أقلام حرة

ضياء محسن الاسدي: الإسلام بين المفهوم الحقيقي والواقع

أن المتدبر للقرآن والمتمعن بما فيه من بيان لكلماته نجد أشارتين لجميع خلقه (يا أيها الناس -  يا أيها الذين أمنوا) التي تتردد عل سطور الكتاب المقدس القرآن الكريم وهاتين الكلمتين تدل على أن الخطاب من قبل الله تعالى لجميع خلقه الذين تنطبق عليهم كلمة إنسان في زمان ومكان ولا تفرقه قومية ولا بلد حتى قيام الساعة ما دام تحت مفهوم الإنسانية والإيمان بالله تعالى والملتزم بتعاليمه حرفيا وهذا ما يدل على أن القرآن نزل لجميع البشرية ولجميع أجناسه وحسب متطلبات الحياة وقياس الفكر والعقل المتقبل لفكرة وجود الله الخالق الواحد في عقله وقلبه وعمله لذا نرى أن التعاليم الإلهية عبر الأزمنة المنصرمة نزلت مرتلة حسب نزولها وظروفها على الرسل والأنبياء كل حسب الحاجة وحسب التطورات الزمنية وكلما زاد الإنسان تطورا زادت الحاجة لتعاليم أكثر تطورا عن سابقتها وأكثر شمولية بنصوصها وتعاليمها  وهنا نجد أن كثيرا من الأقوام لم يحتاجوا إلا إلى نذر فقط أو مجموعة من التعاليم المحددة لظرفها الزماني والمكاني وبعدها تنسخ أو تبدل أو تعدل حسب تطور الزمن والعقلية وبناء المجتمع .

حتى وصلت إلى خاتمة الرسالات وهي الرسالة المحمدية التي حمل كاهلها سيد الأنام والكائنات النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ختم بها عصر الرسالات لأنها كانت شمولية لبني البشر جميعا ولكل زمان ومكان ليأخذ منها جيلا بعد جيل من حرامها وحلالها ومنهجها الأبدي ناسخة رسالات التي سبقتها علما أن الإسلام ومفهومه ونظريته وتعاليمه قابل لمواكبة الحداثة والتطور لما يحمله من أفكار وحلول تلبي الحاضر والمستقبل ليطبق على أرض الواقع وتبني مجتمعات واسر وتطوره فكريا واجتماعيا فهناك حلول بين دفتي القرآن الكريم بشرط تفسيره وتدبره ومعرفة خصوصياته ومنهجه في الفهم ومراده بصورة صحيحة ومعرفة صراطه المستقيم بعيدا عن الأهواء والميول والأشخاص وبلغة العصر الذي هو فيه بوجود رجالا يستنبطون أحكام آياته .لكن مع الأسف ما أن أنتقل النبي الكريم إلى الرفيق الأعلى تحولت الرسالة الإلهية التي أنزلت عليه شيئا فشيء إلى رسالة محلية محدودة الموقع الجغرافي والقومي والفهم تخضع للزمان والمكان ولأناس بذاتهم وهم العرب و الجزيرة العربية بعدما وصفوهم بالبداوة والجهل بالفكر والاعتقاد والعيش وتقاس هذه الرسالة على مقاسهم الفكري والاجتماعي مبتعدة عن العالمية والشمولية وجعلوها عربية قومية مناطقية ولغوية حين أفهموا الناس أن القرآن أعجازه أنه نزل بلغة العرب ولغة وأمة الضاد العرب على العكس ما أراده الله تعالى أن تكون عالمية مفهومة وواضحة لكل من يقرئها ويطلع عليها من كل قومية وشعب على الكرة الأرضية.

***

ضياء محسن الاسدي

في المثقف اليوم