل الشيعة 20: 232. الوجيزة 38. شرح مشيخة الفقيه 12. رجال الأنصاري 104. مقالات الاسلاميين 1: 116.

(7) معجم رجال الحديث هناك في رقم الترجمة 6682 بحسب الطبعة و6680 بحسب طبعة أخرى و6691 بحسب طبعة ثالث

(8) الكافي:الجزء 7، كتاب الشهادات 5، باب النوادر من كتاب الشهادات 1

 

في المثقف اليوم