دراسات وبحوث

دراسات عربية واجنبية للتشيع محاولة تحليلية

عبد الامير كاظم زاهدتناولت موضوع التشيع والشيعة مئات الدراسات الأكاديمية والاستشراقية والمؤلفات الشخصية من حيثيات متعددة؛ لكنّ تلك الدراسات على كثرتها لم تعتمد معيارا بنيويا أو نظرية بنيوية للتدليل على موقف الشيعة من العنف الديني يمكن أن يوصف بأنه المعبر عن حقيقة التشيع وجوهره . وأعني بالمنظومة البنيوية للتشيع هي مجموعة العقائد ذات الصلة باشكالية العنف ومناهج إنتاج المعرفة الدينية وآراء الفقهاء الشيعة في التعامل مع الاخر العقدي والقرارات التاريخية للمؤسسة الدينية للشيعة في هذا المجال، وظني أنّ (مقولة)  المعيار البنيوي هو الجديد الذي يجب ان نحاول التركيز عليه ولأجل بيان ما تقدم من أشير إلى مجموعة من الدراسات السابقة الأساسية، وألحق ذلك باستعراض إجماليٍّ لدراسات سابقة ملحقة بها.

الدراسات السابقة الأساسية:

صدرت عن معهد الدراسات الإسماعيلية من الدكتور (فرهاد دفتري)  الباحث في المعهد المذكور بلندن عدة دراسات وهي ثلاث دراسات متكاملة أولها وأهمها كتابه الإسماعيليون تاريخهم وعقائدهم، (1)  والثانية معنونة بـ تاريخ الإسلام الشيعي، (2)  والثالثة دراسته الأخيرة المسماة بالعالم الشيعي. (3)  وكل هذه الدراسات مكتوبة أساسا بالإنجليزية ومترجمة إلى العربية ومنشورة على التعاقب في السنوات 2016 و 2017 و2018

وساشير الى ما له صلة بموضوعنا ومن ذلك: (ما اتفقت عليه هذه الدراسات من أن الشيعة ضحّوا بحقّهم الدستوري للحفاظ على وحدة الأمة) ، (4)  وما أكّدته هذه الدراسات من أنّ سياسة الشيعة (في عصر الخلفاء)  كانت تجمع مع الولاء للأمّة الابتعاد عن المشاركة في المؤسسة السياسية الحاكمة، (5)

تؤكّد الدراسات على أن مبدأ العدالة الذي أرساه الإمام علي في المجالات السياسية والشرعية تحول إلى مبدأ عقائدي، (6)  وتؤكد على أن السلوك الشيعي في عهد الإمام الصادق كان مركّزاً على البحث عن تحصين الذات وإعادة التفكير في التمسك بقيادة أهل البيت للجماعة، ولا سيّما وقد حثّهم على الفهم الأعمق للدين والفقه والأخلاق، فتوجّهوا أكثر إلى الذات وتركوا المنافسة السياسية والثورات ضد الجور العباسي ودعوا إلى الحوار والمناظرة، وكانوا عنصرا جاذبا لأئمة المذاهب وقادة الرأي بالاختلاف إليهم تحقيقًا لمبدأ قبول الآخر. فقد اكتملت فكرة الولاية للأئمة وصارت شرطاً للدين (7)  في العصر البويهي وصارت أقوال الأئمة المروية في كتاب (الكافي)  مصدراً للعقيدة والممارسة الشرعية (8) .

وتقول الدراسات: إن علماء الشيعة قاموا بتوجيه النقد إلى تراثهم (9)  لا سيما في مجال موثوقية الحديث ووضعوا معايير لقبول الرواية أو تضعيفها. وفي عصرهم تقدّموا خطوه فأجاز السيد المرتضى للشيعة تولي المناصب الحكومية بشرط ان يحقق التولي مصالح الشيعة. وفي عصر الطوسي مارسوا بمهارة الجدل العقلاني، وامتد ذلك إلى عصر المحقق والعلامة الحليين. ولا يغفل اي باحث فكر الخواجة نصير الدين

وقد أشارت تلك الدراسات: الى أنّ التقليد الفكري الذي انفرد به الشيعة الأوائل اعتمادهم النمط الفلسفي للتعبير عن العقائد. و كان السجستاني أول من استخدمها لشرح عقائد الشيعة الإسماعيلية وهنا نورد عليه تحفظا إذ إنّ ذلك متفقا عليه عند الإسماعيلية، ولكنه ليس اجماعيا عند الامامية بل مختلف في التعويل عليه في شرح العقائد عند الإمامية ماهية أو رتبة. ويقول دفتري لقد كتب علماء الشيعة حول موضوع عقيدة الإيسكاتولوجيا (الغيبة وظهور المهدي)  الكثير من المدونات ولكن باسلوب يحلل الروايات وان مدرسة بغداد التزمت بالعقلانية النقدية التزاما مثيرا للانتباه. وأشار إلى الأطوار الأربعة لتطور الشيعة. (10)  وأكد أن الإسلام الشيعي قد تبنى أخلاقيات التعددية في قراءة الدين طوال خمسة عشر قرنا وأسس تقاليد فكرية مهمة لها وصاغ معتقداته في ضوئها، وتركز جوهره على محور (الإنسان – الله)  بمنظر بانورامي.

ويستعرض فرهارد دفتري في كتابه (تاريخ الإسلام الشيعي)  (11)  صور التنوع في عصور الإسلام المبكرة وأنماط وتداعيات البحث الحديث عن الإسلام الشيعي فيقف في كتابه الثاني على عقيدة الشيعة الإمامية ويسرد مفاصلها (12)  دون أن يذكر تداعيات تلك العقائد على حركة المجتمع وصناعة التاريخ.

ومن بين تلك المعادلة المركبة في (أن للإمام كامل الشرعية سواء كان الإمام حاكماً أو لا) ، فكان قرار الشيعة أيام الصادق إعادة بناء الذات المعرفية الشيعية مسوغا، وتشير دراسته إلى أصول المعرفة الدينية الخاصة بهم التي ساعدتهم في قراءتهم الخاصة للدين والتي منها ضرورة الالتزام الكامل بتوجيهات الإمام المعصوم ومن ينوب عنه. ويذكر دفتري: أنه كان بإمكان علماء الشيعة أن يحتكروا (بناء العقل الإسلامي على قراءتهم)  إبّان العصر البويهي؛ لكنهم آثروا التعددية والعقلانية والنزعة النقدية والمقارنات الموضوعية (13) .

وعموماً تقدّم هذه الدراسات الثلاث شرحاً لحقبة التاسيس التكوينية للإسلام الشيعي، ومسار تطوره؛ لكنها تقف عند تخوم الحدث التاريخي والعقائدي، دون أن تفتش عن تأثيراته السوسيولوجية على العقل العملي الشيعي والسلوك الاجتماعي والاختيارات السياسية.

إن المرجع الأساس فيما تقدم كتاب فرهارد دفتري الشهير (الإسماعيليون تاريخهم وعقائدهم)  (14)  و رغم تركيز الدراسة على الشيعة الإسماعيلية، إلا أن بعض فصوله كالفصل الثاني كان قد اختصّ بالتشيع المبكر حتى عصر الإمام الصادق وهو الفصل الذي سرد المبادئ العامة للتفكير الشيعي؛ بحيث سهّل لنا تلمس معطياتها الاجتماعية.

دراسة السيد نبيل الحيدري: وعنوانها (التشيع العربي والتشيع الفارسي) : (15)  لم تعرض الدراسة على خطورة ما فيها من أفكار واستنتاجات عرضاً أكاديمياً، إنما جاءت جامعة لمجموعة من المقالات والخواطر وأحياناً الانفعالات النفسية، وركّزت الدراسة على أوائل غلاة الشيعة، وظهور ردّ الفعل الفارسي عند (الموالي)  ضدّ الخلافة العربية باعتمادهم التشيّع بوصفه المذهب المعارض لسياسات دولة الخلافة. وذكر تطور الحال بظهور لاهوت الإمامة في عصر الباقر والصادق، وفيه كما يرى الحيدري ما لا ينسجم مع (القرآن) ، ثم يتناول محاولات الإصلاح الحديث في الفكر الشيعي كما جاء عند كاشف الغطاء ومحسن الأمين والصدر وشمس الدين. وتتبنى الدراسة ما أطلقت عليه (المشروع الإصلاحي)  وهو إعادة ترتيب الذاكرة التاريخية للتشيع ولكن بوجهة قومية عروبية. ومما يلفت النظر تركيزها على (حراك الغلاة)  من العصور الأولى حتى العصر الصفوي الذي خلا من الإشارة إلى دور الأئمة في مواجهته مبيناً أن القراءة العروبية للشيعة وقفت ضد الغلوّ بكل أشكاله. وبدا أن الباحث في بعض مباحثه متأثر بأفكار المفكر الإيراني علي شريعتي. وخلاصة موقفنا من الدراسة أنها دراسة موجهة ضد التشيع الفارسي. ما يسمح بعدها دراسة منحازة وذات قصد ايديولوجي.

دراسة رشيد الخيون: حول (المشروطة والمستبدة)  التي صدرت طبعتها الأولى عام 2006 عن دار الفرات للنشر بغداد لمناسبة الذكرى المئوية لحركة المشروطة في 1906. وقد صمّم دراسته على ثمانية فصول، أفادنا منها الفصل الثامن الذي عنونه بـ (قراءة في تنبيه الأمه) ، وبه أشار إلى أنّ مشروع النائيني للدولة والدستور والبرلمان رؤية شيعية متقدمة لفقه الدولة والمجتمع. وقد جاء المشروع استجابة لأوضاع تم فيها تفكيك الإمبراطورية العثمانية في وقت لم يكن عند المسلمين مشروع بديل للخلافة العثمانية، وقد تخطّى النائيني «الرؤية التقليدية» للسلطة وأنموذج الخلافة وانحاز إلى انموذج الدولة البرلمانية الدستورية؛ ولكنه أصّلها وفق الأصول الشرعية. وقد طور النائيني مفهوم الشرعية السياسية بإرساء نظرية (الحكم الرشيد)  مؤكداً على أن العدل كنظرية اجتماعية وسياسية يعد جوهر وغاية التفكير اللاهوتي.

دراسة الشيخ محمد مهدي شمس الدين عن الاجتهاد والتجديد: من المناسب القول إنه قد صدرت للشيخ شمس الدين عشرات الدراسات ويمكن تقسيم إنتاج الشيخ شمس الدين إلى فترتين إحداهما ما قبل 1995، والثانية ما بعد ذلك حتى وفاته (رحمه الله) . ومما صدر بعد 1995 وهي سنة التنوير الفكري عند الشيخ نظريته في أهلية المرأة لتولي السلطة، وكتاب (الجهاد)  وكتابه التجديد في الفكر الإسلامي 1997، وكتابه المهم في الاجتماع السياسي الإسلامي وكتابه الاجتهاد والتجديد وفي دراسات الشيخ شمس الدين تجد النزعة النقدية وتداعيات الاجتهاد المعاصر سمتين واضحتين وتتفق دراستنا مع نظريات الشيخ في أن الضرورة تقضي بتجديد الفكر الديني وتجديد منهجيات إنتاج المعرفة الدينية. (16)  وما صدر عنه يعد مهما بجداره لاسيما موضوع إطلاقية النص وتاريخيته. (17)  وقد أفادت دراستنا من أطروحاته في مجالات الاجتهاد في الفراغ التشريعي، (18)  إفادة بالغة.

لقد انتهى الشيخ إلى أن استعمال العنف يعد واحدًا من نواتج فكر الحركات الإسلامية في عملها السياسي. ويرى أن الاعتقاد الحق أن الإسلام فكراً وشريعة يقوم على السلام والمصالحة والحوار. وقد جعل الشيخ دراسته في فقه العنف على قسمين الأول تحدث فيه عن الحركات الإسلامية، وركز على عدم جدوى العنف، ثم تعمق في المشروعية الفقهية للعنف. وفي القسم الثاني ذكر آراء عميقة وتنويرية في فقه الجهاد وتطرق إلى فقه الأمر بالمعروف لاسيما (المرتبة الثالثة فيه) . واستعان بالذاكرة التاريخية للشيعة محدّداً أن ممارسة العنف ابتداءً أمر ترفضه المنظومة الفكرية للتشيع. وعلى ضوء ذلك حلل ثورة زيد وحسين فخ وثورات الحسنيين ثم انتقل إلى عصر الغيبة فاصلاً بين معارك الدفاع عن الذات وبين مهاجمة الآخر. ومن استخلاصات دراسته (فقه العنف المسلح في الإسلام)  التي صدرت عن مركز دراسات فلسفة الدين / بغداد 2011 والتي قسم فيها أشكال العنف بحسب هدفه ووسيلته وبحث في الأصل الشرعي له بوصفه وسيلة من وسائل العمل السياسي، أن العنف لا يحقق انتصارا سياسياً فهو عديم الجدوى سياسيًّا، وأن العنف السياسي (بوصفه جهاداً)  في جميع الحالات غير مشروع. ولا يوجد دليل لفظي على مشروعية الثورة بعد الإمام الحسين ضد حكم إسلامي حتى إذا كان (منحرفا)  ولكن الشيعة لم يجوزوا قتال من ثار على الجور من غيرهم (19)  وأن جلّ فقهاء الشيعة لم يشيروا إلى ما يوهم بمشروعية الثورة وأكدوا على مبدأ المسالمة والاندماج مع امة المسلمين ومعالجة الانحراف بالحوار وذكر الشيخ شروط اللجوء للدفاع ومنها انحصار مشروعية القتال بالدفاع عن الذات فقط وأن لا يستهدف الا المعتدي، بشرط إلا يتسبب الحال بالإخلال بالنظام العام (20) .

وعن الجامعة الإسلامية في لبنان بيروت صدرت دراسة حول المقاومة في الخطاب الفقهي للإمام محمد مهدي شمس الدين عام 1998 وهي بيانات أصدرها الشيخ شمس الدين إزاء الاحداث التي وقعت في لبنان، مركزاً على أن مسوغ المقاومة هو الرد على العدوان.

دراسة صلاح الدين العامري (صناعة الذاكرة في التراث الشيعي الاثني عشري)  صدرت عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود عام 2016 وتوفرت الدراسة عن سوسيولوجيا (الزيارات الشيعية)  كوسيلة من وسائل استحضار الذاكرة المذهبية وأفاضت الدراسة في ذكر الوظائف المرجوة من الزيارات سواء أكانت وظائف دينية أو سياسية أو فكرية أو اجتماعية وانتهى إلى أنها تجسيد للهوية الشيعية على المستوى الاجتماعي كما أدت الزيارات جزءا مهما في ترسيخ الذاكرة الجمعية، وأسهمت في تحفيز الجماعة وتماسكهم وتحقيق الاستقلال عن الآخر السني. واعتبرها الباحث جزءاً من المنظومة الرمزية للتواصل بين أفراد الجماعة، إذ إن رموز آل البيت صارت معبرة عن القوى الاجتماعية المضطهدة، وبالتقادم تحولت هذه الرموز إلى سلطة عقائدية وأفضى ذلك إلى تعظيم الرمز ومثال ذلك صورة الحسين (ع)  كنموذج مثالي لرمز (المظلومية)  (21) .

دراسة لندا س. والبرج المعنونة بـ«الأعلم عند الشيعة: دراسة في مؤسسة التقليد». قد صدرت الدراسة عن دار عدنان بغداد 2013 وترجمتها د. هناء خليف غني. وتتكون الدراسة من ثلاثة أجزاء كان الجزء الأول حول (تراث الشيعة والجزء الثاني محاولات الشيعة لإصلاح المؤسسة المرجعية عرض فيها لآراء الصدر ومطهري والخميني أما الجزء الثالث فكان (إعادة انتاج التراث الشيعي ومحاولات الإصلاح)  وكان البحث سرديًّا في آراء السيد فضل الله لاسيما في الفصل الرابع (22) .

دراسة كونستاس أرمينجون هاشم، عنوانها المذهب الشيعي والدولة رجال الدين واختبار الحداثة وهي صادرة عن دار نينوى – دمشق في طبعتها الأولى 2015، ترجمها محمد أحمد صبح والدراسة مكونه من سبعة فصول كان الفصل الأول دراسة تحليلية للفكر الشيعي من عصر الغيبة حتى الثورة الدستورية، أما الفصل الثاني فعن رؤية الشيعة لنظرية الدولة، وتناول الثالث دستور إيران الجديد، وفي الرابع تحدث عن تطورات الفكر الشيعي وتنظيره للحداثة، أما في الخامس فأشار إلى معضلة ازدواجية الديني والسياسي، وتابع هذا الموضوع في السادس والسابع. والباحث فيها يرى أن الخميني ردم الفجوة الزمنية والحضارية بين دولة الخلافة التاريخية والدولة الحديثة وألغى الزمن والعقبات التاريخية المتعلقة بتراث الشيعة مشيرا إلى طوباوية معطيات الروايات فاختار أسبقية الشأن السياسي على الديني رغم إجماع المراجع في وقته على العكس من ذلك كما أسس نموذجا مزدوجا للسلطة وكان لهذا كله آثار على المرجعية التقليدية وألمح الباحث إلى الكليات في المذهب الشيعي (23)  تلميحا مقتضبا. واستفاض في قابلية الفكر الشيعي على احتواء التعددية إزاء القراءات الدينية للحداثة، بحيث تتم إعادة صياغة التراث طبقاً لنماذج هذه القراءات، مثل سروش وشبستري وملكيان. مشيرا إلى تغيّر شكل التعبير عن وجهات النظر مما يلفت إلى غزارة وحيوية الحقل العقلاني الديني الشيعي (24) . والثمرة الأساسية لنا من الدراسة رصدها لنظريات (العلاقة بين رجال الدين الشيعة وبين الدولة ونظرياتها والتطور الحاصل في هذا المجال وعلاقته بالتراث الشيعي وتطوراته كتطور مفهوم الاجتهاد السياسي، وبنية الفكر السياسي الشيعي واعتماده العقلانية النقدية المقارنة التي فهمت الحداثة وحاولت صياغة حداثة شيعية خاصة.

من الدراسات السابقة والمهمة دراسة د. حسين المدرسي الطباطبائي. وعنوانها هو «تطور المباني الفكرية للتشيع في القرون الثلاثة الأولى»، ترجمة د. فخري مشكور ومراجعة محمد سليمان أصدرها دار نور الوحي عام 1999 الموافق 1423 هـ. والكتاب يعد دراسة مهمة وأساسية في ظاهرة الغلو وهجومه على الأسس التقليدية للتشيع لا سيما بعد عصر الغيبة في مسائل مثل دور العقل والمنطق في الشريعة وطبيعة الإمامة. واختارت الدراسة القرن الرابع لأنه قرن إعادة صياغة الاستدلالات الأساسية في المذهب الشيعي مثل فلسفة (حاجة المجتمع البشري للإمام) . كما قرن الدفاع عن التشيع واكتشاف تفسيراته وصياغاته الجديدة للأصول العقائدية بما يلائم الظروف الراهنة. وترى الدراسة أن القرن الخامس هو قرن تكامل مذهب التشيع بفضل دينامية الاجتهاد راصدا دور متكلمي الشيعة في ترسيخ أسس العقيدة الشيعية من خلال تراث الباقر والصادق الذي كان الاجتهاد يستقي منهما ومنهما صار ذلك التراث الضخم. (25)  وكانت الدراسة قد بينت أنّه إلى القرن الثالث الهجري كان الشق الزيدي من الشيعة قد أكمل تعاليمه وآراءه، ودخل الاثنا عشرية في حوارات ومناظرات معه. وتعمقت الدراسة في التتبع والمقارنة بين مدرسة قم الحديثية والعقائدية ومدرسة بغداد العقائدية التي قادها الشيخ المفيد. وضمن الكتاب مجموعة ملاحق مهمة تشتمل على نصوص ووثائق لرسائل المناظرات الشيعية مع المعتزلة والزيدية منها رسائل ابن قبة، والردّ على كتاب الإشهاد، والفصل الأخير من كتاب التنبيه لأبي سهل النوبختي (26) .

مسرد دراسات سابقة غير أساسية

دراسة سامر توفيق عجمي عنوانها (الشيعة من منظار سلفي)  إصدار دار الولاء – بيروت 2006 وهي مجموعة الرؤى التي يتمسك بها خصوم الشيعة، وقد جرت مناقشتها ونقدها.

دراسة السيد محسن الأمين العاملي (الشيعة في مسارهم التاريخي)  إصدار دار الغدير – بيروت الطبعة الأولى بيروت 2000 قدّم لها إبراهيم بيضون. وفيها استعرض السيد المؤلف نشأة التشيع وأسباب الحملة عليهم وعرض لعقائدهم ودورهم الحضاري.

دراسة (المسألة الشيعية) ، حررها وترجمها د. جواد بشارة عن كتابات لأكثر من اثني عشر كاتب فرنسي. صدرت عن دار ميزويوتاميا – بغداد 2015. وفيها ثلاثة عشر مقالة مهمة حول التشيع التأسيسي والتشيع المعاصر، وقدم الباحث (بشارة)  فيها نقداً للاستشراق الحديث في فرنسا للثغرات المنهجية والموضوعية التي وجدها فيه.

دراسة وجيه قانصو عنوانها الشيعة الإمامية بين النص والتاريخ دراسة في مراحل التكون الأولى، صدرت عن دار الفارابي في 2016، تطرق فيها إلى معضلة المنهج في فهم التشيع وفي تشكل الجماعة الشيعية، وصدمة الغيبة وتأسيس المذهب على مرحلتين الأولى مرحلة التدوين ومرحلة البناءات العقلية، وتوصل فيها الباحث إلى استقراءات غاية في الأهمية.

دراسة فرهاد إبراهيم أستاذ العلوم السياسية بجامعة برلين الحرة عنوانها (الطائفية السياسية في العالم العربي: نموذج الشيعة في العراق)  صدرت عن مركز الشرق الأوسط بجامعة برلين عام 1996 تطرق في الدراسة إلى وضع شيعة العراق في العصر الملكي 1921، وأبان دورهم في تكوين الدولة ثم شرح محاولات التهميش الذي حصل لهم مما دفعهم إلى إنشاء الحركة السياسية الشيعية، وما جرى من صدام مع حكومة البعث حتى أحداث 1991م. ويعتقد الباحث أن التهميش الاجتماعي والسياسي كان حافزا مهما لانتماء الشباب للحركة الإسلامية الشيعية (27) . ويرى أن أدبيات الحركة السياسية الشيعية خرجت عن دائرة المألوف السائد إلى نصوص تناسب العصر، مشيراً إلى دور المرجعية المهم في القرن الأخير.

دراسة السيد محمد علي الحكيم عنوانها (الفكر السياسي المعاصر للشيعة الإمامية) ، إصدار مؤسسة آفاق 2010. انتهى بعد عدة مقدمات عن نظريات الدولة وتاريخ الممارسة النبوية للسلطة إلى إشكالية مفهوم الإمامة عند المسلمين واتجاهات الشيعة في عصر الغيبة واستقرار وضعهم على نظريتين هما ولاية الامة وولاية الفقيه وعرض لهما معاً.

دراسة جوزف فان اس عنوانها (علم الكلام والمجتمع في القرنين الثاني والثالث ترجمه محي الدين جمال بدر في هذه الدراسة عرض للمدارس الكلامية الإسلامية وقضايا الجدل الديني، وتوفر أكثره على آراء المعتزلة وأشار باقتضاب إلى موقف بقية الفئات من الشيعة (28)  وفي طيات هذه الدراسة (أخطاء تاريخية جمة)  كلها تحتاج إلى تعقيب.

دراسة علي محامد المعنونة (أسس الحكومة الدينية) ، وهي من إصدار كلية الحقوق بجامعة العلاّمة الطباطبائي طهران، خصصه لأسانيد نظرية ولاية الفقيه.

دراسة حيدر حب الله عنوانها مسألة المنهج في الفكر الديني أصدرته دار الانتشار في طبعته الأولى 2007. تضمنت فصلين وملاحق ركز في الفصل الأول على البنية المعرفية للتعددية والحوار العقلاني عند الشيعة وعلى جدل الانتماء المذهبي والانتماء الوطني وأفاض في القراءة التاريخية للفكر الديني، وتشكلات العقل الديني وافادت دراستنا منه كثيراً لاسيما قراءته الميدانية للمؤسسة الدينية الشيعية ومدارس العرفان والفقه الواقعي، وأساسيات الوسطية الشيعية.

دراسة د. عبد الجبار ناجي عن التشيع والاستشراق قدم فيها عرضاً نقدياً مقارناً لدراسات المستشرقين عن العقيدة الشيعية إصدار دار الجمل. وإن أبرز ما اعتمدنا عليه دراسات المستشرقين حول المهدي، وعقائد الشيعة وعن الغلو والغلاة، لقد كانت نتائج الكتاب مهمة جداً وهي مدعاة لمشاريع بحثية مهمة.

دراسة علي الكلبايكاني دروس في الشيعة والتشيع عربها أنور الرصافي 1424هـ. والكتاب هو مقرر دراسي جامعي في إيران استعرض فيها تاريخهم وعقائدهم.

دراسة الشيخ محمد مهدي الآصفي حول الاجتهاد والتقليد عند الشيعة صدر عن مركز الغدير بيروت في 2005. ركز الآصفي في دراسته على صناعة القرار في المرجعية الدينية وتوغل في تفاصيل الاجتهاد عند الشيعة ومدارسه والنزاع بين الأصولية والاخبارية واستفاض في نظرية ولاية الفقيه.

دراسة السيد محمد حسين الطباطبائي (صاحب الميزان)  ( الشيعة في الإسلام) ، صدرت في إيران في 2011، تعرض فيها إلى حقائق النشأة ثم التطور من القرن الأول حتى القرن الرابع عشر الهجري وقدم توصيفا مهما للزيدية والإسماعيلية واختلافهم مع الإمامية وعرض للفكر الديني لدى الشيعة الاثني عشرية ومعتقداتهم من وجهة نظره ثم موجز عن حياة الأئمة ونواب المهدي.

دراسة د. علي أحمد الديري (نصوص متوحشة من أرثوذكسية السلاجقة إلى سلفية ابن تيمية)  أصدرتها مركز أوال للدراسات والتوثيق عام 2015 تناول فيها سياسات التكفير عند السلاجقة ونواتج المدرسة النظامية من كتب الفرق والمقالات والمدونات التي استهدفت استئصال الفكر الشيعي لأسباب سياسية.

دراسة د. عبد الله البريدى (السلفية الشيعية والسنية)  صدرت عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر، عام 2014، ويرى فيها المؤلف أن السلفية نسق فكري عام لا يفلت منه دين ولا أيديولوجيا ويرى تعرض الشيعة في موجة الأخبارية إلى مرحلة تنامت فيها النزعة السلفية.

دراسة العالم الألماني رودولف ستروثمان، عن الفرقة الزيدية ترجمة محمود كبيبو، إصدار دار الوراق 2015 فيها تفصيل عن مذهب الزيدية تاريخه وعقائده وفقهه.

دراسة حسن عباس حسن (الصياغة المنطقية للفكر السياسي الإسلامي)  صدرت عن الدار العالمية بيروت 1992، وهي محاولة جادة لبناء إطار فكري بصياغة منطقية وفي الفصل الثالث منها أصول الصياغة المنطقية للفكر السياسي الشيعي من الأسانيد القرآنية، والأسانيد الحديثية ومعتقدات الشيعة في الإمامة.

دراسة د. جودت القزويني عن المرجعية الدينية العليا عند الشيعة صدرت عن دار الخزائن / بيروت ط2 2014 درس فيها التطور السياسي والعلمي للمرجعية الشيعية.

***

عبد الأمير كاظم زاهد

...........................

 (1) دفتري: فرهارد، الإسماعيليون تاريخهم وعقائدهم، دار الساقي، 2016.

 (2) دفتري: فرهارد، تاريخ الإسلام الشيعي، دار الساقي، 2017.

 (3) دفتري: فرهارد، وآخرون، العالم الشيعي، دار الساقي،، 2018.

 (4)  المصدر نفسه، ص 68.

 (5)  المصدر نفسه.

 (6)  المصدر نفسه، ص 73.

 (7)  المصدر نفسه، ص 94.

 (8)  المصدر نفسه، ص 116.

 (9)  المصدر نفسه، ص 246.

 (10)  المصدر نفسه ص 354

 (11)  ترجمة سيف الدين القصير، دار الساقي، ط1، 2017.

 (12)  المصدر نفسه، ص 79.

 (13)  المصدر نفسه.

 (14)  ترجمة سيف الدين القصير، دار الساقي، ط1، 2012.

 (15)  طبعته دار الحكمة 2014 – لندن.

 (16)  شمس الدين: محمد مهدي، الاجتهاد والتجديد، ص 81.

 (17)  المصدر نفسه، ص 86.

 (18)  المصدر نفسه، ص 103.

 (19)  شمس الدين: محمد مهدي، فقه العنف، ص 148.

 (20)  المصدر نفسه ص 183.

 (21)  العامري: صلاح، صناعة الذاكرة، ص 568.

 (22)  لندا أس.: والبرج: الأعلم عند الشيعة، ترجمة هناء خليف.

 (23)  المصدر نفسه، ص 387.

 (24)  المصدر نفسه، ص 390.

 (25)  المصدر نفسه، ص 21.

 (26)  المصدر نفسه، ص 205 إلى 277.

 (27)  إبراهيم: فرهاد، الطائفة، ص 460.

 (28)  فان اس: علم الكلام، ص 626، 988، 721.

 

 

في المثقف اليوم