أقلام حرة

صادق السامرائي: أنبياء الدنيا وأنبياء الدين!!

قد يستغرب القارئ أو يغضب، وربما يرجم بالغيب، فالحقائق الفاعلة فوق التراب، أن أنبياء الدين قد إنتهوا، أو ختموا بآخرهم، أما أنبياء الدنيا فمتواصلون بعطاءاتهم، التي نقلت البشرية إلى آفاق حضارية علوية لم يعهدها أنبياء الدين.

فالعالم تطور ووصل إلى ما هو عليه بأنبياء الدنيا في مجالات الحياة وعلومها المتنوعة، فما أكثر أنبياء الدنيا وأعظم إضافاتهم للبشرية على مر العصور.

أما أنبياء الدين فمحور تفاعلاتهم تتعلق بالسلوك، وبتهذيب أمّارة السوء الفاعلة في البشر، فأفلحوا وفشلوا في هذا الميدان، ولا زالت البشرية تعاني من عدم قدرة ما جاؤوا به على إعانتها للرقي إلى معاني الإنسانية.

لكن أنبياء الدنيا أنجزوا ما لم يستطعه أنبياء الدين.

فوراء كل منجز حضاري تتمتع به الناس، هناك مَن  يحرر الأفكار من غياهب الإستتار ويستحضرها حية فاعلة في أروقة الحياة.

أنبياء الدين يأتون بأفكار، وأنبياء الدنيا يصنّعون الأفكار، ويحولونها إلى موجودات متفاعلة مع البشر.

فأنبياء الدين يجعلون الأفكار محلقة في عوالم الغيوب، وأنبياء الدنيا يترجمونها ويصنعونها في عوالم الوضوح، فأفكار أنبياء الدين ضوئية، وأفكار أنبياء الدنيا موجودات مادية.

وأنبياء الدنيا يتفوقون في أعدادهم وإنجازاتهم على أنبياء الدين،  لقدرتهم على التوالد والإنتشار والإلهام، وهم كباقي البشر يعيشون في مجتمعات.

أما أنبياء الدين فأحيطوا بهالات القدسية والروحانية والطاقات الخيالية والإعجازية، التي تغذي مخاوف ونزعات التطلعات البشرية، الباحثة عن الطمأنينة والأمن والسلام في مسيرة لا تعرف بدايتها ولا نهايتها، وهي حالة في دائرة مفرغة بدأت بأساطير الأولين ولا تزال على أشد سُرع دورانها، وإنطلاقها نحو مجهولها البعيد، الذي وضعت له تصورات ترسخت في الوعي الجمعي وأذهان الأجيال، فلابد من خارطة يقينية للمسيرة المجهولة فوق التراب.

فالأنبياء أنبياء، والبشر بشر، وبين الإثنين مسافات ضوئية القياس!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم