أقلام ثقافية

انتظار علي جبر: أسطورة حسرة مسلم الاخيرة والشعر

هناك بعض المشاهد الدرامية والمأساوية تتعلق في سقوط غرناطة التي لفتت انتباه الكثير من الكتّاب، وأصبحت مصدر إلهام أدبي.

بحسب الأسطورة والرواية الشعبية فالمكان الذي ألقى منه أبو عبديل اخر ملوك غرناطة نظرته الأخيرة على قصر الحمراء ما زال معروفاً باسم (زفرة العربي الأخيرة) بالإسبانية (el último suspiro del Moro) المشهد الأكثر دراماتيكية ومأساوية في تاريخ الأندلس، حسرة مسلم الاخيرة أو (الزفرة العربي الاخيرة) التي أعطت اسمها لمكان يشمل الضواحي الواقعة حول غرناطة المشهد العاطفي، الذي خلد عبر القرون في الإنتاجات الأدبية والتصويرية و في الأساطير الشعبية.

ما أصل هذه الأسطورة؟ وكيف تم تناقلها عبر القرون؟

يروي الأب إشيفاريا، في القرن الثامن عشر، أنه عندما كان ابو عبديل في طريقه إلى ألبوخاراس وكان يعبر آخر تل يمكن من خلاله رؤية قصر الحمراء، على بعد حوالي 12 كيلومترًا في الجنوب، توقف ونظر الى إرث أجداده للمرة الأخيرة تنهد وقال:

الى الابد يا وطن روحي. أعمل بمشيئة الله.

وايضل تقول الأسطورة انه عندما سلم ابوعبديل مفاتيح مدينة غرناطة إلى القائد دون غتيرث ده كاردنالس  Don Gutiérrez de Cárdenas نيابة عن الملوك الكاثوليك في عام 1492، بدأ أبو عبديل في البكاء فقالت له والدته عائشة الحرة:

ابكِ مثل النسا مُلكا مضاعا

 لم تحافظ عليه مثل الرجال

هذا القول يظهر ضعف أبو عبديل وافتقاره إلى العزيمة.حسنًا، لا شيء من ذلك: لقد كان شجاعًا ومقاتلاً، وقد تجلى ذلك في معركة Loja لوخا،أذا جاء للمشاركة في القتال جنبًا إلى جنب ضد القوات القشتالية. كما اشتهر بأنه "مخادع" ماكر بعد أن تمكن من الاستيلاء على عرش غرناطة من والده، والدفاع عن منصبه ضد عمه المعروف باسم "الزغل".

تدور الأساطير الأخرى التي وجدناها حول لقبه.أصبح Boabdil معروفًا بلقب البائس. قلة من الناس يعرفون ذلك، لكن الملوك الكاثوليك قبضوا على أبو عبديل في اثناء معركة مارتين غونزاليس Martín González. استغل ملك غرناطة الموقف بالتفاوض مع القشتاليين للتنازل عن أراضي المملكة وهكذا ضمن Boabdil إطلاق سراحه، وقمع منافسه في حيازة العرش لكنه لم يّعول على استفادة الملوك الكاثوليك أيضًا من هذه المناورة لتجاوز ما تم الاتفاق عليه، السيطرة على غرناطة بأكملها.

هناك أسطورة أخرى وهي: نفيه بعد الاستيلاء على غرناطة في عام 1492، لم يطرد الملوك الكاثوليك أبو عبديل من إسبانيا، ولكن بدلاً من ذلك عرضوا عليه سيادة ألبوخاراس (الأراضي الواقعة بين غرناطة وألميريا). لكن يُقال أنه كان هناك وجهة نظر ربما من الملك فرديناند الكاثوليكي، الذي اعتقد دائمًا أن وجود أبو عبديل في شبه الجزيرة سيشجع الثورات الإسلامية. وهكذا تقرر إرساله إلى فاس ليقضي فيها بقية أيامه.وفي الوقت نفسه، سيستفيد الملك المخلوع من الموقف عن طريق بيع امتيازاته وأراضيه إلى الملوك الكاثوليك

كانت هذه النسخة الأولى معروفة بالفعل من حياة Boabdil، لذلك لا يمكن استبعاد كونها صحيحة جزئيًا. يروي لنا المؤرخ هيرناندو ديل بولجار Hernando del Pulgar، الذي يروي القصة بهذه الطريقة:

أسطورة كاذبة أو نصف صحيحة، لا تزال أسطورة حسرة مسلم تأسرنا على الرغم من مرور القرون لأنها واحدة من أكثر الأساطير العاطفية التي قدمّها التاريخ والأدب معًا.

حتى اليوم، يتردد صدى عبارة عائشة كمثال في تلك المواقف التي نأسف عليها والتي تصبح مستحيلة في الحياة اليومية.

سنعرض في هذا القسم بعض المقتطفات الشعرية للشعراء الإسبان الذين كتبوا عن المشهد الدرامي الى أبو عبديل:

1. خوسيه زوريلا(José Zorrilla) قصيدة إلى آخر ملوك غرناطة الصغير أبو عبديل.

سرقها بعض الرجال من الشرق

ليجعلوا فيها منزله؛

الرجال الذين جردوا منها،

سبعة قرون بكوا على مدينهم غرناطة.

*

أي، أبو عبديل! انهض واستيقظ،

جهز لجامك وسكينك،

لأن غدا سوف يطرق بابك

صوت جيش قشتالة.

*

أبكي يا ايه الملك بدون قتال

وامل، أبو عبديل،

وتعال في حزنك

لتموت تحت هذه السماء

التي تطفو على ‎نهر شِنِيل

2. قصيدة حسرة مسلم لشاعر بيدرو دي ألاركو (Pedro de Alarcón)

أبو عبديل: كان رجلاً حزينًا ومتشائمًا، لقد وصفه الشاعر ألاركون موكبه عند الخروج من غرناطة على النحو الاتي:

"ذلك الموكب، حزين وغامض

في الليل كان قد غادر سانتافه،

عابر ضفاف النهر بصمت "

لقد كان الرجل الأكثر نبلاً وتكبرًا ومن ناحية أخرى وصفه الشاعر بأنه فخور لأنه حبس الدموع في عينيه أيضًا في لحظة مرور الذكريات.

*

من هو الحزين الذي كان بمفرده؟

أي لعنة وقعت على ذلك الرجل؟

ما هو سوء حظه؟ ما اسمه؟

كان ابو عبديل، ثمرة غضب

من المولى الخداع ومن عائشة الشرسة

ابن الام المدرسة

*

ضد الاب سارق العرش

كان ابوعبديل، نجمه المشؤوم

والديه الذي كلفاه البكاء الابدي

كسر سحر قصر الحمراء الجميل

وأتت النهاية بالإمبراطورية المسلمة ...ا

الملك البائس الذي أثره المؤسف

!كان ابوعبديل,، بيده غير المستحقة

كان قد اعطى مفاتيح قصر الحمراء

كان ابو عبديل في آخر نظرة!

تتجه الابد نحو غرناطة

أبو عبديل حزين! نجمك البائس

لماذا رفض الموت في لوسينا؟ ‎

لم أكن لأرى بعد ذلك بصمته عار

***

أ. م. د. انتظار علي جبر

كلية اللغات، قسم اللغة الاسبانية - جامعة بغداد

في المثقف اليوم