أقلام حرة

صبحة بغورة: لا إنسانية الزومبي النتن

عندما يتحدث النتن يخيل للمرء إنه جثة متحركة أثارتها وسائل سحرية أو حدث خطأ بالعقل جعله شخصا منوّما أو مجردا من الوعي الذاتي، وعندما يتحرك النتن يبدو جسدا ميتا تم إحياؤه بطرق تنطوي على سحر لانعاش الموتى، أما عندما يغضب النتن يصبح زومبيا.

ما تمر به الأراضي الفلسطينية المحتلة من بشاعة ممارسات قوات الاحتلال الصهيوني بالمدن الفلسطينية من جهة،ومن حيوانية تصرفات المتطرفين الأغبياء من المتسكعين في المستوطنات من جهة اخرى يؤكد أنهم ليسوا أناسا واعين لما يفعلون، تراهم يهرعون خوفا مثل القردة تارة،ويتخبطون في سيرهم كالسكارى جبنا تارة أخرى، لذلك فهم أبعد ما يكونون عن سلوك المقاتلين وشرف المحاربين وقواعد الاشتباك، إنهم موتى أحياء يتحركون بفعل السحر الأسود، وأكاد أجري مقاربة بين النتن وبين ما جاء في أسطورة الزومبي في التاريخ الإسلامي، حيث ذكر القرطبي في كتاب " التوبة والتذكرة" : أنه مر أعرابي على قبر رجل ميت كان شديد الكفر والطغيان وفوجئ بيد تتحرك من تحت الأرض وظهر له الشخص الميت في هيئة زومبي ففزع الرجل وهرب ثم أخبر أهل المدينة بأن الشيطان قد تلبس جسد هذا الرجل لكثرة طغيانه وظلمه. 

إن النتن قد سقطت عنه إنسانيته وأضاع أدميته وفقد بشريته وخسر دنياه و يا صبره في آخرته، إنه يسير على نفس طريق إجرام سلفه السفاح التعيس أرئيل شارون الذي أدخله المولى عزّ وجلّ في غيبوبة بسبب جلطة دماغية لأكثر من ثماني سنوات ظل خلالهابين الحياة والموت من عام 2006 إلى 2014 ولاشك كان بصره حديدا ورأى شريط جرائمه صوراماثلة أمامه وآلام ضحاياه تصم آذانه وأرواحهم تلاحقه وتتشبث بعنقه وتفزعه بصراخها، هكذا هم بني صهيون وتلك سيرتهم منذ الأولين،خونة الرسل وقاتلو الأنبياء، لا عهد لهم ولا ميثاق.

يطلق الفلاسفة اسم زومبيZOMBIEعلى ذلك الكائن الذي يشبه الإنسان تماما لكنه غير واع، أي تصدر عنه أفعال بغير وعي منه، ولا يمتلك أي تجارب على الإطلاق، ويحمل عالما كاملا من التعقيدات النفسية، وإذا  كانت قوة الوعي شكل من أشكال القوى التي تؤثر تأثيرا مباشرا في العالم،فإن فقدان الوعي يعني غياب العقل وهو ما يؤدي بصاحبه إلى الجنون وهذا حال الكائن الزومبي النتن.

الإسراف في قتل الأبرياء وسفك دماء النساء والحوامل وقتل الأطفال والخدج داخل المحاضن، وقتل المرضى داخل المستشفيات بقطع الكهرباء والأكسجين عنهم وحرمان مئات الآلاف من الماء والغذاء، وقنص كل كائن حي في الشوارع، وإطلاق النار على الحشود اللاهثة وراء شاحنات المساعدات الغذائية والإغاثية،واصطياد الحيوانات في الطرقات .. كلها أفعال شاذة ودنيئة  تنم عن إجرام أصيل متأصل لا تصدر إلا من كائنات من صنف الزومبي النتن.

لقد استنكرت مرارا معظم دول العالم الاعتداءات الصهيونية المستمرة على المواطنين الفلسطينيين، وأدانت احتلالها أراضيهم وأراضي الدول العربية المجاورة، واصدرت الهيئات والمنظمات العالمية عشرات بيانات تجريم غطرسة الكيان الصهيوني تجاه المدنيين وقتلهم داخل المساجد، ولكن التعطش لزهق الأرواح ولسفك الدماء عند الصهاينة أقوى من أن يقاوم، وهم بخلاف هذا سيعانون من عذاب النفس الشريرة الساكنة فيهم التواقة إلى التمتع بممارسة التعذيب والقتل، ولا عجب في ذلك فالصهاينة التعساء يفرغون على فترات شحنة الضيق والحنق ورغبة الانتقام على كل من يصادفونه في الحياة ولو كانوا حلفاءهم في أوروبا وأمريكا لنسيان ذل ما جرى لهم خلال الحرب العالمية الثانية، فهل أخطأ العرب في معاداة النازية بعدما كانت قد أوشكت بقيادة هتلرعلى الانتهاء من أباء وأجداد الزومبي النتن.

الاندفاع المجنون نحو إشعال نار الانتقام إلى دول الجوار الفلسطيني يحمل ملامح خطر شن الحرب في جنوب قطاع غزة دون أي اعتبار لوجود أكثر من مليون ونصف المليون من الفلسطينيين النازحين نحو منطقتي رفح والحدود مع مصر وهذا رغم علمه أن العبث مع الشعب المصري لا يحمد عقباه، ولكن الغرور الذي أعمى بصر الكيان الصهيوني عام 1973 فناله ما ناله من خزي الانكسار وأصابه عار الهزيمة على يد الجيش المصري في خمس ساعات فقط، هو نفسه الغرور قد تجدد لدى سيء الذكر، فاقد الوعي والذاكرة الزومبي النتن.

لقد بدأت في 19 فبراير 2024  جلسات الاستماع بمحكمة العدل الدولية في لاهاي لمرافعات أكثر من 50 دولة تتناول على مدى اسبوع العواقب والتبعات الناشئة من الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية والآثار المترتبة على السياسات والممارسات الاسرائيلية بالمنطقة وذلك بهدف الحصول على فتوى قانونية سيتم إفادة الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بها، ويأمل المجتمع الدولي أن تتكشف خيوط الحقيقة الساطعة وتتأكد حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية بعد سقوط قناع الضحية عن الزومبي النتن .

***

صبحة بغورة

في المثقف اليوم