ترجمات أدبية

سيرغي يسينين: رسالة إلى أمي

بقلم: سيرغي يسينين

ترجمة: الدكتور إسماعيل مكارم

***

Письмо матери

رسالة إلى أمي

هل لا تزالين على قيد الحياة يا عجوزتي؟

أنا مازلتُ حيا. سلامٌ إليكِ، سلامْ .

عسى أن يلف عزبتكِ الصغيرة

ذلك الشعاع الفريد، الذي يأتي .في المساء.

**

يكتبون لي أنكِ تحملين همّي

وحزينة جدا على أحوالي

وتخرجين عادة الى الطريق

بجُبتكِ العتيقة المُهترئة .

**

وفي ساعات الليلِ الكحلي

تتخيّلين أمرا واحدا وحيدا:

أن شخصا ما في احدى سهرات الحانة

قد طعن قلبيَ بخنجرٍ غريب خلال عراكةٍ .

**

لا شيءَ من هذا القبيل يا حبيبتي، اطمئني .

انه ببساطة بُحرانِ قاسٍ !.

لا تظني أني شخص قد تعتعني السّكر،

كي أرحلَ الى جوار الرب قبلَ وداعِك.

**

أنا مازلت كما تعرفينني رقيقا ، حنونا

ولديّ ذلك الحلم الكبيرْ

أن أنتقلَ قريبا من عالمِ هذا الحنين الثائر

الى حضن بيتنا المتواضع .

**

سأعودُ عندما تمدّ الأغصانُ أذرعها

في بستاننا ويغطيه لون الربيع الأبيض.

ولكن لا توقظيني عند بزوغ الفجر

لا تفعلي ذلك كما كنتِ قبلَ ثماني سنين.

**

لا تحاولي ايقاظَ ما قد انتهى،

ولا الذي ما قدر له أن يكون

لقد وقع على كاهلي ومنذ أيام الشباب

كثيرٌ من آلامِ الفقدانِ والتعب .

**

لا تحاولي تعليمي كيف أصلي. لا حاجة لذلك.

لا عودة َ أبدا الى الماضي .

أنتِ سعادتي وأنتِ أملي ،

وأنتِ دُنيايَ الجميلة .

**

حاولي نسيانَ ذلك الهَم ،

ولا تحزني كثيرا على حالي .

ولا تخرجي كعادتكِ الى الطريقْ

بجُبتِكِ العتيقة المهترئة .

1924

***

.....................

** ملاحظات: كلمة عزبة لدى القارئ العربي تعني مزرعة أو بيت في مزرعة، بينما باللغة الروسية عزبة تعني البيت الريفي المتواضع. أو الكوخ الريفي. خروج الأم الى الطريق لا يعني خروجها الى الشارع. بل كعادة سكان الريف حين يربط ضيعتهم بالمدينة طريق واحد. الخروج الى هذا الطريق هو حالة من الأمل لربما يأتي غائب الدار.

وجدت لدى البعض من المترجمين أخطاء كثيرة في ترجمة هذا النص. على سبيل المثال السيد فؤاد العلوش يسمي الخنجر بأنه خنجر فينيقي!!!

أعتقد أنه كان على يسينين أن يفتش في متاحف روسيا حتى يجد هكذا خنجر. ولدى العلوش في النص الذي نشره في البيان- الثقافي يوم الأحد 5 أيار 2002 نجد ترجمة لهذا النص يقول فيها:

وأنك غالبا ما تخرجين الى الطريق

بفستان مهترئ من طراز قديم

بينما في النص الروسي المقصود ليس فستانا بل جُبّة .

وكلمة (بستان)، في النص الروسي، حيث أن الحديث يجري عن بيت ريفي

نقلها البعض الى العربية بكلمة (حديقة) ومكان الحديقة – بالطبع المدينة.كما أن للبستان في الأدب الروسي

معنى مجازيا ، لنتذكر (بستان الكرز) لدى تشيخوف وما يرمز إليه.

ولدى علوش حذف الشطران الذي يقول فيهما يسينين:

لا تحاولي تعليمي كيف أصلي. لا حاجة لذلك

لا عودة أبدا الى الماضي. .

زد على ذلك نجد أن الرباعية الأخيرة من القصيدة قد حذفت عند فؤاد العلوش. ربما وجد صعوبة في الترجمة.

ولدى مترجم آخر نجد ما يلي

بالشطر الثاني مما نقرأ:

أما زلت حية يا عجوزتي؟

أنا مازلتُ. سلام عليك، سلام عليك

بينما النص الروسي ليس فيه (سلام عليك) . بل سلام إليك ، سلام.

ووجدت لدى زميل آخر:

وتخرجين الى الدرب

بمعطفك الرث القديم

بينما النص الأصلي يتكلم عن (جُبّة قديمة) ولا يوجد كلام عن (معطف).

وتتكرر قصة الحديقة بدلا من البستان لدى بعض المترجمين.

وفي المقطع حيث يقول الشاعر:

"لا تحاولي تعليمي كيف أصلي. لا حاجة لذلك"

نجد لدى أحد المترجمين: (ولا تعلميني الصلاة.فلا داعي لذلك)

ثم تتكرر لدى أحدهم كلمة (معطف) بدلا من كلمة (جُبّة)..وأخيرا أقول: كثرت النصوص المُترجمة وغابت الدراسات النقدية لما يُترجَم.

** راجع سيرغي يسينين مؤلفاته الكاملة باللغة الروسية في مجلدين. المجلد رقم واحد اصدارسوفيتسكايا روسيا سنة 1991 . ص 135-136

 

في نصوص اليوم