أقلام ثقافية

حسين صقور: عبد القادر عزوز والتشطيبات العابثة

عند تلك المحطة توقف قطار الحياة ليترجل فارس جديد من فرسان التشكيل تاركا أثره في قاطرته والقاطرات المجاورة أعمال فنية وانسانية كثيرة وغزيرة ستواصل رحلتها في قلوبنا وقلوب كل من عرفوه من الفنانين والاصدقاء والمحبين (الفنان عبد القادر عزوز في ذمة الله).

يبدو أثر البيئة واضحا في تلك اللعبة العفوية والتلقائية التي يسترسل من خلالها الفنان عبد القادر عزوز كما طفل عابث في كومة تراب قادر على التوقف متى أراد محتفظا بذاك الأثر الباقي والمتبقي من تلك اللعبة لمتلق عابر وقادر على تلمس تلك الجماليات المكنوزة.

البيئة بكل مكوناتها أزقة حارات بيوت تراب وعمائر هي المحرك الأساس لذات الفنان ولا يمكنها أن تكون كذلك إن لم تنتعش في مختبرات الذاكرة مشحونة بكل الآثار المرافقة شوق حنين دفء وهو يترجم أثرها هذا من خلال ذاك المجموع المشتق والمنبثق عن الترابيات والبنيات والقادر على العيش وسط هذا الدفء حتى وإن كان لونا مغايرا (من الألوان المكملة).

سر السحر في أعمال الفنان عزوز يتجلى في بساطة التلخيص للشخوص الانسانية كما ظلال متلاحمة ومترابطة   والخط الطفولي الراسم لحدود الاشكال المكتشفة والتشطيبات العابثة هنا وهناك وهو من حيث التكنيك يعمل وفق تراتبية مترابطة ما بين شفافيات الألوان المائعة والسائلة والمتروكة لتشق طريقها العفوي  وعجينة اللون وما تصنعه الفرشاة والشعيرات من تأثيرات تغني سطح العمل فهو لا يعنيه المنتج النهائي بقدر ما تعنيه تلك المتعة المتواصلة مع تلك التأثيرات وما تحققه من غياب وتلك إحدى أهم سمات فن الطفل (المتعة اللحظية  المبرر والغاية).

بتلك الروح استطاع الفنان الوصول الى حلول لكافة الاشكالات التي يطرحها العمل الفني لتتحقق معادلة التوازن والتناغم ولتعكس ألوانه عبر وعيه الفطري لتلك العلاقة ما بين الحار والبارد والأسود والأبيض ذاك الأثر الصادم  للون في النقطة الذهبية وذاك الاحساس المتناغم في مجمل العمل ككل.

***

الفينيق حسين صقور

في المثقف اليوم